الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف التركي من الازمة الاوكرانية وتأثيره على الداخل التركي وبوادر تشكل نظام القطبين

حامد محمد طه السويداني

2022 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن تفاصيل الهجوم الروسي على اوكرانيا وبعيدا عن وسائل الاعلام واراء العديد من الكتاب والمحللين على ان هذا الغزو الروسي هو بداية الشرارة الاولى لاندلاع الحرب العالمية الثالثة وباعتقادي هذا الامر بعيد عن الصحة والمنطق فلا توجد حرب عالمية ثالثة وانما هناك ظهور روسيا القوية على مسرح الاحداث في العالم وهذا ما توقعته في كتاباتي قبل اكثر من 8 سنوات، ان هذا الاستحقاق الروسي الذي يقوده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اعادة مكانة روسيا العظمى والقطب الند للولايات المتحدة الامريكية اليوم طبق على ارض الواقع من خلال غزو اوكرانيا، بسبب سياسات الولايات المتحدة الامريكية لتطويق روسيا ومحاصرتها الى الابد وقد حاولت الولايات المتحدة ربط الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق بالسياسة الامريكية ومحاولة ضم اوكرانيا الى حلف شمال الاطلسي (الناتو) تمهيدا لاقامة قواعد عسكرية امريكية في اوكرانيا وهي على الحدود الروسية مما يشكل خطرا عسكريا على روسيا.
في الاونة الاخيرة وخاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي في الوطن العربي دخلت الولايات المتحدة وروسيا في التنافس والصراع على النفوذ ومعهم حلفاؤهم الاقليميين والملف السوري والليبي دليل على ذلك وكذلك اذربيجان واليوم الازمة الاوكرانية تظهر بقوة وتشكل اكبر تحديا بين القطبين الامريكي وحلفائه والروس وحلفائه وباعتقادي ان الولايات المحتدة الامريكية ادركت بان روسيا عادت من جديد وريثا للاتحاد السوفيتي عسكريا وسياسيا وعليها الانصياع الى الامر الواقع وادراك الطرفين بان اي حرب نووية بينهما ستكون نهاية العالم ولا يوجد منتصر في هذه الحريب لذا سوف يلجأون الى تقاسم النفوذ كالسابق وهذا معناه اعادة نظام القطبين في العالم وقد كشفت العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا والاعتراف الروسي بجمهورية دونيك الشعبية وجهورية لوهانك الشعبية كدولتين مستقلتين في ظل تفاجئ الرئيس الاوكراني بخذلانه من قبل الولايات المتحدة واوربا وحلف الناتو ووجد نفسه وحيدا في الساحة وان الشعب الاوكراني هو الذي سيدفع الثمن وتملصت الولايات المتحدة من التزاماتها تجاه اوكرانيا وقد حدثني احد الاساتذة الذين درسوا في اوكرانيا لمدة 8 سنوات بان الولايات المتحدة الامريكية تخدع الشعب الاوكراني ولم تدعمه وفقط تحريض ضد روسيا وتتخلى عنه في اي مواجهة.
وفي ظل هذا الجو المشحون ظهر نظام القطبين الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوربيون والاتراك والقطب الاخر تقوده روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران على ما يبدو وسوف ينقسم الوطن العربي دول الخليج العربي مع الولايات المتحدة وسوريا والعراق وليبيا ودول اخرى مع القطب الروسي هذا ما سيحدث باعتقادي.
والذي يهمنا في هذه المقالة هو ما سيترتب على الموقف التركي من الازمة الاوكرانية والذي سوف يؤثر سلبا على الاوضاع الداخلية في تركيا التي تعيش ازمات سياسية واقتصادية خانقة على كافة الاصعدة والذي اود قوله عندما يتصارع الكبار يتضرر الحلفاء الصغار لان الكبار دوما يحركون حلفاؤهم لمحاربة الخصوم بحروب النيابة وفيما يتعلق بموقف الحكومة التركية فهو امر خارج نطاق ارادة تركيا فالدولة التركية منذ تاسيسها عام 1923 وهي مسلوبة القرار في امر كهذا فهي حليفة للولايات المتحدة الامريكية وعضو اساسي في حلف الناتو الذي اذا قرر امرا لا تستطيع تركيا ان تتصرف بحرية ولهذا نرى التصريحات التركية الحكومية في تركيا تتسم بعدم رغبتها في التصعي واندلاع ازمة في المنطقة وهي ايضا ليس لها القدرة على الوقوف على الحياد. وهنا معايير عديدة في سياسة تركيا تجاه الازمة الاوكرانية يمكن اجمالها بما يلي:
1- المعيار الاول: وهو علاقة تركيا مع اوكرانيا الودية والتي يرتبط الاثنان في شراكة اقتصادية تجاوزت مؤخرا 7.4 مليار دولار وكان حجم التجارة الثنائية للعام 2021 فضلا عن ان عدد السواح الاوكرانيين الذين يترددون الى تركيا حوالي (2) مليون سائح سنويا وكذلك باعت تركيا طائرات بدون طيار للحكومة الاوكرانية ولديهم مشاريع مشتركة في الصناعة وخاصة تطوير الاسلحة .
2- المعيار الثاني: العلاقات التركية الروسية فتركيا تتبع سياسة اقطاعية تجاه روسيا تجعل علاقات البلدين مهمة جدا في الوقت الذي تبتعد اوربا عن تركيا ورغم اشتراكها في ملفات شائكة مثل الملف السوري والليبي والاذربيجاني وتريد تركيا الخروج من هذه التوترات ولكن الازمة الاوكرانية تثير مخاوف تركيا باعتبار علاقة تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا فهي لا تستطيع الوقوف علىالحياد وحتى لو زقفت على الحياد فهي ايضا متضررة اقتصاديا فهي ترتبط مع روسيا باتفاقيات منها شراء منظومة الصواريخ الروسية 400S واتفاقية بناء مفاعل نووي في تركيا وتركيا تعتمد على شراء الغاز السوري فضلا عن ان السائح الروسي يفضل تركيا اكثر من اي بلد اخر
3- المعيار الثالث : عضوية تركيا في حلف الناتو ففي حال تدخله العسكري فان الموقف التركي اوتوماتيكيا سيكون ضد روسيا وهذا ما سيكلفها ثمنا باهضا وخسارة مصالحها الاقتصادية والسياسية مع روسيا علما بان الحليف الامريكي لا يعوض تركيا في خسارتها الا القليل جدا .
4- المعيار الرابع: تتا بالقرم الذي تريد تركيا ان لا يصابون باذا فهم من جنس الاتراك الذين يحلمون في اعادة العالم التركي.
وجاءت الازمة الاوكرانية لتضيف ساحة خلاف جديدة بين تركيا وروسيا بعد الملف السوري والليبي والاذربيجاني والكازاخستاني ولكن الموقف التركي في الازمة الاوكرانية سيكون اكثر حذرا ليخرج باقال الخسائر فقد استنكر الرئيس السوري قرار الحكومة الروسية شن عملية عسكرية خاصة في اراضي اوكرانيا وقال (ان العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا تدخل غير مقبول ومخالف للقانون الدولي) محذرا بان هذه الازمة ستوجه ضربة قاصمة لاستقرار المنطقة وامنها واستقرارها ورخاءها وقد عرض الرئيس التركي استعداد تركيا للقيام بدور الوسيط في نزع فتيل الازمة ولكن دون رد واعربت الحكومة التركية في بيان لها قناعتها بضرورة سيادة واحترام الدول ووحدة اراضيها مبدية معارضتها لاعادة ترسيم الحدود وتساءلت مجلة (فورين بوليسي) في مقال كتبته (ايرين اوبراين) الصحفية المستقلة المقيمة في استانبول الى تساؤل مفاده الى اي مدى سوف يكون الموقف التركي في اشارة ادلى بها الرئيس التركي عندما قال 0ان تركيا ستدعم اوكرانيا بقوة ولكنها لم تضحي بعلاقة عمل قوية مع روسيا)
وباعتقادي هذه التصريحات التركية بخصوص احترام سيادة الدول ومخالفة القوانين الدولية مثير للسخرية والضحك لان تركيا اول من انتهكت القوانين الدولية ودخلت الاراضي السورية والعراقية في انتهاك صارخ ودعم الجماعات الارهابية (داعش) والفصائل المسلحة الموالية لها وارسال مرتزقة الى ليبيا ووفقا لتقرار امريكي تعد تركيا اكثر دولة في انتهاك حقوق الانسان وختاما لا بد من القول ان انقسام العالم الى معسكرين اصبح واقع حال ولم يعد بامكان تركيا اقامة علاقات برغماتية مع جميع الاطراف وتحقيق مكاسب فهي الان بحيرة اكثر من اي وقت مضى بالاصفاف مع الولايات المتحدة وحلف الناتو والمنظومة الغربية لان تاريخها ومصالحها السياسية والاقتصادية مع الغرب وهي الان تتصالح مع الامارات ودول الخليج العربي الاخرى وهم حلفاء الولايات المتحدة لتعويض النقص الذي ستفقده من روسيا التي سوف تلجأ الى معاقبة تركيا وتطويقها علما بان روسيا بدأت تطالب باراضي في تركيا كانت تابعة تاريخيا لروسيا وهذا ما كنت اذكره عندما يحلم الاتراك باستعادة الموصل كنت اقول سوف يأتي يوم يطالب الروس باراضي تركيا وهذا ما حصل الداخل التركي لا يتحمل ازمات من كثرة المعاناة فان الازمة الاوكرانية في حال تفاقمها سيؤثر سلبا على الداخل التركي وربما ستكون السبب في الاطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا