الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالم النظام الاجتماعي المعاصر / 25

رياض عبد الحميد الطائي
كاتب

(Riyad A. Al-taii)

2022 / 2 / 13
السياسة والعلاقات الدولية


ثانيا ) رؤية حول ( نظام الدولة والسلطة السياسية )
في هذا المقال نعرض رؤيتنا حول الدولة والسلطة واسلوب التداول السلمي للسلطة ونظام الحكم ، وكذلك رؤيتنا حول اسلوب الانتخابات الحرة التي تتوفر فيها معايير النزاهة والشفافية والحيادية
ـ انظمة الحكم في دول العالم على انواع فهناك نظام الحكم الوراثي وهناك نظام الحكم الانتخابي ، نظام الحكم الوراثي هو نظام حكم العائلة والذي قد يكون ملكي او شبه ملكي او يكون رئاسي ، اما نظام الحكم الانتخابي فهو نظام الحكم الجمهوري ، الذي قد يكون نظام رئاسي او نظام برلماني ، بالنسبة لنظام الحكم الوراثي فهو يعتمد مبدأ تداول السلطة بطريقة سلمية وتلقائية من الحاكم ( بصفته ملك ، او أمير ، او رئيس ) الى الحاكم الجديد الذي يكون عادة ابن الحاكم السابق ، نظام الحكم الوراثي يقوم على فكرة تداول السلطة وفقا لمبدأ الوراثة فيعين الحاكم احد ابنائه او أحد اقربائه المقربين بمنصب ولي العهد او نائب الرئيس ليكون حاكما من بعده ، وطبعا يتم صياغة دستور الدولة بما يتوافق مع مصالح العائلة الحاكمة في ضمان توارثهم للحكم ، هذا مع العلم بان في نظام الحكم الوراثي ليس هناك فترة محددة للحاكم لبقائه في السلطة او في منصبه كحاكم ، فالحاكم يبقى في السلطة حتى وفاته الا اذا تنازل عن السلطة لاي سبب من الاسباب او ربما خلعه بالقوة ، ويحدث نفس الشيء حتى في بعض انظمة الحكم الانتخابية حيث يحصل تدخل من قبل السلطة الحاكمة لتوجيه مسار الانتخابات باتجاه التجديد للحاكم في كل مرة وهكذا يبقى الحاكم في السلطة حتى وفاته او حتى خلعه بالقوة
ـ بالنسبة لرأينا حول انظمة الحكم الوراثي نرى ان هذا النوع من انظمة الحكم لم يعد مقبولا في عصرنا الحالي ، فكلمة توريث تعني ان هناك ممتلكات ( ارث او تركة ) تعود لصاحب الارث تنتقل تلقائيا الى ابنائه من بعد رحيله ، ولكن الوطن ليس ممتلكات تعود الى الحاكم السابق لكي يدار بالوراثة ، والشعب ليس ممتلكات تعود الى الحاكم السابق لكي يحكم بالوراثة ، في الحقيقة ان فكرة توريث الحكم من الحاكم الاب الى الحاكم الابن هي فكرة قديمة جدا تعود الى بدايات تأسيس الدول او الممالك في الحضارة البشرية قبل الاف السنين ، حيث ارتبط نظام التوريث بفكرة ان مالك السلطة له الحق في تنصيب من يختاره ليكون خليفته في السلطة من بعده ، وان فكرة السلطة ظهرت من بعد ظهور القرى في المجتمعات البشرية البدائية وظهور شيخ القرية او زعيم القرية الذي يتحكم في ادارة شؤون مجتمعه ، ثم جاءت مرحلة قيام المملكة الكبيرة او الدولة الكبيرة التي تضم تجمعات بشرية من عدة قرى والتي توحدت على يد القائد او الزعيم المؤسس للدولة فاصبحت الارض الموحدة وما عليها من البشر والشجر والحجر ملك للقائد او للزعيم يرثها لابنائه من بعده ، مثل هذه الشخصيات التاريخية اعتبرت رموز تاريخية ومنحت حق البقاء في السلطة لقيادة الدولة ويتم انتقال السلطة الى ورثة الحاكم كما تنتقل ممتلكاته الاخرى اليهم ، ان فكرة توريث السلطة من الحاكم الاب او الحاكم الابن من بعده كانت في الماضي مقبولة بحكم واقع العبودية بين البشر من جراء الجهل والتخلف ، ولكن في عصرنا الحالي تغير وعي الشعوب وتغيرت رؤيتهم ومفاهيمهم نحو انظمة الحكم ، وبالتالي اصبحت هناك حاجة لاحترام ارادة الشعوب في حرية الاختيار وفي المشاركة في صنع القرار وتحمل المسؤولية ، ان فكرة انتقال الحكم او العرش من الحاكم الراحل الى ابنه بحجة كون الحاكم الجديد من احفاد او من سلالة الزعيم الرمز التاريخي .. هذه الفكرة لم تعد مقبولة حتى لو كان الحاكم يتقلد منصب شرفي او رمزي لا سلطة فعليه له ، زمن الرموز قد انتهى ولا يصح ان تبقى عملية توارث الرموز ، وحتى ايضا لو كان هذا الحاكم عادلا ونزيها ومخلصا ويستحق ان يتقلد هذا المنصب وان يظل حاكما طوال حياته ، الخطأ في الاسلوب يجب ان لا يحصل الحاكم على منصبه الا عن طريق الانتخابات المعبرة عن ارادة الشعب ، انتهى زمن توارث السلطة عن الزعماء الرموز او الآباء المؤسسين للدولة ، ليس من المعقول ان يظل تداول السلطة بين احفاد الزعيم الرمز الى الابد ، نحن لا ننكر المكانة الكبيرة للآباء المؤسسين لدولهم او الزعماء الرموز ، تلك المكانة محفوظة في ضمير شعوبهم ويبقون رموز كبيرة في تاريخ بلدانهم ولكن فكرة تداول السلطة تلقائيا فيما بين ابناء او احفاد الزعيم الرمز او المؤسس تعبيرا عن الوفاء لذلك الزعيم الرمز اصبحت فكرة قديمة ولم تعد تتفق ومفاهيم وقيم عصرنا الحالي ، مبدأ توريث الحكم او تداول السلطة بالوراثة لا يتفق مع مبدأ حرية الاختيار وحرية القرار للشعوب وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، يجب ان يتولى الشعب مسؤولية اختيار حاكمه من خلال صناديق الاقتراع وبشكل مباشر لكي يشعر بحريته في ممارسة حقه بالاختيار والقرار ويتحمل مسؤولية اختياره فتنمو لديه صفة الشعور بالمسؤولية ، يجب احترام ارادة الشعوب واحترام حرية الشعوب في التعبير وفي ابداء الرأي وفي صنع القرار وفي تحمل المسؤولية ، في عصرنا الحالي اصبحت الشعوب اكثر وعيا وادراكا لمصلحتها وهي صاحبة السلطة وصاحبة القرار ولم تعد هناك حاجة لحكم ورثة الزعيم الرمز ، فالشعوب نضجت بما يكفي لادارة شؤونها بنفسها دون وصاية من ورثة الزعيم او القائد الرمز التاريخي المنقذ لشعبه ، يجب ان لا يتولى الحاكم منصبه الا من خلال انتخابات عامة حرة ونزيهة وشفافة لكي يشعر الشعب بانه صاحب القرار والاختيار ، وكذلك لكي يشعر الحاكم بالمسؤولية تجاه الناس الذين انتخبوه تعبيرا عن ثقتهم به ويجب ان يكون عند حسن ثقة شعبه به ، في عصرنا الحالي يجب ان يختار الشعب حاكمه من خلال الانتخابات الحرة والمباشرة ، وان يكون الشعب مسؤولا عن اختياره ، وعندما يختار الشعب حاكمه من خلال انتخابات حرة ونزيهة فانه يصبح ملزما بتحمل نتائج اختياره ، وهذا هو الدرس المهم من دروس تنمية وتقوية الشعور بالمسؤولية لدى الافراد في منظومة المواطنة
ـ نرى ان النظام الجمهوري هو نظام الحكم المتوافق مع متطلبات العصر ، وبالنسبة للبلدان النامية فاننا نرى بان النظام الجمهوري الرئاسي يكون افضل من النظام الجمهوري البرلماني ، لان البلدان النامية تكون عادة متخمة بالاحزاب السياسية وهذا ما يشكل عبأ على الحياة السياسية وعرقلة للاستقرار السياسي ، للاسف ان التعددية في الحياة السياسية في البلدان النامية هي نقمة على البلد فتنعكس سلبا على طريقة اداء البرلمان الذي يتحول الى ساحة صراعات وتجاذبات بين المختلفين وبالتالي يتعثر اداء الحكومة ، لذا ينصح باعتماد النظام الجمهوري الرئاسي هذا ويجب ان تحدد للرئيس مدة اشغاله لمنصبه بما لا يزيد عن عشرة سنوات وتثبت هذه المدة في الدستور ، وعندما تنتهي ولايته يرحل بسلام ليحل محله رئيس جديد يتم انتخابه من قبل الشعب في فترة رئاسية جديدة وهكذا تستمر الدولة في نظام الحكم ، في نظام الانتخابات الرئاسية يجب عدم السماح لاي قريب من اقرباء الرئيس او من اقرباء زوجة الرئيس ولغاية الدرجة الرابعة ان يرشح نفسه لمنصب الرئيس اللاحق بعد انتهاء فترة ولاية قريبه الرئيس السابق .. لكي لا يسود نظام حكم العائلة والذي هو احد اشكال الحكم الوراثي
ـ ان وجود عدة مكونات دينية او مذهبية او قومية او عرقية لشعب ما يجب ان لا يدفع الدولة الى اتباع اسلوب توزيع المناصب العليا بين المكونات وفق نظام المحاصصة ، نظام المحاصصة او اسلوب توزيع المناصب حسب انواع واحجام مكونات المجتمع هو اسلوب غير صحيح وغير لائق ويعكس انعدام الثقة بالاشخاص الذين ينتسبون للمكونات التي توصف بالاقلية في وجودهم في المناصب العليا ، جميع المكونات في المجتمع هم ابناء وطن واحد ، يجب ان تكون الكفاءة هي المعيار الوحيد لمنح المناصب في الدولة ، وعندما يتصرف اي مسؤول في الدولة مهما كان منصبه بما يخالف الدستور فان واجب البرلمان هنا مسائلة ذلك المسؤول وسحب الثقة منه اذا ثبتت مخالفته ، المناصب العليا في سلطات الدولة يتم اشغالها عن طريق الانتخابات وليس التعيين ، والترشيح في الانتخابات يجب ان يكون مفتوح للجميع دون تفرقة او تمييز ، فاذا استطاع مرشح من مكون الاقلية ان يفوز من خلال الانتخابات بمنصب رئيس الدولة فان ذلك دليل استحقاقه لكفائته ورضا الاغلبية عنه ، فاذا اختارت الاغلبية من الشعب مرشح من مكون الاقلية لمنصب رئيس الدولة فيجب احترام ارادة الاغلبية ولا داعي لشعور المرشحين الخاسرين بالغبن او بالحرج او بالعار من انتخاب مواطن من مكون الاقلية رئيسا للدولة طالما ان اغلبية الشعب منحوا اصواتهم له تعبيرا عن ثقتهم به لجدارته ، ان وجود برلمان فعال يقوم بواجباته بكفاءة في مراقبة اداء الحكومة هو صمام أمان للعملية السياسية ولا داعي للقلق من انتخاب رئيس من مكون الاقلية ، المسؤولية تقع على عاتق البرلمان في الرقابة والتفتيش ومسائلة المسؤولين بجميع مناصبهم في حالة التقصير بواجباتهم ، وحينئذ لن تكون هناك حاجة لاتباع اسلوب المحاصصة في توزيع المناصب ، ولكن النصيحة للرئيس المنتخب او لرئيس اي سلطة من سلطات الدولة عندما يقرر ان يختار نائبا له ان يختاره من المكون الاخر لغرض اظهار صورة الوحدة الوطنية في تشكيلة الحكومة .
يتبع الجزء / 26








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران