الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإضراب والرواتب وأشياء أخرى - بقلم : د . محمد أيوب

محمد أيوب

2006 / 9 / 5
القضية الفلسطينية


الزواج هو تعاقد بين طرفين أساسه القوامة وتكليف الرجل بالإنفاق على الزوجة ، فإذا عجز عن ذلك كان من واجبه أن يترك الخيار للزوجة في أن تحتمل وضعه أو أن تتركه وذلك من باب الحفاظ على كرامته ، وإذا غادرت الزوجة بيت الزوجية دون وجه حق كان من حق الزوج أن يطلبها إلى بيت الطاعة شريطة أن يوفر لها ضروريات الحياة وأن يدفع لها ما التزم به من ثمن عفش البيت قبل أن يطلبها إلى بيت الطاعة .
والانتخابات هي تعاقد بين طرفين أساسه القوامة أيضا والتزام الحكومة الفائزة بكل مستحقات الشعب ، من صوت للحكومة ومن لم يصوت ، لأن الحركة التي تفوز في الانتخابات وتكلف بتشكيل الحكومة يجب أن تخرج الحكومة من كونها ممثلة حركة لتصبح ممثلة للشعب بكل أطيافه ومعبرة عن مصالحه .
من هذا المنطلق يمكن أن نلج إلى موضوع إضراب الموظفين بعد انقطاع رواتبهم بأكثر من ستة أشهر ، وقد قدمت الحكومة أكثر من وعد للموظفين بصرف رواتبهم ولم يتحقق ذلك ، وقد هدد الموظفون بالإضراب أكثر من مرة وحددوا موعدا نهائيا لبدء إضراب مفتوح في بدء العام الدراسي ، الإضراب حق مشروع لكل موظف أو عامل لتحسين شروط عمله ، فما بالنا إذا كان الإضراب من أجل الحصول على الراتب الشهري الذي يتقاضاه المعلم على ضآلته وليس من أجل الحصول على زيادات في الرواتب كما حدث في عدة إضرابات للعاملين في الوكالة ، حيث دعت لجنة العاملين في الوكالة إلى عدة إضرابات أيام أن كانت هذه اللجنة بقيادة حركة فتح أو بقيادة حركة حماس فيما بعد ، وقد حصل الموظفون في هذه الإضرابات على مكاسب ومنجزات حسنت شروط عملهم على الرغم من عدم وجود وجه للمقارنة بين ما يتقاضاه المعلم في مدارس الوكالة وما يتقاضاه نظيره في مدارس الحكومة ، وعلى الرغم من تكرار الإضرابات في مؤسسات الوكالة نجد أن الوكالة لم تهدد بفصل الموظفين المضربين ، ولعل أكثر عقاب اتخذته الوكالة ضد الموظفين في أحد الإضرابات هو خصم قيمة يوم الإضراب من رواتب الموظفين ، في حين بتنا نسمع التهديدات بالفصل أو بتوفير بدائل للموظفين المضربين أو توجيه الاتهامات للمضربين بالخروج عن الصف ، هذا الاتهام يشوه موقف الموظف الذي يعاني من ضيق ذات اليد .
الوضع اليوم يختلف عن الوضع عام 1983 حين أعلنت لجنة العاملين في الجامعة الإسلامية الإضراب المفتوح ، اعترضت يومها على فكرة الإضراب المفتوح ونصحت لجنة العاملين بالتروي والتدرج في نضالهم النقابي ، وكان رأيي أن يبدءوا بإضراب تحذيري لمدة ساعة يوميا في الأسبوع الأول ثم ساعتين في الأسبوع الثاني فثلاث ساعات في الأسبوع الثالث حتى نصل إلى إضراب يوم كامل في الأسبوع لمدة فصل دراسي كامل فيومين فثلاثة أيام حتى نصل إلى إعلان الإضراب المفتوح إن لم تتم الاستجابة لمطالب العاملين ، وكان اجتهادي وقتها من خلال خبرتي في العمل النقابي وبالوضع السائد وقتها أنهم إذا بدءوا بالإضراب المفتوح فكيف سيكون التصعيد بعد ذلك ، فوجئ العاملون عندما طرحت سؤالي عليهم وساد الصمت ، قلت سيكون التصعيد بالمواجهات العنيفة فقط ، اقتنع ممثلو حركة فتح بوجهة نظري ولكن سبق السيف العذل واتخذ القرار ببدء الإضراب المفتوح ، وبالفعل حدث ما توقعته وبدأت الاشتباكات يومها بين أنصار المجمع الإسلامي وبين أنصار منظمة التحرير ، كل طرف يريد أن ينفي الآخر بدلا من أن يتكامل ويتواصل معه ، وقعت إصابات بين الطلاب تزيد عن مائة إصابة منها إصابات في الجمجمة ، كان مدير عمليات الوكالة ينظر بدهشة وهو يشاهد الاشتباك الوحشي بين الطرفين وكأنه لا يوجد احتلال ولا توجد لدينا قضية مقدسة يجب أن توحدنا وألا تفرقنا ، حدث استقطاب بشع بين الطرفين وقتها ، ولذا حاولت مع بعض الخيرين ومنهم الدكتور محمد أبو عمارة " أبو صالح " إصلاح ذات البين بين الطرفين لقطع الطريق على تدخل الاحتلال أو بعض المندسين ، كان هناك اجتماع في بيت أحد العاملين في الإسلامية ، دخل أبو صالح البيت بعد أن رفضت الدخول معه لأنني لست من لجنة العاملين ولا من اتحاد الطلاب وقتها ولأنني كنت أتوقع أن يعتقل كل من يسعى إلى إصلاح ذات البين من خارج طرفي الصراع ، وعندما طرح ما اتفقنا عليه اتهم بالتخاذل فعاد لي منفعلا ، طلبت منه أن يحاول مرة ثانية وثالثة لأننا نريد أن نحقن دماء أبنائنا جميعهم دون تمييز ، وبالفعل نجحت الجهود وتم الاتفاق على وقف الإضراب ، لكن ذلك لم يرض بعض الأطراف فقرروا عدم الدخول إلى قاعات الامتحان ، جاءني طلاب سنة رابعة لغة عربية وطلبوا نصيحتي فقلت لهم ادخلوا الامتحان وقولوا لمن يناقشكم إنني الذي طلب منكم ذلك ، توجهت إلى أصدقائي الداعين إلى مقاطعة الامتحان وقلت لهم ، بعد أن تم الاتفاق لماذا تحاولون تعكير الجو ، سأدخل الامتحان ومن يريد مناقشتي بعد الامتحان أنا جاهز ، كان طلاب المجمع يسمعون حديثي وهم متأهبون لأي طارئ ، ولكن ربنا ستر ولم تندلع مشكلة جديدة ودخل كل الطلاب ما عدا واحدا غادر الجامعة ليقدم الامتحان بعد ذلك ، وقد خرجوا يقولون ، كان أبو نضال أول من دخل إلى قاعة الامتحان ، عاتبني أصدقائي من أحد الاتجاهات فقلت : ما الفرق بين أول واحد يدخل الامتحان وبين آخر واحد ، من أبلغكم بالأمر دخل الامتحان بعد أن بقي وحيدا ، وكان قد استعد للامتحان فكان مثل إبليس ، عين في الجنة وعين في النار ، فسكتوا .
على ما سبق يمكن القياس حتى لا تضيع لحانا بين حانا ومانا على رأي المثل العربي، كان من المفروض ألا يكون الإضراب مفتوحا من البداية، وإن كنت مع حق العاملين في الإضراب للمطالبة برواتبهم ، لكن كان من الواجب أن يبدأ اليوم الأول بترتيب الطلاب في أول حصتين أو ثلاث حصص ثم يصرف الطلاب في آخر حصة أو حصتين والاستمرار في التصعيد التدريجي بعد ذلك وصولا إلى الإضراب المفتوح ، بهذه الطريقة لا يمكن أن نصل إلى حالة لي الأذرع بين الطرفين والتي ربما تتطور إلى حالة أشبه بما جرى عام 1983 من مواجهات في الشوارع لا سمح الله .
المطلوب من أعضاء الحكومة أن يتحلوا بالصبر وسعة الصدر وألا يطلق البعض منهم التهديدات وألا يفكر البعض منهم بالطريقة التي فكروا بها عام 83 ، لأن هناك فرقا بين مؤسسة تديرها الحركة وبين حكومة تقودها حماس ، فالحكومة ليست مؤسسة خاصة بل هي حكومة كل الشعب ، وقد كنت وما زلت أنادي بعد جواز مقاطعة الحكومة التي شكلتها حماس بعد أن جاءت الانتخابات تلبية لضغط الدول الغربية وإسرائيل ، وما دمنا احتكمنا للديمقراطية علينا أن نلتزم بما تفرزه هذه الديمقراطية ، في الجامعة السلامية جلبوا متطوعين لكسر الإضراب ، ولكن هل يجوز ممارسة الأسلوب نفسه بعد حوالي ربع قرن وكأننا نراوح في أماكننا ولم نستفد من تجارب ربع قرن في ساحة العمل السياسي والنقابي ، ولماذا تضامن الجميع مع الإضرابات ضد الوكالة مع أن لجنة الموظفين تقودها حركة حماس هناك ، ولماذا يحاول البعض كسر الإضراب وإفشاله وتخويف المعلمين أو ترغيبهم بدلا من البحث عن مخرج من الأزمة يريح الحكومة ويريح الموظفين .
من المهم أن نشير إلى أن المعارضة حينما دخلت الانتخابات كانت تدرك تمام الإدراك سلبيات اتفاقية أسلو سيئة الذكر ، وهذا يعني أنها جميعا دخلت الانتخابات للمشاركة في مؤسسة المجلس التشريعي وهو أحد إفرازات أوسلو ، وعلى ذلك فإن الحكومة يجب أن تعرف كيف تناور لأن السياسة هي فن الكذب ، أما أن يلقي البعض بالقفاز وجه من يناقش وأن يقال له ببساطة : هل تريد أن نعترف بإسرائيل ؟ إسرائيل موجودة سواء اعترفنا بها أم لم نعترف ، والاعتراف بإسرائيل لا يعني شيئا ما لم يتم تبادل السفراء بيننا وبينها ، لقد اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير وليس بدولة فلسطينية ، وهو اعتراف يمكن أن تلغيه إسرائيل في أي وقت بحجة أن المنظمة منظمة إرهابية ، لتعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية التي كان من المفروض أن يتم الإعلان عنها عام 99 بعد انتهاء المرحلة الانتقالية حتى تحصل على اعتراف الفصائل الفلسطينية بها ، أما أن تأخذ إسرائيل كل شيء دون أن تعطي شيئا فهذا من باب الاستخفاف والاستهانة بنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا