الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية الإنسانية

عثمان بوتات

2022 / 2 / 14
حقوق الانسان


بالنظر لصيرورة الإنسانية نجد أن العنصرية كممارسة هي سلوك متأصل بهويتنا، وبعد التأمل بهذا السلوك من منظور أخلاقي بحت، نجد أنه ذو بعدين متناقضين؛ بعد أخلاقي، ولا أخلاقي. ما يجعلنا نتساءل متى تكون العنصرية أخلاقية؟ ومتى لا؟

عندما نتكلم عن ذلك التمييز العنصري الذي تمارسه الجماعات اتجاه المختلف معهم، سواءً كان عرقيًا، أو دينيًا، أو ثقافيًا... فنحن بوضوح أمام تلك العنصرية اللا أخلاقية. وهي النتيجة التي وصلت لها الإنسانية لحدود الوقت الراهن، بعد معاناة طويلة الأمد، عانى منها الأفراد المختلفين في لون البشرة، والاعتقاد، والميول الجنسي، إلخ... من قِبل الجماعات التي تمثل الأغلبية، تحت أيديولوجية تفرض ما يجب أن يكون ولا يكون.
وهذا بعد نضال طويل الأمد قاوم فيه المهمشون الأقلية بالمساواة بين كل الأفراد بمنطق أن الكل يستحق العيش دون تهميش وإقصاء، ماديًا كان أو معنويًا. ولا يمكن تناسي، في هذا الصدد، أنّ الفضل الأعظم قام به هؤلاء المفكرين والفلاسفة الذين إرتقَو باستخدام عقولهم، وجعلوا من هذا الأخير أعدل قسمة بين كل الناس. ففي النهاية العقل هو من يجعل منّا إنسانية ونتصرف بإنسانية وليس مجرّد بشر نتصرف كباقي الكائنات.

في المقابل، وبعد هذا الارتقاء الإنساني، لا يمكننا القول أنّ العنصرية كسلوك قد انتهت، بل العكس، لازالت -ولو بنسبة أقل- لكن بوجه آخر. الآن قد صارت مناقضة لما كانت عليه، الآن أصبحت فعل أخلاقي. اليوم أصبح الإقصاء والتهميش يمارس على من لا يتصرف بإنسانية، اليوم إذا تسببت في إيذاء الآخر تُهمَّش، إذا كنت إرهابيًا تهمش، إذا كان فِكرك يحث على عدم احترام الآخر وأفكاره تهمش، إذا مارست العنصرية إتجاه المخالف لك بعرقك ودينك وفكرك أيضًا تهمش وتمارس عليك العنصرية. الآن تمارس عليك العنصرية إذا لم تكن إنسانًا.

وهذا الإنسان الراقي الذي أصبحنا عليه اليوم ما يمكن اعتباره مرحلة متقدمة من الوعي، لكن لا أحد يقول أنه وعي مطلق، بل هو متغير ويتم تعديله باستمرار من طرف الشعوب التي تؤمن بالتغيير، وتتقبل وتمارس الانتقاد لأفكارها. وأمّا الشعوب التي تؤمن بأنها مصدر الأخلاق النبيلة ولها المعرفة المطلقة، فهي ببساطة عكس ما تدّعيه. هي شعوب لها حنين للماضي والأجداد ما يجعلها دائمًا في الحضيض، ثابتة بمكانها لا تتغير، ولم تصل لمرحلة الإنسان بعد. ولو وصلتها بعض الشرارات عبر العولمة والاستعمار من الغرب المتقدم، أثرت على تفتحها، لكن هذا لا يغير أنها لازالت لم تلامس أن تثور بنفسها فكريًا وترتقي، لا زالت لم تمارس فعل التفكير بنفسها.. هي الشعوب التي دائمًا تنتظر مرشد ليريها الطريق، حتّى في أبسط حيثيات حياتها اليومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني