الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعددية اللغوية في المغرب بين الثقافي والسياسي. رسالة جامعية في العلوم السياسية الحلقة الثانية

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2022 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


التعددية اللغوية في المغرب بين الثقافي والسياسي

الحلقة الثانية

الــفـصــل الــتــمهـــيــدي
المدخل المفاهيمي:
تعتبر اللغة من الميزات الأساسية التي يختص بها الإنسان والتي يتسم بها عن سائر الكائنات. ولقد لفتت هذه الميزة الخاصة، إنتباه العلماء في مختلف التخصصات، والذين أقروا بأهمية موضوع اللغة فكتبوا فيه على الطريقة التي ساروا عليها في علومهم، وفي هذا الإطار بحث الموضوع نفسه، علماء الإجتماع، وعلماء النفس، وعلماء السياسة، والفلاسفة، وغيرهم.
واللغة حسب الدراسات البنيوية لفريدناند د سوسورFERDINAND DE SAUSSURE هي "مجموع منظم من الإشارات المفارقة ( ) .
وهي بالتالي لايمكن دراستها إلا من حيث كونها تعمل كمجموعة منظمة من الاشارات، ولايكون لعناصر التنظيم فيها اذا أخذت على حدة، أية دلالة بحد ذاتها، بل تقوم دلالتها فقط عندما ترتبط ببعضها البعض وبالتنظيم ككل.
أي أن الدراسة التحليلية لمفهوم اللغة يكون في هذا الإطار إنطلاقا من المقاربة الأفقية والتي نميز فيها بين مستويين:
المستوى الأول ويتجلى في اللغة الخارجية، وهي دراسة العلاقات الخارجية القائمة بين اللغة والدوائر المؤثرة فيها كالإطار السياسي، والاجتماعي، والتاريخي وغيرها.
وفي هدا الاطار نجد العلاقة بين الدراسة الخارجية للغة والدراسات السوسيولوجية والأنتولوجية والسياسية…إلخ.
المستوى الثاني: وهو مستوى اللغويات الداخلية، وفي هذا المستوى تدرس اللغة دراسة بنيوية، وصفية، ويهتم بها كواقع معطى ليس في علاقته الخارجية بل في علاقته الداخلية التي تتحكم في اللغة كمنظومة أو نسق.
ومايهمنا في بحثنا هذا هو المستوى الأول والذي نتناول فيه اللغة في علاقتها بالمحيط العام في أبعاده التاريخية، والإجتماعية والسياسية.
لذلك وفي إطارظاهرة التعددية كإطار فلسفي مرتبط بالفكر الديمقراطي في شموليته يمكن مقاربة التعددية اللغوية في مغرب هنا والآن .
والتعدد اللغوي ظاهرة، تتفق القواميس اللسانية، وكتب التعاريف على أنها عبارة عن إستعمال لغات عديدة داخل( ) مؤسسة إجتماعية معينة. ذلك أننا نصف متكلما ما بأنه شخص متعدد اللغات إذاكان يستعمل داخل جماعة معينة، ولأغراض تواصلية، مجموعة من اللغات . ونصف مجتمع ما بأنه مجتمع متعدد اللغات إذاكانت بداخله جماعات إجتماعية لسانية متعددة،أي لها لغة مستقلة تميزها عن لغة الجماعات اللسانية الأخرى.
ومقاربة اللغة كظاهرة إجتماعية مرتبطة أيما إرتباط بمفهوم الثقافة. وهذا الإرتباط ليس بمعناه الشائع والذي يشير إلى السلوك الرفيع في مختلف تجلياته ،والمتمثل في الفن، والأدب، والفلسفة، والتاريخ ،والتي تشكل حكرا على الطبقة البرجوازية و الفئة المثقفة. وإنما بالمعنى الأنتروبولوجي والذي يجعل الثقافة تتضمن الأعراف, والتقاليد, والمعايير ورؤى العالم, وأساليب الحياة في مجتمع ما.( )
والثقافة بهذا المعنى لها وظائف ثلاث يمكن التمييز بينهاوهي :
الوظيفة الأولى تثمثل في أن ثقافة مجتمع ما تمد أعضاءه بتبريرات شرعية لنمط الإنتاج السائد ونمط التوزيع للخيرات المادية والمعنوية.
الوظيفة الثانية للثقافة هي أنها تمد الفرد من خلال إجراءات وطقوس التنشئة الإجتماعية المقبولة، ببنية دافعة تربط بين هويته, والنمط السائد للإنتاج.
الوظيفة الثالثة للثقافةهي أنها تمد أعضاء المجتمع بتفسيرات رمزية للحدود الطبيعية للحياة الإنسانية.
ومايهمنا هناهو أن نسجل الأفكار الأساسية التالية حول موضوع اللغة من حيث صلته بالثقافة.
ذلك أن اللغة تعتبر من جهة ,حاملا للثقافة في ابعادها المختلفة، ومن جهة أخرى ,وسيلة للتفاهم بين الأفراد والجماعات. إنها إذن أداة للإبداع والفكر، ووسيلة تواصل وإتصال.
وهي ظاهرة إجتماعية حية ومتطورة، ولكنها ظاهرة إجتماعية من نوع خاص، إنها ظاهرة غير زمنية وفوق طبيعية ،وهي تحمل قدرا كبيرا من الثبات النسبي.
والتعددية اللغوية داخل أي مجتمع غالبا ماتطرح إشكالية الإختيار السياسي ما بين اللغات السائدة داخل المجتمع. وهنا نجد أن اللغة تتعرض لإمتحان عسير تقع فيه بين إختيارين أن تكون أولاتكون، أن تبقى أو تفنى، أو على الأقل أن تنزوي في الشفوي أو الظاهر الحسي البسيط من القول المعبر، عن السلوك اليومي البسيط.
ويأتي هذا الإمتحان من التحديات التي تواجهها كل اللغات التي تنسحب الثقافة الرسمية من إمدادها بعناصر القوة ،التي يمكن بها أن ترد التحدي بالتحدي.
واذا كانت الكليات اللغوية• التي تشترك فيها كل اللغات, والتي يمتلكها الطفل مع لغته الأم، هذه الكليات التي تتحكم في المتخيل لدى الطفل، قبل ولوجه باب المدرسة والذي يكون معها قد امتلك بطريقة غير واعية الجهاز الرياضي الذي يتحكم في لغته الأم حسب نظرية تشومسكي( ).
هذه الكليات التي تضمن إلى حد ما لكل لغة القدرة على الصمود خاصة داخل المجتمعات التي تتسم بالتعددية اللغوية كالمجتمع المغربي.
وهكذا وإن كانت التعددية اللغوية من الظواهر الثقافية الطبيعية، داخل المجتمعات. فإن مايميز المجتمعات في شمال إفريقيا، وخاصة المجتمع المغربي، أن التعددية اللغوية والتي شكلت جزء من المسألة الثقافية، كانت دائما من التساؤلات الكبرى ،المطروحة على الحاكم والمحكوم.
لذلك فإن مقاربة مسألة التعددية اللغوية وعلاقتها بالثقافي والسياسي يتطلب رصد ولو بشكل موجز للمسار التاريخي للظاهرة قبل التطرق إلى أبعادها الثقافية والسياسية، في مغرب الإنتقال الديمقراطي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ