الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لُعبةُ المحكمة الإتّحاديّة العليا

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2022 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


وصلني عبر البريد الألكتروني بيان صادر عن السيد أحمد موسى جياد تحت عنوان مقترحات أولية لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا التاريخي وإستوقفتني العبارة التي إستهل بها السيد جهاد بيانه قائلاً " أصدرت المحكمة الاتحادية العليا اليوم 15 شباط 2022 حكما، بالأغلبية، باتا وملزما لكافة السلطات " !
من المعلوم والمتعارف عليه أن المحكمة الإتحادية العليا تتخذ قراراتها بإجماع الآراء وإن كانت قد إتخذت هذا القرار بالأغلبية فلا بد للمرء أن يتوقّف ويبحث عن السبب ؛ فهل يا ترى كانت المحكمة في عجلة من أمرها مثلاً وأصدرت قرارها بالأغلبية كسباً للوقت ؟ إن كان الجواب سلباً وعلمنا أن موضوع الدعوى يعود إلى عام 2007 وكانت المحكمة قد سكتت عنه لخمسة عشر عاما لعرفنا أن لم تكن هناك أسباب للعجلة . أم أن أكثرية أعضاء المحكمة وصلت إلى القناعة بأن ليس بالإمكان تغيير موقف الأقلية التي لم توافق على القرار فإضطرّت أن تصدر قرارها بالأغلبية .
نعم صحيحٌ ما جاء في وصف السيد جياد قرار المحكمة كونه " باتّ وملزم لكافة السلطات " ولكن الخطأ في ذلك البيان أنه إنصبّ على الموضوع من الناحية الفنّية القانونية فحسب دون إعتبار الظروف التي يمر بها العراق من عدم وجود حكومة بكامل الصلاحيّات تمكّنها من تطبيق القانون بعدالة ، ظرف تسود فيه سلطة الميليشيات المسلحة التي تلوي رقبة القوانين حسب ما تشاء لتكون في مصلحتها ، ظرف قانون الغاب الذي يأكل فيه القوي الضعيف ، ولذلك لا يمكن في مثل هذا الوقت بالذات تفسير عمل المحكمة الإتحادية العليا إلاّ بالشك وكون القضية فيها إنّ . قضيّة أهملتها المحكمة لخمسة عشر عاماً يُنزّل ملفها من الرفوف العالية وعند بحث محتوياتها تقوم عاصفة بين أعضائها بحيث يفشل الحوار وتسقط الأحاجيج القانونية لتوحيد آراء القضاة فتضطر " الغالبية " أن تصدر القرار المشبوه الذي صدم القوى السياسية كلها لأنه غير منطقيٌّ عقلاً ولا توجد إمكانية لتطبيقه من جهة ثانية .
إن التبعات السلبية للقرار إياه لا تنحصر بحكومة الإقليم و قيادتها السياسية فحسب بل على عموم أطراف العملية السياسية . يجعل القرار حكومة الإقليم في موقع المخالف للدستور وتحت ديون ضخمة جدا تجاه الحكومة المركزية لا تتوفر لديها القدرة على تحملها مما يمكن إعتبارالقرار عملياً عقوبة عليها ، كذلك تنعكس ذات المسؤولية على قيادة حزب الإتحاد الوطني الكردستاني التي كانت شريكة في السلطة في الإقليم طوال تلك السنوات التي يشملها القرار ، ومن جهة ثالثة تنعكس تبعات القرار على الكتلة الصدرية حليفة حزب الوطني الديمقراطي الكوردستاني والمؤمل أن يكون المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة والتي يتوجب عليها تنفيذ القرار . لقد ظن الفاعلون في المحكمة الإتحادية العليا بإصدارهم هذا القرار أنهم يدقون إسفيناً في ضلع تحالف الصدر والكورد والسيادة ويحققون بذلك فرصة لجماعة الإطار التنسيقي لتكوين الكتلة النيابية الأكبر والعودة إلى السلطة ثانية أو على الأقل ضمان إنتخاب برهم صالح بدلاً من هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية .
في جميع الحالات المماثلة تنعق بعض وسائل الإعلام وتنظم المقابلات التلفزيونية يحضرها " محللون سياسيون أو خبراء قانونيون ومستشارون " يصفون الحدث بالشكل الذي يصب في ما يرغبون لكنهم ينسون أن العراق بلد المعجزات وقادرٌ على الخروج من كل الملمّات والمصائب على عظمتها بأسلوب لا يخطر على بال أي منهم بينما هناك طريقان ما زالا سالكين للعراقي الذي وصفه الشاعر العراقي الراحل شاكر السماوي :
تترجرج ممشاها الوادم وآنا أشبخ من هامة لهامة
عراق اليوم ، كنظام حكم ، فيه مجلس نواب منتخب ورئيس جمهورية مدعوم بقرار من المحكمة الإتحادية العليا أن يبقى في الرئاسة لحين إنتخاب بديل وهناك رئيس لمجس الوزراء لتصريف الأعمال ، أي وزارة منقوصة الصلاحية . إن هذا النظام يمكن أن يستمرلسنوات ويمكن إكمال نواقصه وإجراء أية تعديلات وزارية فيه من خلال مجلس النواب المنتخب . أما الطريق الثاني فينطلق من كون قرار المحكمة الإتحادية العليا قد صدر ب " الأغلبية " فمن الممكن جعل المحكمة تفتح الملف ثانية و" تتدارس قرارها " وتصدر قراراً جديداً بإلغاء القرار الأوّل ، ويا دار ما دخلك شر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث