الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاة الأديب السوريّ وليد إخلاصي منتصبًا كنخلة وسط دمار مدينته حلب

أدهم مسعود القاق

2022 / 2 / 20
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


د. أدهم مسعود القاق، كاتب سوري مقيم في الإسكندرية
أعلن اليوم عن وفاة الكاتب الأنيق وليد إخلاصي، توفي صامدًا في مدينته حلب بمواجهة تسلّط الموت على شعبه، بمواجهة سياسات الطائفية والتكفير التي أغرقت سوريا في زنازين الاعتقال ودروب التهجير القاتل، وفي سياسات تحطيم مجتمعها وقتل شبابها، وفرض الاحتلال الأجنبي على أراضيها.
ولد وليد إخلاصي (1935-2022) في إسكندرونة، وعاش في حلب، حصل على دبلوم الدراسات العليا في الزراعة في جامعة الإسكندرية بمصر.
نوّع في كتاباته، وجرّب في القصة والرواية والمسرح والنقد... صدرت روايته الأولى (شتاء البحر اليابس) 1965،... و(ملحمة القتل الصغرى) 1994 وصف في أعماله أحياء حلب وميزاتها وعراقتها، وله رواية (السيرة الحلبية) 2010، التي تعتبر أنموذجًا للتخييل السيريّ، فالسارد "سلام المحارب" هو نفسه المؤلف، ابن مدينة حلب، الذي أمضى سني حياته في مجال الكتابة حتى بلغ السبعين من عمره، إذ وقع في فخ الوحدة والسكون مسترجعًا أعماله السابقة وهو سجين منزله، إلى أن يأتيه عرض في دولة خليجية، يسافر، وهنا، يصطنع الكاتب ساردًا جديدًا هو عبد القادر الذي تحول إلى ثائر بمواجهة الفرنسيين، وغطّى هذا السارد مواجهات السوريين للاستعمار الفرنسي، ووصل بالزمن التاريخي للرواية حتى ما بعد حرب 6 اكتوبر/ تشرين73، وتحول ابن عبد القادر إلى جهاديّ إسلاميّ، بعدما تزوج الأب من نساء عدة، إلى أن يقتل الابن في دمشق.. تزداد الشخوص في الرواية بين أولاد عبد القادر وابنته وأولادها... إلى أن يحاصر عبد القادر في داره بهدف اعتقاله.. ويرجع الكاتب للسارد الأول، أي للسيرة الحلبية، سلام المحارب، وينتهي بفشله، ويلغي مشروع كتابة السيرة...، تجد أنّ الكاتب كان حريصًا على التوسع بأحداث وقعت في حلب؛ إذ اُعتدي على أبنيتها التاريخية من قبل تجار البناء، كما ورد في السرد، ويحكي عن تشوهات حصلت في عمرانها وعلى ناسها الطيبين المتدينين، الذين يؤمنون بالكرامات الصوفية، ومن ثمّ يتحول السارد إلى رجل سياسة وعلم اجتماع مستقيلًا من فعل الكتابة الإبداعية.
أما روايته (الحروف التائهة) 2010 فهي مثال على تحميل الرواية مظاهر دينية إسلامية واستلهامه التاريخ، فيقرأ المتلقي مشاهد من ضرب الشيش وألعاب السيف والترس، والموسيقى الطقوسية وزينة مصابيح رمضان وحفل زفاف محافظ على طابعه الدينيّ التراثي، كل ذلك والرواية تتحدث عن التحولات السياسية في سورية زمن الوحدة والبعث حتى السبعينيات. كتب إخلاصي القصة القصيرة، وارتكز في بناء قصّه على تقنية التناسل، ومن إصداراته مجموعة: (قصص) 1963)... و(يا شجر يا..)1981. ولعل وليد إخلاصي لم يستطع أن يصطنع ساردًا مستقلًا عن المؤلف في أعماله السردية، بل كانت أعماله تُصاغ بوعي كامل منه، فالمؤلف الفعلي يتطابق مع المؤلف الضمني وهو السارد، بل لم يشرك قارئًا ضمنيًّا في نصوصه السردية إلّا بالمقدار الذي يسمح به بصفته المؤلّف العارف لكل ما تتطلبه عملية السرد.
وفي مسرحياته طغى على شخصياتها مسحات حزن وإحباط، -وأحيانًا- توق لحياة أفضل، وأبرز موضوعاتها: مناهضة الاستغلال والقهر المجتمعيين بظل سلطة استبداديّة، والمسألة الوطنيّة، ومن نصوصه: الأيام التي ننساها، ويوم أسقطنا طائر الوهم، عالج فيهما قضية مواجهة العدو الإسرائيليّ، إضافة إلى نصوص أخرى عالج فيها الحياة المجتمعية مثل: الديب التي أبرز فيها خطر الجريمة، وكيف تصعد دون أن تقع، وسهرة ديمقراطية قدّم فيهما صورة ابن السلطة الوصولي والفاسد مشيرًا إلى القهر السلطويّ البشع، وفي مسرحية فرح شرقيّ عالج الصراع بين الأغنياء والفقراء، ثمّ كتب مونودراما أيها الحضور الكريم عن القهر المتولّد في أثناء تعرّض الفرد إلى صعوبات الحياة، ومن يقتل الأرملة، عالج فيها المفارقة بين الفقير صاحب القيم النبيلة، والثري المنحطّ اخلاقيًّا، وهذا النهر المجنون صوّر فيها تبعات الإصلاح الزراعيّ المريرة على الأرض التي هجرها فلّاحوها، وفي نصيّ السماح على إيقاع الجيرك، والصراط أشار إلى الفساد المنتشر في الأوساط الفنية.
رحم الله الأستاذ الكاتب السوري وليد إخلاصي، الذي صمد في مدينته حلب على الرغم من قساوة العيش بظل صراع عبثيّ وجهته سلطة البعث الأسدي بما يخدم مصالحها وفسادها وقهرها وطائفيتها المقيتة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة