الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوتين يتحدى الغرب بضربة موجعة لأمريكا وشركائها في حلف - الناتو-

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2022 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت روسيا في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس 24/ 2/ 2022 بشن هجوم بري وبحري وجوي مكثف على أوكرانيا بهدف حماية أمنها ومصالحها الحيوية، وبرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الهجوم بالقول إن بلاده لم يكن أمامها أي سبيل آخر للدفاع عن نفسها وحماية مصالحها، وان " ما يجري حاليا هو إجراء قسري لأنهم (أمريكا وأعضاء حلف الناتو الأخرين وقادة أوكرانيا) لم يتركوا لنا أي سبيك آخر للتحرك بشكل مختلف." وجاء هذا الاجتياح الذي أثار قلقا عالميا من توسعه وتداعياته السياسية والاقتصادية بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الإثنين 21/ 2/ 2022 اعتراف روسيا رسميا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.
والجدير بالذكر أن أوكرانيا شهدت منذ 2014 احتجاجات واسعة أدت إلى انقسام البلاد إلى قسمين: قسم موالي للاتحاد الأوروبي والانضمام لحلف شمال الأطلسي " الناتو"، وآخر موالي لروسيا؛ الموالون لروسيا احتجوا على سقوط صديقها الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وتغيير السلطة بالقوة بدعم من الغرب ومشاركة مكثفة من قبل القوى القومية الأوكرانية. ونشبت نتيجة لذلك أعمال عنف بين القوات الحكومية والعناصر المحلية المسلحة في منطقة حوض دونياس في شرق أوكرانيا التي تقطنها أغلبية ناطقة باللغة الروسية، وأعلن السكان المحليون في عام 2014 إنشاء الجمهوريتين الشعبيتين اللتين دعمتهما روسيا سياسيا واقتصاديا ولم تعترف بهما كدولتين مستقلتين في ذلك الوقت، لكن أعمال العنف استمرت وأدت إلى مقتل ما يزيد عن 14 ألف شخص خلال الأعوام الثمانية الماضية. لكن الأزمة ازدادت حدة وتعقيدا بعد أن أعلنت أوكرانيا عن اعتزامها الانضمام لحف " الناتو " وهي الخطوة التي ترفضا روسيا بشدة لآنها قد تؤدي في حال إتمامها إلى انتشار وجود عسكري أمريكي أوروبي على حدودها.
فما هي أهداف بوتين العسكرية والسياسية من الاعتراف بالجمهوريتين المذكرتين والهجوم الروسي على أوكرانيا؟ روسيا تسعى لتحقيق عدد من الأهداف من أهمها تدمير منظومة الدفاع والبنية التحتية العسكرية الأوكرانية، والسيطرة على منطقة حوض دونياس الواقعة في شرق أوكرانيا لتأمين ممرات البحر الأسود الحيوية وعدم السماح بوجود أي مخاطر أمنية فيه، والتصدي للمخاطر التي باتت تشكلها أوكرانيا على روسيا في ظل طموحاتها للانضمام للاتحاد الأوروبي، وموافقتها على تواجد قواعد عسكرية لحلف " الناتو " على أراضيها تضم طائرات وصواريخ أمريكية وأوروبية متطورة تستطيع الوصول الى موسكو خلال دقائق وتشكل تهديدا خطيرا للأمن القومي الروسي.
وعلى الصعيد السياسي فإن الهجوم هو بمثابة رسالة سياسية قوية للغرب ودول العالم مفادها إن روسيا ترفض محاولات أمريكا ودول " الناتو " الأخرى محاصرتها وانهاكها واستنزاف قوتها المتصاعدة وتهميش دورها، وربما بكون أحد أهدافها الرئيسية هو اسقاط النظام السياسي الأوكراني المعادي؛ وإنها لن تتساهل في تعاملها مع دول الاتحاد السوفيتي السابق التي لها حدود معها، وتلك التي انضمت لحلف " الناتو." وتؤكد الرسالة أيضا صلابة وطموح بوتين كقائد لا يثق بالغرب الذي أطاح بالإمبراطورية السوفيتية وحاول تدمير صناعات واقتصاد ومكانة ومصداقية روسيا خلال الثلاثين عاما الماضية، ويريد إعادة مجدها كقوة عظمى منافسة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولها مكانتها وتأثيرها السياسي المحوري في الشأن الدولي.
أما فيما يتعلق بردود الفعل الاقتصادية والعسكرية على الهجوم الروسي فقد جاء رد الفعل الأمريكي الأول يوم الأربعاء بحظر الاستثمار والتجارة وفرض عقوبات على بنك التنمية الروسي والبنك المركزي، وقال الرئيس الأمريكي في خطاب إلى الأمة يوم الخميس 24/ 2/ 2022 إن بلاده فرضت على موسكو عقوبات اقتصادية وأقرت قيودا على تصدير التكنولوجيا المتطورة لروسيا وتقييد قدرتها على إجراء تعاملات بالدولار، لكن العقوبات الأمريكية لم تخرجها من منظومة " سويفت " للتعاملات المصرفية، الأداة الأساسية في النظام المالي العالمي. وأعلنت دول الاتحاد الأوروبي عن عقوبات ضد أفراد وكيانات في روسيا تستهدف حظر تأشيرات ستطال 351 عضوا في البرلمان الروسي، وتجميد أصول وأعمال بنكية في محاولة للحد من قدرة روسيا على الوصول إلى الأسواق المالية التابعة للاتحاد الأوروبي. واعلنت بريطانيا عن فرضها عقوبات على ثلاث شخصيات روسية وخمس بنوك وحظرت طيران إيروفلوت الروسية إليها، واكتفت دول أوروبا الشرقية بإصدار بيانات التنديد والاستنكار. ورد الرئيس الروسي بالقول إنه لا يبالي بالعقوبات الاقتصادية الغربية التي يقول بعض الخبراء انها لن تؤثر كثيرا على الاقتصاد الروسي لكون روسيا تملك احتياطا كبيرا من العملات الأجنبية وستنتفع من ارتفاع أسعار الوقود.
أما على الصعيد العسكري فإن بايدن وقادة الاتحاد الأوروبي أعربوا عن رغبتهم بحل النزاع سلميا؛ وحتى إذا قام حلف " الناتو " بتفعيل المادة الخامسة التي تلزمه بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لهجوم خارجي، فإن ذلك لا يلزم الحلف بالتورط في النزاع عسكريا لأن أوكرانيا ليست عضوا فيه، ولأن تدخله قد يتسبب في اندلاع حرب عالمية ثالثة لا يستطيع أحد التنبؤ بنتائجها الكارثية.
يبدو ان بوتين اتخذ قراره بتسديد هذه الضربة الموجعة لأمريكا وشركائها في حلف " الناتو" بناء على فهمه العميق للوضع الدولي خاصة الأوكراني والأوروبي والأمريكي؛ فأوكرانيا تعاني من انقسامات داخلية، وأوروبا تعاني من ضعف وخلافات بينية بشأن التعامل مع الأزمة الأوكرانية، والولايات المتحدة الأمريكية منشغلة بخلافاتها مع الصين، ونتائج اخفاقاتها في حروبها في العراق وأفغانستان وسوريا، وتداعيات جانحة كورون الاقتصادية، وانتخابات الكونغرس القادمة في نهاية هذا العام، مما يعني ان المعسكر الغربي ليس مستعدا الآن للتورط في مواجهة مع روسيا؛ ولهذا يمكن القول إن هناك احتمالا قويا بأن بوتين سيخرج منتصرا ويحقق أهدافه بتعزيز مكانه روسيا وإعادة نفوذها كدولة عظمى، وتغيير المعادلة السياسية الدولية لصالح بلاده والصين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه