الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب التحليلات الاستراتيجية و غلبة الاحاسيس حول الحرب الاوكرانية. ما الذي يحصل و قد يحصل؟ (1)

هشام عقراوي

2022 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


المتابع لما يحصل في أوكرانيا حاليا و العالم حول الحرب الدائرة في أوكرانيا و انقسام العالم الى قطبين يرى بشكل واضح تغلب العاطفة و الاحاسيس على أغلبية التحيلات و الاوضح هو أنعدام الموضوعية و الاستقلالية في الاعلام الغربي أيضا بعد أن كان هذا الانعدام مقتصرا على اعلام الدول الشرقية و من بينها روسيا.
هذا الانقسام أدى الى ضياع الحقيقة حول هذه الحرب و خاصة في هذا العصر الذي فيه تحولت مواقع التواصل الاجتماعي الى مصدر للمعلومات لدى المواطنين بدلا من الاعلام المحايد و الموضوعي و أنعدام النظرة النقدية الى الاحداث و الى الاخبار التي يتم نشرها من قبل طرفي النزاع.
الحرب المعلوماتية و الاعلامية كانت على الدوام من أحدى أهم الحروب و أعتمدت عليها كبريات الدول من هتلر و الى أمريكا و الى أنكلترا و روسيا و صدام و غيرهم. الغريب في هذه الحرب العالمية حول أوكرنيا هو تصديق الشعوب و الحكومات للاخبار المنشورة أعتمادا على الجبهات المنقسمين عليها. فالمؤيد لامريكا و الغرب يرى أن كل ما يتم نشرة من قبلهم صحيح لابل يضيفون عليها الكثير من الاكاذيب و ينشرونها في مواقع التواصل الاجتماعي و في أحيان كثيرا تقوم القنوات الاعلامية لتلك الدول بنشر نفس تلك الاكاذيب على أنها حقائق.
القارئ العربي و القنوات العربية تحولت هي الاخرى الى أبواق لما يتم نشرة من قبل الاعلام الامريكي و الغربي المنحاز تماما لدخول أوكرانيا حلف الناتو و صناعة الاسلحة النووية ضد روسيا. و القليل النادر من القنوات العربية الموالية لروسيا تقوم بنقل وصناعة أخبار كاذبة لم تلجئ اليها حتى الاعلام الروسي.
أذن نحن في وضع غاب فية الاعلام المستقل و الموضوعي و غابت فية التحليلات الاستراتيجية المحايدة و صار العالم يعيش في كذب كبير أسمة الحرب الاوكرانية و الغزو الروسي على أوكرانيا الدولة الفقيرة التي يعلق عليها الكثيرون في مواقع التواصل الاجتماعي و على فتياتهم "الجميلات" حسب وصفهم و أن الشباب العربي و غيرهم من الشباب ينتظرون هؤلاء الفتيات في أكبر عملية أهانه للجنس الاخر.
هذا الانقسام و طريقة التعامل مع مشكلة كبيرة بقدر الحرب العالمية الثالثة يثبت بشكل واضح الى أن الاحاسيس هي المسيطرة على عقول الاغلبية الغالبة و حتى على الاعلاميين و القنواة الاعلامية. و ما دامت الاحاسيس هي الغالبة فأن الحرب لربما ستستعر أكثر حيث الكل مستعدون لتقديم السلاح و العون بجميع الاشكال الى أوكرانيا و بهذا يوفرون لاوكرانيا مستلزمات القتال و ليس دفعهم الى الحل السياسي السلمي. و في الجانب الاخر فأن روسيا لديها السلاح و جميع مستلزمات أطالة العمليات العسكرية و هي لا تحتاج الى المساعدات العسكرية على الاقل. اذن العالم و العاطفيون هم مع أستمرار القتال و هدم أوكرانيا و جعلها سوريا أوعراقا أو ليبيا أخرى أو حتى أفغانستان أخرى. و طبعا الخاسر الوحيد في هذا هم الضحايا من المواطنين الذي لا ناقة لهم في هذه الحرب و لا جمل.
لنعود الى صلب الموضوع و التحليل الاستراتيجي للحرب و الصراع الدائر. فالذي يحصل هي ليست حرب مجردة بل هي نتيجة لصراع بين قوتين رئيسيتين. أمريكا و روسيا. فروسيا لم تكن لديها مشاكل مع أوكرانيا المحايدة منذ التسعينات و الاستقلال و الى 2014 و خلافها هو حول أوكرانيا المنحازة لأمريكا و العضوة في الناتو. أذن الصراع الحقيقي هو بين حلف الناتو متمثلة بأمريكا و بين روسيا التي ليس لها حلف الان. و نسيان هذه الحقيقة هو تعمد الغرض منه التضليل الاعلامي و كسب التأييد الشعبي للحرب الدائرة و قتل الشعب الاوكراني و تشريدة. أوكرانيا هي وقود الحرب الامريكية الروسية بنفس طريقة كون الكورد في سوريا وقودا لتلك الحرب الغير معلنه بشكل رسمي.
الغزو الروسي لأوكرانيا لم يكن ليحصل لو أن أوكرانيا لم تتحول الى دولة منحازة لأمريكا و للناتو على الرغم من أن 30% من ألاوكرانيين هم روسيو القومية الى أن دفع مناطق القوميين الروس الى الاستقلال في أوكرانيا أتى بعد الاقتراب الاوكراني من أمريكا و أعلان عدائهم لروسيا. روسيا لم تؤيد الروس في أوكرانيا قبل سنة 2014 على الرغم من كونهم من القومية الروسية. و هذا يعني أن روسيا كانت مستعدة للتضحية بالمواطنين الروس في أوكرانيا في حال بقاء أوكرانيا على الحياد. لجوء روسيا الى الاعتراف بأستقلال دونباس هي ورقة ضغط على أوكرانيا و ليس أيمان راسخ بحق هؤلاء الروس بالاستقلال و تقرير المصير.
أوكرانيا من ناحيتها لم تكن تلك الدولة التي تعترف بحقوق الانسان و القوميات داخل أوكرانيا و رفضت الاعتراف باقليم دونباس الفدرالي و منعت الروس هناك حتى من حق الدراسة بلغتهم تماما كما تفعل تركيا و باقي الدول المحتلة لكوردستان. أذن نستطيع القول أن أوكرانيا كانت دولة محتلة أو مغتصبة لأراضي شعب أخر يعيش في أوكرانيا.
هل العقوبات ستردع روسيا و تسحب منها الانتصار في هذه الحرب؟؟
من الطبيعي فأن العقوبات و بهذا الحجم و الصورة ستلحق الضرر بالاقتصاد الروسي و ربما ستعيق عملياتها العسكرية ناهيكم عن اللعبة السياسية و الاعلامية التي تمارسها أمريكا و الغرب. فأمريكا أنتقلت من عدم التدخل في أوكرانيا عند بداية الهجوم الروسي الى التدخل و أرسال المساعدات العسكرية الى أوكرانيا. و أمريكا ضغطت في اليومين الاخيرين على أوربا كي تقوم الدول الاوربية أيضا بأرسال الاسلحة الى أوكرانيا الى درجة قامت دولة كالسويد بأرسال الاسلحة الى أوكرانيا بدل محاولة التوسط لأنهاء القتال على الاقل و حقن الدماء.
أذن الاتجاه هو نحو التعصيد و فرض الحلول العسكرية و ليس السياسة و يجب حسب المنطق الامريكي أن تنتهي الحرب بدخول أوكرانيا حلف الناتو و الاتحاد الاوربي.
أقوى سلاح تحاول أمريكا أقناع الدول الاوربية بالموافقة علية هو ما يسمونه بالقنبلة الاقتصادية التي تتمثل بحرمان روسيا من نظام سويف المالي و الذي من خلاله تقوم الشركات و الاشخاص بدفع المشتريات و المبيعات البنكية. أمريكا و الغرب يعتقدون أن هذا الحظر و المنع سيؤدي الى أنهيار النظام الاقتصادي في روسيا و حتى عمليات بيع النفط و الغاز سوف تتأثر بهذا الحظر.
و في الوقت الذي نرى الان جميع وسائل الاعلام الغربية و الامريكية و غيرهم يركزون على هذه القنبلة الاقتصادية فأنهم تناسوا أن روسيا ايضا لديها بعض الاوراق و أن هذه القنبلة الاقتصادية لربما ستتحول الى أنتحار أقتصادي.
أمريكا و الغرب تناسوا أن روسيا و الصين قاما ببناء نظام موازي للمصارف بين الدولتين و بموجب هذه المصارف فأن روسيا و الصين يستطيعون تحويل الاموال بشكل سلس بين الدولتين و بين البنوك الروسية و الصينية. هذا النظام الموازي هو أكبر تهديد للغرب و أمريكا و سيقوى كثيرا في حال حرمان روسيا من نظام سويف و قد يؤدي على المدى الطويل أنشاء نظام مالي عالمي موازي لنظام سويف و تتجمع روؤس الاموال لدى الصين و روسيا و تلجئ دول و بنوك أخرى أيضا الى أستخدام النظام الروسي الصيني كبديل لنظام سويف و لا يستبعد ظهور ( فيزا كارت) مربوط بالنظام الصيني الروسي.
الثغرة الاقتصادية الاخرى هي ايران، سوريا و العديد من الدول الاخرى و حتى أفغانستان. ايران أعتمد طوال الفترة الماضية على العراق و روسيا في بيع نفطها و مواردها الى الخارج حيث العقوبات الامريكية الغربية. الان بمجرد توقيع أتفاقية بين أيران و الغرب فأن التجارة الروسية و النفط الروسي سيجد طريقة الى ايران و منها الى الاسواق الدولية و خاصة أن برميل النفط في حال تطبيق العقوبات سيرتفع الى أكثر من 150 دولار و أوربا بالذات تتلهف على النفط الرخيص. هؤلاء أشتروا النفط الرخيص من داعش فكيف لا يشترون النفط الروسي الرخيص؟ أذن الانتصار الاقتصادي الامريكي الغربي على روسيا هو ليس بالشئ الحتمي بل يحمل في طياته أنقسام العالم أقتصاديا ايضا الى جبهتين و ليس فقط سياسيا و عسكرية.

يتبع.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة