الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمين عام حزب الله -حسن نصر الله - مر من هنا!

علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)

2022 / 2 / 13
الادب والفن


كان المكان على شكل بناية من دون طوابق ذات أربعة مداخل ، المدخل الغربي و الشرقي و الجنوبي و الشمالي ، البناية لم تُبنى بالإسمنت ، و لا هي مصبوغة بأي لون ، بل مبنية بالتراب كأنها من صلصال كالفخار، لونها ترابي طبيعي ، و هي بناية متواضعة لا تشبه بنايات المدينة ، ولا بناية القرية النموذاجية ، بل تشبه دوارا بسيطا متواضعا لن يسكنه سوى الفقراء. تظهر البناية على شكل سوق صغير داخل قيسارية شبه تجارية متواضعة ، تتوسطها ساحة وكأنها لسوق فارغ و خالي حينها من البشر، إذ غادر الجميع المكان، كل أبواب الدكاكين التي تتكون منها تلك البناية مغلوقة ، موصدة وهي تطل على تلك الساحة الفارغة ، مررت الليلة الماضية بالممر أو الشارع أو الزقاق الموازي و الجانبي لتلك القيسارية ، و لم يظهر لي في البدء سوى رجل أكيد أنه ليس من المنطقة يمشي وحيدا بخطى ثابتة متتاقلة و كأنه يتجول أو يعاين المكان ، كان يرتدي لباسا أسود اللون يشبه السلهام ، يتوسطه جلباب داخلي ناصع البياض ، حدقت بعيناي من بعيد في لحيته الطويلة ذات لونين مختلفين ، لون الشيب الأبيض أو الرمادي إلى جانب اللون الأسود ، كان لون وطول لحيته تلك لا يختلفان عن لون و طول شعر رأسه ، قلت في نفسي : هذا الرجل أعرفه حق المعرفة لكن أين و متى ؟ حين أمعنت نظري في وجهه و لباسه و قامته و أنا في مسافة بعيدة منه ، تأكدت على أنه بالفعل أمين عام حزب الله اللبناني " حسن نصر الله " الذي أعرفه حق المعرفة عبر مختلف وسائل الإعلام كعدو للصهاينة اليهود و العرب و الأمريكيين و الأوروبيين منهم.
كنت ارافق طفلتي الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها سبع سنوات بعد و هي تسوق دراجتها الهوائية بجانبي مرافقة لخطواتي كظلي الوحيد ، كانت عيناي مركزتان على تحركات حسن نصر الله و هو يمشي في مكان غير معبد ، لكنه يشبه مُفترق الطرق ، ثم عرج نحو زقاق أخر على يميني بعدما غادر تلك القيسارية الفارغة ، فجأة رأيت سيارة على شكل نصف الحافلة ، ذات نوافد صغيرة شبيهة بالسيارة التي تُنقل السجناء من سجن لأخر ، كادت تلك السيارة أن تصدم حسن نصر الله ، اعتقدت أنه لم يراها قادمة نحوه حيث تباطأ في مغادرته الطريق الذي كانت ستمر منه تلك السيارة ، لكنني تأكدت فيما بعد أنه قد شاهدها بأم عينيه قادمة في اتجاهة ، و لكنه لم يبالي بها ، ربما لكونه قد تأكد أنها ليست سيارة الأعداء الذين يبحثون عنه في كل مكان. مرت تلك السيارة متجهة نحوي. غادرت الطريق بسرعة مع طفلتي قبل وصول تلك السيارة إلى المكان الذي كنت متواجدا به.
نظرت نحو يميني فظهر لي رجل أخر بلباس عصري لا يبعد عني سوى بمترين أو ثلاثة أمتار ، بينما لايزال حسن نصر الله يمشي أمامنا ، لا يبعُد عنا سوى بحوالي مائة متر ، قلت في نفسي ربما أن هذا الرجل الذي يمشي متوازيا معي بجانبي قد يكون متخصصا و ساهرا على حراسة و أمن حسن نصر الله ،حدقت فيه طويلا للحظات مراقبا تحركاته وسكناته متسائلا بيني و بين نفسي في الخفاء : كيف لهذا الرجل أن يبتعد كل هذه المسافة عن الهدف الذي يحرسه إن كان كذلك؟ فجأة إنحنى الرجل ليحزم حذائه ، وتبين لي أنه رجل غريب لا أعرفه ، ولا يهتم حتى بتواجد حسن نصر الله بعين المكان ، بل لم ينتبه حتى إلي و أنا أنظر إليه بجدية و انتباه ، و كأنني أراقبه.
اتجه حسن نصر الله يمينا بنفس الخطوات المتباطئة نحو زقاق أخر و اختفى عن الرؤية كما تختفي الشمس لحظة الغروب ، لم تمض إلا ثواني معدودة عن إختفائه عن الرؤية حتى عم ضجيج سيارة صغيرة و هي تعبر الزقاق بسرعة مُفرطة ، وأضواء انذارتها تضيء المكان بلونها الأزرق متجهة صوب المكان الذي كنت أتواجد به تاركة خلفها حسن نصر الله ، حاولت التأكد من السائق حين مرت السيارة بجانبي ، عندئذ تأكدت أن السائق يرتدي بذلة الشرطي ، الذي كان يسوق تلك السيارة بسرعة جنونية ، كنت أخشى أن يكون من الشرطة الإسرائلية فيقبض على حسن نصر الله أو يصيبه بمكروه ، لكن البذلة التي كان يرتديها ذلك الشرطي ظهرت لي شبيهة ببذلة الشرطة الإيطالية أو الإسبانية حسب لون السيارة التي يقودها ذاك الشرطي الوحيد الذي كان يسوق بيد حاملا جهاز الإتصال بيده الأخرى ، و هو لا يتوقف عن الكلام مع جهة ما، خطفت طفلتي مُبعدا إياها عن سير تلك السيارة كي لا تصاب بسوء ، قلت في نفسي إلى اي اتجاه تسير هذه السيارة ؟ إذا علمت بتواجد حسن نصر الله بعين المكان فإن العمى قد أصاب بصيرة الشرطي ، و الخير في ذلك أنه لم ير عدوه ، ولكنه تبين لي في الأخير أن الشرطي كان يطلب الدعم ، و المساندة ، و التدخل السريع لمحاصرة المكان.
حينئذ شاهدت على التو عودة حسن نصر الله بنفس الخُطى المُتباطئة وهو يعود حيث أتى نحو نفس بناية القيسارة ، أخبرته مُنبها إياه بإشارة من يدي على أن المكان محاصر ، ابتسم ورد بإشارة فهمت من خلالها على أنه يدرك الأمر و لا يخشى ذلك ، فجأة سُمع ذوي إطلاق الرصاص ، وعم الدخان الكثيف ، أدركت أن الغرض من ذلك الدخان هو تعطيل الرؤية و التمويه ، إمتلأ المكان بمختلف أنواع الشرطة و الجيش حيث صار الرصاص مصبوبا نحو أبواب الدكاكين المغلوقة بتلك القيسارة ، ابتعدت عن المكان رفقة طفلتي الصغيرة ، و رأيت ناس أخرين لم يكونوا بعين المكان من قبل يفرون بدورهم في اتجاه مكان أمين بعيدا عن بناية تلك القيسارية ، و بالضبط عبر الدرب أو الزقاق أو الشارع الذي عاد منه حسن نصر الله نحو تلك القيسارة التي خرج منها في البداية.
توقف سماع ذوي الرصاص المصبوب ، وانسحب الدخان الكثيف الذي خيم بعد قليل عن المكان ، حينها قررت دون خوف و لا فزع العودة حيث جئت ، أمسكت يد طفلتي متجهين صوب بناية تلك القيسارية التي استُهدفت بعد قليل ، قطعت نصف المسافة ، عندها تذكرت أنني قد نسيت دراجة طفلتي خلفي ، نسيتها بالمكان الأمين الذي إلتجأ إليه الفارون من الرصاص ، عدت بدراجة طفلتي ، وتجولت جانب تلك القيسارية من جديد ، لم أر أحدا ممن كان يطلق الرصاص ،بينما رأيت أبواب دكاكين تلك القيسارية و هي مثقوبة ، حيث صارت شبية بالغربال من جراء طلقات الرصاص ،لم يراودني سوى السؤال : أين إختفى حسن نصر الله ؟ وهل مسه سوء من جراء ذاك الرصاص المصبوب؟
استيقظت من كابوس مزعج فوجدت نفسي على سرير نومي بأمستردام ، في الصبح علمت من خلال أسرتي على أنني كنت أنادي طفلتي بالإسم بصوت مرتفع و أنا نائم. حينها قررت أن أدون هذا الحلم الغريب متسائلا : كيف ولماذا حلت هذه الواقعة التي فرضت نفسها على نومي و منامي واللاشعوري للحظات ، وما علاقة هذا الحلم بأمين عام حزب الله ؟

أمستردام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل