الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا والامارات: محاولات اردوغان انقاذ الاقتصاد التركي وفك العزلة التركية

حامد محمد طه السويداني

2022 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


يخطئ العديد من الكتاب والمحللين في مقالاتهم في تحليل زيارة الرئيس التركي اردوغان الاخيرة إلى الامارات العربية المتحدة ويرون بان وراء هذه الزيارة اهداف سياسية واستتراتيجية وتضخيم سرية المفاوضات الدائرة بين تركيا والامارات ويدّعون بانها تهدف إلى خلق توازن عسكري وجيوسياسي ضد التمدد الايراني في منطقة الخليج العربي بعد ادراك قادة دول الخليج العربي بعدم ثقتهم بالولايات الامريكية المتحدة وخاصة بعد مجيء الرئيس الامريكي (جو بايدن) إلى السلطة وانسحابه من افغانستان والخوف الخليجي من التدخل الايراني الذي يهدد امن المنطقة حسب وصفهم، وكذلك يرى بعض المحللون ان من اهداف الزيارة ايضا مناقشة الملف السوري وتحليل ومناقشة الاوضاع القاسية التي يعانيها الشعب السوري...الخ
ولكن باعتقادي كل هذه الاسباب لا علاقة لها بالزيارة التركية للامارات وذلك لسبب بسيط جدا هو ان الامارات ليست الدولة التي لها القدرة على مناشة مخاطر وازمات كهذه وتبقى الولايات المتحدة الامريكية والغرب حليفا دائما لدول الخليج العربي ومدافعا عن امنها واستقرارها بحكم المصالح الاقتصادية والاستثمارية الهائلة في هذه الدول وان أي خطر او تدخل ايراني في هذه المنطقة هو خطر يهدد المصالح الامريكية وهذا ما لم تستطع ايران القيام به خوفاً من النتائج التي تترتب على هذا التدخل وردة الفعل الامريكي فضلا عن بوادر التطبيع الكامل مع اسرائيل والامارات ودول عربية اخرى مما يلجم تدخلات ايران في المنطقة والى الابد، ووفق هذا المنطق لا حاجة للامارات ان تكون متحالفة مع تركيا، اما الازمة السعودية فان الامارات ستقوم مع تركيا بعدد مهم في حل الازمة السورية فأيضا لا اساس له من الصحة ويثير الضحك لان الملف السوري هو مهيمن علي اربع قوى اثنان منهما عظمى هو الوةلايات المتحدة الامريكية وروسيا واثنان اقليمية وهم ايران وتركيا وهناك اتفاقيات وتقاسم للنفوذ والمصالح بين الفريقين الولايات المتحدة الامريكية وحليفتها تركيا وبين روسيا وحليفتها ايران كما اود الاشارة إلى ان ايران وتركيا متفقتين على تقاسم النفوذ في سوريا وعموم الدول العربية التي تتبع حراكا واضطرابات سياسية ولا يمكن ان تتقاطع وجهات نظرهما وهم اصلا يدركون في ادبياتهم السياسية والفكرية بان العرب تاريخيا هم تحت النفوذ الفارسي والتركي وان العلاقات التركية الايرانية متميزة وحتى تركيا لم تلتزم بالعقوبات الامريكية المفروضة على ايران وان حجم التبادلات التجارية بينهما مستمرا ومتصاعدا فلا تستطيع دولة مثل الامارات توظيف تركيا ضد ايران وان العرب لا يجيدون فن السياسة وهم دوما يقعون تحت فخ المكر السياسي سواء التركي او الايراني ولكن كل ما في الامر هو ان هدف الزيارة التركية هو الدافع الاقتصادي وفك العزلة التركية يقول الاتراك ان اردوغان ذهب إلى الامارات العربية المتحدة من اجل المال وهم مصيبون في ذلك الهدف الاقتصادي واضح جدا يحاول اردوغان بعد استمرار تدهور قيمة الليرة التركية وتراجع الاقتصاد وسوء الاحوال المعيشية للمواطنين ومعاناتهم في الحصول على ابسط مقومات العيش بكرامة والضغط الذي نتج عن ذلك هو نزول المئات من الاتراك إلى الشوارع في مدن كبرى مثل انقرة واستانبول واغري وايدن ومدن اخرى في احتجاجات عارمة مطالبة بتغيير نظام الحكم ورحيل حزب العدالة والتنمية في منظر اشه بالربيع العربي ولكن على الطريقة التركية، والدليل على ان هدف الزيارة اقتصادي بحت هو توقيع تركيا والامارات (13) اتفاقية شملت مجال الاستثمار والنقل والصحة والسياحة والزراعة والرياضة والاعلام والاتصالات والطوارئ.. الخ من الامور التي تخدم وضع الاقتصاد التركي.
اما الامر الثاني فهو فك العزلة التركية ركزت في الاونة الاخيرة احزاب المعارضة التركية ومختلف قطاعات الشعب التركي بان اردوغان هو سبب تدهور علاقات تركيا الاقليمية وخاصة الدول العربية التي كانت مفيدة لتركيا وخاصة الغنية بالنفط مثل السعودية وليبيا والعراق والامارات ودول اخرى مثل مصر وسوريا فقام اردوغان بهذه الخطوة من اجل اعادة تأهيله قبل انتخابات عام 2023 ويأمل ان تكون الامارات سببا في التصالح مع السعودية ومصر لاحقا وكذلك مع اسرائيل.
ان الدبلوماسية الناعمة التي يتبعها الاتراك وهم دهاة في عام السياسة باستطاعتهم حل ازماتهم الاقتصادية والسياسية برأس دول متواضعة التفكير مثل الامارات وغيرها فلو فكرنا في الزيارة وما هي المكاسب التي حققها الطرفين لنرى ان المكاسب هي فقط من نصيب تركيا ولو كان لامارات وباقي دول العرب المتعاملة مع تركيا عقلية دولة وحكم فمن الاجدر مساومة تركيا المحتاجة إلى المال العربي ان يتركوا تدخلاتهم في الشأن العربي الداخلي مقابل اعطائهم المال ولكن مع الاسف لم يحصلوا على شيء سوى الابتسامات والمبالغة في استقبال الضيف وان برج خليفة مغطى بالعلم اتركي وهذه دلالة سلبية لمن يفهم فن السياسة، كما ان هذا معيب جدا وستاخذ تركيا المال من الامارات وربما يهزم اردوغان في الانتخابات وتأتي حكومة تركية جديدة لا تفيم وزنا لدولة مثل الامارات وغيرها. فعبر تاريخ تركيا المعاصر كلما مرت بازمات اقتصادية تأتي إلى العرب وتطلب المال وصدق أحد المستشرقين الاوربيين عندما قال (لقد اخذ الاتراك عن العرب الدين الاسلامي وتركوهم وشأنهم وفيما بعد اخذوا نفطهم بالمكر والخداع وتحالفوا ضدهم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة