الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثرثرة في حافلة

محمد بلمزيان

2022 / 2 / 21
كتابات ساخرة


يضطر المرء أحيانا الى متابعة حديث غير مرغوب فيه، أو ثرثرة تثير اشمئزازالسامعين، حينما نكون في بعض الفضاءات العمومية،في المقهى او الساحات العمومية أوالحافلة والقطار وغيرها من المواقف التي يضطر المرء الى الإستماع لكلام رتيب، قد يكون شكوى شخصية أو تكرار كلام تلوكه العامة بفعل التواتر الشفوي ، وتحاول أحيانا سلوك منطق عدم المبالاة ومسايرة ذلك الحديث، لكنه في أحيان أخرى تضطر الى المتابعة قسرا عنك بفعل ضيق الفضاء كحالة الحافلة وسيارة الأجرة، وتضطر الى اعتماد منطق عدم الإنتباه والغوص في متاهة عدم التفاعل مع ما يسمع ويقال، ليس لكون الموضوع يكتسي طابعا شخصيا أو يتعلق بطرفي الحديث بل أن التفاعل مع المتحدثين في مثل هذه الحالات لا يكتسي أية أهمية، ولا تؤدي الى إفراز أي قيمة مضافة . حدث لي أن كنت مسافرا على متن حافلة متجهة الى مدينة تبعد أكثر من 400 كلم، كان عليها أن تقطع الطريق ليلا منذ بداية المساء للوصول في الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي،حيث شرع شخصان كانا جالسين في المقاعد الخلفية في إثارة أحاديث متقطعة، يبدو أنه يتعلق بمشاكل ذات طابع شخصي ثم تحول بعد ذلك الى ما يشبه شكوى لأحدهما، في حين أن الطرف الآخر يصيخ السمع، قبل أن يتدخل في شكل نصح أو إرشاد، وبعدما طال واستطال الحديث حد الرتابة، تحولا من موضوع شخصي الى إثارة قضايا ذات طابع اجتماعي وثقافي سرعان ما يتخليا عن متابعتها والتحول الى إثارة مواضيع أخرى، فتتكرر الأحاديث ويتمأزق الحوار حتى يصل الى الباب المسدود، هكذا وعلى مدار ساعات طوال استمرت الترثرة بشكل متواصل بانقطاع الحوار بين الفينة والأخرى فيما يشبه التيهان في الفيافي والضياع في متاهة الكلام الفارغ، ومن غرابة أحدهما الذي انطلق في حديثه وكله مسكنة وشكوى تحول فيما بعد الى محلل كذا وخبير يعرف الشاذة والفاذة ، عالم في مجال الفلاحة والصناعة والبر والبحر، بمجرد انتهاء محدثه حتى يلتقط الكلام ويطلق العنان للسانه والتفوه بما شاء من الثرثرة المسترسلة، مستعينا بصوت حنجرته التي تصلح بأن يكون حلايقيا يعرف كيف يجتذب اليه الناس وشد الإنتباه ، فكم أخفيت غيضي وتبرمي من هذا النوع الذميم من البشر الذين لا يحترمون الآخرين ويمارسون نوعا من التهجم على راحتهم ، عبر القصف المتواصل عبر الكلام بصوت غير خفيض، يتناهى الى الناس المجاورين، وكان في كل وقت وحين يتعمد المعني بالأمر الى إضفاء طابع المستملحات على أحاديثه، والميل الى الفكاهة وسرد الأحاجي، الأمر الذي اعتبرته شخصيا وكانني اتابع مسرحية هزلية رديئة الإخراج لعلها كافية لتمرير الوقت للوصول الى المحطة المنشودة، ولو بهذه الثرثرة الزائدةن حيث يتحول بعض البشر الى آلة لصنع الكلام والإسفاف فيه، ومحاولة التأثير في محدثه وإقناعه ولو على سبيل التكرار للكلام وإطلاق اللسان على هواهنه بدون بوصلة وتائها بدون اتجاه، كنت أحاور نفسي محاولا الإجابة عن هذا السؤال المؤرق، والذي تسبب فيه مشكل غياب التعلم ورداءة التعليم من جهة، وتفويت الفرصة على العديد الناس، لعل المتحدثان صورة مصغرة تعكس حجم الضياع للمجتمع وكيف يفتقد المرء للمروءة والأدب كلما كان نصيبه من التعلم ضعيفا ، حيث يكون جاهلا لحقوقه ومواطنته وبالتالي عدم الإعتراف بحقوق الآخرين وجهله له، وفي أبسط صورها وهي حق الإستمتاع بالراحة بعيدا عن الكلام الفارغ و الثرثرة في الحافلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تشابُه
إبراهيم ( 2022 / 2 / 22 - 01:59 )
أوصاف تنطبق على عدد كبير من تجار الدين .. فهم على دراية بما في الأفلاك وأعماق البحر وغياهب النفوس .. وبدقائق أوصاف الجنة والنار .. والغيب .. والماضي والحاضر والمستقبل .. ومناقشته تساوي -ازدراء الدين- أو -إنكار معلوم منه- أو- كفرا صريحا بواحا .. يستوجب القمع والإخراس
مودتي


2 - ثرثرة في حافلة
محمد بلمزيان ( 2022 / 2 / 23 - 12:21 )
قد ينطبق على بعضهم ، ولست أدري هل الحالة التي تحدثت عنه من ذلك النوع، وقد يكون صورة مصغرة لما نعيشه في أوسع الفضاءات العمومية، من عنجهية البعض والتحدث في الناس وإيهام الناس بخبرته في كل شيء وهو في حقيقته لا يعرف أي شيء

اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد