الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم والعقل الجمعي

سلوى فاروق رمضان

2022 / 2 / 27
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


كلنا تربينا على قصة أن طبيب مشهور بيعالج الناس ولكن ابنه مرض ولم يستطع شفائه ، والحكمه من تلك القصة أن مهما كنت طبيب متميز فأنت غير قادر تعالج بدون إرادة الله ، وقصة أخرى متكررة أن الله يسلط علينا بأمراض غريبة كلما عرفنا كيف نتعامل ونعالج مرض فيسلط علينا مرض آخر ليعلمنا بعجزنا ونتواضع أمام إرادته .
هذه القصص وغيرها الكثير لا أعتقد أن أحدنا تحصن منها ، إما أن قالها خطيب جمعة أو شيخ فضائيات أو مدرسة في فصلها ، قصص تدل علي إيمان من يقولها أن هناك صراع بين العلم وبين إرادة الله ، وهذا لا يعني إحتقارنا للعلم بكونه علم بل إحتقارنا للعلم لإنه التضاد مع واقعنا الذي يكشف تخلفنا، لذا العقل الجمعي يقف ضده ويتشفي في تعثراته ، ونفتخر بفشل علاج الإيدز مثلا أو نعرقل إكتشافات علمية تعطي أمل لمرضي وسعادة لعوائلهم ، فالذالك نحن بلا شك بيئة معادية للعلم.

فك الرباط بين ما هو ديني وما هو علمي .
كيف للإنسان أن يكون مع المرض ضد الصحة ، ويعرقل إكتشافات علمية صنعت لسعادتنا ويترك ذلك ويدافع عن الشقاء ، هذا مشكلة في العقل المتلقي لأي مكتشف أو إختراع ، فالعقل الديني يتلقى العالم عن طريق مروره بطريق الحلال والحرام وأقوال فقهاء يستنبطون من نص ويفعلونه علي واقع ويطوعون الواقع عليه رغمآ عن الحقيقة ، فطريقة تفكيرهم كما قال الفيلسوف زكي نجيب محمود فكر علي فكر ، أي لا يهتمون بالواقع ولا إنعكاسات ما يقولوه على الواقع ، لذا يجرؤون علي العقل ويقولون بمنتهى السلاسة أن الحمل أربع سنين وأن بول البعير يشفي وأن التمر ينجي من السم وكل هذا الهراء ؛ لإنهم إعتنوا بطريقة نقلهم وبالأسانيد ، فينقلوا ما يروه دون أي إشمئزاز لمخالفتهم العقل والطبيعة ، فكلما كان سندهم صحيح فقولهم صحيح وهذا أجل ما يتطلعوا إليه ، وطبعا العقل الجمعي هو ضحية لرجال الدين ، لإنهم هم المشكليين لوعيه ،لذا توجد قصص من هذا النوع أثرا على ثقافتنا .
فهذا العقل كما من سماته النقل دون التفكير فبالتالي عندما يعارض العلم ما ينقله فالاشعور يتجه نحو كراهية العلم الذي يضعهم في موقف حرج ويكشف بطلان ما يروجوا إليه ، فمثلا تحريم الدين أكل الخنزير يجعلهم يكرهوا جميع منتجات العلم التي نتج من الخنزير ، ونضع هذه المعجزة العلمية علي طاولة مفاوضات رجال الدين الذين لا طالة لهم غير القفز على منتجات الغير ، ومن ثم ممارسة القوامة على عقول البشر وعقول العلماء، ويفتوا في إذا كان هذا الإنتاج العلمي حقنا أن نستخدمه أم لا ، فهل المجتمع الذي يحترم العلم يأمن علي مناقشة كهذه مع رجال الدين ؟ هل العلم يناقش مع عقلية الحلال والحرام والنقل وبالأسانيد والعنعنة ؟! ولكنه عندنا للأسف يناقش .ومن مظاهر معاداة العلم هو جعل رجال الدين علماء وتدخلهم بهذه العقلية المعنعنة الناقلة في تفاصيل حياتنا ومحاولة أن نجعل من الدين علم له مختصون .
أما التفكير العلمي هو تفكير قائم على الأدلة والأختبار والتطبيق علي الواقع ومشاهدت ما النواتج وتسجيله وإعادة التجارب وإعطاء نفس النتيجة للتأكد ، وللأسف هذه العقلية ليست هي المنتشرة في ثقافتنا نظرآ لإن العلماء الحقيقيين ليسوا مؤثرين بل رجال الدين بزعمهم إنهم علماء ، لذا التصارع حتمي بين أتباع التفكيرين ، فنري نظريات علمية يناهضها أتباع التفكير الديني لأنها ضد ثوابته ، وكلما زاد عدد الرافضيين للنظرية فكإنهم بذلك يرتاحون أن ما يقولوه صحيح ، هذا التفكير عندهم لإن المذاهب بنيت عالأغلبية والسلطوية ، لذا يقعون ضحايا لتسويق آرائهم بالأغلبية وليس بالأدلة .

إشكالية الربط بين الدين والعلم .

يجب أن نفكر بما هو ديني في الدين وفقط وبما هو علمي بطريقة العلم فقط ، وأن نعيد تموضع المصطلحين ، وأن الدين ليس علم بل هو طريقة روحانية بين الإنسان وربه وأن رجال الدين ليسوا علماء ولا أوصياء على عقولنا ، لإن التفكير الديني غير مضر لو كان في الدين فقط ولكن عندما يتدخل في حياتنا يخلف معاداه للعلم وتطورنا في مناحي حياتنا .
فك الإرتباط بين العقليين هو إحترام لكليهما ولا ينتقص من الدين ، هو إحترام للعلم وتسهيلا للإستفادة منه فلا نضع الفتاوى عثرات على طريقه ،وإحترامآ للدين حتي لا يوضع موضع مقارنة بينه وبين العلم بمقارنة ظالمة له، فالدين ليس شأنه معالجتنا حتي نلومه علي حديث غير صحيح علميآ ، فهو خاضع للتأويل ولكن رجال الدين هم من يجروه إلي معارك ليست له .

لماذا يلجأ الناس إلي الدجالين لمساعدتهم .

في الآونة الأخيرة تم القبض علي معالج بالأعشاب بسبب أن أحد ضحاياه مات ، فثار د خالد منتصر تساؤل ، لماذا يلجأ الناس إلي هؤلاء ولا يلجأون إلي الطب؟ فإنه كان يظن أن الناس تلجأ لهؤلاء بسبب إستغلائهم لأسعار الدواء والطبيب ولكن ما إكتشفه إنهم يدفعون أضعاف مضعفة لهؤلاء الدجالين ، السبب في ظني لا يخرج من دائرة معادتنا للعلم ، فنعتقد أن العالم المتقدم يتآمر علينا ويخفي علينا المواد الفعالة في العلاج ويستغلوننا ، وهؤلاء الدجاجلة يتكلمون بطريقة مناسبة لتفكرينا فيحتلوا ثقتنا ، ولإننا كل من هب ودب نقول له عالم ، فالحافظ عالم والناقل عالم، ونتجرأ علي كل العلماء الحقيقيين لو فهمونا حقائق تختلف عما نؤمن به ، ولإننا شوهنا سمعة شركات الأدوية إنهم نصابين وإنهم يريدون سرقتنا ولا نعلم حقيقة إنهم يتكلفون مليارات لتخرج أبحاث حقيقية لتنتج دواء وممكن بعد دفع المليارات أن تسحب الدواء من السوق إذا ثبت في الإستخدام أن نسبة معينة عانت آثار جانبية غير متوقعة فالثقافة البعيدة عن الطريقة العلمية هي السبب في ضحك الدجاجلة علينا فالأمر ليس شخص يقبض عليه ،بل هي ثقافة كاملة بنيت في سنين يجب هدمها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا