الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السُّودانِيُّون والتفريطُ في حسم المُتأسلمين ..!

فيصل عوض حسن

2022 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في خضم انشغال السُّودانيين بالأزمات المصنوعة والمُتلاحقة، أصدرت إحدى المحاكم (الإسْلَامَوِيَّة)، حُكماً ببراءة المُجرم (المُتأسلم)، علي عثمان مُحمَّد طه وبعض أزلامه، من جميع التُهَم التي (تظاهروا) بتوجيهها لهم، في ما يخص الفساد ومُخالفات المال العام، وذلك لعدم كفاية الأدلة حسب زعم المحكمة (المهزلة)!
عن نفسي لم اندهش أبداً لأنَّني لم أُصَدِّق أبداً (التمثيليَّات) القائلة بسُقُوط المُتأسلمين، أو اعتقالهم ومُصادرة ما نهبوه، أو مُحاكماتهم الصُوُرِيَّة وغيرها من الدرامات، وحَذَّرتُ – في مقالاتٍ مُفصَّلة – من الوقوع في فخاخ هذه الأكاذيب، وقلتُ بأنَّ المُتأسلمين يحكمون البلد عبر أزلامهم العَسْكَر/الجنجويد، وبمُساعدةٍ وتنسيق مع حمدوك والقحتيين، الذين (خانوا) ثِقة الشعب السُّوداني وعَطَّلوا حِراكه النَّبيل، وأضاعوا الفرصة التاريخيَّة (الأبرز) لاقتلاع الكيزان وإعادة بناء السُّودان، على أُسُسٍ علميَّةٍ وإنسانِيَّةٍ وأخلاقِيَّةٍ وقانونِيَّةٍ سليمة. وفي الواقع، فإنَّ صدمتي الكُبرى تعودُ لاستسهال الغالِبِيَّة لهذه الخيانة، ولدَلالاتها ورسائلها الظَّاهرة والمُبَطَّنة المُؤكِّدة على (استخفاف) المُتأسلمين وأزلامهم بالسُّودانيين، وبالتضحيات العظيمة والرغبة الشعبِيَّة (المشروعة) في العدالة، واقتلاع الكيزان من الجذور ومُحاسبتهم ومُحاكمتهم على جرائمهم المُتراكمة.
استهدف بهذه المقالة تبرئة الذِمَّة، والمُساهمة في التنبيه والتوعية بخطورة (تَقَبُّل) براءة هذا المُجرم الإسْلَامَوي، ثمَّ وتوثيق هذا الانحطاط القضائي للتاريخ. وكما أوضحتُ، فإنَّ هذا الحدث وما سبقه من أحداث، يُؤكِّد أنَّ الأجهزة العدليَّة والقضائِيَّة (تفتقد) النَّزاهة والأمانة، ولا يمكن الاعتداد بأحكامها أو الوثوق فيها، وإلا كيف يُحاكمون مُجرم دَمَوي، كعلي عثمان، بهذه التُهم التافهة من أساسه، ثُم تبرئته منها بكل بساطةٍ وبرود؟ كيف يتجاهلون جرائمه العُظمى ضد السُّودان وأهله؟ ومن ذلك كمثال، إقرارات عَرَّاب المُتأسلمين الترابي (صوت وصورة)، بشأن تحريض علي عثمان وإشرافه المُباشر على مُحاولة قتل الرئيس المصري الأسبق مُبارك بأديس أبابا، وإهدار مبالغ مالِيَّة طائلة في هذه الجريمة، كان أولى بها السُّودان! والأخطر من الأموال، انعكاسات تلك الجريمة التي تَحَمَّلها الشعب السُّوداني وحده، حيث (صَمَتَ) المُتأسلمون عن التَغَلْغُل الإثيوبي في الفشقة وما جاورها حتَّى بلغوا منطقة الدِنْدِر، كما صمتوا على احتلال المصريين لكامل مُثلَّث حلايب وأجزاء واسعة من أراضينا النُوبِيَّة، بجانب العبث بمياهنا الإقليميَّة في البحر الأحمر، وهذا جُزءٌ بسيطٌ من الدَوَّامة التي أدخلنا فيها المُجرم علي عثمان وأعوانه بالعصابة الإسْلَامَوِيَّة! وهناك (تحريضه) السَّافر والمُوثَّق (صوت وصورة)، لقتل وقمع الشعب السُّوداني، على نحو مقولته المشهورة (Shoot to kill)، أو تهديداته باستخدام كتائب الظِل لإيقاف المَد الثوري المُتنامي. بخلاف إيعازه/إشرافه على التعذيب ببيوت الأشباح، وجلب الحاويات المشبوهة وتجاوزات المصارف والبنوك وامتلاك العقارات وغيرها.
هذه مُجرَّد نماذج لجرائم المُتأسلم، علي عثمان، وأي واحدة تُحتِّم إعدامه الفوري، وليس توجيه تُهَم تافهة ومنقوصة، ومليئة بالثغرات القانونِيَّة والإجرائِيَّة، حتَّى يُتيحوا له البراءة والاحتفاء بالنحو الاستفزازي الذي رأيناه، والذي سيتكرَّر حتماً إذا استمرَّت (غفلتنا/استسهالنا) لمُمارسات المُتأسلمين وأزلامهم! فعلي عثمان لم يكن الأوَّل ولن يكون الأخير، فقد سبقه عبدالله البشير الذي أُشيع بأنَّه (هَلَك)، حينما تمَّت تبرئته في قضيَّة شواهق، وهناك يُوسُف كِبِر وعبد الباسط حمزة ووالي سِنَّار الأسبق وبعض مُعاونيه، بمن فيهم وزير ماليته، وآدم الفكي الطيب والحاج عطا المَنَّان وغيرهم. بل هناك المُؤسَّسات الكيزانِيَّة، خاصَّةً الاقتصادِيَّة والإعلامِيَّة، التي ما تزال تعمل حتَّى الآن، تحت إشراف المُتأسلمين وأزلامهم، وهي جميعها مُعطيات تؤكِّد أنَّ المُتأسلمين (لم يسقطوا)، رغم تمثيليات الاعتقال والمُحاكمات (الصُورِيَّة)، وضجيج/تضليلات ما يُسمَّى لجنة التمكين وصراعاتها الجانِبِيَّة/الهايفة، لإلهائنا عن الحقائق (القاسية) وتشتيت قُوَّانا عن التغيير الحقيقي، الذي يقتلع المُتأسلمين من الجذور، ودونكم دراما الاعتقال الأخير لأعضاء ما يُسمَّى لجنة إزالة التمكين وبعض رموز قحت، بالتزامن مع جريمة تبرئة المجرم القاتل علي عثمان، والتي لم ينتبه إليها الكثيرون، بفعل الإلهاءات المُتلاحقة.
إنَّ تبرئة المُجرم علي عثمان تُثبت، وبما لا يدع مجالاً للشك، أنَّ العَسْكَر/الجنجويد يُنفِّذون أوامر المُتأسلمين، بجُرأة ترتقي لمُستوى الوقاحة، ولابد من مُناهضتهم واقتلاعهم بقُوَّةٍ وحزم، خاصَّة عقب احتفاء الكيزان بهذا الحُكم (المُخزي). ويُمكن القول، بأنَّ حكم البراءة هذا عبارة عن رسالة إسْلَامَوِيَّة لقياس ردود أفعالنا، فإذا (اسْتَخَفَّينا) بهذه الرسالة سيُكرِّرون (سَفاهاتهم)، ويُبرِّئون بَقِيَّة رؤوس الفجور الإسْلَامَوِي تباعاً، والذين أشك أساساً في (اعتقالهم) ناهيك مُحاكمتهم، ومن يتجَرَّأ ويُبرِّئ علي عثمان من جرائمه المشهودة، فلن يتردَّد في إعلان تبرئة البشير. والحقيقة التي يجب تثبيتها أنَّ المُتأسلمين ما كانوا سيفعلون ذلك، لولا تَخاذُل حمدوك وقحتيُّوه في مُحاسبتهم ومُحاكمتهم، ضاربين بنضالات وتضحيات الشعب عرض الحائط، مما يجعلهم في مكانةٍ واحدةٍ مع الكيزان، بعدما حَصْحَص الحق وتمايزت الصفوف، وبدت الحقيقةُ بلا رتوش.
إنَّ السكوت على (سَفاهات) المُتأسلمين وأزلامهم، يعني إهدار دماء وبطولات شعبنا الأبي، وتراخينا في حسمهم وقبول وجودهم في حياتنا، يعني المزيد من الدمار والحسرة والنَّدامة، و(الموت) جوعاً وفقراً وذِلَّة ومَهَانة وتشريد. فالموت سيحدث في الحالتين، سواء سكتنا أو واصلنا النضال لاقتلاع ورفض كل من ساهم في تأزيم أوضاعنا المُفزعة التي نحياها الآن بلا استثناء، ولكن الفرق أنَّ استمرار التصعيد والحشد الشعبي سيكون بمُقابل غالي، مُمثَّلاً في الحُرِّيَّة والانعتاق وإيقاف الموت والدمار نهائياً، أمَّا التراخي والقبول بهؤلاء فيعني استمرار الموت بلا مُقابل. ورغم أنَّ مذاق الغِش مُرٌ وقاسي، لكنَّ (اليقين) في ذاته جيد، فنحن تَيَقَّنَّا تماماً بأنَّنا خُدِعنا، وأنَّ علينا النَيْل ممن خدعونا، والقصاص منهم كلٌ حسب دوره ومسئولياته، وهذا يعني أنَّ القصاص يجب أن يطال القصاص الكيزان وأزلامهم، العَسْكَر/الجنجويد وحمدوك وقحتيُّوه وكل من عاونهم.
فلنترك مُبادرات الخِزي والعار، ونعمل على تكثيف التصعيد الثوري في جميع بقاع السُّودان، ونُعزِّز تحالُفنا وتَرابُطنا الشعبي، ونمنح ثقتنا كاملة للشباب الثوري (أصحاب الوَجْعَة) الحقيقيُّون، وندعمهم بكل قُدراتنا وطاقاتنا، باعتبارهم صُنَّاع التغيير الفعليُّون والبديل الأمثل لإدارة وتسيير السُّودان، وهذا مُمكنٌ جداً إذا توفَّر التنظيم المُتماسك والتخطيط السليم والمدروس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو