الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سينجح بوتين في استغلال الأزمة الأوكرانية لاستعادة دور وهيبة روسيا كدولة عظمى؟

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2022 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يراقب العالم بفزع تدحرج الأزمة الأوكرانية ككرة الثلج، وتحولها إلى أزمة دولية تهدد باندلاع مواجهة بين روسيا من ناحية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى، وحدوث أعظم قتال دموي مدمر يهدد السلام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية. فلماذا صعدت روسيا هذا النزاع وما هي الأهداف التي تحاول تحقيقها؟
للأزمة الأكرانية جذورها التاريخية والداخلية والسياسية والاقتصادية العميقة. فقد كانت أوكرانيا جزءا من الإمبراطورية الروسية لعدة قرون قبل ان تصبح جزءا من الاتحاد السوفيتي؛ وعندما تفكك وانهار عام 1991، أصبحت دولة مستقلة والغت النظام الشيوعي الاشتراكي واستبدلته بنظام ديموقراطي راس مالي. وهي بلد متعدد الأعراق والأديان واللغات، ومنقسم بين شرق يتكلم سكانه الروسية ويرون في روسيا بلدهم الأم وامتدادهم الثقافي، وبين غرب يتكلم سكانه اللغة الأوكرانية ويحلقون نحو الغرب وأوروبا، ويرغبون في الانضمام للاتحاد الأوروبي و "حلف شمال الأطلسي .. الناتو."
لكن جذور النزاع السياسي الحالي بين أوكرانيا والاتحاد الروسي تعود إلى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 بعد ان قرر الرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يانوكوفيتش الموالي لروسيا تعليق الأعمال التي كان من المتوقع ان تؤدي إلى توقيع اتفاقية شراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي مما أدى إلى اندلاع مظاهرات شعبية دموية أدت إلى سقوط نظام بانوكوفيتش وهروبه من البلاد.
أما من الناحية الاقتصادية فأوكرانيا سوق واسعة للكثير من المنتجات الأوروبية، ولديها ثروات ومقومات اقتصادية تهم دول الاتحاد الأوروبي وروسيا؛ فهي تملك أرضا زراعية واسعة خصبة جدا حيث ان 55% من أراضيها قابلة للزراعة، بالإضافة إلى ان الغاز الروسي الذي يصل إلى العديد من الدول الأوروبية يمر عبر أراضيها.
أما من الناحية السياسية فإن روسيا التي تربطها حدود جوار مع أوكرانيا طولها 402 كم تخشى من وجود قوات معادية من " حلف شمال الأطلسي .. الناتو " على حدودها؛ ولهذا فإنها تطالب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بضمانات أمنية من أهمها وقف رسمي لتمدد " الناتو " شرقا، وتجميد دائم لتوسع قواعده في الأراضي السوفيتية السابقة، وعدم انضمام أوكرانيا إليه، ووقف المساعدات العسكرية الغربية لها، وفرض حظر على الصواريخ المتوسطة المدى في أوروبا خوفا من نشر صواريخ أمريكية على الأراضي الأوكرانية على بعد دقائق من التحليق إلى موسكو في حالة ضم أوكرانيا للحلف.
فهل ستحقق روسيا أهدافها من هذا التصعيد بقبول حل سياسي؟ يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا لا ترغب في التورط بصدام عسكري قد يقود لحرب عالمية ثالثة تدمر حاضر ومستقبل الجميع؛ والدليل على ذلك هو تصريحات الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون التي أشار فيها إلى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد له ان القوات الروسية لن تصعد الأزمة مع أوكرانيا، وكذلك المحادثة التليفونية المطولة التي ناقش خلالها بوتين مع الرئيس الأمريكي جو بايدن رغبة الطرفين في إيجاد حل سلمي للنزاع.
هذه الأزمة تشير بوضوح إلى أن بوتين، ضابط الاستخبارات السوفيتية السابق والدبلوماسي المحنك، يمارس سياسة حافة الهاوية بالتهديد والترهيب بهدف استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى لا تنحني لأحد، ولتعزيز صورته كقائد قوي وسياسي محنك قادر على مواجهة مخططات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا والانتصار لمصالح بلاده؛ فهل سينجح في ذلك؟ التطورات خلال الأيام القليلة القادمة ستتضمن الإجابة على هذا السؤال!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأثير مقتل رئيسي على المشهد السياسي في إيران| المسائية


.. محاكمة غيابية بفرنسا لمسؤولين بالنظام السوري بتهمة ارتكاب جر




.. الخطوط السعودية تعلن عن شراء 105 طائرات من إيرباص في أكبر -ص


.. مقتل 7 فلسطينيين في عملية للجيش الإسرائيلي بجنين| #الظهيرة




.. واشنطن: عدد من الدول والجهات قدمت عشرات الأطنان من المساعدات