الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات حرب عالمية مُحتملة على جيوبولتيك الشرق الأوسط

إبراهيم ابراش

2022 / 2 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


قد يقول قائل من السابق لأوانه الحديث عن حرب عالمية ثالثة فبالأحرى عن تداعياتها المحتملة على منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً على القضية الفلسطينية، فجميع أطراف الأزمة الأوكرانية، عدا واشنطن، متخوفة من الحرب ولا تريدها، كما أن ميدان الحرب بعيد عن منطقتنا ولدى الفلسطينيين ما يكفي من هموم ومشاكل داخلية ولا يملكون قوة تأثير على مجريات الصراع...
قد يكون في هذا القول الكابح للاهتمام بأزمة اكرانيا وتداعياتها المحتملة بعض الصحة لو كنا أمام احتمالات حرب تقليدية، ولكننا أمام جيل جديد من الحروب عابرة القارات ومتعددة التأثيرات، كما أن الاهتمام والتخوف من احتمالات حرب عالمية قادمة سواء كانت شاملة أو محدودة جغرافياً يأتي في سياق التفكير الاستراتيجي الاستشرافي واستلهاماً لنظرية أو علم الاحتمالات، وآخذاً بعين الاعتبار تداعيات الحربين العالميتين السابقتين على العالم العربي والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص حيث غيرتا في جيوبولتيك المنطقة.
ومن يتابع الصحافة الإسرائيلية سيلاحظ أن إسرائيل مهتمة بما يجري على جبهة أوكرانيا وشكلت طواقم بحث من سياسيين ومفكرين استراتيجيين للبحث في دور إسرائيل وانعكاسات الحرب عليها وكيفية توظيف التوتر بمستواه الحالي أو تحوله لحرب عالمية لصالح دولتهم وخصوصا من جهة هجرة يهود أوكرانيا لإسرائيل.
ولكن قبل الخوض في موضوع عنوان المقال لا بأس بلمحة عن سبب التوتر على الحدود الأوكرانية والذي ما زال في نطاق سياسة (حافة الهاوية) ونتمنى ألا تنزلق الأمور لحرب كونية.
أسباب التوتر متعددة منها ما له علاقة بخلافات حدودية بين روسيا وأوكرانيا وأخرى لها علاقة بخلافات عِرقية تتغذى من تجربة تاريخية تعود لمرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي وأخرى لها علاقة بتخوفات أمنية روسية من توسع حلف الأطلسي ليضم أوكرانيا ومرابطة قواته وصواريخه النووية على الحدود الروسية يقابلها تخوفات أوروبية وأمريكية من نوايا روسية بالتوسع وإعادة ضم دول كانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقا، مع اعتقادنا أن السبب الرئيس والخفي مرتبط بالاقتصاد وطرق التجارة بين معسكرين يشمل الأول روسيا والصين والثاني الولايات المتحدة ودول أوروبية .
ربما لا تصل الأمور لدرجة حرب عالمية، ولكن إن حدث ذلك فستكون تداعياتها أكثر خطورة من الحربين العالميتين السابقتين، ليس فقط بسبب تعدد أطرافها وثِقل الدول المشارِكة فيها وتوفر غالبيتها على كميات هائلة من الأسلحة، بل لأنها ستكون الحرب العالمية الأولى التي تندلع بين دول تملك أغلبها كم هائل من الأسلحة النووية والبيولوجية والصواريخ عابرة القارات وتندلع في زمن العولمة حيث العلاقات البينية بين الدول كثيفة ومتعددة المجالات والاتفاقات والمعاهدات الدولية متعددة المجالات من الاقتصاد إلى البيئة والمناخ إلى المحيطات والفضاء الخارجي وتنظيم الفضاء السيراني الخ .
عندما ندعو للاهتمام بما يجري من تطورات للأزمة الاوكرانية التي تحولت لأزمة بين الدول الكبرى والتفكير بتداعيات أي حرب عالمية محتملة، فلأن فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط لن يكونا بعيدين عن هذه الحرب وحتى إن تجاهَل الفلسطينيون ودول المنطقة الحرب فتداعيات الحرب ستصل لهم وتؤثر عليهم.
الزعم بأن المنطقة العربية بعيدة عن ميدان الحرب يفنده ما جرى في الحربين العالميتين السابقتين اللتان غيرتا في جيوبولتيك الشرق الأوسط، فانهارت وزالت دول وظهرت دول جديدة. في الأولى (1914-1918) استغلت الحركة الصهيونية الناشئة الحرب وكان وعد بلفور 1917 وقبله بعام كان اتفاق (سايكس- بيكو) بين الفرنسيين والانجليز على تقسيم بلاد الشام والذي مهد بدوره لوعد بلفور ، وفي نهاية الحرب الثانية (1939-1945) قامت دولة الكيان الصهيوني، وما كان لهذا الكيان أن يكون بدون هاتين الحربين وبدون استغلال الحركة الصهيونية لهما ونسجها تحالفات مع أطرافها حتى إنها تواصلت سراً مع النازيين لتهجير اليهود من ألمانيا وأوروبا إلى فلسطين.
وفي نفس السياق ما زالت الذاكرة واعية ما جرى على إثر انهيار المعسكر الاشتراكي ونهاية نظام الثنائية القطبية حيث تفككت دول وظهرت دول جديدة، وبانهيار المعسكر الاشتراكي نهاية الثمانينيات إنهار النظام الإقليمي العربي مع حرب الخليج الثانية وبسبب هذه الأخيرة تم محاصرة منظمة التحرير الفلسطينية وتجفيف مواردها المالية بتهمة ممالأة صدام حسين، وبانهيار المعسكر الاشتراكي والنظام الإقليمي العربي تُرِك الفلسطينيون وحدهم في الميدان وكان مؤتمر مدريد 1991 وبعده اتفاق أوسلو 1993 ثم الحالة الراهنة للقضية الفلسطينية. حتى ما يسمى (الربيع العربي) ما هو إلا حرب إقليمية أو دولية مصغرة، وتأثيراتها كانت وبالاً على شعوب المنطقة وعلى الشعب الفلسطيني الذي لم يكن طرفا رئيسا فيها.
غالباً لن تكون دول وشعوب المنطقة طرفا رئيساً أو فاعلاً في مجريات الحرب بل مفعول بها وستتورط في الحرب دون إرادتها أو كتابع لهذا الطرف أو ذاك، حيث ستستعمل أمريكا والدول الكبرى المشاركة في الحرب قواعدها العسكرية المتواجدة في دول المنطقة كما أن الحرب ستؤدي لأزمات اقتصادية كبرى وستكون الدول العربية الأكثر تضرراً ومعاناة في هذا المجال سواء تعلق الأمر بارتفاع أسعار المواد الغذائية وخصوصاً القمح أو ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وزيادة نسبة البطالة الفقر، وستفقد الأنظمة القدرة على ضبط الأمن مما سيسمح للجماعات المتطرفة بتعزيز وجودها وربما تقدم خدماتها لهذا الطرف أو ذاك من الدول المتحاربة، كما ستكون فرصة مواتية لواشنطن لاستكمال مخططها حول (الفوضى الخلاقة) الذي لم يتخلى عنه الحزب الديمقراطي الحاكم.
أما بالنسبة لإسرائيل الصديقة لكل الأطراف الرئيسة في هذه الأزمة الدولية فإن كانت ستجد نفسها في موقف مُحرج إذا ما انحازت لطرف على حساب الأطراف الأخرى إلا أنها قد تستغل انشغال العالم بالحرب لتفرض أمراً واقعاً جديداً في فلسطين، سواء على جبهة غزة كحرب كبيرة تقضي على ترسانة المقاومة من الصواريخ وتدمير الأنفاق وربما دفع الآلاف للنزوح لسيناء وإنهاء الدور الوظيفي لحركة حماس وتنصيب سلطة بديلة في غزة، أو على جبهة الضفة الغربية كالإسراع في عمليات الاستيطان والضم الرسمي لمزيد من الأراضي وهو الإجراء الذي كان سيُقدِم عليه نتنياهو ثم أجله، وقد تصل الأمور لتهجير جماعي للفلسطينيين من منطقة إلى أخرى داخل فلسطين أو إلى الأردن، وقد تقوم إسرائيل بعدوان على لبنان ضد مواقع لحزب الله وربما تضرب إيران.
نتمنى ألا تقع الحرب وتسقط كل تحليلاتنا وتخوفاتنا، ولكن حتى وإن كانت احتمالات الحرب محدودة فعلى القائد السياسي الذكي الأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات حتى الأكثر سوءاً، وحتى بدون الحرب العسكرية فما يجري عودة للحرب الباردة ولكنها في هذه المرة أكثر سخونة وليست على أساس أيديولوجي بل محركها الاقتصاد والتجارة، والشرق الأوسط وخصوصاً العالم العرب حلقة مركزية في الاقتصاد والتجارة العالمية .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بلطجي يحتضر ويتكنس
ابراهيم الثلجي ( 2022 / 2 / 19 - 19:18 )
ما في حرب ولا حاجة فهذا بوتين مجرد بلطجي قديم وقد افل زمانه يريد توريط الجميع في مغامراته فمطالبه غير مشروعة ويريد مصادرة حق تقرير المصير من شعوب الاتحاد السوفييتي الذي بيديه من تامر وقضى عليه
وقد افتعل القتل والدمار في سوريا ليحى او يخدع الغرب بانه محارب مر للاسلام وعامل من نفسه انه حامي الكنيسة الشرقية ومسيحيي الشرق وهو ليس بسياسي بل بلطجي يتقن الكذب وبوقاحة
عهده انتهى وفي طريقه لمزابل التاريخ برصيده الدموي ضد شعوب الاتحاد الروسي من جوجيا للشيشان للكزاخ والطاجيك ولا اظن ان المنظومة السياسية والعسكرية توافقه وسيقومون بعزله وحركاته التي يقوم بها هي للحيلولة دون ذلك
يريد ان يكون مميزا بشعار القيصر المنتخب فلن تكون هناك اي حرب بلان يطرد كما تامر على رئيسه القديم غورباتشيف وسيسمع نفس العبارة
تكنس من هنا

اخر الافلام

.. انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ 33 في المنامة|


.. أردوغان: لا توجد مشاكل غير قابلة للحل بين تركيا واليونان| #م




.. رئيسة مقدونيا تشعل خلافًا دبلوماسيًا مع اليونان بسبب كلمة..


.. تفجير مسجد ومدرسة بواسطة مسّيرة إسرائيلية في قطاع غزة




.. نائب وزير الخارجية الأمريكي: هناك خلافات بين الولايات المتحد