الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج التنموي الجديد.. مساءلة الإطار المرجعي

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في علاقة بالإطار المرجعي الخاص بالنموذج التنموي الجديد، ركز التقرير النظري على المرجعية الإسلامية و ضمنها المذهب المالكي. على مستوى الشكل، هذا واضح، لأنه ينسجم مع منطق الدستور. لكن، على مستوى المضمون لا نجد حضورا لهذه المرجعية باعتبارها الفلسفة التي يجب أن توجه المشروع التنموي و تتحكم في مخرجاته. لقد أشار مقررو النموذج التنموي إلى هذه المرجعية بحكم الواجب، على ما يبدو، و انصرفوا ! لماذا ؟
• لم ينشغل المقررون بالعمق الحضاري العربي الإسلامي للمغرب، باعتباره رأسمالا رمزيا توج المغرب كقائد للغرب الإسلامي، و كقوة متوسطية جنوبية منافسة للضفة الشمالية.
• لم ينشغل المقررون بخصوصية المذهب المالكي ذي النزعة البرهانية المقاصدية التي تحكمت في التدين الإسلامي بالغرب الإسلامي، و كانت بمثابة الوقود الحضاري الذي أوقد الشعلة النهضوية و شيد حضارة الأندلس التي كان المغرب مشيدا رئيسيا لها و حاميها العسكري و قائدها السياسي، هذه الحضارة التي أنجبت الشاطبي و ابن رشد و ابن خلدون كرموز ناطقة بما وصلته حضارة الغرب الإسلامي من تطور و ازدهار، و كان كل ذلك ثمرة تلك الشجرة المالكية التي رسخت مبادئ النموذج المعرفي البرهاني المقاصدي.
عندما أقول: لم ينشغلوا، فأنا لا أقصد، طبعا، الانشغال النظري عبر بسط المفاهيم و تحليلها ! و لكني أقصد أن هذه المرجعية لم تكن حاضرة على مستوى التوجيه الفلسفي للنموذج التنموي المأمول، سواء على مستوى التعليم أو على مستوى الثقافة و الإعلام أو على مستوى النموذج الروحي و القيمي، و كذلك على مستوى الاختيارات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية.
لم ينشغل مشروع النموذج التنموي بهذا البعد الحضاري الإسلامي-المالكي كفلسفة قائدة و موجهة للمشروع التنموي المغربي، و ذلك لأن المغرب، بعمقه الحضاري هذا، أكبر من منتوج لخرائط سايكس-بيكو، هو أمة متجذرة في التاريخ تمتلك من الخصوصية الحضارية ما يمكنها من التموقع كتجربة متوسطية متفردة و قادرة على المنافسة.
لكشف هذا العمق الحضاري و توظيفه كوقود تنموي، كنا في حاجة إلى استراتيجيين من ججم (أحمد داود أوغلو) الذي تمكن من خلال كتابه (العمق الاستراتيجي) من الكشف عن العمق التاريخي و الجغرافي الذي بإمكانه صياغة التجربة النهضوية التركية الجديدة. لا نعدم أمثال أوغلو في المغرب، لكن التوجه الفرنكو-تقنوقراطي للجنة النموذج التنموي حرم المغاربة من اكتشاف عمقهم الاستراتيجي، تاريخيا و حغرافيا، هذا العمق الذي كان بإمكانه تتويجهم كقوة متوسطية فاعلة على نهج أجدادهم.. نقول هذا، عن أسف، و كلنا أمل في تدارك هذه الفجوة العميقة في مشروع النموذج التنموي الجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا