الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدرسة -العماالوية- ‘’ Operaismo - وسؤال العمل و التنظيم العمالي في العصر الحالي

ياسر مكوار

2022 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


كان العمل دائما يشكل جوهر الأدبيات الإقتصادية منذ عصر الثورة الصناعية. وتبقى المدرسية
الماركسية، الأكثر اهتماما بهذا الجانب، في سعيها الحثيث نحو نقذ " استغالل الرأسمالية "لميكانيزمات"
العمل، لأجل مراكمة الثروة، عمال بشعارها الدائم إن ’ النظرية الماركسية هي نظرية الطبقة
العاملة".
لكن العمل في عصر الثورة الصناعية والمصانع والوحدات الإنتاجية الكبرى، مر من تحوالت تكاد
تكون " ثورية قلبت كل الموازين، وجعلتنا أمام أشكال جديدة من العمل في القطاع الخدماتي مثال،
ناهيك عن العمل عن بعد في المحيط الرقمي، ثم الأعمال ذات الصبغة الثقافية.
ومع تفكك الوحدات الإنتاجية الكبرى، ومعها التنظيمات العمالية والنقابية التي كانت عادة ما ترافق
أشكال العمل المباشرة هذه ، أصبح العمل والإنتاج في شكله المعاصر، يتطلب مجهودا نظريا جديدا،
سواء ارتكن إلى الأسس " الليبرالية أو " الماركسية" .
ومن بين المدارس التي اهتمت بالعمل في العصر الحالي ذات الصبغة اليسارية و الماركسية ، المدرسة
" العمالوية" اإليطالية ‘’ operaismo ، "وتجدر الإشارة إلى أن ترجمة " operaismo "إلى
العماالوية"، اقتبسته من مقال ألستاذ " سامي الكيال" في مقال له على موقع القدس العربي تحت عنوان
1 "بلترة العمل الثقافي واستغالل منتجي الرموز والعواطف".

إن operaismo ليست بالمدرسة الحديثة إذ تعود جذورها إلى الحركة الماركسية الإيطالية خلال
الستينيات ، والزال أبرز روادها في تفاعل دائم مع القضايا معاصرة، وفي هذا المقال المخصص
لمجهودات هذه المدرسة في مجال العمل و المنظومات العمالية، سنتوقف عند " أنطونيو نيغري حول
المنظومات العمالية المعاصرة، وهو أحد أهم مفكري ورواد هذه المدرسة.
ومن بين أهم المفاهيم التي ابتدعتها هذه المدرسة خاصة مع " نيغري"، مفهوم "الحشد" الذي يحيل إلى
بنية متنوعة من األفراد الذين يمارسون أشكال متنوعة من العمل، سواء على مستوى "الإنتاج المادي" أو
"الغير المادي".
وكما جاء في أحد محاضرات " أنطونيو نيغري ’، فإن مفهوم الحشد، ليست بمفهوم شاعري، بل مفهوم
طبقي يحيل إلى مجموعة من التحوالت التي عرفتها الطبقة العاملة في العصر الحالي مقارنة بنظيرتها
في الماضي.
ويؤكد " نيغري" أن التنظيم العمالي عرف تغيرات كبيرة منذ مطلع القرن الثامن العشر إلى اليوم، كما
تغيرت معه البيئة السياسية والتقنية للطبقة العاملة وتغير أيضا وعي الطبقة العاملة بذاتها. وبالنسبة
"لنيغري" فإن استخدام مفاهيم " الطبقة العاملة و التنظيم العمالي"، بطريقة توحي بأننا أمام بنية
متماسكة متفردة، لم يعد مجدي اليوم، نظرالى أن المصنع لم يعد يوجد في قلب الإنتاج وإنتاج القيمة، بل
أصبح الإنتاج يشمل المجتمع في شموليته.
وبالتالي فمفهوم الحشد يضم حتى العمال الذي ينتحون " فائض قيمة" غير المادي، فهؤلاء يقومون
بعملية "إعادة الإنتاج ، أي إعادة انتاج قيم وأفكار معينة، ويعرف أنطونيو نيغري الحشد كذلك
كمجموعة من الفرديات المعرضة لإستغلال.
لكن ومع التجارب التي خاضتها مجموعة من الحركات الإجتماعية والتي ضمت أفراد عاملين من
خلفيات متنوعة، تبين حدود حدوث الإنسجام بينهم، للخروج بحراك متجانس كما كان الحال مع النقابات
العمالية. الشيء الذي دفع "نيغري" بنفسه في مؤلفه in operaismo movement in Marx
context ،إلى التراجع قليال عن مفهوم الحشد" ونحث مفهوم جديد وهو
الطبقة العاملة الإجتماعية .
ويسرد " نيغري" في مؤلفه الأخير مطوال مختلف التحولات التي شهدتها الطبقة العاملة " من جديد ،
ليقدم على شرح مفهوم " الطبقة العاملة الإجتماعية" ، والذي يؤكد المؤلف أنه مفهوم قائم على "
الحركية" دون زمان ومكان محدد ، على عكس مفهوم الطبقة العاملة كوحدة متماسكة و متجانسة ، و
التي كان يرتكز زمانها و مكانها داخل المصنع، أما نيغري فيقول أن الإستغلال اليوم لم يعد مقتصرا
على زمن العمل المادي، بل حتى الأوقات التي يقضيها الفرد خارج أوقات العمل حيث يقوم بإعادة إنتاج
مجموعة من القيم و الرموز و الدالالت التي يتعرض لها خالل حياته االجتماعية خاصة في الحقبة
الحالية التي تشهد تأثير كبيرا لتكنولوجيا، مما يتداخل في تكوين الرأسمال في العصر الحالي.
وفي تحديده لبنيية الرأسمال في العصر الحالي، يؤكد نيغري على تحول عالقات العمل من منتج
يفرد هيمنته، إلى عالقات تحمل مجموعة من المتناقدات يحافظ من خاللها مجموعة من المنتجين يفردون
نوع من الهيمنة في شروط سياسية واجتماعية معينة.
وينطلق المؤلف من الخلاصات التي جاء بها " ماركس" حول التحوالت التي تحدثها الألة في التجربة "
الأنطولوجية" للعامل، أي بصيغة أخرى حياته اليومية وتجاربه، كما ينطلق كذلك من دور "الفكر"
والعمل الذهني في الإنتاج والصناعة، الشيء الذي يقودونا إلى محاولة فهم أشكال جديدة من العمل
تحيط بواقعنا المعاصر، ومن جملة هذه المهن الذي يقدمها كمثال ، المهن الرقمية ذات العلاقة
"بالخوارزميات" باعتبار هذه الأخيرة منتوج ناتج عن قوة عمل اجتماعية" لعدد من المنتجين، و الفرق
هنا بين " الخوارزميات كمنتج رقمي و أي منتج مادي أخر، أن هذه الأخيرة تحمل فائض قيمة مفتوح و
مشترك بين المنتجين و المستخدمين، مما يهدم الحدود بين الحياة العملية و الحياة الإجتماعية.
وبوسعنا اختزال أبرز مساهمات المدرسة العمالوية في مجال العمل والذي يعد هذا المقال جزء يسير
وصغير من أفكار شاسعة بلورتها لعقود هذه المدرسة، في جعل الحياة الإجتماعية خارج ساعات العمل،
داخل منظومة " الإنتاج الرأسمالية"، مما يطرح إشكالية جوهرية تتعلق بقانون "فائض القيمة" أي كيفية
حساب قيمة العمل إذا كان شامال لكل مناحي الحياة المعاصرة دون زمان محدد؟
هنا لا يدعي أنطونيو نيغري" التوفر على إجابة واضحة، لكنه يعتقد أن أهم " قيمة" ينتجها العمل
الحالي هو إعادة إنتاج الذوات المعاصرة أنفسهم، أي إعادة إنتاج الإنسان بنفسه، وهو ما يفتح الباب أمام
موضوع اهتمت به هذه المدرسة وهو الشق المتعلق "بالسياسات الحيوية" والسلطة في العصر الحالي،
وهو ما قد نخصص له مقال لاحقا.
1 https://www.alquds.co.uk/%D8%A8%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A9-%
2 Antonio Negri,marx in movement 2022 Copyright © This English edition Polity Press, 2022.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | تعرف على أكثر ألعاب الموبايل ربحا في العالم


.. حماس: ورقة إسرائيل للتهدئة في قطاع غزة بها بنوداً -ملغومة-




.. خارج الصندوق | قرارات محتملة لترمب حال عودته للبيت الأبيض..


.. أزمة جوع.. 95% من السودانيين عاجزين عن توفير وجبة كاملة




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | سلسلة الإنمي الشهيرة -غريندايزر يو- ت