الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسداد السياسي في العراق

حيدر خليل محمد

2022 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ليست المرة الأولى التي يدخل فيها العراق هذا الانسداد السياسي فهي أصبحت عادة متكررة بعد كل انتخابات ، حيث تظهر أزمة الرئاسات وتشكيل حكومة جديدة ، وبالتالي تعطل مصالح الشعب العراقي .
هذه المرة حدثت تغييرات جديدة ، بدأت باعتراض الكتل الشيعية عدا التيار الصدري على نتائج الانتخابات ، واتهموا قوى خارجية وداخلية لم يسموها بالتلاعب بالنتائج ، وقدموا اعتراضاتهم لدى المحكمة الاتحادية ، وكان رد المحكمة الاتحادية بأن النتائج سليمة ، ولم يرافق العملية الانتخابية أي سلبيات .
ولا تزال القوى السياسية لم تصل بعد إلى تفاهمات واتفاقات حول إنهاء هذا الانسداد السياسي الحاصل في العراق والتي يلقي بظلاله على الوضع العام للبلد .

ملف رئاسة الجمهورية
حسب العرف السياسي في العراق منذ عام 2003 فإن منصب رئاسة الجمهورية هي من حصة المكون الكوردي ، وحسب الاتفاقات بين الحزبين الكورديين تكون منصب رئاسة الجمهورية من حصة الاتحاد الوطني ، وحصة الديمقراطي منصب سيادي كالخارجية او المالية ، وهذا ما كان معمولا به بين الحزبين حتى عام 2018 ، حيث بدأت الخلافات من جديد فيما بين الحزبين ، مما أثر على الوضع في اقليم كوردستان من الناحية الاقتصادية خصوصاً .

وهذا الخلاف في الحقيقة بدأ بعد وفاة الرئيس الراحل جلال طالباني ، وبعد سيطرة تنظيم داعش على ثلثي اراضي العراق ، ودخل العراق في حرب ضروس لإستعادة الاراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي بمشاركة قوات البيشمركة التي كان لها دور بارز في حرب العراق ضد تنظيم داعش .
أتخذ الديمقراطي الكوردستاني قرارا منفرداً ، ولم يستشر حلفائه فيه ، وهو ( الاستفتاء) ، وبعد ما جرى من احداث بسبب اجراء الاستفتاء ودخول القوات العراقية الى كركوك وخانقين والأراضي الأخرى التي كانت تحت ادارة اقليم كوردستان ، صار الديمقراطي يتهم الاتحاد بالخيانة ، رغم ان عمل الاتحاد كان وطنياً واحساسا بالمسؤولية ، وحتى لا ينجر العراق الى حرب أخرى والطرفين في غنى عنها .
من المفارقات العجيبة اليوم ان الديمقراطي يريد حكومة عراقية بعيداً عن الاتحاد الوطني الذي اراد ان يحفظ دماء العراقيين ووحدة الاراضي العراقية ، وبسبب عملهم هذا اتهم الديمقراطي الاتحاد بأنهم خونة ! .
في عام 2018 اراد الديمقراطي ان يحصل على منصب رئاسة الجمهورية ، ولم يحصل مرشح الديمقراطي حينها على ثقة البرلمان ، وفاز بالتالي برهم صالح بمنصب رئاسة جمهورية العراق .
في الحقيقة بدأ البيت الكوردي بالتهرئ والانسداد ، وبسبب هذا الانسداد بين قطبي الإقليم ، ارتفعت نسبة البطالة في الإقليم ، وتراجعت نسبة المعيشة ، وحتى مستوى الخدمات تراجعت كثيراً ، وبدأت تظاهرات في عدة مدن بالاقليم ، بالإضافة الى ازمة الرواتب واستقطاعها من موظفي الاقليم ، مما خلق اجواء متوترة داخل الاقليم ممكن في أي ساعة تنفجر بوجه حكومة الإقليم التي بات يسيطر عليها تماما ومنفردا الديمقراطي الكوردستاني ! .
والانتخابات الأخيرة خير دليل حيث كانت نسبة المشاركة في التصويت لا تتجاوز ال40% .
ومن باب زرع الثقة والعودة للتفاهمات كان على الديمقراطي عدم ترشيح أي مرشح آخر بعد قرار المحكمة الاتحادية باستبعاد السيد هوشيار زيباري .
ومهما قدمت الأطراف الأخرى من وعود للديمقراطي فأعتقد أن العودة للاتفاق والتفاهم مع الاتحاد أكثر ضمانة لأن المصير مشترك ، والحقوق واحدة .
لكن في الحقيقة ان الديمقراطي أستغل بتحالفه مع السيد الصدر والحلبوسي ، حيث فتح الحلبوسي باب الترشيح من جديد حتى يُضمن منصب رئاسة الجمهورية للديمقراطي .

ازمة تشكيل الحكومة

البيت الشيعي ليس افضل حالا من البيت الكوردي فالصراع فيه على قدم وساق ، صراع ايدلوجي فكري بين التيار والدعوة ، صراع سياسي حول المناصب بين التيار والاطار .
حسب العرف السياسي العراقي فإن منصب رئاسة الحكومة من حصة المكون الشيعي ، وكان خلال السنوات السابقة من حصة حزب الدعوة التي يتزعمها نوري المالكي ، وفي انتخابات تشرين 2021 ، تغيرت موازين القوى ، وكانت لانتفاضة تشرين دور كبير في تغيير الموازين السياسية في العراق خصوصاً في المناطق الشيعية ، حيث فازت كتل سياسية تكونت من داخل ساحات التظاهر ، وفوز كبير للتيار الصدري على حساب القوى الشيعية الأخرى ، مما خلق اجواء متوترة داخل قوى الإطار التنسيقي وشعروا بضعف وبسبب تغريدات الصدر الذي طالب فيها بحل الحشد الشعبي ومحاسبة الفاسدين وعدم قبوله التحالف مع نوري المالكي ، حيث كونت قوى الاطار التنسيقي صورة بأن هذا الخطاب موجه لهم وسوف يحاسبهم التيار ويبعدهم .
لم تستطع قوى الإطار التنسيقي من إقناع الصدر بالجلوس مع نوري المالكي الذي رفض الصدر ان يشارك المالكي في الحكومة الجديدة ، رغم المحاولات الكثيرة من قبل بعض شخصيات الاطار التنسيقي .
لكن الى الان ليست هناك تحركات جدية لحل المشاكل العالقة بين الكتل السياسية والخروج بحل يرضي جميع الأطراف .

في العراق وبسبب النظام الذي تأسس منذ عام 2003 ، لا يمكن ان تنجح أي حكومة أغلبية سياسية حقيقية .
حتى التحالف الثلاثي ليس تحالفا جديدا في الساحة السياسية العراقية ، بل هو هو لم يتغير شيء ، ككتل كانت هذه القوى اي ( التيار الصدري وتحالف السيادة والديمقراطي) مشاركة في الحكومات السابقة وكانت تملك وزارات ومدراء عامين ، وتتحمل وزر الفساد وضياع المال العام وكل ما حصل للعراق مع باقي الكتل السياسية الأخرى .

في الحقيقة ان تشتيت او تضعيف البيت الكوردي والبيت الشيعي يخلق اجواء متوترة ومربكة ويؤخر تشكيل الحكومة وبالتالي التأخير بإقرار الموازنة ، مما يخلق مشاكل وأزمات العراق في الوقت الحالي في غنى عنها .
الحل الوحيد هو العودة الى طاولة الحوارات بين الكتل السياسية والإسراع بالتوافق على مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية بين الحزبين الكورديين ، كما يتفق البيت الشيعي أيضا على مرشح تسوية لرئاسة الوزراء وبالتالي تشكيل حكومة جديدة .
وهذه التفاهمات لن تحدث مالم يتم تقديم تنازلات بين جميع الأطراف السياسية المتصارعة .
يجب أن لا تستخدم الاحزاب ( فيتو) ويتركوا ( التقديس) ، والعمل السياسي يتطلب مرونة عالية، خدمة لجماهيرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر