الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيقاظ الدب الروسي من سباته ، بداية تحقيق حلم العودة

احمد زكرد

2022 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بعد مرور اكثر من ثلاثة عقود على أهم الاحداث التي غيرت العالم وكانت منعطفا في حاسما في تاريخ البشرية ، تمخضت عنه الكثير من النتائج التي أثرت في العالم. هذا الحدث هو انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينات من القرن الماضي، مما فسح المجال أمام الولايات المتحدة الامريكية لتهيمن اقتصاديا و سياسيا و عسكريا وايديولوجيا على العالم ... فأصبحت هي صاحبة القرار تحرك العالم و تصنع الحروب والازمات هنا وهناك تدمر دول وحضارات، لا لشيء فقط لتبرهن على قوتها و تحارب اعداءها و تحقق ماربها، أما ما تقدمه من مبررات ومن ادعاءات ؛ محاربة الإرهاب و الدفاع عن حقوق الانسان وعن الدول النامية ومساندتها ... لكن كل ذلك ديماغوجية تقدمها للعالم.
لا أريد أن أخوض في غمار تفاصيل ما فعلته وما تفعله على سبيل المثال في كوريا و الشيشان و أفغانستان والعراق و فيتنام و سوريا .... والان في اوكرانيا ، ربما اختصرت معظم الاحداث في حرب عالمية باردة من نوع اخر بين حلف الناتو بزعامة الولايات المتحدة الامريكية و الدب الروسي، اللذان يخوضان حروب كثيرة في العالم من خلف الستار اي حروب بالوكالة . فمن يعتقد ان سقوط الاشتراكية معناه نهاية الحرب الباردة ونهاية العداوة بين امريكا وروسيا فهذا امر لا مبرر له ، لان الذي انتهى هو الصراع بكليته وبالتالي لم يعد الحديث عن التوازن الدولي أمرا مسوغا ولا مقبولا لأن مثل هذا التوازن يفترض مسبقا وجود فرقين نوازن بينهما. والذي حدث هو استسلام المنهزم الى المنتصر ( جدلية العبد و السيد ) ولو ان هذا الاستسلام الايديولوجي و الاقتصادي و السياسي كان جزئي .
فالاتحاد السوفياتي او قل أوربا الشرقية و كل الدول الشيوعية تنكرت للاشتراكية واتجهت الى الاقتصاد الحر والانخراط شيئا فشيئا في اساليب الانتاج الرأسمالي . لكن السؤال الذي نطرحه اليوم هل فعلا سقط الاتحاد السوفياتي ؟ أم هو فقط أصبح غير قادر على الخروج من السيطرة و الهيمنة الامريكية ؟ والّدليل على ذلك تم تقسم الاتحاد السوفياتي، و حل حلف وارسو في حين ظل حلف الشمال الاطلسي قائما ما يسمى اليوم بحلف الناتو الذي تمثله امريكا و دول اوروبا الغربية ( الاتحاد الأوروبي).
ونحن في عملية التقصي التاريخية هاته لا بد من الاشارة إلى أن الدول التي كان يساعدها الاتحاد السوفياتي بعد انهياره انهارت هي الاخرى اقتصاديا .... باستثناء التنين الصيني الذي استطاع تدبير الازمة و اضحى قوة عظمى تضاهي روسيا وامريكا، في حين الدول الاخرى وجدت نفسها في حيرة من أمرها وبدأت ترتمي في احضان أمريكا وتتنكر لماضيها.
الولايات المتحدة الامريكية لم تتوقف عند هزيمة الاتحاد السوفياتي بل شنت حرب شعواء على كل الدول التي قد تنافسها او لم تتقدم الولاء لها ، مثلا تدخلها في حرب الخليج ، حيث تجسد بصورة واضحة اثار انسحاب الاتحاد السوفياتي، وسيطرة قوة واحدة وهي امريكا والدول الغربية فأصبحت امريكا تدمر كل دولة تتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها ؛ اي كل دولة تلوح فيها بوادر التقدم والتطور التقني عالي المستوى والاهمية ، لاسيما في ما يساهم في امتلاك عناصر القوة، كما فعلت في العراق بتدميرها و اعدام صدام حسين ، ثم ما فعلته في احداث الربيع العربي في ليبيا مع القذافي و سوريا كذلك ... بدعوى ان هذه القوة خطر على المنطقة وعلى السلام العالمي و ان ضرورة الاستقرار و السلام تتطلب القضاء على هذه القوة وتجريدها من عناصر قوتها ..
لكن يجب ان نشير الى نقطة مهمة جدا هي ان الولايات المتحدة الامريكية تعلم جيدا الاتحاد السوفياتي لم يسقط في ادهان الروس ، منذ بداية هذا القرن وهي تحاول خنق الحصار على روسيا ، وخصوصا عندما اصبحت الصين و اليابان قوتين تضاهي امريكا فاليابان لن تنسى (هورشيما وناكازكي ) و صين كذلك لن تتنكر لأصولها الشيوعية ، لذاك بدأت امريكا تستميل دول اروبا الشرقية الى صفها (الى حلف ناتو) حيث انضمت تشيكيا والمجر (هنغاريا) وبولندا في عام 1999، وتلتها بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا في 2004.
لكن الزعيم الروسي بوتن انزعج لهذا الامر و اعتبر ه نقض لوعد الولايات المتحدة، الذي قدمه وزير خارجيتها آنذاك، جيمس بيكر، لميخائيل غورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفيتي)، خلال زيارته موسكو بشهر فبراير عام 1990، لمناقشة إعادة توحيد ألمانيا بعد سقوط جدار برلين. الذي مفاده بأنه "لن يكون هناك تمدد لقوات الناتو بوصة واحدة إلى الشرق" .
وبعد انضمام بعض الدول في أوروبا الشرقية للناتو، "عزز بوتين ضغائنه، وحرص بلا شك على تعزيز المشاعر المعادية للغرب في الداخل، وعلى توسيع قاعدة نفوذه، وهو يعارض بشدة انضمام جورجيا وأوكرانيا إلى التحالف. وهذا هو السبب الذي جعل روسيا تشن هجوم على اوكرانيا وهي في الحقيقة تشنه على امريكا ومسانديها .
هذا يضعنا امام الكثير من التساؤلات التي تطرح نفسها علينا : هل سنكون امام نظام عالمي جديد بزعامة الدب الروسي؟ ام أن لأمريكا و حلفاءها لهم كلمة اخرى؟
غير ان الشروط الموضوعية تنتصر لكفة روسيا ، فالولايات المتحدة الامريكية لم تتعافى بعد من التداعيات الاقتصادية التي خلفتها كورونا ، في حين روسيا و الصين لم يتضررا كثيرا من الازمة؛ بل الصين ظلت هي المزود للعالم بما فيها امريكا والاتحاد الأوروبي . لذا يبدو ان الدب الروسي الي جانب التنين الصيني سيقدمان قراءة جديدة لخارطة العالم بنظام جديد وسياسة جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسن تلخيص للوضع و الازمة
نورالدين الخوش ( 2022 / 2 / 27 - 18:58 )
لقد أجمل الاستاذ أحمد زكرد شرح الوضعية السياسية التي يمر بها العالم ،حيث الأحلاف والصراع وقتل الإنسانية .

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تفرق محتجين اعتصموا في جامعة السوربون بباريس


.. صفقة التطبيع بين إسرائيل والسعودية على الطاولة من جديد




.. غزة: أي فرص لنجاح الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. دعوة لحماس من أجل قبول العرض الإسرائيلي -السخي جدا- وإطلاق س




.. المسؤولون الإسرائيليون في مرمى الجنائية الدولية