الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد وا لأربعون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2022 / 2 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


استعد جيدا فى وقت مبكر

جهز نفسك للمتوقع ، ولغير المتوقع

عبر مدرب الكتابة العظيم الأمير هاملت عن ذلك أفضل تعبير بقوله : " الاستعداد هو كل شىء " ، حيث إن الكتاب الجيدين تجدهم مستعدين لمشاريع الكتابة الجديدة ، حتى وإن لم تكن موجودة بعد على شاشات رادراتهم .

فهم يتوقعون غير المتوقع ، مثلهم فى ذلك مثل شخصية الرجل الوطواط ،يتحزمون بحزام خدمات محملا بأدوات سهلة التناول والاستعمال .

وهم بذلك يملؤون خزينتهم المعرفية التى يمكن أن يستفيدوا منها فى أى لحظة .

لقد تبنت " فرجينيا وولف " رأيا شهيرا فى هذا الشأن مفاده أنه لكى تستعد النساء لكتابة الأعمالل الأدبية ، فإنهن فى حاجه إلى بعض المال و" غرفة خاصة بهن " .

أما الكاتبة العاصرة لفرجينيا ، " دوروثيا براند " ، فقد وصفت شكلا أكثر انضباطا من أشكال الاستعداد للكتابة :

" فلتتذكروا ذلك ، أنتم لم تصلوا بعد إلى مرحلة كتابتها ( أى الفكرة )، فالعمل الذى تقومون به الان هو عمل أولى .

لمدة يوم أو يومين سوف تغوصون فى هذه التفاصيل ، وسوف تفكرون فيها بإدراك ، لاجئين اذا لزم الامر الى الكتب المرجعية لتستكملوا ما ينقصكم من معلومات وبعد ذلك سوف تراودكم الأحلام عنها .. حينها سوف تبدو الأشياء التى يمكن الاشتغال عليها بلا نهاية .

كيف يبدو شكل البطلة ؟ هل كانت طفلة وحيدة ، أم كانت الأكبر سنا ضمن عدة فتيات ؟ كيف كان مستوى معلوماتها ؟ هل تعمل فى وظيفة ؟.

استشهدت فرجينيا بعد ذلك بالروائى " فورد مادوكس فورد " . الذى اتبع نظاما أكثر تشددا :

" أرتب بالتفصيل كل مشهد فى الرواية قبل أن أجلس لكتابتها .. لابد أن أعرف – من خلال ملاحظاتى الشخصية وليس من قراءتى – أشكال النوافذ ، وطبيعة مقابض الأبواب وخصائص المطابخ ، والمواد التى تصنع منها الثياب ، والجلود المستخدمة فى الأحذية
، والطريقة المستخدمة فى تسميد الحقول ، ونوعية تذاكر الحافلات .

يجب أل أستخدم أبدا أيا من هذه المور فى الكتاب ، لكن ما لم أعرف أى نوع من مقابض الأبواب أصابع شخصيتى تقبض عليه ، كيف لى .. أن أخرجه من تلك الأبواب ؟ .

فى وسع كل الكتاب التعلم من الصحافيين المختصين فى الرياضة ، أبطال العالم فى الاستعداد . فهؤلاء الكتاب يكتبون قصصا هى محط اهتمام على المستويين الوطنى والدولى ، تحت ضغط مواعيد تسليم لا تطاق ، ومنافسة هائلة تصاحبها نتائج مسابقات يصعب
توقعها .


إنها مهمة شاقة فعلا . كان " بيل بلاسكى " ، الصحفى لدى لوس انجلوس تايمز ، مستعدا بالفعل عندما فاز " جاستن جاتلين " بذهبية سباق الممائة متر فى أولمبياد 2004 :

" كان أول مضمار جرى له هو المائة متر من صنابير إطفاء الحرائق ، صبى من بروكلين يهرول فى شارع كوينتين ويقفز فوق كل صنبور للحريق يواجهه فى طريقه .

أما مضماره الثانى له ، فكانت سباق المائة متر عجلات ، صبى يرتدى حذاء تنس ويسابق زملاءه الذين يمتطون دراجات هوائية .

وبعد سنوات عدة ، وفى ليلة من ليالى البحر الأبيض المتوسط بعيدا عن الوطن ، أصبح الصبى الذى لا يهدأ فى المدينة ، أسرع رجل فى العالم "
.
لم يكن بلاسكى لينجح فى كتابة هذه المقدمة قبل الموعد النهائى لتسليمها ، لولا أنه كان قد استعد جيدا – ساعات من استقصاء توقعات الفائز بالسباق .

تتطلب كتابة القصص الجيدة استعدادا كافيا . حاول الان أن تتخيل ما احتاج اليه مراسل أسوشيتدبرس مارك فريتز لكتابة هذا التقرير ، الذى صدر فى العام 1994 عن مجزرة الإبادة الجماعية فى رواندا : " لم يعد أحد يعيش هنا .

لا النساء الحوامل يتجمعون خارج عيادة الولادة ، لا العائلات المحشورة داخل الكنيسة ، ولا الرجل المستلقى أمام سبورة رسمت عليها خريطة أفريقيا وهو يتعفن .

الجميع هنا ميتون / " كاروبامبا " صورة من الجحيم ، مخلفات لحم وعظم من حطام البشر ، مجزرة مكشوفة سقط صمتها حفاظا على الطنين الصاخب الصادر عن ذباب بحجم نحل العسل " .

فاز فريتز بجائزة بوليتزر عن مثل هذا العمل ذى المبادىء . وأشار أحد المعجبين إلى ذلك قائلا : " إن ما يجعل قصصه رائعة ، هو أمر أبعد من المبادرة والشجاعة الخالصة التى تتطلبها هذه القصص ، وذلك هو التحضير الجيد الذى يسبق تقاريره الميدانية

والمتمثل فى القراءة والبحث وتفحص قواعد البيانات وإجراء المقابلات مع الخبراء " .

هناك قليل من الكتاب ممن يتسمون بقدرات متنوعة مثل " ديفيد فون دريهل " ، المؤلف والمراسل لدى صحيفة الواشنطن بوست .

عين فون دريهل فى العام 1994 لتغطية جنازة الرئيس السابق ريتشارد نيكسون ، وقد كان يعرف أنه سوف يكتي مقالته ضد جيش لا بأس به من المنافسين ، وأنه ملزم بتسليمها قبل موعد التسليم النهائى .

يعترق فوندريهل قائلا : " تجعلنى مواعيد التسليم النهائية أرتعش دائما " ، بيد أن الرعشات تعتبر مظاهر مادية لاستعداده لانتاج نثر كهذا :


" مدينة يوربليندا – كاليفورنيا – عندما رأتهم الأمة مجتمعين اخر مرة ، كانوا رجالا من فولاذ بقصات شعر موحدة ، جبابرة وقتهم – وقت الواقعية والماء المثلج فى الأودة .

كم كانوا يتحدثون بشجاعة . كم كانوا يبدون بواسل .لقد تحدثوا عن القضاء على أعدائهم ، وعن القضاء على جداتهم ، إذا ما كان ذلك سيحقق لهم تقدما .

كانت أهدافهم أهداف عمالقة : ضبط البلاد ، والنتصار فى العصر النووى ، والهيمنة الاستراتيجية على العالم .

تجمع اليوم مرة أخرى جبابرة عصر نيكسون فى عصرية باردة وكئيبة على غير عادة الموسم ، وقد أصبح فيهم الان من ابيض شعره واخرون أصابهم الصلع ز لقد أصبح فولاذهم صدئا وبدأت جلودهم بالترهل وضعف بصرهم .

لقد كانوا مدعويين الى التفكير فيما تؤدى اليه القوة " . يفصح فون دريهل عن أسرار الاستعداد ، فعمل كهذا ليس من قبيل المصاددفة .

فهو تحت الضغط يرجع الى الاساسيات ، ويفكر فيما حصل ، وأين تكمن أهميته ، وكيف يمكنه تحويله إلى قصة .

ويقول فون دريهل : لابد له من أن ينجز ما يكفى من العمل ، حتى يستطيع الإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة :

اولا - ما الغرض ؟

ثانيا – لماذا تروى هذه القصة ؟

ثالثا – مالذى تقوله هذه القصة عن الحياة والعالم والعصر الذى نعيش فيه ؟

أنهى هذا الفصل بقصة مراسل وروائى أجنبى شهير ، " هو لورانس ستولينجز " الذى كلف فى العام 1925 بتغطية مبارة كرة قدم أمريكية جامعية كبرى بين بنسلفانيا وإلينوى .

وقد كان نجم تلك الأيام هو اللاعب " ريد جرانج " . المعروف بلقب شبح الجرى " . لقد أبهر جرانج الجمهور بهجمة لمسافة 363 ياردة ، أدت إلى فوز غير متوقع لإلينوى على بنسلفانيا بنتيجة قوامها 2- 42.

كان الصحافى والمؤلف الشهير مرتعبا .وكتب " ريد سميث " أن ستولينجز كان " يقبض على شعره " ويذرع مقصورة الصحافيين ذهابا وايابا ، مرددا : " كيف يمكن لاى شخص أن يغطى هذا الحدث ؟ " " إنه لحدث عظيم جدا " ، " لا أستطيع أن أكتب عنه " ،

خرجت هذه الكلمات من رجل كان يغطى أحداث الحرب العالمية الأولى .

كان يفترض على شخص ما أن يقتبس له من شكسبير قائلا " الاستعداد هو كل شىء" .

والى الأداة الثانية والأربعون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في