الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراثي للزمن القادم

نواف سلمان القنطار
كاتب ومترجم.

(Nawaf Kontar)

2022 / 2 / 27
الادب والفن


1. البنفسجة ترحل
إلى نجوى علوان
أتكئ على حزني القديم، أصعد ثقيلاً، ثقيلاً عبر تلة الآلام، نحو مثواكِ الأخير باحثاً عن التراب الذي تتدثرين به، فلا أجد سوى أزهار البنفسج قد ملأت المكان...
أسير، رويداً، رويداً... نحو مثواكِ الأخير ( تظللني سحابة سرعان ما تهطل سؤالاً فوق حزن البيلسان):
 أين أنت يا أختاه؟ هل أنت هناك، أم هنا؟
( تلفح وجنتي الباردتين ريح تحمل بقايا صوتك البعيد):
 أنا هنا، أرتاح من عناء هذا الوقت الطويل...
ويرجع الصدى:
أنا هنا...
أنا هنا..
*****
هكذا ينتهي المشهد التراجيدي...
يقف التصوير.
لكن صوت نشيج القلب يظل يردد:
أنا هنا...
أنا هنا.
يخرج الممثلون من أدوارهم، إلا أنت
تبقين هناك
تتركين كل هذا الضجيج بكبرياء الصمت نحو غبطة اللازورد الغافي بين غيوم الرحيل.
( أنت التي مللتِ من تكرار مشهد الألم اليومي الذي أضنى روحك، وحطم إرادة الحياة في قلبك، فخبا نورها في عينيك الواسعتين).
أصرخ بصوت بَحّه النشيج:
ـ استيقظي يا أختاه، استيقظي أيتها النائمة عند أسوار الأمل، لا تتركيني وحيداً هنا، ولا تمتحنيني بمرثية
فيرجع الصدى:
أنا هناك، وأنت هنا.
*****
أمسك بحفنة من تراب قبرك الدافئ، أقربها من حنايا قلبي، فأدرك أن البنفسج لا ينبت في الجنة، بل على هذه الأرض، في مرج الآلام، فوق مثواك الأخير هناك...
هناك...
ها هنا.






2. حضور أعلى من الغياب

ريح... تسوق سحابة العمر نحو سكينة المنتهى، لتخلصها من وزر المكان
فتنسكب الذكريات عند حدود اللاوقت لتتركني وحيداً أعد أيام الرحيل.
روح ...
معلقة في الهواء، مثل طائرة ورقية ملونة يشدها خيط الرغبة في بقاء الحضور وحلم السفر نحو قبة السماء.
قلب...
يغفو في حضن الوقت على حكايات الشتاء، فيستيقظ وقد سُجّي ما بين أسى الفراق وكلمات الرثاء.
ـ هل هو العمر مضى حقاً
وانقضى
أم برق أضاء الطريق برهة ثم تلاشى بعيداً في الأفق واندثر.
( يسأل المسافر إلى حضور الغياب)
ـ لعل غيابي سيترك، ولو قليلاً من أثر!
ـ كل الأثر... يجيب المشيعون من حوله...
كل الأثر
كل الأثر.




3. صمت ثقيل يلف المكان

صمت ثقيل يلف المكان، وأفق ملبد بغيوم الرحيل.
دم يسيل فوق عشب نيسان
ليجف على حجارة الوقت بعد قليل
أو على شاهدة قبر آخر في هذا العراء المسكون بالنسيان.
دم سال...
دم يسيل
وصمت ثقيل يلف المكان
ينشر صداه في السهول وفوق الجبال...
( ها هم قد أعدوا لك الجنازة قبل أن يقتلوك، فاحترس يا أيها القتيل).
يصرخ أحدهم:
 مهما فعلت، فلا أمل لك بالنجاة.

( يقترب الجناة من حقلك أكثر فأكثر، فاحترس يا أيها القتيل).
يقول آخر:
 مهما حاولت، فلا أمل لك بالحياة.

( ها هي فؤوسهم ترتفع، وتهوي على رأسك، فاحترس يا أيها القتيل).
يهمس ثالث:
 مهما حاولت، فلا أمل من هذه الحياة.

( يعود الناس إلى أشغالهم بعد تأبينك، تغمرهم الحسرة والأسى، لكنهم سرعان ما يغرقون في هموم الحياة).
ولا يبقى سواك، وسواي...
وصوت مقرئ خجول، ودمك القاني... يسيل.

دمك المهدور سال
دمك المهدور يسيل...
وأفق ما زال يشرع لنا ما تبقى من أبواب الرحيل...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال