الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناضل اليساري حين يهوى الوضوح.....3

محمد الحنفي

2022 / 2 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الوضوح في الرؤيا اليسارية ومفهوم اليسار:....2

وهذه الخلاصة، التي وصلنا إليها، في الإجابة على السؤال:

من أجل ماذا هو موجود؟

يدفعنا إلى طرح سؤال آخر:

ما هي الأهداف، التي يسعى اليسار إلى تحقيقها؟

إن أي يساري، في أي دولة، وفي أي مكان من الكرة الأرضية، عندما يوجد، وعندما ينظم نفسه، وعندما يناضل انطلاقا من برنامج محدد، فإنه يسعى إلى تحقيق أهداف محددة، تستدعي طرح السؤال:

ما هي الأهداف التي يسعى اليسار إلى تحقيقها هنا، وهناك، وفي أي مكان من العالم؟

وطرح هذا السؤال، يقتضي معرفة طبيعة اليسار:

هل يتوقف عند حدود الإصلاح؟

أم أنه يسعى إلى تحقيق التغيير الشامل للأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق تحقيق الاشتراكية؟

هل تتوقف أهداف اليسار عند حدود الاشتراكية؟

أم أنه لا بد من الاستمرار حتى تحقيق المرحلة الشيوعية؟

فاليسار عندما يكون إصلاحيا، فإن ذلك لا يعني إلا كونه يعتبر أن النظام الرأسمالي التبعي، هو نظام صالح للمجتمع، إلا أنه يحتاج إلى إصلاح الفساد الذي يتخلله، الأمر الذي يترتب عنه: العمل على جعل الأهداف، التي يسعى إلى تحقيقها اليسار الإصلاحي، مجرد أهداف إصلاحية، ليس إلا.

وإما أن اليسار يسعى إلى تغيير النظام الرأسمالي، والوصول إلى تحقيق الاشتراكية، في مستوياتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يتمكنون من الحصول على حقوقهم: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، في إطار النظام الاشتراكي، المترتب عن قيام التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية الاشتراكية.

وقد لا يقف اليسار عند حدود تحقيق الاشتراكية، بل يستمر في النضال حتى تحقيق المجتمع الشيوعي، الذي تنتفي، في إطاره، السلط المختلفة، لتصير هذه السلط للشعب، لتصير أهداف اليسار، أهداف شيوعية.

وبناء على هذا التفكيك، فإن الأهداف التي يسعى اليسار إلى تحقيقها، تختلف باختلاف طبيعة اليسار.

فاليسار الإصلاحي، لا يتجاوز أن يسعى إلى تحقيق الأهداف الإصلاحية، في إطار النظام الرأسمالي التبعي القائم، في أي بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين.

ومعلوم أن اليسار الإصلاحي، الذي يعتبرنفسه معنيا بمحاربة الفساد، من أجل إصلاح النظام القائم، يصير، هو، بدوره فاسدا، خاصة، وان النظام الرأسمالي التبعي، الذي يسترشد بإملاءات النظام الرأسمالي العالمي، الذي يعمل على تلغيم اليسار الإصلاحي بالفاسدين، الذين يجعلونه فاسدا من الداخل. وفساد اليسار الإصلاحي من الداخل، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، هو الذي صار سائدا الآن، في صفوف البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، الأمر الذي يترتب عنه: أن فساد اليسار الإصلاحي من الداخل، جعله يفقد ثقة الناس فيه.

واليسار الذي يسعى إلى التغيير، في حدود تحقيق الاشتراكية، التي تقيم نظامها في اي بلد، من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. ولكن اقتناع اليسار الاشتراكي بالاشتراكية العلمية، وبقوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية المتطورة باستمرار، تجعله لا يقاوم النضال من أجل تحقيق المجتمع الشيوعي، الذي تنتفي، في إطاره، السلطة، لتسود بدلها سلطة الشعب، التي تصير متحكمة في كل ما يتعلق بالمرحلة الشيوعية: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

أما اليسار الشيوعي، الذي لا يتوقف عند حدود تحقيق المرحلة الاشتراكية، بل يستمر في النضال، من أجل تحقيق المرحلة الشيوعية، التي تنتفي فيها السلطة، التي تصير للشعب، فإن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، تصير أهدافا شيوعية.

وسواء تعلق الأمر باليسار الاشتراكي، الذي يسعى إلى تحقيق الاشتراكية، ولكنه لا يقاوم اليسار المناضل، في أفق تحقيق المرحلة الشيوعية، أو تعلق باليسار، الذي يمكن تسميته باليسار الشيوعي، الذي يسعى إلى تحقيق أهداف شيو عية، فإن اليسارين معا، اللذين يختلفان على مستوى الأهداف، فإنهما يقتنعان معا، بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، ويقتنعان معا، بتطور قوانين الاشتراكية العلمية، ويسعيان معا، إلى إغناء الفكر الاشتراكي العلمي، وإلى العمل على تطوير القوانين الاشتراكية العلمية، من خلال عملية التفعيل في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير القوانين وسيلة أكثر نجاعة، في التحليل المادي الملموس، للواقع الملموس، في تجلياته المختلفة. وأما اليسار الإصلاحي، فإن إصلاحيته، تجره إلى الذوبان في النظام المستهدف بالإصلاح، بصيرورته فاسدا، فساد النظام.

وبعد وقوفنا على أن أهداف اليسار، لا تكون إلا إصلاحية، أو اشتراكية، أو شيوعية، ننتقل إلى مستوى آخر، من الأسئلة المتعلقة بالبرنامج، الذي يعمل اليسار على تفعيله، في أفق تحقيق أهدافه الإصلاحية، او الاشتراكية، أو الشيوعية.

والسؤال هو:

ما طبيعة البرنامج، الذي يوصل إلى تحقيق الأهداف؟

لقد تبين لنا، من خلال مقاربة الجواب على السؤال السابق، أن اليسار، يتكون من مستويات ثلاث:

ـ اليسار الإصلاحي.

ـ واليسار الاشتراكي.

ـ واليسار الشيوعي.

ولكل مستوى من اليسار، أهداف محددة، وغاية محددة. وبناء على هذا التصنيف، وعلى الأهداف المحددة لكل مستوى من مستويات اليسار، وعلى الغاية التي يتوخاها كل مستوى، فإن طبيعة البرنامج الذي يتبعه اليسار، لتحقيق أهداف كل مستوى، من مستويات اليسار، يختلف باختلاف مستويات اليسار.

فلليسار الإصلاحي برنامجه، ولليسار الاشتراكي برنامجه، ولليسار الشيوعي برنامجه؛ لأن الغاية من تفعيل برنامج اليسار، تختلف، كذلك، حسب اختلاف الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها كل مستوى على حدة.

فاليسار الإصلاحي، عندما يسطر برنامجا معينا، فإن برنامجه لا يكون إلا بهوية إصلاحية، لتحقيق أهداف إصلاحية، ولتحقيق غاية إصلاحية.

واليسار الاشتراكي، عندما يسطر برنامجا معينا، فإن برنامجه، لا يكون إلا بهوية اشتراكية، لتحقيق الأهداف الاشتراكية، التي يسعى اليسار الاشتراكي إلى تحقيقها، من أجل الوصول إلى تحقيق غاية اشتراكية.

واليسار الشيوعي، عندما يسطر برنامجا معينا، فإن برنامجه، يسعى إلى تحقيق أهداف تتناسب مع الهوية الشيوعية، لليسار الشيوعي، وتؤدي إلى تحقيق غاية شيوعية.

وهذا الاختلاف القائم، بين توجهات اليسار الإصلاحي، والاشتراكي، والشيوعي، يعتبر طبيعيا؛ لأن المنتمين إلى اليسار، تختلف مصالحهم، باختلاف الفئة التي ينتمون إليها، وحسب مستوى كل فئة التكويني، وحسب قدرة كل فئة على الوعي بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وحسب المسافة التي يمكنه وعيه من قطعها، لتحقيق أهداف معينة، من أجل الوصول إلى تحقيق غاية معينة.

وما يؤخذ على أي مستوى، من مستويات اليسار، أن يرفع شعارا محددا، على مستوى القول، وأن يمارس نقيضه على أرض الواقع، مما يتناقض تناقضا مطلقا، بين القول، والفعل. أما إذا كان يتوخى الوضوح في القول، والعمل، فإنه لا يسيء إليه، سواء كان إصلاحيا، أو اشتراكيا، أو شيوعيا، خاصة، وأن الممارسة اليومية لليسار، هي التي تحدد هويته الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية. وهذه الهوية، هي التي تحدد:

ـ هل هو إصلاحي؟

ـ وهل هو اشتراكي؟

ـ وهل هو شيوعي؟

ما دام يربط بين النظرية، والممارسة، وما دام يرفع شعارا معينا: إصلاحيا، أو اشتراكيا، أو شيوعيا، ويمارسه على أرض الواقع، وعلى أساس الوضوح في القول، والوضوح في الممارسة؛ لأن ما يضر اليسار، هو عدم الوضوح.

ولذلك كان الشهيد عمر بنجلون، في تقديمه للتقرير الأيديولوجي، أمام المؤتمر الاستثنائي للحركة الاتحادية الأصيلة يؤكد على الوضوح الأيديولوجي والتنظيمي والسياسي.

والوضوح هنا، لا يكون إلا أيديولوجيا، وإلا تنظيميا، وإلا سياسيا، بالإضافة إلى الوضوح في النظرية، والوضوح في الممارسة، والوضوح في الأهداف، والوضوح في الغاية، حتى نثبت جدارتنا بالانتماء إلى اليسار، سواء كان إصلاحيا، أو اشتراكيا، أو شيوعيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين متظاهرين والشرطة الإسرائيلية بالقدس للمطالبة با


.. وجه فرنسا يتغير.. اليمين المتطرف يتصدر الانتخابات البرلمانية




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. -ليلة تاريخية- لمناصري حزب ا


.. صور من تجمع لحشود ضد اليمين المتطرف في ساحة الجمهورية بباريس




.. لماذا تصدر حزب التجمع الوطني نتائج الدورة الأولى من الانتخاب