الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهداف خارج المرمى!

وهيب أيوب

2022 / 2 / 10
كتابات ساخرة


في مباريات التصفيات النهائية لكأس أفريقيا التي يشارك فيها المنتخب المصري، قال "منتخب الفراعنة"! وأثناء بثّ المباراة النهائية، يظهر فيديو في إحدى المساجد في القاهرة أثناء موعد الصلاة وهو خالٍ تماماً من المُصلين إلا إمام المسجد، الذي يندب ويشتكي من عدم حضور المُصلين بسبب انشغالهم بمتابعة البث المباشر للمنتخب في أحد المقاهي في الشارع القريب من المسجد، والمقهى ممتلئ عن آخره بالمشجّعين لمنتخبهم بالصراخ والزعيق والهتاف الهستيري، غير آبهين بالصلاة وبالسجود والركوع وبالمسجد الفارغ، ليس وقت الله والرسول الآن، هذا يوم المنازلة الكبرى وتحقيق النصر!
إنها أيام ولحظات من الحشد الجماهيري لتحقيق الانتصار والفوز بالكأس، فهذا شعور تسعى إليه الحشود وتوّاقة للتعويض ولو آنياً عن الشعور بالهزيمة الدائم، هزائم من كل صنف ولون وفي كل المجالات، في السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة والخدمات والتنمية ومعدلات البطالة.
لهذا فإن كل الأنظمة السياسية الديكتاتورية في العالم؛ تُدرك تماماً جماهيرية كرة القدم وتعرف كيف تستغل وتوظّف تلك الظاهرة بما يخدم مصالحها ويُغطّي خيباتها وفسادها وفشلها في شؤون السياسة والاقتصاد والصحة والتعليم والتنمية وتعاظم البطالة، وباقي شؤون الحياة والخدمات في الدولة وهدر حقوق الناس.
فنلاحظ بأن السلطة السياسية تقوم دائماً بتضخيم وتفخيم وتبجيل منتخباتها لكرة القدم بأن تُطلق عليهم الألقاب التعظيمية، وذلك لتقنع الجماهير بأهمية فوز المنتخب وما سيحقّقه من عزّة وفخر وكرامة وإنجاز وطني كبير للبلد، فتقوم وسائل الإعلام بالتهويش والردح والتطبيل والتزمير على مدى أيام التصفيات، وبحشد الناس خلف المنتخب ومؤازرته وكأنه يخوض حرب تحرير، فأطلقوا على منتخب مصر مثلاً "منتخب الفراعنة"، حتى يثيروا الكبرياء في نفوس المنتخب والجماهير الهبلة، مع العلم أن المصريين اليوم لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بفراعنة الأمس في شيء! والمنتخب التونسي بات "نسور قرطاج" ومعظم التونسيين لا يعرفون شيئاً عن تاريخ مدينة قرطاج، التي يعود تاريخ تأسيسها لـ 814 ق.م، ومنتخب المغرب "أسود الأطلس"، والمنتخب الموريتاني " المرابطون"، والمنتخب السوري " نسور قاسيون"، والسعودي "الصقور الخضر" ، وأما المنتخب الجزائري فحاز على لقب "محاربي الصحراء"، فهذا يزيد من حماسة وغوغائية الجماهير الجزائرية خلف منتخبهم المحارب! و"الفدائي" لمنتخب فلسطين، و"النشامى" للمنتخب الأردني، و"أسود الرافدين" للمنتخب العراقي، و"منتخب الأرز" للبنان، و "النسور السبئية" لليمنيين، و"العنابي" لمنتخب قطر ، وهكذا دواليك ...
شيء مُضحك ومثير للسخرية فعلاً!
إن سيكولوجية القطيع والجماهير المُحتشدة، تتصرّف بغريزيتها في اللاوعي، فتتحوّل إلى حشود غوغائية همجية، فعندما تكون المنافسة مع فريق ومنتخب غريب؛ يتم الحشد الوطني والقومي والعرقي ضد ذاك الفريق، وتحدُث عادة اشتباكات عنيفة بين مُشجّعي الفريقين، ثم ينسحب ذات السلوك أيضاً عندما يكون الخصم المنافس منتخب بلد شقيق، فيتحوّل هذا الشقيق إلى عدوّ ويبدأ التراشق بتبادل الإهانات ونبش أحداث ماضية، ثمّ يتحوّل إلى صراع مناطقي عندما تكون المنافسة بين فريقين محلّيين من ذات البلد، كالأهلي والزمالك في مصر مثلاً، بحيث في كثير من الأحيان تلتحم الجماهير المتنافسة في عراك دموي، ذهب أحياناً جرّاءه عشرات القتلى ومئات الجرحى. فكل مكان وموقعة لهما أدواتهما التحريضية الجاهزة.
في تلك الدول الديكتاتورية الفاسدة الفاشلة، فالدين ليس هو فقط "أفيون الشعوب" بل أن كرة القدم أفيون لا يقلّ خطورة عن الدين، في طريقة وأساليب استخدامها واستغلالها من السلطات الحاكمة لصرف الأنظار عن فسادها وفشلها، فالحشد والتعصّب والتحريض في كلتا الحالتين لا تخدم على الإطلاق مصالح الناس وهمومها المعيشية الحقيقية، في الأمن والكرامة والحريّة وتحسين أوضاعها، بل أنها تُعيقها وتصرف الأنظار عنها.
في سيكولوجية الجماهير المتخلّفة المقهورة المقموعة المهدورة حقوقها وكرامتها، والتي يتملّكها شعور دائم بالهزيمة والخسران والدونية، تسعى في اللاوعي وفي غريزتها؛ الجائعة لتحقيق أي انتصار أو شعور بالعزّة والكرامة، حتى ولو كان نصر وهمي، وكان ذلك في؛
مباراة كرة قدم أو سباق خيل، أو حتى شدّ حبل ...!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع