الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
من وراء إنقلاب 8شباط الدموي 1963 ؟ الحلقة الثانية والأخيرة/ لمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين على الإنقلاب المشؤوم
صبحي مبارك مال الله
2022 / 2 / 23مواضيع وابحاث سياسية
بينّا في الحلقة الأولى كيف تضافرت جهود قوى الثورة المضادة لغرض إسقاط نظام ثورة الرابع عشر من تموز58 والتنسيق مع قوى داخلية متأمرة وإقليمية ودولية ووضع الخطط بمساعدة المخابرات الدولية وفي المقدمة الأمريكية وهذا التآمر تطلب حشد القوى المضادة حيث كان حجم مؤامرة (8شباط)أكبر من قوى ثورة الرابع عشر من تموز والقوى المساندة للتآمر تعدت العراق إلى دول عظمى مستفيدين من الوقت المناسب للمشهد الإجرامي القادم من خلال الإستفادة من إنقسام القوى الوطنية والديمقراطية، وعزل وإقالة المخلصين لثورة تموز، الحرب في كوردستان، التدخل وإثارة قضية الكويت، العلاقات العربية الصراع مع شركات النفط فالمقدمات كثيرة لتمهيد الطريق أمام الإنقلاب و بعد أن توقفت الثورة عن العطاء و حصلت الإنتكاسة التي عزلت القيادة الوطنية عن الشعب .
لقد قيّم الشهيد سلام عادل (سكرتير الحزب الشيوعي العراقي ) الإنقلاب في رسالة وجهها إلى الحزب ذكر فيها (إن إنقلاب شباط قد بدأ فكرياً وسياسياً وإقتصادياً منذ أواسط 1959 حينما تصرف قاسم بما يشبه الإستسلام للقوى السوداء التي أخذت تسترجع المواقع، واحداً بعد الآخرفي الجيش والدولة وفي الحياة الاقتصادية والمجتمع ومنذ ذلك الحين فأن الخط البياني لتفاقم التهديد الرجعي وتفاقم أخطار الردة قد تموج لعدة فترات صعوداً ونزولاً ولكن كخط عام بقي يتصاعد، وفي 8شباط 1963 أسقطت الرجعية الفاشية السوداء ، حكم قاسم وأستولت على الحكم ) ص550 من الجزء الثاني من كتاب عقود ..عزيز سباهي (أعلاه جزء من التقييم) لقد جرت عدة محاولات لغرض تنفيذ الإنقلاب على الحكم الوطني وبأشكال مختلفة وعددها 38 محاولة ونجحت المحاولة 39 حيث كان التخطيط والتنسيق بين القوى المضادة أكثر تنظيماً ووضع الخطط بمساعدة المخابرات الأجنبية .
وذكر الدكتور كاظم حبيب ( يتحمل عبد الكريم قاسم الجزء الأساسي من مسؤولية تدهور الوضع السياسي في العراق وإنعدام الحياة البرلمانية الديمقراطية القائمة على أساس دستور ديمقراطي ومدني حديث ) كما كتب الأستاذ الراحل أبراهيم كبة بشأن دور حكومة قاسم في سقوط الجمهورية الأولى مؤكداً أن حكم قاسم مرًّ بمرحلتين ، المرحلة الأولى التي تميزت في السنة الأولى للثورة ، ثم المرحلة الثانية التي شهدت الإنتكاسة حيث كان الفكر الرجعي يحاول طمسها ويؤكد الأستاذ أبراهيم كبة (...تبذل كل المحاولات لطمس الجوهر الحقيقي للإنحراف القاسمي في سنواته الأخيرة المتمثل في الدكتاتورية الفردية ومعاداة الديمقراطية وتمزيق الوحدة الوطنية وإطلاق العنان لليمين البرجوازي والقوى الوسطية والبيروقراطية المتفسخة والمساومة المكشوفة مع الطبقات الرجعية وأصحاب المصالح المركزة والفئات الإنتهازية ....) لقد كانت هذه الأجواء السياسية المشبعة بالأحباط والتوتر وتلبد غيوم التآمر الذي يستهدف الشعب وتمكين قوى الردة تنفيذ مخططها لإسقاط الحكم الوطني والإجهاز على مكتسبات وإنجازات الثورة والعودة بالعراق إلى عهد ماقبل تموز .
من هي القوى التي شاركت في تحالف القوى المضادة ؟
من الناحية الطبقية : 1- فئات البرجوازية التجارية الكبيرة والبرجوازية العقارية وأوساط غير قليلة من البرجوازية البيروقراطية والتي كانت ثورة تموز 58 قد وجهت لها ضربات سياسية وإقتصادية وإجتماعية شملت مواقعها ونفوذها ومصالحها وأجهزت على نظام حكمها الملكي الإقطاعي .
2-فئات الأقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية التي أصابت الثورة مصالحها الاقتصادية في الصميم فصادرت مساحات واسعة جداً من تلك الأراضي واضعفت نفوذها وتأثيرها السياسي والإجتماعي ولكن في عام 1961 إستطاعت هذه الفئات إسترداد الكثير من مصالحها ......
3- بعض أوساط البرجوازية المتوسطة وخاصة التجارية
4- أوساط قليلة من البرجوازية الصغيرة العاملة في القوات المسلحة ودوائر الدولة ومن حملة الفكر القومي .
5-القوى القومية الكُردية التي إصطدمت بسياسات عبد الكريم قاسم أزاء المسألة الكُردية .
وعلى صعيد القوى السياسية فقد كان التحالف المباشر وغير المباشر بين القوى المناهضة لحكومة قاسم ضم أليه القوى والأحزاب التالية :- 1-الجماعات القومية (حزب البعث العربي الأشتراكي ، الحزب القومي الناصري ، حركة القوميين العرب التي كانت قد إنسحبت من الجبهة القومية إلا أنها بقيت على نشاطها السياسي المناهض لحكم عبد الكريم قاسم ، الرابطة القومية ، الحزب العربي الأشتراكي ، التجمع القومي العراقي في القاهرة )
6- جماعات الإسلام السياسي المناهضة لعبد الكريم قاسم (جماعة الأخوان المسلمين (الحزب الإسلامي)، حزب التحرير الإسلامي ، حزب الدعوة الإسلامية الشيعي)
7- الحزب الديمقراطي الكُردستاني
أما على الصعيد الخارجي فقد نشأ تحالف واسع بالضد من الحكم الوطني والجمهورية الأولى والذي تكون من (الدول العربية التي كانت تقودها قوى قومية وتلك التي لاتخفي تحالفها المباشر مع الدول الأستعمارية في المنطقة، الدول غير العربية في المنطقة وبشكل خاص إيران، تركيا ، باكستان بإعتبارها كانت أعضاء في حلف بغداد (السنتو) بالأضافة إلى أسرائيل، الدول التي تضررت مصالحها النفطية وشركاتها في العراق (بريطانيا ، فرنسا ، والولايات المتحدة الأمريكية ، وكانت الإحتكارات النفطية من بين أكثر القوى الدولية شراسة في عدائها للحكم الوطني ) . لقد تجمعت جميع هذه القوى والأحزاب والدول تحت شعار واحد أساسي وهو ((يا أعداء عبد الكريم قاسم ، وياأعداء الشيوعية أتحدوا)) ويعني هذا الشعار الإطاحة بالحكم الوطني وإقامة البديل القومي الشوفيني ومن هذا المنطلق نشطت جميع هذه القوى في الصراع السياسي حول السلطة وكان الأبرز في هذا النشاط من بين القوى القومية (حزب البعث العربي الأشتراكي بجناحيه المدني والعسكري ، والقوى القومية العربية الناصرية بجناحيها العسكري والمدني) فضلاًعن النشاط المخابراتي الدولي الذي ساهم في التخطيط والأشراف وفي المقدمة ا(لسي. آي . أي) وهذا التحالف وفر كل الأمكانات اللوجستية المال والسلاح والإعلام وتكوين الطابور الخامس لنشر الإشاعات ، وكل هذا النشاط لغرض التمهيد للإنقلاب .ومن خلال الدراسات والبحوث التي قدمها العديد من الدارسين والباحثين، وجدنا بأن القوى المضادة قد عملت على تطوير أساليبها ومنها 1- القيام بسلسلة واسعة من عمليات الإغتيال الفردي لعدد كبير من الشيوعيين والديمقراطيين في مناطق مختلفة من العراق بهدف إشاعة الفوضى وعدم الإستقرار وزعزعة الثقة بقدرة النظام على حفظ وسلامة المواطنات والمواطنين 2- شن حملة دعائية هادفة ومركزة ضد الشيوعيين بدعوى تمزيقهم القرآن أو الأساءة للأسلاميين والدين بتهمة الإلحاد والخروج عن الآداب العامة للإسلام . ويمكن إضافة خلق أجواء تهيأ إلى تنفيذ الإنقلاب ومنها إضراب الطلبة بقيادة الاتحاد الوطني التابع للبعثيين والقوميين الذي بدأ في 24 /12/ 1962 والأعتداء على الطلبة الرافضين ومنعهم من دخول المدارس والكليات من قبل عصابات تقوم بهذا الإعتداء ، إضراب البانزين بعد رفع سعر اللتر الواحد وقبل إضراب الطلبة . الإستفادة من حالة التذمر الشعبي . لقد بدأت الإنتكاسة عند البدأ بإعتقال الشيوعيين منذ أواخر عام 1959 وحل المقاومة الشعبية والتضييق على المنظمات الديمقراطية والأهم من ذلك الإستفادة من أحداث كركوك والموصل وظهور الصراع بين القوى القومية والقوى الديمقراطية للعلن ، وبعد إستبعاد كافة الضباط الديمقراطيين الموالين لعبد الكريم قاسم وثورة الرابع عشر من تموز حيث خلت كافة الدوائر والوحدات ومنها الأمن العامة من المخلصين وسيطرت القوى اليمينية على الموقف بالرغم من التحذيرات حيث أصبحت الدوائر الحساسة بيد المتعاونين مع المتآمرين والتي عملت على تزييف الحقائق وتقديم تقارير كاذبة عن الواقع متهمة الشيوعيين والديمقراطيين بشتى الإتهامات مما جعلوا عبد الكريم قاسم أسير رواياتهم وكذبهم.
لقد كان مخطط لزعماء الإنقلاب الفاشيين بأن ينتقموا من الشعب العراقي بكل فئاته من خلال إقامة حمامات دم لكل الوطنيين والمخلصين والشيوعيين الذين وصلت أسمائهم إلى المتآمرين من قبل الجهات المخابراتية عبر الأثير وكما أستخدموا الخدعة بعد وضع صور عبد الكريم قاسم على الدبابات وإختراق صفوف الجماهير التي خرجت بمئات الآلاف وهي تطالب بالسلاح للدفاع عن الجمهورية ، فلم يكن الهدف عبد الكريم قاسم فقط بل جماهير الشعب ولم تكفِ السجون للمعتقلين ففتحوا النوادي الرياضية وتسلم مهمة الإعتقالات الحرس القومي و لجان خاصة مهمة التحقيق والتعذيب البشع لإنتزاع الإعترافات لقد كان الإنقلاب دموياً بكل معنى الكلمة و صدمة للشعب العراقي والذي كان يعلم بالأجواء التآمرية وأن الإنقلاب وشيك الوقوع من خلال التحذيرات والبيانات ولكن بسبب إن عبد الكريم قاسم تجاهل الأمر وأعتمد على الرد الشعبي من خلال الإعتداد بنفسه فلم يضع خطة لإفشاله لأنه كان يعلم بأسماء المتآمرين ولم يتخذ إجراءات لإستبعاد الضباط المتآمرين أو يتخذ الإجراءات العملية لإفشال المخططات كما أستبعد كل المخلصين والعاملين بحماية البلاد كما أنه يفتقد تشكيل حزب خاص به ولم يدرك العمل السياسي أو إدارة الصراع في البلاد . أنها نكبة وكارثة حيث بدأ خط الدم يستمر إلى يومنا هذا وبعد أن تهاوت الرؤوس بعد الصراع العنيف بين الأطراف المتآمرة وقسم منهم أستيقظت ضمائرهم وكتبوا مذكراتهم ويعلنون صراحة عن دورالمرتبطين بالمخابرات الأجنبية وتأكيد تصريح (علي صالح السعدي -الأمين العام لحزب البعث -سابقاً ) على أنهم جاءوا بقطار أمريكي وبعد إنكشاف المستور أخذ بعضهم يصفي بعض. ستبقى ذكرى إنقلاب 8شباط 63 دائمة ومستمرة في ذاكرة الشعب العراقي والتي مهدت لجرائم قادمة أبشع حيث تم تدمير العراق و شعبه العراقي . ولكن الشعب لايموت وستبقى شعلة الحرية والإستقلال الناجز والعدالة الاجتماعية مرفوعة دائماً بأيدي أبنائه المخلصين .
المصادر
----------------:- 1-عبد الكريم قاسم في يومه الأخير-الكتاب الثالث ج2 د. عقيل الناصري
2-عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي -ج2 عزيز سباهي .
3-حول الأسباب الكامنة وراء إنقلاب 8شباط 1963---د.كاظم حبيب
4- الدكتور أبراهيم كبة –مذكرات وسيرة ذاتية .
5- سلام عادل سيرة مناضل ج2 –ثمينة ناجي يوسفونزار خالد ص352
6- العراق ---حنا بطاطو الكتاب الثالث
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - قراءة في صورة
صلاح شومان
(
2022 / 2 / 24 - 22:49
)
هل لك قراءة شخصية لصورة عفلق مع قادة الثورة؟ مادلالاتها؟
https://almasalah.com/ar/news/142047/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D9%81%D9%84%D9%82-
.. رئيس الأركان الإسرائيلي: الوصول إلى اتفاق تبادل مسألة معقدة
.. الدوري الإسباني.. برشلونة يرحل صوب إقليم الباسك لمواجهة ريال
.. أحمد الحيلة: الجميع يعلم أن نتنياهو يعرقل التوصل لصفقة تبادل
.. أوكرانيا تستهدف مصنعا للذخيرة في روسيا بالمسيرات
.. هل تسمح الظروف السياسية الجديدة في أمريكا بالدفع إلى وقف لإط