الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عين الكاميرا المقلوعة

محمد عبدالله الاحمد

2006 / 9 / 7
الصحافة والاعلام


اذا كانت عظمة نيويورك في ناطحات السحاب و كونها مقر هيئة الامم المتحدة فماذا نقول عن مشهد القمامة المقزز في شارع هارلم ؟ و ماذا ايضا عن جمهورالمشردين الذين يلتحفون سماءها في عز الشتاء ؟
لكن السؤال الاهم هنا ليس عن نيويورك وحدها بل عن الهويات الحقيقية للامكنة , للمدن , و البلاد و حتى .... العباد .
عندما يكتب الصحفي عن بلد او عن مدينة عليه توخي الموضوعية فلا يجوز مثلا ان تذهب الى معلولا و معك الكاميرا فتصور بائع خيار على حماره و تقول هذه معلولا فلابد ان موضوعيتك هي المعلولة , بالتاء المربوطة طبعا لان الالف الممدودة ستعني دائما ذلك المكان الجميل ذو الرمز الديني و التاريخي اضافة لكرم الناس و المعشر .
مناسبة الحديث هي ان بعض الصحفيين الاجانب الذين يأتون الى سورية
بغية التعرف على البلد ذو العشرة الاف عام قبل الميلاد من الحضارة يقومون عمليا بعكس الدور الذي أتوا من اجله الى بلادنا , و باعتباري
صحفيا سوريا في المهجر فقد لمست باليد ذلك الامر حيث تقوم السفارة
و الجالية السورية مشكورين بتمويل بعثات صحفية نكتشف فيما بعد ان
هذه البعثات تترك مسرحا رومانيا لتلتفت الى محل (كومجي) لم يعتن
صاحبه باليافطة المكتوبة فكتبها بخط يده بفرشاة دهان (كوماجي و
دوزان دواليب) .... أو تترك روعة مشهد دمشق الليلي لتكتب عن بائع
الفول على قاسيون الذي استغل نطقهم بلغة اجنبية لكي يزيد الى ثمن
(قرصوعة) الفول الصغيرة صفرا على اليمين !
هل هؤلاء نحن ؟
و هل نيويورك هي هكذا ؟
و هل صحيح ان مشهدنا يعبر عنه الطريق الممتد من باب الهوى الى
حلب فتختلط الاشياء في فوضى لا يتدخل في تنظيم شؤونها الا رب
العباد ؟
من نحن في عين الاخر هذا هو السؤال ؟
و حتى لا تتيه الاجابة عن عقولنا علينا ان نرى الامر بمنظار الراغب
في تحويل مشهد البلد الى الافضل و الاحسن ليس فقط في الكاميرا
بل على أرض الواقع و بنفس الوقت ليس علينا القبول و السكوت على
صحفي يفترض انه (ضيف) يأتي ليكتب عن (العين المقلوعة)

في حالة لا تفسير منطقي لها الا ان عينه غير موضوعية و لا تعطي
الصورة حقها و ان من مهامنا الاساسية عند ارسال هؤلاء مراقبة
العمل جيدا أو ربما (تقليد الاسرائيليين) في هذا الشأن ببساطة ... و لا تستغربوا قولي فعدونا هو الانجح عالميا في الاعلام و في قلب الحقائق .
و لكن كيف ؟
سألت صحفيا بلغاريا مرة ما الذي جعلك تسافر الى أرضنا المحتلة عدة مرات ؟ اجابني ( يا سيد الاحمد المظروف هو السبب ) و حكاية المظروف بسيطة و هي ان وزارة الثقافة الاسرائيلية اتفقت مع هيئة مطار بنغوريون على منح مبلغ ألف دولار لكل صحفي يدخل أرضنا المحتلة دون ان يزور الضفة الغربية و قطاع غزة و مع المظروف رسالة شكر و صداقة من (الدولة الاسرائيلية) و دعوة للعودة و تكرار الزيارة . هذا بينما الصورة عندنا مختلفة تماما و لاحاجة للدخول في تفاصيل قد تغيير عنوان الموضوع و نترك للقارئ وحده فهم المعاناة الاعلامية عندنا و خصوصا
تلك المتعلقة بتقديم انفسنا للاخرين (الغرب تحديدا)..
من ناحية ثانية و اساسية لابد لنا من الوقوف عند اخطائنا القابلة للتغيير
بمتابعات ادارية ودون الاشارة الى مهام تاريخية , فكم هو ممكن و اساسي
القيام بحملة وطنية تعقبها متابعة ادارية رادعة للحفاظ على الملكية العامة
المرافق و غيرها و كم هو ممكن ان نكتشف اولا اننا فوضويون و ان
نبدأ بالفعل في ضبط الفوضى و ذلك بتوظيف جزء من الخطاب السياسي
للحديث الى الشعب في هذه القضايا , و القيام بمنهج وطني واعي لتغيير
الفوضى في وعي انساننا اولا و هو الذي يرى احيانا ان الفوضى قدر
محتوم لابد منه .
اذن كوننا في الاغلب في عيون الاخرين شعوب الكثرة العددية المستهلكة
حقيقة مزدوجة السببية فمن ناحية اعلامنا مقصر في تبيان قدراتنا و حقوقنا و روعة الجانب الاخلاقي في سلوكنا الانساني الفردي و الجماعي
من تراحم الاسرة الى مفهوم الجيرة الى الفن و الموسيقى العربية التي
تفتقد عند الغربي و من ناحية ثانية هنا تقصد غربي واضح هدفه النيل
من شخصيتنا لانها بكل بساطة صعبة الهضم على آلة العولمة اذا لم نقل
مستحيلة الهضم و هذه هي الحقيقة .
نقول كل هذا و لا ننسى أبدا تلك القائمة التي لا تنتهي من العيوب التي
تحدثنا عنها , و لكن سورية و المحيط الشامي (الكبير) ليس بنغلاديش
مع احترامنا للجميع , فانساننا المظلوم حاضرا هو انسان الابداع و المعرفة و المدنية لو مدت له اليد اللازمة لاجتراح حاضره و مستقبله
فهل نعرف كيف ننجز الحاضر و هل نعرف كيف نقدم انفسنا للبشرية
هذه مهمتنا جميعا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لغز الاختفاء كريستينا المحير.. الحل بعد 4 سنوات ???? مع ليمو


.. مؤثرة لياقة بدنية في دبي تكشف كيف يبدو يوم في حياتها




.. إيران تلوح بـ”النووي” رسميا لأول مرة | #ملف_اليوم


.. البرهان يتفقد الخطوط الأمامية ويؤكد استمرار القتال




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: لا يمكن إخضاع دولة إسرائيل | #رادار