الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما أصبح الإله ذكراً - إبراهيم بن تارح - المحنة 1

شيرزاد همزاني

2022 / 2 / 12
الادب والفن


إبراهيم بن تارح – المحنة
إن الكره والضغينة هي كالرياح تنحت في الطبيعة والصخور هدوء فتغير من مظهرها. وهكذا فعلت بإبراهيم، فقد أحسَّ إبراهيم بكرهٍ شديد لعشتار وسارة حتى بات شاغلاً تفكيره. في البداية عندما كان يذهب ابراهيم للبذار وكان يبذر لوحده كان يلقي شعراً بصوتٍ منخفض فيقول
عشتار يا إلهةً شريرة
يا من عبادتها جريرة
لو لم ينكحك مردوخ كل ليلة
لم تكوني لتنامي هانئة العين قريرة
كان يقول ذلك ويرددها مع نفسه آلاف وآلاف المرات ويقول في سارة
سارة يا خبيثةً يا جبارة
أكرهكِ وأمقتكِ إذا كانت لي الاستخارة
لكن لا د من الخضوع
سيأتي يومٌ وألقيكِ في الصحارى
وهكذا كان إبراهيم يقضي أيامه ولياليه وحقده يكبر ولا يجد له متنفساً.
كل شيءٍ بداء عندما أعتقد إبراهيم بأن سارة تقراء أفكاره وتعرف خبايا نفسه. فبداء بإظهار المزيد من الحب لها وقد فرحت سارة بذلك. فهي تعرف إن إبراهيم يحبها لكن العمل والمعبد والأصدقاء والأطفال يأخذون الكثير من وقته.
بداء إبراهيم يشتهي الجنس وكانت له رغبة في الجنس لا تنتهي. لكن سارة لم تكن كذلك فكان عندما يقترب منها لذلك الغرض وهي تعرف ذلك وليست لديها رغبة قوية ومستمرة كرغبته فتردعه. فكان إبراهيم يضطر الى ألإستمناء وهذا كان يؤثر عليه سلباً بدرجة كبيرة. إذ كان يعد الإستمناء خطيئة مما يعظم شعوره بالذنب وكرهه لسارة.
وكان نفس الشيء عندما يروي إبراهيم الزرع لكنه لم يكن يستطيع ان يرفع صوته بسبب العمال الذين يشتغلون بالزرع في أراضي سارة والتي هي أراضيه بالمساطحة ألآن وهذا مما كان يسبب له حصراً نفسياً إذ كان يوّد أن يقول لكل الناس عن مشاعره لكنه كان يخاف الحرق. لذا كان البذار ولحظات وجوده بمفرده هي لحظات الهدوء التي ينعم بها.
ذهب إبراهيم في أحد الأيام ليتفقد المزارع وكانت الغلال تبدوا جيدة والنباتات محملة بالورود والبراعم والثمار فقال في نفسه إن أرضي ستدر أرباحاً جيدة هذه السنة عندها سمع صوت إمراءةٍ تقول له
أنها أرض سارة وليست أرضك أيها ألامعه فأنت لا تملك شيئاً أنت لست سوى مستأجرٍ حقير تنتفع بالمساطحة. وضحكت ضحكة سخريةٍ منه.
أنزعج إبراهيم كثيراً وألتفت حول نفسه لكن لم يكن أحدٌ هناك. أستغرب وظنَّ أنه إنما يتخيل ذلك. لكن في المرة التالية واليوم التالي حدث نفس الشيء وسمع نفس الصوت، فميز الصوت إنه صوت العاهرة عشتار تريد أن تحتقره وأن تعاديه.
وكان إبراهيم يسمع هذا الصوت وهذه الضحكة كثيراً وعندما تمعن في الصوت فإذا به صوت سارة. إن عشتار تتكلم بلسان سارة فصار كرهه لها مضاعفاً
ذهب إبراهيم للبيت بعد تفقد البساتين والحقول والأنعام ووجد سارة في البيت فرحانة جذلة. وسألته
كيف حالك يا إبراهيم؟
ردَّ إبراهيم أنا بخير حبيبتي. كيف حالك أنتِ؟
قالت سارة أمتأكدٌ إنك بخير؟ أراك قلقاً.
قال إبراهيم لا قلق البتة فالأعمال تمشي على خير ما يرام.
أخسّ إبراهيم إن سارة تقرأ أفكاره وإنها تعرف ما يدور في رأسه. فبداء كما عادته في الآونة الأخيرة يبدي لها حبه الكبير ويصفها بأحسن الأوصاف، وهو في الحقيقة يناقض شعوره ونفسه مما جعله في انتفاضة دائمة ضد نفسه وغاضبا من نفسه، لكنه كان يبتلع كل شيء ولا يستطيع البوح بمكنونات نفسه.
كان إبراهيم قد بذر الحنطة والشعير ومضى الشتاء وكانت الأمطار لا بأس بها. ولكن في الربيع تحتاج الحبوب الى الأمطار لكي تنمو وقد انحبس المطر هذه السنة.
قال إبراهيم مخاطباً نفسه: إنها عشتار الحقيرة تحبس الأمطار بعد عقد المساطحة لكنني لن أبتهل أليها.
وهو في مناجاته هذه مع نفسه إذ رأى تجمع العموم وهطل المطر. فأنفجر غاضباً يقول بصوت عالي: أيتها الحقيرة لا تحاولي أرشائي، سأنهيكِ وأنهي عبادتكِ وسأجعلك كأن لم تكوني. مردوخ هو الإله وأنمت لستِ سوى عاهرة. سأحطم تماثيلكِ وأحرق معبدكِ وأرمي سارة في الصحراء تستجدي الطعام والماء.
دخل إبراهيم الى كوخ المزرعة هرباً من المطر وهو يصب اللعنات على عشتار التي كانت تكلمه بصوت سارة.
سأفعل كل ما يرضيك يا إبراهيم فقط أرضى بعبادتي وأعضقني كما يفعل أهل بابل العظيمة.
لكن غضب إبراهيم كان يصير أكبر وأكبر وهو يسمع هذا الصوت يكلمه من الفراغ. أنه لا يرى أحداً لكنه يسمع الصوت في رأسه، يكاد دماغه أن ينفجر من الحنق.
ذهب أبراهيم بعد انقطاع المطر الى البيت وعندما وصل استقبلته سارة هاشة باشه وقالت له
سارة : الحمد لعشتار إنها أمطرت فزرعنا سيصبح وفيراً.
قال أبراهيم: نعم الحمد لعشتار حبيبتي لولا رحمتها لكان نمو الزرع سيئاً ولم يكن المحصول ليصبح وفيراً.
سارة: هل أحضر لك العشاء أم أنك ستسهر مع أصحابك؟
قال أبراهيم : لا رغبة لي بالسهر, فلنتناول عشاءنا ولنسهر مع الأولاد
ثم ذهب أبراهيم الى غرفة الديوان وهو يقول لنفسه، لا بد إنها سمعتني عندما كنت ألعن عشتار وإلاّ لما طرحت موضوع شكرها ألآن.
ثم قال لنفسه، كلا لم تسمعني لكنها تعرف ما أفكر به اللعنة عليها وعلى جنس النساء وعشتار أي سحرٍ يملكون لكي تغوص في أعماق فكري. وبينما هو كذلك إذ غليه التعب ونام.
أستيقظ إبراهيم على صوت أبنته أكد توقظه وتبلغه بأن المائدة جاهزة وأن أمها تطلب منه المجيء وتناول الغداء. قال إبراهيم.
حسناً سآتي حالاً. فقط سأغسل وجهي وآتي.
غسل إبراهيم وجهه وذهب الى غرفة الطعام أو المطبخ لتناول الطعام.
قالت سارة: إبراهيم حبيبي طبخت اليوم اليخنة. أعتقد إنها ستعجبك فأنت تحب هذه الأكلة.
قال إبراهيم متعجباً: اليخنة؟
سارة: نعم اليخنة فأنت تحبها خاصة عندما تكون مع لحم الحمل. وكما تعرف إنها أيام الأعياد وقد ذبح الرعاة لنا أحد حملان السنة ولحمه لذيذ جداً وسيعجبك.
ذُهِل إبراهيم فقد كان يحدث نفسه أمس بأنه يشتهي أن يأكل اليخنة. كيف عرفت سارة بأمنيته. لا بد أنها تقرا أفكاره وتعرف سِرَ نفسه. حدث نفسه قائلاً يا للهول وأستغرق في التفكير الذاتي.
انتبهت سارة الى ما طراء عليه وسألته
سارة: ما بك إبراهيم؟ ألا تعجبك اليخنة.
تلعثم إبراهيم وقال: نعم حبيبتي أحب اليخنة وأكيد أن اليخنة التي تعدينها أطيب حتى من يخنة المعبد. شكراً لك
سارة: لنصلي ونرتل صلاة الشكر لتوفر الطعام لعشتار ونتناول غذائنا ثم نذهب لمعبد عشتار لنشارك في الاحتفالات
رتلت سارة صلاة الشكر وأمن إبراهيم والأطفال وكان إبراهيم مشدوهاً طوال فترة تناول الطعام. لاحظت سارة ذلك وأرجعته الى فرحة إبراهيم بالغداء وطبقه المفضل، في حين كان إبراهيم يصارع نفسه ليبدو طبيعياً.
بعد أن تناولوا الطعام غسلوا أيديهم وشربوا الروبة وأكلوا التمر والفواكه، ثم تزينت العائلة بأجمل زينتها وتوجهوا الى معبد عشتار للمشاركة في الاحتفال. لم يرد إبراهيم الذهاب، ولكن لم يكن بيده شيء فهو زوج سارة راعية معبد عشتار وفي نفس الوقت نائب كبير كهنة مردوخ وأحد وجهاء بيت يهودا فكان حضوره واجباً.
ذهبت العائلة جميعاً مبكراً عن وقت الاحتفال الذي يجري في المساء وذلك لأن سارة هي راعية المعبد وكبيرة الكهنة في المعبد. تزينت ولبست سارة أجمل زينتها وكذلك فعلت البنتان أكد وعمورة والولدين أسحاق وإسماعيل. أما إبراهيم الذي هو من كهنة معبد مردوخ فقد لبس لباساً فوق المعتاد، فعل ذلك خوفاً من أن سارة تقرأ أفكاره وخاف أن تعرف إنه مُكره على الذهاب وليس رغبةً صافية من قلبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة رولا حمادة تتأثر بعد حديثها عن رحيل الممثل فادي ابرا


.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب




.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي