الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثانية وا لأربعون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2022 / 2 / 18
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


أقرأ وعينك على الشكل والمضمون

تفحص الاليات الكامنة فى النص

عندما وصلت للصف الثالث الابتدائى ، أدركت أننى كنت قارئا جيدا ، معلمتى الانسة كيلى ، قالت لى ذلك .

لقد أثار اعجابها أننى أستطيع تمييز كلمة ضخم فى قصة عن " ديفى كركت " الذى قتل " دبا ضخما " ، قالت ، قالت فلماذا استغرق منى الأمر عشرين عاما ، لأتخيل نفسى كاتبا ؟

ربما لأننا نُعلم القراءة ونتعلمها بصفتها حرفة ديمقراطية – لازمة للتنشئة ولللعمل وللمواطنة – ولكننا نُعلم الكتابة ونتعلمها بصفتها فنا جميلا .

نقول إن على الجميع أن يقرأوا ، لكننا نتصرف كما لو أن الكتابة تقتصر على ذوى المهارات الخاصة .

ما نعلمه يقينا ، هو ان الكتاب يقرأون وعينهم على الشكل والمضمون معا


أنت تستفيد من الصورة على العلبة عندما تجمع قطع لوح فى علبة التركيب " بزل" مع بعضها البعض

ورؤية صورة للطبق بشكله النهائى لتعينك حين تجرب وصفة طبخ جديدة . وإن كنت تستخدم الخشب فى صنعتك ، فعليك أن أن تعرف الفرق بين خزانة الكتب والصوان . على الكاتب أن يجيب عن هذا السؤال : ما الذى أسعى إلى إنشائه ؟ ثم هذا : أى أدوات

أحتاج كى أنشأه ؟

فى كل مرة أخطو فيها خطوة كبيرة فى كتابتى ، أبدأ بالقراءة . بالطبع أقرأ وعينى على الفحوى ، لو أننى كاتب عن معاداة السامية ، فإننى أقرأ مذكرات محرقة اليهود النازية .

لو أننى كاتب عن الايدز ، فإننى أقرأ نصوصا طبية – بيولوجية وتواريخ سوابق اجتماعية للمرض .

لو أننى كاتب عن الحرب العالمية الثانية ، فإننى اقرا مجلات أرخت فى الأربعينات بعد اللف الميلادية .

أقرا إذن ، وعينك على الفحوى ، بكل تأكيد .

ولكن ، أقرأ وعينك على الشكل ، على النوع . لو أردت إنشاء تعليقات شار حة للصور بشكل أفضل ، أقرأ أعداد قديمة لمجلة " لايف " .

لو أردت أن تكون شارحا أفضل ، أقرأ كتاب وصفات طبخ جيدا .

لو أردت كتابة عناوين محنكة ، أقرأ صحف الفضائح " تابلويدز " لو أردت كتابة نص سينمائى عن بطل خارق ، أقرأ اكوما من القصص المصورة " كومك بوكس " لو أردت كتابة تحقيقات صحفية ألمعية ، أقرأ حديث " البلد " فى مجلة نيويوركر .

تصف " جون دبديون " فى مذكراتها " عام التفكير السحرى " ، لحظة من حياة زوجها المتوفى ، الكاتب " جون قرقورى دن " :


" عندما كنا نسكن برنتود بارك اكتسبنا عادة الفراغ من العمل فى الرابعة عصرا والذهاب الى المسبح .

كان يقف داخل الماء يقرأ ( أعاد قراءة اختيار صوفى ذاك الصيف عدة مرات ليرى كيف يعمل ) بينما كنت اشتغل فى الحديقة .

هكذا يواصل الكتاب الأذكياء التعلم بقراءة ما عجبوا به من أعمال المرة تلو المرة " ليروا ) كيف ( تعمل )

شرعت فى العمل على ثلاث كلمات صغيرات " ( المسلسل الصحافى فى فصول موجزة ) بالبحث عن نماذجج . قرات ديكنز وقد نشرت روايته مسلسلة .

قرات " واينزبورغ " وأوهايو " ، وهى سلسلة من قصص قصيرة متصلة لشرودر أندرسون .

وقرأت قصة " بحار غريق" وهى صحافية مسلسلة لغابريل غارسيا ماركيز .

كانت الفصول طويلة جدا فى كل هذه الأمثلة لكنى وجدت نسقى ، وقد كان ذلك بمثابة مفاجأة ، فى قصص أيام طفولتى . كانت للأولاد هاردى وألغاز نانسى درو فصول يمكن أن أقرأها فى غضون خمس دقائق أو أقل ، وكانت الفصول تنتهى بما يترك المصير معلقا .
عندما تجد نفسك عاجزا عن أن تضع قصة ما جانبا ، عليك أن تضع القصة جانبا . ضعها جانبا وفكر كيف تعمل . أى سحر أصابك به الكاتب ليسيرك من فقرة إلى فقرة ، من صفحة إلى صفحة ، من فصل إلى فصل ؟

أسمى مثل هذا الفعل " قراءة الأشعة السينية " . إحدى الوسائل التى يتعلم بها الكتاب من القصص ، هى إستخدام لرؤاهم السينية .

( فى نهاية الأمر ، سوبرمان كان صحافيا أيضا ، وياه كم كان سريعا فى الطباعة ) تساعدك قراءة الأشعة السينية على استشفاف نص الحكاية .

تحت السطح تطحن الاليات غير المرئية للنحو واللغة والصياغة والبيان ، وأدوات صنع المعنى ، ومعدات الصنعة .

ها هنا بعض حيل القراءة للكتاب :

أقرأ لتنصت لصوت الكاتب .

أقرأ الصحف للبحث عن أفكار قصص لم تطور كما يجب .

أقرأ على النترنت للتعرف إلى طيف أشكال السرد الجديدة .

أقرأ كتبا بأكملها إن أسرتك ، ولكن تذوق أيضا نتف كتب .

عند اختيارك لمادة القراءة ، وجه نفسك أكثر وفق بوصلتك الكتابية ، وأقل وفق نصائح الأخرين .

افحص – مجانا – تشكيلة واسعة من المجلات والدوريات المعاصرة فى متاجر الكتب التى توفر القهوة .

اقرأ فى موضوعات خارج مجال تخصصك ، كالهندسة المعمارية وعلم الفلك وعلم الاقتصاد والفوتغرافيا .

اقرا وبجوارك قلم ، اكتب على الهوامش . تحاور مع الكاتب . أشر على المقاطع المثيرة للأهتمام ، اطرح أسئلة عن النص .

اننى اضبط اندفاعى للقراءة بهذا التحذير : ستمر عليك أوقات فى منتصف مشروع كتابة ما ، يحسن بك أن تتوقف عن القراءة حينها .

لقد توقفت عن القراءة عما يخص الكتابة حال تجهيزى لمسودة الأدوات فى هذا الكتاب .

لم أشا أن سيتدرجنى افتتانى بالموضوع بعيدا عن وقتى المخصص للكتابة ، ولم أشأ أن أتأثر على نحو غير ملائم بأفكار الأخرين ، ولم أشأ أن يثبط همتى تألق الأعمال المنهية المنشورة .

يقول العلماء إن القراءة " معاملة مثلثة " بين الكاتب والنص والقارىء .

قد يخلق الكاتب النص ، كما تقول " لويز روزنبلا " ، ولكن من يحوله إلى قصة هو القارىء . فالقارىء كاتب فى النهاية . عظيم .

وإلى الاداة الثالثة والأربعون فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا