الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيد القاضي زيدان ... مشروعكم لتعديل الدستور يتجاوز القانون وينتج عنه ابعاد سياسية

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2022 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


لم ولا اشك ابدا ، بنزاهة وحيادية ومهنية اي قاض عراقي ، وللقضاء في العراق ومنذ البدء تاريخ مشرف يليق بالعراقيين ورثة حمورابي الذي تعلم منه العالم فكرة التشريع . وحتى في العهد المظلم ابَان حكم البعث المنحل ، وما عدا المحاكم الخاصة والتي كانت تشكل خارج هيكلية القضاء ، كانت المحاكم تمارس عملها المعتاد بمهنية وحياد ، ولم يكن التدخل او التأثير على مهنية القاضي مقبولة ، لم تكن قرارات المحاكم خاضعة لغير سلطان القانون . واسوق هنا مثلا للتدليل على اقوالي وعزة النفس التي كان القضاة ولا زال يمتلكونها .
كنت امارس عملي ، محام في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ، في احدى المرات وانا اترافع في دعوى مدنية امام القاضي النجيب (غازي النقيب ) السامرائي ، حاول احد كوادر البعث الرفيعة في دهوك الدخول الى قاعة المرافعة والتوسط لطرف في الدعوى ، فخاطبه القاضي بكلمات لازالت ترن في اذني ، قائلا له (( اخرج قبل ان اضعك في گونية (كيس) وارمي بها الى الشارع )). ولابد ان زملائي المحامين يتذكرون الحادثة . وذات مرة شاهدت القاضي الجليل( وريا الجاف ) رئيس محكمة جنايات دهوك اواسط الثمانينيات وهو يطرد عنصرا خبيثا ينتمي للأمن ويقول له (( ايها المملوك ، لا اريد ان ارفع من شأنك بوضعك في السجن )) . وقلت عنصرا خبيثا حتى لا اعمم الحالة .
سيدي القاضي ، وانا لا اخاطب احد بكلمة سيدي ، غير القضاة ومسعود البارزاني وما ستوجبه القانون . اوافقك تماما ان الدستور يعتريه الكثير من النقص والتناقض ، وانه بحاجة لتعديلات واضافات ، كما اوافقك اننا وبسبب النقص الدستوري دخلنا مرحلة الاجتهاد ، وسبق لي ان كتبت على صفحتي في الفيسبوك ، بعد اخفاق مجلس النواب في اختيار رئيس الجمهورية خلال المدة الدستورية ، ل انه حصل خرق للدستور،وان كل ما يقال ويحدث في مجلس النواب والمحكمة الاتحادية بشأن رئاسة الجمهورية ، بعد هذا الخرق، هو من باب الاجتهاد في غياب النص . والمجتهد قد يصيب وقد يخطأ ، وفي الشريعة الاسلامية وهي مصدر التشريع (( للمجتهد ان اصاب أجران ، وان اخطأ له أجر واحد )) وهكذ كان ، فالمحكمة الاتحادية اجتهدت بشأن استمرار رئيس الجمهورية في مهامه ، ولم تستند الى الدستور وانما عللّت قرارها بالضرورة والمصلحة العامة ، وكذلك في اسبعاد السيد الزيباري من سباق الرئاسة ، فان المحكمة اجتهدت واضافت عرفا دستوريا الى شروط الترشح للرئاسة وهو (( لا حق لمن تم سحب الثقة منه لاي سبب من قبل مجلس النواب الترشح للرئاسة )) وسيكون قرارها بفتح باب الترشيح للرئاسة مجددا بعد انتهاء المدة القانونية اجتهادا ايضا ، وحسنا فعل المشرع الدستوري بالنص على قطعية قرارات المحكمة الاتحادية قطعل لخصومات ونزاعات قد تستغرق مددا طويلة وتشغل القضاء وتنهكه من غير حاجة .
سيادة القاضي زيدان : الامر الذي استغربه في دعوتكم او مشروعكم لتعديل الدستور ، هو عدم الاخذ بالحسبان ،ان بلادنا متعدد القوميات والطوائف ، وان الدستور او العراق الجديد مبني على مبدأ التوافق والشراكة بين المكونات ، دعوتكم لاصدار كل القرارات والتشريعات من مجلس النواب وفق الاغلبية المطلقة وفي مواضيع في غاية الحساسية والاهمية مثل انتخاب رئيس الجمهورية وتشريع قانون مجلس الاتحاد وقانون المحكمة الاتحادية وغيرها ، وبحجة تبسيط اتخاذ القرارات ، يحمل ابعادا سياسية خطيرة وينسف مبدأ التوافق والشراكة ويحرم الكرد والسنة والتركمان والاشوريين من كثير من حقوق المواطنة ومن مشاركتهم في العملية التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية ، او يجعلها عديمة الجدوى ، ويحصرالحكم والتشريع بطائفة واحدة تشكل اغلبية المجتمع العراقي التي يسهل عليها ان تشكل اغلبية مطلقة في مجلس النواب ، بينما يتعذر عليها ان تشكل ثلثي عدد الاعضاء مما يجبرها على اشراك الشركاء الاخرين في التصويت اثناء العملية التشريعية .
لا اشكك في نواياكم الحسنة مطلقا ، لكني وددت ان اذكر المعنيين بالاثار الخطيرة لتفكك المجتمع العراقي وتعرض وحدته الوطنية للصدع في حالة وضع مقدرات البلاد بيد مكون وحيد . فالديمقراطية هي حكم الاغلبية مع ضمانات للاقلية .
اسجل الاحترام للمحكمة الاتحادية على اجتهادها الموافق للدستور بوجوب حضور ثلثي اعضاء مجلس النواب كشرط لتحقق النصاب في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية . قرار المحكمة الرصين هذا يجعل من النسيج العراقي اكثر تماسكا ، وبعكسه اتخاذ القرارات المصيرية بالاغلبية المطلقة التي يمتلكها مكون معين يفكك هذا النسيج .
لا يخفى على احد ، ان تحصين القرارات وتعزيزها ومنحها القوة التي تستحقها بالتصويت عليها من قبل اكثر ما يمكن من عدد النواب ، لها من الاهمية ما يفوق اهمية تبسيط وتسهيل تشريعها.
ولك جلّ التقدير سيادة القاضي فايق زيدان .

تيلي امين
عضو نقابة المحامين العراقيين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عبيد الله النهري
د . قحطان احمد ( 2022 / 9 / 25 - 20:47 )
الاستاذ تيلي امين علي. المحترم هل ممكن التواصل مع سيادتكم حول دراستكم الموقره عن شخصية الشيخ عبيد الله النهري مع كل الاحترام والتقدير
[email protected]

اخر الافلام

.. تحقيق لبي بي سي يكتشف جريمة حرب محتملة لإسرائيل بقتلها فتى ف


.. غنائم روسيا من أسلحة الناتو




.. كولومبيا تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل


.. بايدن: المتظاهرون في الجامعات لهم حق في الاحتجاج، ولكن ليس ف




.. اشتباكات في لندن بعد محاولة منع ترحيل مهاجرين