الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذارِ الاقتراب من «الهيبة!»

ضيا اسكندر

2022 / 2 / 20
الصحافة والاعلام


من المعروف أنه في كانون الأول عام 2021 اقترحت وزارة الاتصالات السورية مشروع تعديل قانون "مكافحة الجريمة المعلوماتية" رقم (17) لعام 2012 للمناقشة أمام مجلس الشعب، بغية المزيد من التشدد في محاسبة الناشطين عبر وسائل التواصل الافتراضي.
لقد أثار اقتراح مشروع تعديل القانون في الأيام الأخيرة جدلاً واسعاً بين السوريين. ولاقى استهجاناً شديداً. لأنه سيعطّل حرية الرأي والتعبير ويشكّل خطراً على المواطنين في كل جملة يكتبونها أو طرفة ساخرة يتداولونها. وهذا القانون يُعدّ سيفاً مسلطاً على رقاب كل من تسوّل له نفسه توجيه نقد لمسؤول. كاتهامه بالتقصير أو الإهمال في عمله أو عدم كفاءته لشغل الوظيفة.. فهذا النقد برأي المشرّع هو نَيل من شرف الموظف ومن كرامته. والغريب في الأمر أن القانون ساوى في العقوبة بين انتقاد موظف وذمّ رئيس الدولة. ثم أن العقوبة بالغة الشدة تصل بعضها إلى السجن سبع سنوات بالإضافة إلى الغرامات الباهظة والتي تصل حتى إلى عشرة ملايين ليرة.
ومشروع القانون المقترح يتضمن مجموعة من العبارات الملتبسة وغير الواضحة مثل: «النيل من هيبة الدولة» و «إثارة الرأي العام» و «النيل من هيبة الموظف» دون أن يكلّف المشرّع نفسه عناء تفسير هذه العبارات وما قد تحمل في طيّاتها الكثير من التهديد والوعيد لأصحاب القلم الحر. والتي تهدف عملياً إلى إغلاق آخر نفس للمواطن السوري بعد حرمانه من أدنى متطلبات الحياة الكريمة ووصوله إلى آخر المقاييس العالمية في مختلف مناحي الحياة. في ظل فساد حكومي مستشرٍ وقبضة أمنية خانقة. فقد ذكرت غادة ابراهيم، مقررة لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في مجلس الشعب، في معرض تفسيرها للتعديل الأخير على المادتين المذكورتين، أن اللجنة أعادت صياغة المادتين المتعلقتين بـ«النيل من هيبة الدولة والنيل من هيبة الموظف» بالقول: "إن الإساءة إلى الدولة أشدّ من الإساءة إلى الأشخاص، ويجب الفصل بين الجريمتين وعقوبتهما؛ إذ إن العقوبة في حال كانت الإساءة لموظف الدولة بصفته الوظيفية أشدّ من الإساءة له بصفته الشخصية"، وفق تعبيرها. وكما يقال: وفسّر الماءَ بعد الجهد بالماء!
والأدهى والأمرّ أن النيابة العامة تقوم بتحريك دعوى الحق العام ضد (الجاني) حتى لو لم يتقدّم المتضرر بشكوى أو ادّعاء شخصياً!
ومن المدهش أيضاً أن مشروع القانون وعوضاً عن أن يكون باقتراح من وزارة الإعلام ويخضع إلى قانون الإعلام، فإن مشروع القانون الحالي كان بقرار من وزارة الاتصالات!
بقي أن نقول لقد اعتدنا في هذا البلد أن يُلاحَق من يقوم بنشر الغسيل الوسخ، ويُغَضُّ الطرف عمّن قام بتوسيخه. فقد اعتُقِل الكثير من الناشطين داخل سوريا مؤخراً بتهم النيل من هيبة الدولة ونشر «أنباء كاذبة توهن عزيمة الأمة» و«إضعاف الشعور القومي» وغيرها من تهمٍ ما أنزل الله بها من سلطان، الغاية منها الإمعان في سياسة كمّ الأفواه وتخويف وتدجين أصحاب الضمير والباحثين عن الحقيقة.
باختصار، القانون برمّته يسعى إلى حماية الفاسدين الذين يسرحون ويمرحون ويكدّسون ثرواتهم بشكلً علني، مستغلّين الأزمة التي تعصف في البلاد منذ أكثر من عشر سنوات، ويأملون باستمرارها خدمةً لمصالحهم وجشعهم، حيث لا حسيب ولا رقيب. وجاء قانون الجريمة المعلوماتية ليزيد الطين بلّة.
إن ألف باء مكافحة الفساد في أي بلدّ في العالم هو الإعلام الحرّ والشفاف، والديمقراطية السياسية والعدالة الاجتماعية والقضاء النزيه العادل والمستقل.. وهذا ما نفتقر إليه تاريخياً في هذا البلد المنكوب والمعذّب منذ عشرات السنين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو