الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب في ذكرى 20 فبراير .. خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء

سعيد مبشور

2022 / 2 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تحل هذه الأيام ذكرى انطلاق حركة 20 فبراير سنة 2011، عندما فرض الشباب المغربي معادلة التغيير على مربع الحكم والطبقة السياسية بأكملها، ورفع شعارات في غاية الدقة والجرأة، تلخصت في الرغبة في القضاء على الفساد والاستبداد، وأثمرت الحركة عن طرح دستور جديد وتحمل قوى جديدة لمسؤوليات التدبير الحكومي وتسيير الشأن العام، وأنضجت سياقا واعدا من الإصلاحات الإيجابية، تحقق بعضها، فيما تم التراجع عن هذا السياق بشكل تدريجي حتى صار حالنا اليوم أشبه بالعودة إلى حيث بدأنا، وعادت الأسئلة المتوارية أكثر حرقة وراهنية، أسئلة حول طبيعة علاقة السلطة بالثروة، وعلاقة السلطة بالمجتمع، وحتى أسئلة عن طبيعة السلطة نفسها، وشعارات الإصلاح السياسي والمؤسساتي والاجتماعي التي تطرحها، وهي الشعارات التي تتميز بالمرونة والمراوحة بين الفعل واللافعل وطول الأمد.
اليوم، وبعد مرور 11 سنة على هذه اللحظة التاريخية، ينبغي أن تكون كل الأطراف، دولة وفاعلين سياسيين واجتماعيين، على وعي تام بدروس ما تم تسميته بالربيع العربي أو الربيع الديمقراطي، فالدولة ينبغي أن تعي أن الربيع لا يأتي مرة واحدة بل يعود عندما تهيئ له الطبيعة الظروف فينجلي غبار الخريف وتنقشع غيوم الشتاء وظلمات لياليه الطويلة، وتخرج البراعم الفنية من بين أخاديد التراب وشقوق الصخر، فتتغير معها كل الألوان والأشكال والملامح.
بعبارة أخرى، غير رومانسية تماما هذه المرة، على الدولة أن تستوعب أن الجرة لا تسلم في كل مرة، وأن المطلوب اليوم هو تسريع وتيرة الإصلاحات والاستجابة الفورية لحاجيات المواطنين، إذ من المعيب أن نتباهى بإنجازات من جهة ثم نعمل على قتلها وإطمارها من جهة أخرى، لذلك على الدولة أن تعمل على تحويل هذه المنجزات من طقس فولكلوري للاستهلاك الدعائي، إلى مشروع وطن وثقافة نرى مخرجاتها بشكل مضطرد على الأرض، وذلك عبر معادلة الشفافية والنزاهة والفاعلية.
كما أن على الطبقة السياسية والفاعلين الاجتماعيين، إدراك الأبعاد الجديدة لحركة المجتمع، خاصة مع الفورة الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي، وعلى هذه الطبقة أن تغير من أدائها عبر ثلاث قنوات رئيسة: الأولى ذاتية وتتعلق بإعادة صياغة المفاهيم والمفاعيل المرتبطة بالخطاب والتنظيم والتأطير بما يتناسب ومستويات الوعي المتنامية التي أصبح يعبر عنها المواطن اليومي، عن طريق الوسائل الأكثر انفتاحا وحداثة وتطورا.
وثاني هذه القنوات، هو التواصل القريب مع المواطنين، إذ إن التباعد الحاصل بين النخب، وبين تطلعات المغاربة، أنتج هامشا لا يفتأ يتوسع من انعدام الثقة في العملية السياسية، وفي ذمم السياسيين، وفي جدوى الانخراط في الأحزاب وهيئات المجتمع المدني، ما يفتح المجال أمام تعبيرات أخرى ذات طبيعة عشوائية تغيب عنها الغائية وتتحرك من خارج الأطر التي من المفترض أن تلعب دور الوسيط في إيصال مطالب الجماهير إلى مؤسسات القرار.
ثالث هذه القنوات، هي حركة النخب السياسية والاجتماعية تجاه الدولة نفسها، إذ إن إحدى معضلات المشهد المغربي تكمن في التداخل الحاصل في وظائف الفعل السياسي بين موقعي التدبير العمومي والمعارضة، حتى أضحت برامج الأحزاب متشابهة وخطاباتها مكرورة ينسخ بعضها من بعض.
لقد دخلت النخب السياسية ومعها النخب المثقفة مع بداية العهد الجديد، في قطيعة تامة مع المنظومة التي أرست قواعدها قوى الحركة الوطنية، القائمة على اعتبار الإصلاح استكمالا لمسيرة التحرير، وعلى اعتبار الوضوح المنهجي من أولى ركائز الإصلاح، هذا الوضوح الذي يقتضي من النخب انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية والوطنية، أن تسمي الأشياء بمسمياتها وتشير بإصبعها إلى مكامن الخلل دونما خوف أو تردد، لاعبة بشكل فعلي دور البوصلة التي تشير إلى حقيقة الاتجاهات والتوجهات، هكذا تتحرك معادلة التغيير الإيجابي التي تفرض أن يسير المغرب بسرعة واحدة لا سرعتين، وتبني فيها الدولة والمجتمع معا واقعا جديدا من الثقة المبنية على منطق النتائج لا محاكمة النوايا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف