الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدوان التركي .. والصمت المطبق ..!

هرمز كوهاري

2006 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تؤكد المصادر المطلعة ، أن تركيا بصدد بناء سدا عملاقا على نهر دجلة وأن هذا السد قد يحجز ما يزيد على نصف كمية مياه دجلة التي تدخل من تركيا ، وإن معنى هذا ، أنه سيقضي على نصف الاراضي الزراعية التي يمر بها نهر دجلة ويحيلها الى صحراء قاحلة ، خالية من الزرع والضرع والبشر والبقر ، إن عملها هذا يشكل عدوانا صارخا على حقوق العراق الطبيعية التي يضمنها حق البلدان التي تشترك في مياه الانهر الدولية ، وإنه ليس من حق دولة ما أن تستأثر بحصة الاسد وتحرم بقية الدول التي يمر بها النهر من مياهه وخيراته .

إن الدول قد تعلن الحرب أحيانا عند سرقة بئرا من آبار النفط ، أو يإقتطاع بضع كيلومترات من أراضيها ، إنطلاقا من الدساتير التي تنص على حماية ، ".. أرضها ومياهها وسمائها ..الخ " ، إن في الحالة أي إقتطاع القسم الاكبر من مياه العراق بمثابتة إقتطاع قسما من أراضيه ،لأن حرمانها من المياه ، تحيلها الى صحراء قاحلة خالية من الحياة وهذا لا يختلف عن الإقتطاع الجغرافي . وهو أخطر من سرقة بئرا نفطيا ، فإذا كان بإمكان الشعوب أن تعيش بدون نفط كما عاشت قديما إلا أنها لا يمكنها أن تعيش بدون مياه ولو يوما واحدا .

كثيرا من الدول والشعوب تعيش بدون نفط ، بل ربما تسعون بالمائة من الدول ليس لها نفط وتعيش أفضل من كثير الدول التي لها نفط ، كما عاشت قرونا بدون نفط كما ورد أعلاه، ولكن لا نتصور شعبا عاش بدون ماء أو زراعة أو ثروة حيوانية ، كما أن هناك دول وشعوب تعيش ضمن أراضي قليلة المساحة وكثيرة السكان والمياه مثل اليابان التي تعيش أفضل من كثير من الدول والشعوب كبيرة المساحة، ولا يمكن مقارنتها مع أثيوبيا أو موريتانيا كبيرتا المساحة وتفتقر الى المياه وبالتالي الى الغذاء بحيث يكون شغلهم الشاغل المجاعات نتيجة الجفاف !.

إن هجرة الشعوب والاقوام التي نقرأ عنها في التاريخ ، كانت أكثرها بحثا عن الماء والكلأ ، وهذا ما سيودي بالعراق مستقبلا بالنسبة الى الجزء الذي سيحرم من المياه على الاقل ، إذا لم تعالج هذه القضية ، فقد تزحف مئات الالاف من الفلاحين الذين سيفتقدون الماء وتتحول أراضيهم الزراعية الخصبة الى صحراء قاحلة لا تنبت الزرع ولا تعيش الحيوانات البرية والمائية ، سيزحفون الى المدن طلبا للعمل والعيش وبالتالي تخلق مجاعات وصراعات على اللقمة ، صراعات بين الجماعات لا تنتهي ولا يمكن السيطرة عليها، أو تلجأ الى الهجرة الى خارج العراق كجماعات متسكعة على أبواب الدول الاخرى يعاملونهم مثل الدخلاء المنبوذين هذا إذا تمكنوا من الحصول على اللجوء ، ويتحولون الى لاجئين عراقيين من ضحاية الاضطهاد الى ضحالة العطش !!

إن معالجة المشكلة لم تكن بالمقالات والخطب النارية بالتنديد بهذا العمل ولكن الامر خطيرجدا الى درجة يتطلب رفع شكوى الى مجلس الامن لأن هذا العمل يشكل عدوانا صارخا على حقوق العراق ،التي ضمنتها الاتفاقيات الدولية بضمان حقوق الدول في مياه الانهر الدولية ، أي الانهر التي تجري في أكثر من دولة واحدة . وهذا ما نص عليه الدستور العراقي ووالقسم الذي أدوه النواب والوزراء بصورة صريحة واضحة وليس ضمناً .

وقيل أن تركيا تنوي أن تتاجر بما ستخزنه من المياه الى الدول التي تفتقد الى المياه ، إضافة الى أنه عملا إستفزازيا وعامل ضغط لمطالب أعم وأشمل كمطالبة في كل أو جزء من " لواء الموصل " !! إحياءا لمشروعها القديم سيئ الصيت ، بعادية اللواء المذكور اليها ! أو المطالبة بالمساهمة في الاشراف على كركوك بحجة حماية الجالية التركمانية! وغيرها أو تشكيل حزام أمني على حدودها قد يمتد عشرات الكيلومترات داخل الحدود العراقية بحجة مطاردة حزب العمال الكردستاني " الارهابي " كما تدعي !! وسبق لتركيا أن بَنَتْ ما يقارب عشرين سدا صغيرا ، وحسب ما تشير تقارير خبراء المياه أن تركيا ليست بحاجة الى كل هذه السدود لأغراض زراعية لما يتوفر عندها المياه الجارية غير المخزونة ولكن لها أغراضا سياسية من ورائها .

إن العراق إتبع سابقا سياسية مائية خاطئة بعدم خزن ما أمكن خزنه من المياه دون أن يكون من حق أي جهة الاعتراض بإعتباره ليس هناك دولة تصب فيها الانهر بعده بعد خروجها من العراق بل تصب في البحر ،و بالرغم من كون سياسة خزن المياه تشكل خزينا إحتياطيا ، تساهم أيضا في توزيع المياه على اكبر مساحة زراعية ممكنة ، وتقي القرى والارياف من خطر الفيضانات ، التي كانت تعاني منها المنطقة الجنوبية سنويا وكانت الفيضانات لغاية سنة 1954 تكتسح أمامها الزرع والحيوانات والبيوت ، وتخلف وراءها مستنقعات تكون مصدرا للبعوض والامراض .

أذكر في ربيع سنة 1954 أصبحت بغداد مطوقة من المياه ، وكانت مهددة بالغرق ، كنا نستمع الى البيانات تذاع أحيانا كل ريع ساعة عن مستوى التيار ، وإذا وقفتَ على السدة الشرقية كنتَ ترى المياه على مدى البصر كبحيرة لا نهاية لها من مياه نهري دجلة و ديالى ، ولولا جرأة مجلس الوزراء وفي مقدمتهم الوزير سعيد قزاز الذين قرروا كسر سدة الثرثار لكان مصير بغداد الغرق ! إذا لم يكن كلها فالقسم الكبير منها .

إن كل هذه المشاكل وغيرها التي يعاني وسيعاني منها العراق ، هي متأتية لكون العراق " بستان مثمر ولكن بدون سياج "!!. إن الصراع المفتعل بين الطوائف الدينية والفئات القومية ساهم مساهمة فعالة الى إيصال العراق الى ما هو عليه وقد يواجه الاسوأ مما قد نتصوره إذا إستمرت الصراعات والانقسمات القومية والطائفية .

برأي المتواضع، ، أن الامر يتطلب جلسة خاصة من مجلس النواب ، والطلب من الحكومة التصرف بمستوى الحدث ، وإثارة الموضوع في الجامعة العربية بالرغم من عدم فعالية الجامعة المذكورة كما نعلم !، ومن ثم عرض الموضوع على مجلس الامن الدولي ، لخطورته ، حيث يتسبب موت مساحات كبيرة من الاراضي العراقية ، وهذا لايختلف عن إقتطاع الاراضي من جسم العراق ، ولا ننسى ما جاء في الدستور وفي قَسَم المسؤولين " ... حماية أرضه ومائه وسمائه ...."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنباء متضاربة عن العثور على حطام مروحية الرئيس الايراني


.. العراق يعرض على إيران المساعدة في البحث عن طائرة رئيسي| #عاج




.. التلفزيون الإيراني: لا يمكن تأكيد إصابة أو مقتل ركاب مروحية


.. البيت الأبيض: تم إطلاع الرئيس بايدن على تقارير بشأن حادثة مر




.. نشرة إيجاز - حادث جوي لمروحية الرئيس الإيراني