الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثبات المسافة بين المركز و الأطراف !

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يمكننا استنادا إلى روايات الأجيال التي عاشت في البلاد السورية ، في بداية القرن الماضي وقبله ، و هذا أمر طبيعي في ثقافة مُتناقلة شفاها ، تقل فيها الوثائق المكتوبة و يصعب الوصول إلي ما هو موجود ، أن نتخيّل علاقة متوترة بين سلطة الحاكم أو الأمير في عاصمته المركزية من جهة و بين السكان في أطراف الولاية أو الإمارة من جهة ثانية .

يمكننا القول باقتضاب أن هؤلاء السكان كانوا يتدبرون شؤونهم في قراهم بأنفسهم عندما كانت ملكية الأرض لهم ، ويخضعون للإقطاعي او للوكيل إذا كان الأمر غير ذلك . و في مختلف الأحوال كان المرء حراً ، يستطيع أحيانا الانتقال إلى ضيعة غير ضيعته الأصلية ، و أن يستقر فيها فيتزوج من بنات أهلها و يؤمن بما يؤمنون .

ما أود الإشارة إليه هو أن رابطة الفرد كانت مقتصرة على الجماعة في التي يعيش بينها في القرية . في حين أن علاقة الجماعة بالوالي ، كانت مباشرة او غير مباشرة بواسطة وكلائه ، و أنها كانت في اتجاه واحد ، خدمة الوالي عن طريق ملء صوامعه من المحاصيل التي يجمعها المزارعون من الارض ، بالإضافة إلى تقديم الرجال للحراسة و القتال في أوقات القلاقل و ما أكثرها .

مجمل القول ، لم يكن الحاكم مطالبا بضمان إجتماعي تجاه الرعيه يقيهم من جوع و برد ومن مرض ، فكانت أقصى متمنيات المساكين ، أن يرأف بهم و يخفف وطأة ضرائبه و يحسن اختيار عملائه فلا يكونون لصوصا و مغتصبين و مهربين .

كان هذا في الماضي . و لكن ُيلح السؤال على المراقب اليوم ، هل مضى هذا الماضي ؟ هل يجوز القول ، أن المتغيرات ذوّبت جماعة القرية العائلية في جماعة وطنية متحدة ومتشاركة في العمل و في الإنتاج ، و ألغت منصب الوالي أو الحاكم المالك فاستبدلته بسلطة منتخبة من الجماعة على اساس عقد بين الطرفين يتعهدان بموجبه إ نجاز مشروع وطني خلال مدة محدودة ؟؟

من البديهي أن الأوضاع لم تعد كما كانت في عهد الاقطاع ، و لكن مقارنتها في الحاضر بما تحقق في مجتمعات آخرى ( غير عربية ) تظهر بوضوح أن الجماعة الوطنية في بلادنا كانت هشة جدا أو انها لم تتكون ، في منطقة صعبة يتربص بها المستعمرون . بكلام أكثر وضوحا و صراحة ، كشفت الحملات الأستعمارية الأخيرة تحت عنوان " الثورة و الربيع العربي " أن السلطة غير صالحة و ان الدولة الوطنية و المجتمع الوطني ليسا لهما بالقطع وجودا ملموسا و فاعلا .

أظن ان الأدلة على ذلك لا تحصى و أن إيفاء هذه المسألة حقها ، يتطلب تفاصيل كثيرة ، لا يمكن صرف النظر عنها في سياق مراجعة موسعة و معمقة ، هي بالتأكيد ضرورية و لازمة لمعرفة أين نحن ، كجماعات و طنية ، فقدت معظم القواسم المشتركة التي ينبني عليها اتحادها الذاتي و استقلالها الوطني هذا من ناحية ، أما من ناحية ثانية فإن تلاشي الروابط فيما بين هذه الجماعات على مدى الفضاء العربي ، عطل قدرتها على مقاومة المستعمر الذي صار متموضعا في بلدانها .

استنادا إلى هذا كله يمكننا القول أن الكيان أو الدولة التي تنشأ تحت إشراف المستعمر، حيث لاتوجد أ مة وطنية أو بعد تمزيق ما كان قائما من النسيج الوطني ، ليست بالقطع كيانا أو دولة وطنية ، ناهيك من أن مثل هذه الدولة ليست مكلفة بجمع الشمل الوطني لا سيما أن ظروف انحلال الدولة العربية ، باستثناء مصر، تجعل لمّ الشمل سيرورة معقدة ، بانتظار نهوض مصر من جديد ، فمصر مركزية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: معبر رفح كان وسيبقى معبرا فلسطينيا مصريا وإسرائيل تتحم


.. تغير المناخ.. الخطر المنسي في زحمة الصراعات الجيوسياسية #بزن




.. وزير الدفاع المصري: الجيش قادر على مجابهة أي تحديات تفرض علي


.. مقتل 12 فلسطينيا وجرح 25 آخرين في العملية العسكرية الإسرائيل




.. بعد تصريحات وزير الدفاع المصري.. ما الذي تتخوف منه مصر؟