الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوهم الفلسطيني الرسمي في فهم السياسة الاسرائيلية

ايمن ناصر

2022 / 2 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


المتتبع للمارسات العملية وحديث المستوى الرسمي الفلسطيني في موضوع العلاقة مع الاسرائليين وحكوماتهم وما انبثق عن ذلك من لجان لتطوير العلاقات يعكس الهوة في منهجية التفكير السياسي للقيادة الفلسطينية في تعاملهم مع الحالة السياسية الاسرائيلية على مدار عقود، وما جملة اللقاءات الاخيرة ما بين مسؤولين فلسطنيين ووزراء اسرائيلين إلا ترجمة لذلك، هذه اللقاءات مبنية في جوهرها على فلسفة امكانية التوصل الى حلول سياسية عادلة مع دولة الاحتلال، وهذه واحدة من سيل جارف من كتل الوهم الذي بني في رؤوسنا، هذا الوهم الذي تبلور في ظل عجزنا عن فهم السياق والوظائف لمشروع دولة الاحتلال.
وحتى يكون ما نرمي اليه اقرب للفهم نسوق حدثين لعلهما يشكلان مقاربة تسهم في فهم كيف يفكر الاحتلال وبالتالي كيف علينا ان نفكر . الحادثة الاولى كانت في العام 1962 وكما اشارت وثائق الامم المتحدة، فإن احد الفلاحين من قرية كفر كلا اللبنانية كان يملك حمارة، وفي احد الايام دخلت الحدود الفلسطينية اللبنانية وبعد فترة عادت الحمارة الى مالكها فما كان من دولة الاحتلال إلا ان تقدم شكوى واحتجاج عبر الامم المتحدة مطالبة باعادة الحمارة اليها مسوغة ذلك بان الحمارة حامل من حمار اسرائيلي، وبعد مفاوضات مع المالك تم الاتفاق على أن تعاد الحمارة الى الجانب الاسرائيلي الى ان تلد، بعد اشهر ولدت الحمارة وعادت مع ابنها الصغير الى مالكها اللبناني، فعادت اسرائيل وطالبت بالحمار الصغير واعادته اليها.
خلاصة القصة ان الاسرائيليين ليس لديهم اي استعداد للتنازل عن اي شيئ، والاكثر من ذلك فانهم اسياد من يصادر حقوق واملاك الاخرين.
الحدث الثاني وكما ورد في كتاب نيران صديقة لرئيس الشاباك الاسرائيلي السابق عامي ايالون، وفقا لما اشار فإن قوة اسرائيلية خاصة بقيادة رفائيل ايتان والذي اصبح لاحقاً رئيس لهيئة الاركان وقائد سياسي، دخلت الى الجنوب اللبناني في بدايات الثمانيين للقيام بعملية اغتيال لشخصيات فلسطينية، الجنود سألوا رفائيل ايتان قائد القوة ما هي معايير اطلاق النار ، فقال لهم فقط من لا يطلق عليه النار من يحمل بلالين الاحتفال بأعياد الميلاد، وفي تلك الحادثة اجبرهم على اطلاق النار على عزل كانو يرتادون مقهى .
خلاصة الحدث ان الاسرائيلين لا يرون في الفلسطينيين او غيرهم بشر يستحقون الحياة، بل هدف سهل للتنكيل والتقتيل دون وازع او تأنيب ضمير .
المتتبع لسياسات الحكومات المتعاقبة وبكل الوانها سيجد ان الاسرائيليين لا يرون في الفلسطينين اصحاب حق في الحياة والحرية والسيادة ولا يمكن ان يروا فيهم شركاء لاي صيغة من الحلول التي يمكن ان تصل الى حد التنازل عن اي جزء من السيادة الاسرائيلية على الاراضي المحتلة، ومنذ اتفاقات كامب ديفيد وقبلها مرورا بمشروع روابط القرى بدايات الثمانين الى اوسلوا ويومنا هذا، ما تراه اسرائيل لا يتعدى اصلاحات اقتصادية ودعم محدود يهدف الى امتصاص اي امكانية لتطور وعي ومطالب وطنية للفلسطينين، في اللقاءات الاخيرة فقط يتم الحديث عن ترتيبات امنية وحلول اقتصادية وتسهيلات هادفة الى تعزيز المنفعة والاستثمار لفئة صغيرة تجد في معانات العمال والفقراء فرصة للاستثمار والربح المتوحش .
قديماً قيل على لسان احد الفلاسفة " حتى تكون سياسياً بشكل جيد عليك ان تكون قارئ للتاريخ بشكل جيد"، والمتتبع لجملة السياسات التي اتبعتها وتتبعها القيادات الفلسطينية ليس في المرحلة الراهنة بل اعمق من ذلك منذ بدء الهجرة الصهيونية الى فلسطين مرورا ببدء نشاط الهجرة في الثلاثينيات من القرن الماضي سيجد ان التعامل مع الحركة الصهونية ولاحقاً امتداده دولة الاحتلال لم يكن مبنياً على فهم عميق ودقيق لطبيعة العدو، لذلك كان الاخفاق في ادارة الصراع بعد ما يقارب من 140 عام من بدء الهجرة الصهيونية .
الحكماء قديماً قالوا اعرف عدوك، ليس من باب الاطلاع والترف، بل لان ذلك ضرورة مقررة لامكانية حسم الصراع ام لا، فغياب الفهم المطابق لطبيعة العدو سيجعل منا ممارسيين لسيل كبير من الاخفاقات والخطايا التي تنذر بتبديد كل الجهد وتجعل من ممكنات المواجهة والانتصار فرصة متخيلة غير قابلة للحضور وبالتالي زرع اليأس وفقدان الامل من اي فرصة للانتصار .
اليوم في الواقع الفلسطيني المعاش نجد ان الثقة بالاحتلال ومسؤوليه وامكانيات لقائهم والسعي لذلك هو اقرب بكثير اتجاه مكونات أخرى من ابناء شعبنا، وهذا السلوك ليس نابع فقط من اعتبارات منفعية وتقاطع مصالح لثلة من المستقيدين ولكنه فوق ذلك واعمق منه ترجمة فعلية لطبيعة فهم راسخ في ذهنية البعض اتجاه العدو وطبيعيته التكونية، فالتشوه والانحراف في المفاهيم يتولد عنه فعلاً مشوهاً، ومجهضاً للكثير من الفرص التي من شأنها ان تراكم على طريق الاستقلال والحرية.
كثيرة هي المتطلبات اللازمة حتى نتمكن من تجاوز هذه الثغرة في الفهم والممارسة، ولكن متابعة ما يحدث في دولة الاحتلال والاضطلاع على اوضاعهم الداخلية من شأنه ان يعزز مستوى الفهم لدينا والى ذلك لا بد من العودة الى قراءة مرجعيات تفكيرهم حتى نكون اقرب الى المعرفة، فهم نتاج سياق طويل من التداخلات الاعتقادية ( الميثولوجية) والدينية الساسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح