الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان ترفض رفع علم البعث

درويش محمى

2006 / 9 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تميز اقليم كردستان عن باقي العراق، خلال السنوات الثلاث الماضية، من تحرير العراق وبعد سقوط البعث، بالأستقرار والهدوء، والتطور العمراني والتعليمي والاقتصادي، وبناء النظام البرلماني الديمقراطي الحر، في الوقت الذي تجري حرب طائفية بشعة، في الباقي من اجزاء العراق، بدأها البعض من الطائفة السنية، التي اعتبرت نفسها الخاسرة برحيل الطاغية، ضد الاغلبية من الطائفة الشيعية، بأيواء الارهابيين من السلفيين العرب الوافدين ورعايتهم، وتنظيم صفوف البعثيين الفاريين، وتحت الشعارالكاذب "مقاومة الاحتلال"، والتحقت الطائفة الشيعية بالحرب الطائفية فيما بعد، لتجعل من العراق، مسرح عمليات يومي للجريمة والخراب.

الكرد ومنذ البداية لم يعملوا حسب اجندة خفية، لا قبل سقوط النظام ولا بعده، وتجسدت الرغبة الكردية المعلنة والصريحة، في العراق الديمقراطي الفدرالي التعددي الموحد, واقر الشعب العراقي باغلبية ساحقة، تلك المبادىء الثابتة في الدستور العراقي الحديث، اما الطرف العربي السياسي الشيعي من العراقيين فقد اختلف فيما بينه من جهة، وبينه وبين الطرف العربي السني من جهة اخرى، وربما وضوح النهج الكردي وصدق سياساته، يفسر حالة الاستقرار في اقليم كردستان العراق، على عكس باقي مناطق العراق الاخرى، وما تشاهده من اضطراب وقتل على الهوية.

القيادة الكردية المنتخبة ديمقراطياً، والمتمثلة بالبرلمان الكردستاني والرئيس مسعود البارزاني، والمعروف عنه صراحته وصدقه وامانته، اعلن ومنذ البداية، ان العلم العراقي الحالي، هو العلم الذي في ظله قتل مئات الالاف من الكرد وهجروا، وهو يمثل حقبة سوداء من تاريخ الكرد خاصة والعراق عامة، ولا يشير الى الكرد كمكون رئيس للشعب العراقي، وتمت بالفعل محاولات حثيثة لتغيرالعلم المذكور، خلال السنوات الثلاث من عمر العراق الجديد، بداية وجه بالرفض، ومن ثم مماطلة من البرلمان العراقي، فكما كان الطاغية مقدساً يبدو ان علمه مقدس ايضاً، لذلك جاء قرار الكردي بعدم رفع العلم العراقي الحالي، والذي يقال عنه، ان الطاغية اضاف اليه في عام 1991 كلمة "الله اكبر" بيده المباركة .

لا شك ان صدام حسين خلف القضبان وفي القريب العاجل في خبر كان، ولكن وللأسف، ترك خلفه في الخارج الكثير من الحثالة البعثية، واشباه البعثيين، من القومجية الفاسدين الفاسقين، من سياسيين واعلاميين، الذين يعتبرون الكرد وكردستان اقلية قاصرة تابعة ملحقة باحلامهم العنصرية، رحل نظام البعث والطاغية من السلطة، ولكنه باق وبقوة في نفوس وعقول العديد من الطغاة، و ترك ورائه ارث بغيض من الثقافة الفاشية والشوفينية والعنصرية الفجة .

البعض من اصحاب النفوس المريضة، لا تريد ان تعترف بالواقع الجديد، وتتمسك بالماضي وارثه وقيمه، وما زال يحلم هذا البعض ان بمقدوره اعادة الامور الى ماكانت عليه، ويرفض الاخر، ومازال هذا البعض يرفض الارادة الحرة لـ 80% من العراقيين واقرارهم للفدرالية، ومازال هذا البعض يرفض مبدأ اجتثاث البعث وافكاره الفاشية العنصرية، وما زال هذا البعض يرفض تطبيع الاوضاع في كركوك ويتمسك بتعريبها الصدامي الدامي، ويتوجس حتى من ترديد كلمة كردستان العراق، ويصر على التسمية البعثية "شمال العراق" تعبيراً عن اللالحاق القسري لكردستان، على عكس مايريده الكرد من وحدة اختيارية تعاقدية حرة، من اجل بناء عراق جديد لكل العراقيين، عراق اليوم، عراق ما بعد صدام، للأسف ما يزال يخيم عليه، فكر صدام وفكر البعث الهدام، الذي كلف العراق الكثير من الدماء، في الماضي والحاضر، وربما وحدته في المستقبل القريب .

ليس غريباً ان يرفض الكرد رفع العلم العراقي على اقليمهم الشبه المستقل، ولكن الغريب هو تمسك غالبية العراقيين بالعلم العراقي الحالي، والذي يمثل احدى الرموز الصارخة للحقبة البعثية وجرائمها، ويمثل شخص صدام حسين اعتى مجرم وطاغية عرفه العالم الحديث، والاكثر غرابة ان يعتب البعض على الخطوة الكردية بعدم رفع ذلك العلم، واعتبارها خطوة استفزازية بحق العرب، وان لم تستفزهم يوما، دماء االاطفال والابرياء من العرب العراقيين، والتي تسيل في كل ارجاء العراق وعلى مدار الساعة، جراء الحرب الطائفية التي يتبنونها، كان حرياً بهؤلاء الكف عن الارهاب والعبث بأمن الابرياء من الشعب العراقي، ووقف حمامات الدم اليومية في شوارع بغداد، ووصل الحال ببعضهم من دعاة السطة المركزية المطلقة مثل صالح المطلق رئيس جبهة الحوار الوطني، الى حد التهديد والوعيد بالعنف، ليذكرنا بصدام حسين وايامه الخوالي، ويقول علناً"بان ما اخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة" وكأن الكرد استولوا على محافظته الانبار، مسقط رأسه ومنبر القتلة والارهابيين والظلاميين، واحتلوا الفلوجة قلعة الصمود والمجاهدين وقاطعي الرؤوس الهمج، ورفضوا رفع علم البعث في ساحاتها المغبرة وقصورها المحطمة ، فثار ثائرته وهاج شعوره القومي العنصري الذي ورثه عن حفظه الله ورعاه.

ان اعلان اقليم كردستان برفض رفع العلم الصدامي، هو رد فعل طبيعي، على ما يمثله هذا العلم من قيم ومثل لا انسانية وعنصرية، وعلى العكس تماماً تصريحات البعض من العرب العراقيين، بهذا الخصوص استفزازية وغير عادلة وعنصرية بحق الكرد، وهي اساءة حقيقية لمشاعر الملايين من الكرد العراقيين من ضحايا النظام البعثي المنحل، وربما الغير منحل، يبدو ان صدام حسين ما زال حراً طليقاً، وان منطقه مازال سائداً، ويشكل خطراً على العراق وجيرانه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ