الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوكرانيا.. مقبرة الهيمنة الأمريكية

ملداء نصره

2022 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


كما خرجت الولايات المتحدة الأمريكية من أوحال أفغانستان وفيتنام والعراق وبنما ستخرج من أوحال أوكرانيا.. لكن الفارق هذه المرة أن تراب الخيبة وما امتزج به من وسخ الأطماع سيثقل كاهلها ولن تجد العكاكيز الأوربية لكي تبلغ الضفة الأخرى من الهزيمة.
في تاريخ الحروب بما فيها آخر حرب كونية دخلت أمريكا متأخرة لكنها سرقت النصر على حساب الجيش الأحمر الروسي الذي أوقف المد الهتلري في ستالين غراد وطارده إلى باريس، وكانت أي أمريكا أكثر من استفاد من نتائج هزيمة دول المحور، وراحت منتشية تغزو دول العالم وتطيش يدها في موائد ثروات الشعوب.

هكذا هي أمريكا عرفناها دولة تسير عكس تيار شعاراتها.. ففي الوقت الذي نصبت فيه تمثال الحرية في نيويورك راحت لكي تنتهك حرية الشعوب الأخرى.. صادقت على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لكنها لم تصدق في احترام حقوق البلدان والشعوب التي انتهكتها بارجاتها وصواريخها وأسلحتها النووية والكيميائية.

هكذا هي أمريكا عرفناها في أفغانستان حينما تذرعت بمكافحة الإرهاب وخرجت دون مجرد إخطار لحلفائها هناك وتركتهم لكي يواجهوا مصيرهم مع الجماعات الإرهابية تاركة لهم من السلاح والعتاد ما يقض مضجع العالم.

عرفناها في العراق حينما اتخذت قراراً أحادياً بغزوه تحت مزاعم السلاح الكيميائي وإسقاط النظام الديكتاتوري هناك، غير أنها حولت هذا البلد العربي العزيز إلى أكبر مرتع للفوضى في العالم..

وهكذا وهكذا وهكذا عرفناها في فيتنام وفي كوبا وفانزويلا، حاشرة أنفها الأحدب في شؤون الغير ولم تحقق شيء أكثر من سخط تلك البلدان وشعوبهم على أمريكا دولةً وشعباً.

كما أنّ سمعتها آخر ما تفكر به فحين تنهزم لا تخجل ولا يشكل ذلك فارقاً في هيبتها كدولة كبيرة، وما أن تخرج من هزيمة مخزية حتى تدخل في أخرى أكثر خزياً وعاراً.
وهذا ما نشاهده ونلمسه اليوم في تصعيدها السياسي والإعلامي في أوكرانيا.
وهذا يعود لأمرين أولهما بأنّ لا رادع أممي يحاسب أمريكا على أخطائها وممارساتها الشيطانية، والأمر الآخر يتعلق بشخصية هذه الدولة غير المستندة على إرث تاريخي وحضاري بوصفها دولة طارئة.

حتى أمريكا بوجهها الديمقراطي دولة ديكتاتورية تحصر حق شعبها السياسي بين حزبين لا ثالث لهما فإما جمهوريون رعناء أو ديمقراطيون أغبياء.. وماذا قدمت للشعب الأمريكي أكثر من حماقة تجره من حرب إلى حرب إلى حرب،، وأكبر همومه تأمين وجبة برجر وكنتاكي أو الحصول على بطاقة الضمان الاجتماعي.

أمريكا التي تنتج ١٥ مليون برميل نفط يومياً وتعد أكبر منتج للنفط في العالم تستطيع أن تصنع تنمية للعالم أجمع، لكنها تتقزم أمام الصين بوصفها أكبر دولة مستوردة للنفط وتسعى من خلال مبادرة الحزم والطريق أن تصنع استقراراً اقتصادياً عالمياً وتساعد شعوب العالم على النهوض. وهنا يكمن الفرق بين دولة كالصين تسعى لأن تخلق فرص اقتصادية وتنموية في معظم دول العالم وتنتهج سياسة تصالحية ودية مع الجميع، وبين أمريكا كدولة تفنجل عينيها على ثروات الشعوب الأخرى ولا تعدم الحيل لغزوها تحت شعارات مختلفة.

ولا يمكن أن نضع أمريكا في مقارنة مع روسيا لأن البون شاسع بين دولة اشتراكية تضع مصلحة شعبها وما يتطلبه من مساواة وعدالة اجتماعية واستقرار معيشي أول أولوياتها.. وبين دولة إمبرياليةٍ تكذب على شعبها بشعارات الأمن القومي الأمريكي، وغير ذلك من الهرطقات التي تعبر من خلالها إلى غزو الشعوب وآخر ما تفكر به شؤونها الداخلية.

اليوم وبعد ثلاثة عقود من انهيار الاتحاد السوفييتي ينتفض الدب الروسي في وجه هذه السياسة الأمريكية معلناً انتهاء الهيمنة وكل المؤشرات تقول أن كييف هي البداية.
ولهذه الوقفة ما بعدها فإما أن تدخل أمريكا وأذيالها الأوربيين هذه الحرب وستجد أعتى أسلحة في العالم، براً وبحراً وجواً من راجمات صواريخ ومدافع ذاتية الحركة ودبابات وطيران في انتظارها أو أنها ستتلكأ فتفقد ما تبقى من ماء وجهها، إن كان لذلك من بقية أصلا.

ولعل ما كشفت عنه هذه البداية العسكرية الخاطفة والصادمة للأوربيين والأمريكان في أوكرانيا أنّ ما يسمى بالاتحاد الأوروبي ليس أكثر من ذيول ملتصقة بالمؤخرة الأمريكية، وهذه الذيول لها ذيول عربية ليس لها وظيفة سوى تلميع قبح السياسات الأمريكية والأوروبية إعلامياً.. ظهر ذلك جلياً في لهجة القنوات الإعلامية الناطقة بالعربية وهي تطلق مصطلح (العدوان والهجوم الروسي) .. دونما خجل من العدوان العربي على العرب، أو العدوان الأمريكي على العراق، والعدوان التركي على سوريا !!!!..

هذا الإعلام الساذج يقفز على حقيقة استماتة أمريكا وأوروبا على ضم أوكرانيا لحلف الناتو وتشكيل تهديد عسكري حقيقي على البوابة الغربية لروسيا، من خلال إنشاء قاعدة عسكرية تهدد الأمن القومي الروسي، وزرع قنبلة نووية موقوتة في هذه المنطقة.. وبالتالي كان طبيعياً أن تتنبأ روسيا لهذه المخاطر وتنزع فتيلها، وهذا يتنافى مع مزاعم الغزو الروسي لأوكرانيا.

والخلاصة أن النباح الأوروبي والأمريكي خلف القافلة الروسية لن يجدي نفعاً حتى في شكله الاقتصادي من خلال العقوبات الاقتصادية المزعومة لأنه تهديد بلا أنياب فروسيا اليوم أقوى اقتصادياً وهم أول من يتضرر من إغلاق حنفية الغاز الروسي، فضلاً عن الحلفاء الاقتصاديين وأولهم الصين بوصفها ثاني أقوى اقتصاد في العالم، وكل المؤشرات تقول أن أوكرانيا ستكون مقبرة الهيمنة الأمريكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة