الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الطفل - ريان- والدرس المستفاد.
محمد بلمزيان
2022 / 2 / 7مواضيع وابحاث سياسية
بعض الأحداث الدرامية يصعب تصديقها وأنت تتابع وقائعها كشريط سينمائي بحلقات متسلسلة، كل حلقة تحمل مفاجأة ، تحفز على المتابعة بفعل جاذبية التشويق، فالإنسان بطبعه ينزع دائما نحو الجديد والإطلاع على الأخبار والأسرار ، لإرواء عطش داخلي جبلت به البشرية لتحقيق رغبة ذاتية دفينة منذ وجودها وهي حب المعرفة للمحيط الذي يحيط بها، لكن البعض من هذه الأحداث الأليمة التي تحدث بين الفينة والأخرى، تستنفر الحس التضامني ليس فقط لحاجة الضحية الى المآزرة والدعم ، وإنما أيضا كتعبير عن إحساس بالغبن الجماعي، وتقاسم الإحساس على أن أي شخص يمكن أن يعيش نفس الوضع وبالتالي فهي تضامن وتآزر في صيغة احتجاج وإحساس بالإمتعاض. مناسبة هذا القول هو ما حدث للطفل ( ريان ) باقليم شفشاون شمال المغرب، حيث استطاع أن يشد اليه الأنظار من كل صوب وحدب من القارات الخمس، وتحول في ظرف خمسة أيام مشهورا كنار على علم في وسائل الإعلام المختلفة وقنوات التواصل الإجتماعي الى نجم عالمي ليس فقط لكونه طفل، كان يواجه خطر الموت، لكون الموت قدر محتوم، فقد تتعد الأسباب لكمن الموت واحد، بل للظروف التي أدت بهذا الطفل البريء الى الموت، وهي السقوط في حفرة عميقة تحت الأرض 32 مترا منذ اليوم الثاني من فبراير الجاري، حينما بحثت عائلته في لحظة معينة فلم تجده الى أن اكتشفت وجوده في قاع الحفرة للبئر الإرتوازي الذي كان والده قد شرع في حفره منذ مدة قبل أن يتخلى عنه، كانت أصوات الصراخ والبكاء من تحت الأرض تستجدي طالبا الإغاثة والإنقاذ وافراد من عائلته وجيرانه متحلقون عاجزون عن فعل أي شيء في الساعات الأولى من وقوعه في اعماق الحفرة، قبل أن تشتغل كاميرات وسائل التواصل الإجتماعي والموقع الإلكترونية وإذكاء جذوة الحدث الذي ذاع صيته عبر أصقاع العالم في دقائق، رغم العيوب التي انزلقت اليه هذه الوسائل في فبركة بعض الوقائع ونشر أخبار زائفة،بغية جلب أكبر عدد من المشاهدين والمتابعين بعيدا عن مصداقية الخبر ومصادره، الى درجة تحولت منصة الفايسبوك الى واجهة استقطاب هائلة لعدد المتابعين لهذا الحدث الأليم، وهو منزلق قد يتحمل مسؤوليته بعدا من هذه الوسائل التي تبتغي الشهرة والبوز بعيدا عن المصداقية في نقل ونشر الخبر،خاصة وأن هذه الهالة الإعلامية قد اجتذبت مختلف الهواة للتصوير والإدلاء بتصريحات وتسجيل فيديوهات لا ترتبط بحقيقة مجريات الأمور بل فقط من أجل ( السبق الصحفي ) أو ( الإنفراد بنشر الخبر ) وهو ما يجني من خلاله أصحابها الآلاف من المتابعين، ناهيكم عن محاولات النصب عن العائلة من قبل بعض منعدمي الضمير دون مراعاة لظروف هذه العائلة نفسيا وهي تعتصرها هذه الفاجعة التي صدمت كل شخص يحمل في داخله ضميرا إنسانيا وحسا رفيعا بواجب التعاطف والتضامن.
شخصيا كنت أحاول أن أجيب عن معادلة ، وأنا ارسم أرقامها أمامي، فلم أفلح في الإجابة عن إمكانية بقاء طفل صغير بعمر الزهور لا يتعدى خمسة سنوات، سقط في قاع بئر مهجورة وعميقة وضيقة جدا، على قيد الحياة، فكيف لجسد بض وإحساس طفولي رهيف أن يقاوم كل هذا الوضع الإنفرادي والموحش طيلة خمسة أيام بنهاراتها ولياليها، كيف لشخص عفوا طفل أن يقاوم حجم الخوف وهو يتواجد على أعماق كبيرة تحت الأرض 32 مترا؟ لكنني خمنت مع نفسي أن هذا الطفل المسكين قد يكون من المرجح أن يموت في اليومين المواليين على أكثر تقدير، بعدما خارت قواه وبح صوته من كثرة الصراخ والبكاء وطلب النجدة والإنقاذ في ظروف المكان الموحش والمظلم وانعدام ونقس الأكسجين إنه موت تراجيدي حقا، لم تفلح كل محاولات الإنقاذ الحثيثة التي عملت وسهرت على الحفر من أجل انتشال الطفل من قبضة الحفرة ، لكن جميع المحاولات باءت بالفشل من أجل انقاذه حيا للأسف، إذ كانت المدة كافية لإزهاق روحه، وحتى إن افترضنا جدلا شخصا في بنية قوية وقع له ما وقع للطفل لا أعتقد بأنه قادر على مواجهة هذه الظروف اّلإستثنائية وما بالكم بطفل قد فطم من ثدي أمه قبل شهور أو سنوات قليلة، إنها مأساة حقيقية بقدرما فجعت عائلة الطفل فإنها أفجع بها سكان المنطقة والوطن بشكل عام، وامتد إشعاع هذه الفاجعة نحو مناطق أخرى كثيرة في العالم وهي تسائلنا جميعا عن دور الأسرة والمجتمع والدولة مسؤولية كل طرف في الحماية من الوقوع في نفس الوضع، عبر التربية الأسرية ووضع برامج مدرسية وتعليمية تنبه وتحذر من الإقتراب من أماكن المخاطر كيفما كان نوعها، علاوة على وضع مقتضيات وتدابير حمائية بهذا الخصوص تفاديا من تكرارها، لكن قبل هذا وذلك يجب أن نأخذ درسا آخر يتعلق بكيفية تدريب منقذين ومسعفين لمثل هذه الحالات النادرة والتي تستوجب مراسا خاصا وتكوينا نظريا وتطبيقيا شبيها بالإستغوار وكيفية ا التعامل مع هذه الأحداث الصعبة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. يوسف بلايلي.. عقوبة مالية بسبب -سلوك غير لائق- مع حكمة مبارا
.. كلب نجم الـBTS من مشاهير انستاغرام!
.. إمرأة برازيلية تصطحب جثة عمها إلى البنك
.. العالم الليلة | موجة أمطار تاريخية غير مسبوقة تضرب أجزاء من
.. مهندس من بوينغ: طائرة 787 غير آمنة ويمكن أن تنهار وتسقط في م