الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلك الليلة في فيرنا 1982(ايتوري سكولا):الأدب الأيروسي في القرن الثامن عشر

بلال سمير الصدّر

2022 / 2 / 20
الادب والفن


كان هروب العائلة المالكة الى فارين خلال ليلة 20-21 يونيو 1791 حلقة مهمة في الثورة الفرنسية،غذ حاول الملك لويس السادس عشر ملك فرنسا والملكة ماري انطوانيت وعائلتهما المباشرة من الفرار من باريس دون جدوى من اجل البدء بثورة مضادة على رأس القوات الموالية بقيادة الضباط الملكيين المتمركزين في مونتميري قرب الحدود...عن موقع ويكيبيديا
تقريبا هذا الحدث هامشي ومن النادر الاشارة اليه في الافلام التي ناقشت موضوع الثورة الفرنسية
ولكن،كان لأيتوري سكولا رؤية اخرى للواقعة برمتها،لأن سكولا قام بعمل مداخلة خيالية ادبية تقريبا واضافتها الى حدث تاريخي،بحيث بدت تلك المداخلة اجمل واهم من هذا الحدث التاريخي برمته من حيث المعالجة السينمائية طبعا.
إذا أجواء الفيلم هي في باريس،وتبدا مع متسكع،بل متسكع معروف جدا في تلك الفترة:
Nicola Restif De La Bretonne
نيكولاس ريستيف دي لابريتون،المعروف ايضا باسم رستيف أو نيكولا،وهو روائي فرنسي صاغ مصطلح
Retifism-(وثن الحذاء)،أو ما كان مقدمة للمصطلح الأشهر في علم النفس (الفيتشية)،وربما الأهم بأنه هو
أول من صاغ مصطلح المصور الاباحي في نفس الكتاب الذي يحمل اسم:The Pornographer
وأول رواية كانت له بعنوان القدم...الشهوة الجنسية للحذاء
غذا،سينضم هذا الكاتب الى مجموعة مناصرة للويس السادس عشر منهم كممثلين،هارفي كيتل وهانا شيغولا-في دور أميرة مناصرة للملك-وغيرهم للسفر الى فيرنا الموقع الأخير المتوقع للويس السادس عشر.
وهنا،تدور بينهم في خضم هذه الرحلة حوارات ادبية تتعلق بنيكولا نفسه،منها انه مؤلف كتاب الفلاح القذر،اضافة الى قرب اسلوبه من اسلوب ديدرو...
وسرعان ما سينضم اليهم شخصية ليست اقل ايروسية من نيكولا نفسه،بل هي اشهر ومعروفة اكثر حتى من اقل طبقات المجتمع اهتماما بالثقافة...كازانوفا-قام بالدور مارسيلو ماستروياني
إذا،هل الفيلم فيلم تعريفي مثلا...؟
على الموضوع الشمولي الذي يحيط بأجواء الفيلم كلها(الثورة الفرنسية)،لكن يبدو الفيلم مع ذلك خاصا جدا،متعلق بنيكولا أولا وكازانوفا ثانيا،وبتلك اللحظة الهامشية على اهميتها في التاريخ الفرنسي...أي سفر لويس السادس عشر الى فيرنا.
هناك تعريف شديد بالكاتب نيكولا في جميع احشاء الفيلم،وكأن سكولا اردا تسليط ضوءا على كاتب محذوف من التاريخ تقريبا،فهناك تعريف متعمد من قبل كل الشخصيات حتى على لسان كازانوفا:
The Author of Fanchette,s Foot of the Natural Daughter of the Parisian Household of The Centempories
ثم ماذا يقول كازانوفا عن نفسه:
علي ان اشرح بأن اسمي لايستحضر الكثير من المشاعر في فرنسا،باستثناء اولئك،وخاصة النساء الذين عرفوني بصفة شخصية،على الرغم من نشر رحلتي في بومباي،إلا انني اشتهرت لاحقا بسبب نجاح ذكريات حياتي التي كتبتها في فرنسا والتي لن تنشر بعد إلا بعد وفاتينوالتي حدثت كما تعرفون عام 1798.
ولكن التعربف لن ينتهي الى هنا،فكازانوفا على لسان الآخرين-خاصة نيكولا-هو كما يلي:
في ستراسبورغ عرف كمقامر...وعرف كمخترع اقمشة ومنظم لفرقة مسرحية،وهاوي في مجال العرافة والقوى الخفية،وفوق كل ذلك جامع للعشيقات.
ثم أنا امتلك فكرة-قالها احدهم-:في اوروبا الخاصة بنا،هناك الكثير من الكتاب اضافو جاذبية لاتقاوم الى اغراء كلماتهم.
هل الفيلم عن لقاء تعريفي بين اديب ايروسي غير معروف نسبيا-فهو على الأقل لن ينل الشهرة التي نالها الماركيز دي ساد-وموصوفة كتبه بالسيئة،وبين شخصية أدبية ايضا ذات بعد خيالي واسع في ضرب المثل بالجنس،وحتى هذه اللحظة لايحكم على كازانوفا ان كان شخصية حقيقية ام متخيلة اصلا...؟
ثم،وقبل ان نعرج على الوضع السياسي في الفيلم،يوصي كازانوفا بعد رحيل صديقه غير المتوقع نيكولا بجولدوني....
كارلو أوزفالدو جولدوني:ولد في البندقية 5 فبراير 1707،وتوفي في باريس 1793،وهو كاتب مسرحي ايطالي ومؤسس الملهاة الايطالية الحديثة،ويصفه نقاد اليوم من بين نخبة كتاب المسرح الأوروبي حيث يعتبر واحدا من ابناء الكوميديا الحديثة...
هل كل ماسبق يجعلنا نصبغ الفيلم بالصبغة الأدبية...؟
ثم ماذا عن الوضع السياسي الذي بالأصل صيغت من اجله هذه الحكاية...
لانستطيع القول سوى ان هذه الرحلة التي جمعت بين اكثر من ست اشخاص،كان محورها شخصيتين من عمالقة الادب الايروسي في التاريخ،وسوى غيرهما لايمكن حتى الالتفات اليه،وكل شيء...كل شيء بدا هامشيا جدا بالمقارنة مع رحلة خيالية حافلة بالفنتازيا والفكاهة تخللها هذا التعريف بايورسية القرن الثامن عشر،والتي تخللت ايضا اهم ثورة في التاريخ....الثورة الفرنسية
بالتأكيد،فيلم تلك الليلة في فيرنا 1982 ليس عن الثورة الفرنسية بأي شيء...ولايمكن الحديث عن الفيلم بأكثر من ذلك.
31/12/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته