الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نَبْشٌ في الذّاكرة

الطاهر المعز

2022 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أخبار وتعليقات:
جمع وتقديم - الطاهر المعز

ليس المهم ان يموت الانسان قبل ان يحقق فكرته النبيلة، بل المهم ان يجد لنفسه فكرة نبيلة قبل ان يموت. غسّان كنفاني 1936 - 1972

1
المغرب - في ذكرى احتجاجات 20 شباط/فبراير 2011

انطلقت الحركة في خضم انتفاضات تونس ثم مصر، سنة 2011، وجمعت شبابًا غير منتمين سياسيا، قبل أن تصبح إطارًا يجمع عددًا من التيارات الفكرية والسياسية المنتوعة، جمعتها شعارات حقوقية و "ديمقراطية، إصلاحية"، أهمها تقليص صلاحيات الملك، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومكافحة الفساد، وتوسيع هامش الحُرّيّات، مع شعارات ذات صبغة اقتصادية واجتماعية منها العدالة الإجتماعية وتوفير الشُّغل للمُعَطّلين عن العمل وتوفير الخدمات الإجتماعية للجميع، وكانت بعض التيارات داخل الحركة تريد فتح حوار مع المَلِك الذي تمكّن من احتواء الحراك الذي توسّعت رُقعته إلى جميع مناطق المغرب وإلى العديد من الأحزاب والمنظمات والجمعيات والنقابات، فأعلن إجراء "تعديلات دستورية"، وانتخابات تشريعية سابقة لأوانها، أدّت إلى فَوز الإخوان المسلمين (حزب العدالة والتنمية)، مثلما حَدَثَ بتونس ومصر، غير أن الإخوان المسلمين لا يزالون "يحكمون" بالمغرب، أي يُنَفِّذُون مُخطّطات الملك، مع إضْفاء لون إسلامي عليها، ضمن ائتلاف لا يعصي للملك أَمْرًا، وبذلك تم خلق خلافات داخل حركة 20 فبراير وسحب البساط من تحت أقدامها، ولم يَحُلْ "التّعديل الدّستوري" دون ارتفاع حجم الفساد والفقر والبطالة والقمع، ولا تزال مطالب الحركة مرفوعة، إلى جانب مطالب أخرى عديدة، بعد أكثر من عقد على ميلاد الحركة، وفي الأثناء كانت انتفاضة الرّيف التي انطلقت من مدينة "الحُسَيْمَة" سنة 2017، شمال البلاد، وانتفاضة مدينة "جرادة" بشمال شرقي البلاد (2017/2018) وما رافقهما من قمع رهيب وقَتْل وإصابات واعتقالات...
بعد ارتفاع الأسعار، خلال الرّبع الأخير من سنة 2021، وما خلّفته من غضب شعبي وتظاهرات في العديد من مُدُن البلاد، صدرت بيانات عن العديد من المنظمات ومنها بيان وقّعَهُ بعض مؤسسي حركة 20 فبراير في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ينتقد توجّهات الحكومة (ائتلاف برئاسة الإخوان المسلمين) والإرتفاعات المتتالية لأسعار السّلع والخَدَمات الأساسية، وزيادة الضّرائب على الرواتب وعلى الإستهلاك، وخفض السن القصوى لمن يحق لهم المُشاركة في مناظرات الوظيفة العمومية (التعليم على سبيل المثال)، وتحجيم الحُرّيّات (اعتقال صحافيين )، وندّد البعض بالتراكم السّريع وغير المشروع لثروات بعض المسؤولين السياسيين ومن قيادات الإخوان المسلمين، بالتوازي مع انتشار الفقر وانخفاض القيمة الحقيقية للرواتب، بينما يُعاني الفلاحون من مُخلّفات الجفاف وشُحّ المحاصيل الزراعية، وارتفع سعر أعلاف الحيوانات، في حين تستنزف الشركات الأجنبية المياه الجوفية والتربة وتُلَوِّثُ المناخ لتصدير إنتاجها الزراعي، ذي التكاليف المنخفضة بالمغرب، إلى أسواق بلدان الإتحاد الأوروبي، حيث تُباع بأسعار مرتفعة تُمكّن هذه الشركات من جني أرباح هامّة، على حساب الشعب والفلاح المغربي...
لم يتميز الإخوان المسلمون، الذين يقودون الحكومة منذ 2011، بخدمة الكادحين وبالإنحياز لصف الفُقراء، بل خدَمَتْ قياداتهم، مثل الحكومات السابقة، مصالح الإحتكارات الأجنبية ومصالح الدّول الإمبريالية، وانضَمَّ الإخوان المسلمون إلى الفئات الكُمْبْرادورِيّة (وَكِيلَة مصالح الإمبريالية والإحتكارات الأجنبية) التي تخدم مصالح الأثرياء، وتتعارض بالتّالي مصالحها مع مصالح العاملين والكادحين والأُجَراء والفُقراء، ما يُعَلِّلُ الحراك المُستمر، احتجاجًا على ارتفاع أسعار السلع الغذائية وفواتير المياه والكهرباء، وخفض الدّعم الحكومي لأسعار المواد الأساسية، وعلى غياب العدالة الإجتماعية...
حاول الإعلام الرسمي وإعلام بعض المجموعات المعارضة، من أحزاب ونقابات وجمعيات، الإلتفاف على الحراك الشعبي، العفوي في معظمه، وحاولت السلطة احتواءه، وإشغال المواطنين بالإعتراف الأمريكي بسيطرة المغرب على الصّحراء الغربية (مُستعمرة إسبانية حتى سنة 1975) مقابل التّطبيع الرّسمي مع الكيان الصهيوني، ومقابل تسهيلات عسكرية إضافية للجيش الأمريكي، وللمخابرات الصهيونية، لكن عادت حركة الإحتجاج، ذات الصبغة الإقتصادية والإجتماعية إلى الشوارع والسّاحات، غير أنها تفتقر إلى التنسيق على الصعيد الوطني، وتفتقر إلى خطّة وبرنامج لتجاوز تكتيكات النظام الذي يُراهن على إنهاك المُحتجّين بالتجاهل حينا وبالقمع أحيانًا، ولا يختلف نظام الحكم المغربي ولا الحركات الإجتماعية بالمغرب عن مثيلاتها بالبلدان ىالعربية الأخرى، كتونس ومصر ولبنان والأردن...
*****
بعد نَشْرفقرات بعنوان "المغرب - في ذكرى احتجاجات 20 شباط/فبراير 2011"، أوردَتْ وكالات الأنباء خبر تجمُّع المتظاهرين أمام مقر البرلمان، بالعاصمة الرباط، بالتزامن مع مدن مغربية عديدة، في ذكرى انطلاق حركة 20 شباط، احتجاجا على الأوضاع المعيشية، وكانت أهم الشعارات: "حرية.. كرامة .. عدالة اجتماعية" و"علاش جينا واحتجينا .. المعيشة غاليا علينا"،وهي نفس مطالب 2011، فضلاعن الإحتجاج ضد الفساد والاستبداد، والمطالبة بالمساواة والعدالة والحرية الإجتماعية"، ورفع بعض المتظاهرين يافطات تطالب "بالتوزيع العادل للثروات المنهوبة سواء من طرف المافيات المحلية أو الشركات متعددة الجنسيات"، كما احتج المتظاهرون على ارتفاع الأسعار، وخاصة بعض المواد الأساسية مثل الزيت والدقيق.
أما السّلطة (الحكومة) فكانت منهمكة في استقبال وزيرة الاقتصاد الصهيونية التي تؤدّي زيارة لأربعة أيام إلى المغرب بهدف "تطوير العلاقات الاقتصادية بين الدّوْلَتَيْن، وتعزيز تطبيع علاقاتهما من خلال توقيع اتفاقية تاريخية للتعاون الإقتصادي والتجاري، يوم الإثنين 21/02/2022"، بحسب المواقع الرسمية الصهيونية، وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة وزير الحرب الصهيوني، وتوقيع اتفاق تعاون أمني، وتصدير الكيان الصهيوني معدّات تكنولوجية حربية واستخباراتية إلى المغرب، كما سبق لوزير الخارجية الصهيوني زيارة المغرب، في آب/أغسطس 2021، مع الإشارة أن المغرب، كان يستورد من الصهاينة، قبل الإعلان الرسمي عن التطبيع، معدّات النقل والمطاط والبلاستيك والمنتجات الكيميائية
*****
2

مؤتمر ميونخ الأمني السّنوي:
عند تأسيسه كان من المُقرّر أن يهتم مؤتمر ميونخ بقضايا "الأمن عبر المحيط الأطلسي"، ففي كل عام في شهر شباط/فبراير، يناقش "صناع القرار الدوليون" في مدينة "ميونخ"، عاصمة ولاية "بافاريا"، جنوب ألمانيا، مستقل الأزمات الحالية والتحديات الأمنية المستقبلية.
تأسس مؤتمر ميونخ للأمن سنة 1963 كاجتماع ألماني أمريكي لتبادل المعلومات حول القضايا الأمنية، ولمعرفة ما تم إنجازه وما لا يزال يتعين القيام به فيما يتعلق بالأمن الدولي، ثم تطور ليصبح اجتماعًا مهمًا للخبراء في السياسة الأمنية الدولية، بحضور أكثر من 500 ضيف و1300 صحفي.
انعقدت الدّورة السنوية الثامنة والخمسون من يوم الجمعة 18 إلى يوم الأحد 20 شباط/فبراير 2022، بمشاركة ما لا يقل عن ثلاثين رئيس دولة وحكومة وأكثر من مائة وزير، بدون حضور روسيا التي تتهمها الولايات المتحدة وأوروبا بالتحضير لغزو أوكرانيا، وشكلت دراسة الإستراتيجية "الغربية" لمواجهة روسيا، الموضوع الرئيسي لهذه الدّورة، فيما أعلنت وزيرة خارجية ألمانيا "إن روسيا بصدد تقويض قواعد النظام الدّولي"، ويدرس المؤتمر "التحديات الأمنية في أفغانستان وإيران ومنطقة الساحل الإفريقي والقرن الإفريقي وأوروبا الشرقية" (أي المناطق التي تشن بها الإمبريالية وحلف شمال الأطلسي حروبًا عدوانية)، لكنه يدرس أيضًا سُبُل احتكار الأمن الغذائي، تحت عنوان "الحاجة إلى تغيير أنظمة التغذية العالمية وتغيير البُذُور"...
ادّعت وزيرة الخارجية الألمانية ومعظم صحف البلاد، منها صحيفة "بيلد" المُغرِقة في اليمينية "إن روسيا تُهدّد السّلام في أوروبا، وتستفز حكومات العالم الحُرّ..."، واغتنمت الولايات المتحدة فُرصة الزّوبعة التي أثارتها بخصوص أوكرانيا، لتزيد من الضغط على الإتحاد الأوروبي بهدف زيادة الإنفاق على السلاح وزيادة المشاركة في الحروب العدوانية لحلف شمال الأطلسي، واقترح رئيس مجلس الإتحاد الأوروبي "شارل ميشيل" (بلجيكا) عقد مؤتمر للمانحين لزيادة الدّعم المالي لأوكرانيا ولمساعدتها على مواجهة روسيا، بدعم من حلف شمال الأطلسي "العمود الفقري للدّفاع الأوروبي"، بحسب رئيس مجلس الإتحاد الأوروبي، وهو رأي يدعم التهجمات ضد روسيا الصادرة عن وزارتَيْ الحرب بفرنسا وألمانيا، ويدعم تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية المُساندة للولايات المتحدة وكندا وبريطانيا الدّاعية إلى حرمان الإقتصاد الرّوسي من الوُصُول إلى السوق المالية الدّولية، كما يدعم تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ويُخالف مقترحات إنشاء إطار دفاعي أوروبي مُستقل عن الولايات المتحدة.
تعمل الولايات المتحدة، منذ رئاسة رونالد ريغن، في ثمانينيات القرن العشرين، وخاصة بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، على تقويض نظام توازن القوى الذي خلقته الحرب العالمية الثانية، لأن أحد طَرَفَيْ الصّراع لم يعُدْ موجودًا، وبدَل حلّ حلف شمال الأطلسي، عملت الإمبريالية الأمريكية على توسيع نفوذه، وتمدّدِه لمحاصرة روسيا والصّين، كمُنافسَيْن ضمن المنظومة الرأسمالية العالمية، بعد تَخَلِّيهما عن ادّعاء الإشتراكية، وتحاول الولايات المتحدة وأوروبا الزّجّ بما أسماه البيان الختامي للمؤتمر "الدّول المتأرجحة في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية"، في "الدّفاع عن الغرب"، أي العُدوان ضد روسيا والصّين، وربما إيران، مجانًا وبدون أي مقابل ولا حتى وُعُود، وإمعانًا في التبعية للولايات المتحدة، صرح المستشار الألماني (رئيس الحكومة الإتحادية) "أولاف شولتس": "من غير المقبول أنْ تُواصِلَ إيران تخصيب اليورانيوم وتُعَلِّقَ مراقبة الوكالة الدّولية للطاقة... لا يمكن قُبُول التّسلّح النّوَوِي لإيران، لأن أمن إسرائيل غير قابل للتفاوض"، وتُشكّل الجملة الأخيرة مَرْبَطَ الفَرَسِ، لأن ألمانيا تبيع الكيان الصهيوني غواصات قادرة على حمل سلاح نووي، بأقل من ثُلُثَيْ سعرها الحقيقي، أي تدعم الحكومة الألمانية السلاح الذي تبيعه للعدو الصهيوني، من المال العام، أي من ضرائب المُقيمين بألمانيا،ة مهما كانت جنسيتهم وأُصُولهم، كما منحت الكيان الصهيوني، خلال ستة عُقُود، ما يوازي الإنفاق الصهيوني على كافة الحروب العدوانية التي شنها ضد البلدان والشعوب العربية...

حدَثَ يوم 21 شباط/فبراير- ثلاث وقائع
جمع وتقديم الطاهر المعز

3
21شباط/فبراير 1848:
نشَر "كارل ماركس" (1818 - 1883) و "فريدريك إنغلس" ( 1820- 1895 ) كتاب "البيان الشيوعي"
كتبَ فريدريك إنغلس" مُسودة البيان الشيوعي في شكل سؤال وجواب عن مبادئ الشيوعية، بهدف تقديم النص النهائي الذي صاغه "كارل ماركس"، بطلب من المؤتمرين المنتمين للعُصْبَة الشيوعية ( Communist League ) لتوضيح مبادئ وأهداف العُصْبَة، وأهمها "الإطاحة بسلطة البرجوازية وإقامة سلطة البروليتاريا (الطبقة العاملة) مكانها وإلغاء النّظام البرجوازي القائم على التناقضات الطبقية واستبداله بنظام اجتماعي نقيض، يُزِيل المِلْكِيّة الفردية والطبقات..."، بحسب مقررات المؤتمر الثاني، من 28/11 إلى 08/12/1847، وتم تكليف كارل ماركس وفريدريك إنغلس بصياغة الوثيقة، كمشروع بديل لوثيقتَيْن سابقَتَيْن، لم تنالا رضا المؤتمرين، واستقرّ الرّأي على تسمية تلك الوثيقة "البيان الشيوعي" (المانيفستو)...
عرفت شعوب العالم، منذ القِدَم، ثورات ضد الظُّلْم والإضطهاد والإستغلال، لكن انطلقت فكرة الإشتراكية بصيغتها الحالية (والشيوعية، كمرحلة متقدّمة من النّظام الإشتراكي ) من البلدان التي عاشت ثورة صناعية غيّرت نمط الإنتاج الحِرفي والزراعي إلى نمط رأسمالي يُشغّل عددًا هامًّا من العُمّال الصناعيين (البروليتاريا) الذين لا يمتلكون شيئًا باستثناء قوة عملهم، وأدّى انتشار الآلات وتقسيم العمل إلى زيادة إنتاج السلع وخَفْض تكلفة إنتاجها، ما أدّى إلى إفلاس المُنتجين الصّغار والحِرَفِيِّين واحتكار كبار الرأسماليين لكافة القطاعات، وتقلّص وُجُود بعض الفئات الإجتماعية، ليُصبح المجتمع الصناعي مُقَسَّمًا إلى طَبَقَتَيْن رئيسيّتَيْن: من يملكون أدوات الإنتاج (الرأسماليون) والعاملون الذين لا يملكون سوى قُوّة العمل (البروليتاريا) التي يبيعونها للرأسماليين، كأي سلعة أخرى، لكن هامش العُمّال محدود، ما دام الرأسماليون (أرباب العمل) يُحدّدون سعر ساعة، أو يوم العمل، وأدّى استغلال العُمّال إلى نمو ثروة الرأسماليين (البرجوازية) وإلى تحكّمهم بالمجتمع، وإقرار "المنافسة الحُرّة" والواقع أن عدم توفّر رأس المال الضروري لامتلاك مصنع وآلات ولشراء المواد الأولية، يجعل من "المنافسة الحُرّة" كذبة أو خدعة كبيرة، تُشَرْعِنُ عدم المُساواة وتُشرعن الإستغلال والإحتكار، وعندما تمكن كبار الرأسماليين من احتكار الأسواق الدّاخلية، سخّروا جهاز الدّولة، والجيش، لاستعمار بلدان أخرى، توجد بها المواد الأولية، ويمكن تصريف فائض الإنتاج بها وإعاقة تطور مُجتمعاتها، وهي المرحلة الإمبريالية...
تهدف وثيقة "البيان الشيوعي" إثبات إمكانية إعادة تنظيم المجتمع ليتحول العمل من سلعة إلى قُوّة إنتاج تهدف تلبية حاجة كافة أفراد المجتمع، ويقتضي ذلك انتزاع ملكية وسائل الإنتاج من الرأسماليين، لتصبح مِلْكًا مَشاعًا، أي ملك العُموم (المُجتمع برُمّته)، فالإنتاج يُغَطِّي حاجة الجميع، لو تم توزيعه بالعدل، وفق خطة يُساهم الجميع في إعدادها وتنفيذها، ليحُل التعاون والتّشارُك، محلّ المنافسة، ويُعتَبَرُ إلغاء الملكية الفردية لوسائل الإنتاج شرطًا ضرورِيًّا لإحلال المُساواة والعدالة الإجتماعية، لكن الرأسماليين الذين يتحكّمون بأجهزة الدّولة، وبالأخص أجهزتها الأَمْنِيّة والقضائية، لن يسمحوا بذلك، ويستخدمون العُنف المُسلّح للمحافظة على الثروات التي كَدّسُوها بفعل الإستغلال الفاحش، ما يضطرُّ العاملين (العُمّال وصغار المُزارعين والأُجَراء والفُقراء...) إلى مُجابهة عُنف السّلْطة بالعُنف الثوري، ونعيد التّذكير بضرورة الخِطّة التي يُساهم الجميع في إعدادها وتنفيذها، وتتضمّن تنظيم طبقة العاملين المُستَغَلِّين، في مواجهة طبقة المُستغِلِّين، والرّد على عنف السلطة بعنف الأغلبية (من عُمّال وصغار المزارعين والكادحين والأُجَراء...) التي يمكنها تعطيل الإنتاج وتعطيل سير أجهزة الدّولة...
يهدف النظام الإشتراكي مُشاركة الجميع في عملية الإنتاج وفي عملية تنظيم وتسيير المجتمع، ليُوظِّفَ كل فرد قُدُراته لصالح الجميع، مقابل حصول كل فرد على ما يحتاجه لضمان كرامته، ولتنمية قدراته الذهنية والثقافية وغيرها...
عندما نُشِر كتاب "البيان الشيوعي"، كان النظام الرأسمالي سائدًا في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، لكن لم يتم إلغاء الرّق (العبودية) في أمريكا الشمالية وفي البرازيل (حتى سنة 1887) وفي المُستعمَرات الفرنسية، بمنطقة البحر الكاريبي، وكان ماركس وإنغلس رغم ثورية أفكارهما وممارساتهما، مُتأثِّرَيْن بالمناخ الثقافي العام، ولذلك استخدما عبارات عَبّرا عن استهجانها فيما بعدُ، مثل "الشعوب المُتمدّنَة"، أي التي بلغت مرحلة الثورة الصناعية والرأسمالية، فيما وصفا البلدان والشعوب الأخرى، الواقعة تحت الإستعمار والإضطهاد، بالشعوب "المُتهمّجَة"، التي "لم تبلغ درجة الحضارة أو التّمدّن، وتتميّز بالعُنف"، الذي يعكس في واقع الأمر رَدّة فعل مَشْرُوعة ضد ما تُعانيه تلك الشعوب من عُنف السّلطة، ومن استغلال وقهر، يزيد من قساوة ظروف عيشها، فضلا عن الإحتلال الأجنبي، والإحتلال لا يكون سوى بالعُنف المُسَلّح والعُنف الإيديولوجي والثقافي ونهب الأراضي والثروات

4
21 شباط/فبراير 1965:
اغتيال "مالكوم إِكْس" ( 1925 - 1965 ) رئيس "اتحاد الأفارقة الأمريكيين" (تأسَّسَ سنة 1964) في قاعة المؤتمرات بنيويورك. أما سبب الإغتيال فيعود إلى تَمَرُّده على الوضع الذي كان سائدًا بالولايات المتحدة، حيث تُعْتَبَرُ العُنصرية ضد السود (أحفاد العبيد الإفريقيين) وحتى قتلهم، أمرًا عاديًّا، فقد قَتَلَ العُنصريون البيض أربعة من إخوة أبيه الذي كان رجل دين (قسيس) في مدينة "أُوماها" (ولاية نبراسكا) وينتمي إلى جمعية للسّود (الجمعية العالمية لتقدّم السّود)، ما عرّضَه للمضايقات والتهديدات العنصرية التي لم يسلم منها حتى بعد اضطرار الأُسْرة للإنتقال إلى العيش في ولاية أخرى (ميشيغان)، حيث أحرقت منظمة "كيو كلاكس كلان" العنصرية منزل الأُسْرة، ثم اغتالت الأب، سنة 1931، بتواطؤ من الشرطة، فيما رفضت المؤسسات ملفات المساعدات الإجتماعية والمِنَح القانونية التي قدمتها الأم، التي أصبحت أرملة، لتربية أطفالها الثمانية، ما أدّى إلى إصابتها بانهيار عصبي، وتشريد الأطفال، بعد دخول الأُم مستشفى الأمراض العقلية، سنة 1939، حيث بقيت 26 سنة، قبل أن يتمكّن أبناؤها من إخراجها...
يعود اختيار مالكوم للقب "إكس" (أي مجهول الهوية)، بدل لقب "ليتل" الذي منحه المُستوطنون البيض لأجداده الذي جُلِبُوا قَسْرًا من إفريقيا، إلى قناعته بتسبُّب العبودية الأمريكية للزنوج في إتلاف الأسماء والألقاب الشخصية للمواطنين السود (المُسْتَعْبَدِين) واستبدالها بأسماء مسيحية.
كان مالكوم إكس يأمل أن يُصبح محاميا، لكن أدّت العُنصرية السائدة إلى حرمانه من متابعة دراسته بكلية الحقوق، رغم نبوغه، فاضطر إلى العمل ماسح أحذية ومارس في نيويورك السرقة والعديد من أنواع الإجرام، ولمّا سُجِنَ، سنة 1946، التقى بأحد السّجناء الذي كان يُردّد: "إن مَن خارج السجن ليسوا بأفضل منكم، وإن الفارق بينكم وبين مَن في الخارج أنهم لم يقعوا في يد العدالة بعد"، ثم أخبَرَهُ إخوتُهُ، سنة 1948، أنهم اعتنقوا جميعًا الإسلام، لأنه "لا يُفَرِّقُ بين الأجناس"، وساعده اعتناق الإسلام (وفق نصيحة إخوته) على تغيير نمط حياته، فاستغل فترة السجن لقضاء ثُلُثَيْ وقته في المطالعة، وأكسبَتْهُ مُناظرات السجن خبرة في الخطابة والجَدَل، والبحث عن الحُجَج والبراهين، وأُطْلِقَ سراحه، سنة 1952، بعد قضاء سبع سنوات (من محكومية بعشر سنوات)، ليتخلص السّجن من داعية وخطيب تمكّن من تنظيم عشرات السجناء السود في تنظيم "أُمّة الإسلام"، التي غادرها مالكوم إكس بعد خلافات مع مؤسسها "إليجاه محمد" الذي كان يدّعي أن الإسلام دين السود فقط، وأن الآخرين متطفّلون، وبعد رحلة طويلة قادت "مالكوم إكس"، سنة 1959، إلى غانا ومصر (حيث التقى الرئيس جمال عبد النّاصر) وسوريا والسعودية وإيران، ولما اشتهر بمناظراته في المساجد والساحات ومحطات التلفزيون، شدّدت الأجهزة الأمنية مراقبته، بداية من سنة 1961، وأقرّ مكتب المباحث الإتحادي (إف بي آي) مراقبة حركاته واتصالاته وهاتفه ومنزله، وتجنيد العُملاء داخل المساجد، خصوصًا عندما بدأ مالكوم إكس ينادي بالحقوق الإنسانية للسود، قبل الحقوق المدنية، ما أدّى إلى اختلافه مع القس مارتن لوثر كينغ ( ولد سنة 1929 واغتيل سنة 1968)، واتهام كينغ بالجبن والمهادنة، وصرّح مالكوم إكس في لقاء تلفزيوني: "إن منهج الدكتور كنغ منهج غير واقعي إنه منهج مشكوك فيه وأنا متأكد أنه لن يصل إلى الهدف الصحيح بهذا المنهج"، وعند اتهامه بالعُنصرية ضد البيض، نفى مالكوم إكس ذلك قائلا: "إن إدانة كل البيض لا تختلف عن إدانة كل السود"، أما عن إسلامه فقال: "عندما تكون عوامل الانفجار الاجتماعي موجودة لا تحتاج الجماهير لمن يحرضها، وإن عبادة الإله الواحد ستقرب الناس من السلام الذي يتكلم الناس عنه ولا يفعلون شيئاً لتحقيقه"
تعرض بيته إلى حريق إجرامي، قبل أسبوع واحد من اغتياله، بعد نجاته وأفراد عائلته من الحريق، وفي الواحد والعشرين من شباط/فبراير 1965، أطلق عليه ثلاثة أشخاص (من منظمة "أُمّة الإسلام" التي غادَرَها) النار فأصابته ستة عشر رصاصة في صدره، عندما كان يخطب فوق منصة قاعة المؤتمرات بمدينة نيويورك
كان التيار السائد، خلال عقدَيْ الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، هو تيار النضال السلمي، غير العنيف، في حين كان مالكوم إكس يدعو إلى "الدّفاع عن النفس بكافة الوسائل الضرورية"، بما فيها المقاومة العنيفة، التي دعات لها منظمات أخرى، بعد اغتياله، مثل "قُوّة السّود" ( "بلاك باور" ) ومنظمة "الفهود السود" التي تتبنى الإشتراكية، وساهم مالكوم إكس وتياره في تغيير مسار نضال السود الأمريكيين، وكان يُردّد: "نريد الحرية والعدل والمساواة بأي طريقة كانت"...
من أقوال مالكوم إكس:
"لقد غيرت القراءة مجرى حياتي تغييرا جذريا، ولم أكن أهدف من ورائها الى كسب أية شهادات لتحسين مركزي، وانما كنت اريد ان أحيا فكريا"
"هنا يرقد رجل اصفر قتله رجل اسود في حرب رجل أبيض كان قد قتل كل الرجال الحمر"
أؤمن بالبشر، وأن كل البشر يجب أن يعاملوا باحترام، بغض النظر عن لونهم... انني احترم حق كل انسان في ان يؤمن بما يعتقد انه الصواب، وانتظر أن أعامل بالمثل... لا يستطيع أي أحد أن يهب لك الحرية، ولا يستطيع أي أحد أن يمنحك العدل أو المساواة أو أي شيء، إن لم تسْعَ بنفسك لنَيْله..."
"لا تتراجع القوة أبدا خطوة إلى الخلف إلا عندما تواجه قوة أكبر منها"
"لا رأسمالية بدون عنصرية... إذا لم تَكُنْ فَطِنًا فإن الجرائد ووسائل الإعلام ستجعلك تكره المضطهدين وتحب الذين يمارسون الاضطهاد، فوسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، لديها القدرة على جعل المذنب بريء وجعل الأبرياء مذنبين، وهذه هي السلطة الحقيقية لأنها تتحكم في عقول الجماهير"
وردت هذه المقولات في كتاب سيرة "مالكوم إكس الذي كتبه ونشره الصحافي "ألكس هايلي"، سنة 1965، من خلال مقابلاته العديدة، واليومية معه، خلال السنوات الأخيرة من حياته، قبل اغتياله، وأخرج المخرج التقدّمي الأسود "سبايك لي"، سنة 1992، شريطا عن حياة "مالكوم إكس"، تم عرضه لأول مرة في مهرجان برلين السينمائي

5

21 شباط/فبراير 1973:
استهدفت طائرات حربية صهيونية، فوق سيناء المصرية، طائرة مدنية ليبية -الرّحلة رقم 114 بين طرابلس والقاهرة- عندما تعرضت الطائرة لعاصفة رملية أبعدتها عن مطار القاهرة، فدخلت أجواء سيناء التي كان يحتلها الكيان الصهيوني منذ عدوان الخامس من حزيران/يونيو 1967، وأدّى القصف إلى إسقاط الطائرة وقَتْل 108 من المُسافرين، منهم وزير الخارجية اللِّيبي "صالح بوبصير"، ولم ينْجُ سوى أربعة مسافرين ومُساعد قائد الطّائرة...
لم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراء ضد الكيان الصهيوني، ولم تُؤَدِّ مساعي عائلات الضحايا إلى أي ملاحقة أو إدانة أو تعويضات، رغم تأكيد الطيارين العسكريين الصهاينة إنهم كانوا مُتيَقِّنِين من أن الطائرة مدنية وتحمل ركابا مدنيين، لا يُشكّلون أي خطر...
قصف الكيان الصهيوني بلدانًا ومنشئات عربية عديدة، من العراق إلى تونس، واختطف طائرات مدنية وقصفت مدارس (مدرسة بحر البقر - مصر) ومصانع (أبو زعبل - مصر) وملاجئ ( ملجأ قنا، مرّتَيْن، خلال عشر سنوات)، ولذلك فإن خطر الكيان الصهيوني يتجاوز فلسطين إلى كافة البلدان والشعوب العربية، وغير العربية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ