الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب (الشبك، أصلهم، لغتهم، عاداتهم) للكاتب نبيل الربيعي

نصير الحسيني

2022 / 2 / 8
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


مَرَ على العراق حيناً من الدهر، عانت فيه اقلياته كثيراً من الاضطهاد والاقصاء والتهميش، وربما أسوأ من ذلك، وكان التهجير والقتل وغير ذلك من طرق التعسف واللاإنسانية، وقل ما شئت، رغم أن الرب واحد، وإليه نعود وهو أرحم الراحمين، وعنده اليقين والحساب.. لا إله إلا هو العلي العظيم.
ولعلَ من تلك الأقليات، أقلية الشبك، وهم قومٌ آريون تشابكوا مع أقوام عدة، فكانت من هنا تسميتهم، أو ربما تعود إلى الاتفاقية بين الشاه والبيگ (الشاه الإيراني والبيگ التركي)، أو ربما غير ذلك. لكنهم يتوزعون على قبائل وعشائر متعددة، مثل طي والجبور وجحيش والبيات، وغير ذلك ممن استوطن الجانب الشرقي من مدينة الموصل عام (651م/224ه،)، وهم في الأصل مسلمون، ويبدأ رجل الدين عندهم بمرتبة (مريد) ويرتبط بـ(المرشد) الذي يرتبط بـ(البير) ويعني الشيخ أو (الباب) وهو كبيرهم؛ وغير ذلك من التفاصيل التي كشف لنا عنها الباحث نبيل عبد الأمير الربيعي في كتابه الجديد تحت عنوان (الشبك، أصلهم، لغتهم، عاداتهم)، الصادر عن دار الفرات للثقافة والإعلام في بابل بالاشتراك مع دار سما للطباعة والنشر والتوزيع في طبعته الأولى الصادرة يوم 5/2/2022.
وقف الكتاب على مقدمة وثمانية فصول، تناول الربيعي فصله الأول أصل الشبك ومرجعياتهم، وأصل تسميتهم وخلفياتهم التاريخية؛ واختلاطهم بين القوميتين العربية والكردية ووقوعهم في طرف الصراع بين العرب والكُرد في ظل تقلبات الوضع السياسي العراقي والتدخلات المختلفة الأنواع في مناطق متنازع عليها، وتأثيرات شتى من قبل صراع بين قوى مثل إيران وتركيا وسكان الوادي العريق في سهل نينوى، وإلى غير ذلك من التدخلات التي لا تنتهي.
ثم استدار الرببيعي إلى توزيعهم الجغرافي في فصله الثاني وانتشارهم في سهل نينوى في قرى بعشيقة وناحية برطلة وناحية النمرود والكلك وتلكيف فضلاً عن مناطق أخرى متفرقة.
أما في الفصل الثالث فقد زحف الباحث إلى أعرافهم وعاداتهم وتقاليدهم ومكوناتهم، حيث تتكون أقلية الشبك من أغلبية كردية ويليهم في التكوين التركمان والعرب، ثم أقلية فارسية، ويسكنون شرق الموصل ويتشابكون بين عشائر عدة، ويعدون زيارة قبور الأولياء أحد أهم الطقوس عندهم، حتى في العلاج من المرض. وبحث الربيعي في زواجهم وطرق عبادتهم وحجهم وعادات زيارة مراقد الأئمة والأولياء الصالحين ونوعية الأدعية والإذكار وصولاً إلى طبيعة مجتمعهم ونوعية مساكنهم وغير ذلك.
وعرج الباحث الربيعي عما كتبه عنهم المؤرخون مثل ستيفن هيميلي والأب انستاس ماري الكرملي وعباس العزاوي وحسن العمري وسعيد الديوه جي وأحمد حامد الصراف والقاضي زهير كاظم عبود وسواهم، وسار إلى آراء الكتّاب وذكر آراءهم بالشبك وما كتبوا حتى يصل إلى صافي الياسري في حقيقة أمر الشبك ولغتهم وديانتهم وعددهم وغير ذلك، وتجدر الإشارة إلى أن الربيعي من بين من انصفهم ومن ظلمهم من الكتّاب والباحثين وكان في ذلك حيادياً.
وتناول الربيعي في الفصل الخامس لغة الشبك التي هي لغة خاصة تنتمي إلى مجموعة اللغات الهندو/ أوروبية، والتي تتميز بمفرداتها الخاصة واسلوب لفضها في ص145. فضلاً عن لهجة (ماجو) التي تميزهم.
ومن ثم تطرق في فصله السادس إلى أصلهم وعقيدتهم في العراق وأهم مناطق انتشارهم في سهل نينوى، مثل مناطق دراوش، قره تبه، باصربوغ، بازاوية، طوبرق زبارة، خزنه تبه، منارة شبك، طيراوه، علي رش، طوبراوه، كور عريبان، باشبيشة، تيس خراب، ينكجه، خرابه سلطان، بدنه، باسخره، شيخ أمير، وبعويزة وغيرها في المناطق في ص162.
وحسب رأي رشيد البندر من أن الشبك جماعة قومية تدين بالدين الإسلامي وفقاً لمذهب أهل البيت، ثم ينحو الربيعي إلى الشبك والطقوس البكتاشية في ص163. وللشبك طقوس بكتاشية تجري يوم الجمعة على وجه التحديد، تجتمع فيه العائلة الشبكية ومعهم السيد الذي يؤم الصلاة ويقودهم إلى ممارسة الشعائر الحسينية بشكل سري داخل المنزل، والتي تتمحور حول مديح أهل البيت الأئمة الأثني عشر بطريقة الموشحات والغناء.
ويكشف الربيعي المستور من أن الشبك قد تعرضوا في عقيدتهم إلى شتى أنواع الاتهامات، ولعل اسطورة ليلة (الكشفة) واحدة من تلك التهم، ويؤكد أن الشبك في حقيقة الأمر هم مسلمون، وكتابهم المقدس هو القرآن، وغالبيتهم تقريباً من الشيعة الإمامية الأثني عشرية، ويشكلون نسبة 70% منهم والباقون من السنة كما ذكر ذلك الباحث في ص167، وتنحصر عقيدتهم في خمس:
1- معرفة الخالق والاعتقاد به.
2- معرفة المُبلِّغ.
3- معرفة ما تعبد والعمل به.
4- الأخذ بالفضيلة ورفض الرذيلة.
5- الاعتقاد بالمعاد.
واساس الإيمان عند المسلم التوحيد، النبوة، المعاد، والدعائم الأساسية التي يستند عليها الإسلام: الصلاة، الصوم، الزكاة، الحج، والجهاد كما ذكر في ص 168. ثم ينحو الربيعي إلى الشبك والبكتاشيون ومبدأ التولي والتبري، ويشير إلى أن الطريقة البكتاشية ما هي إلا امتداد لطرق صوفية سابقة ويذكر في ص186 أن المنتسب للطريقة له عدة درجات: 1- العاشق. 2- الطالب. 3- المحب. 4- الدرويش. 5- البابا. 6- الددة. 7- الددة بابا.
ويتطرق الربيعي في الفصل السابع إلى التأثيرات السياسية والحزبية على الشبك واختلاف الباحثين على تصنيفهم وأصلهم، ثم ينحو إلى ما تعرضوا له من ظلم وتهميش وإقصاء. ويتطرق إلى الشبك وقيمهم العشائرية وتأثيرات النظام الجديد وما عانوا من تهجير وصراع الوجود في المناطق المتنازع عليها من قبل عدة جهات ولا سيما بعد احتلال الموصل عام 2014م.
ويشير الباحث في الفصل الثامن من دراسته الانثربولوجية هذه إلى مراقد أئمة الشبك وبعض أعلامهم وشعرائهم وأدبائهم. ثم يختتم بحثه بخلاصة تشير إلى أن الشبك هم بناة الموصل القدماء، والتي كانوا يسمونها (نواد شيرون) نسبة إلى القائد الذي بناها. ويلحق بالبحث كتاب المناقب (البويوروق) الذي يحتوي على حوار في أدب الطريقة بين الشيخ صدر الدين وبين قطب العارفين الشيخ صفي الدين بن إسحق الأردبيلي، وهو كتاب مناقب قطب العارفين قدس سره العزيز، ويتكون من اثنان وخمسون فقرة إضافة إلى ذلك يرفق الباحث مجموعة من الصور والمراجع والمصادر.
والباحث نبيل عبد الأمير الربيعي من مواليد مدينة الديوانية 1958، وهو تربوي وصحفي وكاتب وباحث في شؤون الأقليات، وقد أصدر ما يقارب الثلاثين كتاباً، تناول فيها مواضيع مختلفة اهتمت بالأقليات إضافة إلى مؤلفاته عن تاريخ مدينة الديوانية وأعلامها وغير ذلك من المؤلفات التي ترك فيها بصمة تشير إلى ابداع متواصل يستحسن الإشادة والدراسة والحمد لله رب العالمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل