الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار- العدد 61

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2022 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية




العدد /61/ شباطفبراير2022
---------------------------------------------------------------------------------

الافتتاحية:
التناقض الرئيسي في الوضع السوري الراهن
عند الماركسيين هناك مقولة (التناقض الرئيسي)التي من خلالها تتحدد ملامح المرحلة السياسية،وهي تجيب على سؤالين رئيسيين طرحهما لينين:"من أين نبدأ؟" و"ماالعمل؟".وقد طور ماوتسي تونغ هذه المقولة في محاضرته عام 1937المعنونة :"في التناقض"،وطبقها بشكل ملموس على الواقع السياسي المتحرك.
خلال الأحد عشر عاماً من الأزمة السورية،اختلف السوريون المعارضون حول مسألة (التناقض الرئيسي)،فبعضهم قال باسقاط النظام ،وبعضهم قال بأن الأولوية هي ايقاف العنف السلطوي والعنف المضاد المعارض،بينما قالت هيئة التنسيق الوطنية،والتي حزبنا هو أحد الأطراف المؤسسة للهيئة،بأن الأولوية هي لعملية تغيير ديمقراطي جذري تنقل سورية من النظام القائم إلى نظام ديمقراطي تعددي تتم عبر تسوية وطنية تضم جميع السوريين في المعارضة والسلطة والقوى المتعددة في المجتمع.طرحت الهيئة هذا البرنامج منذ مؤتمرها في بلدة حلبون قرب دمشق المنعقد في يوم17أيلول2011،أي بعد ستة أشهر من بدء الأزمة السورية،وقد جاءت التطورات لكي تجعل تعريب الأزمة السورية من خلال مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة السورية (2تشرين الثاني2011)وتدويلها الذي أعلنه بيان جنيف1الصادر في 30حزيران2012 ثم القرار الدولي 2254لعام2015-في حالة تبني لفكرة الانتقال السياسي نحو نظام ديمقراطي جديد .
بسبب تدويل الأزمة السورية ،وبالتالي تحكم توازنات دولية واقليمية بمسار الأزمة،لم يستطع المعارضون الذين نادوا باسقاط النظام تحقيق هدفهم وخاصة أنهم كانوا ينادون بالاستعانة بالخارج لتحقيق هدفهم ،وهذا الخارج إما لم يرد تكرار ماجرى في العراق وليبيا أوأن الاستقطابات الدولية في الأزمة السورية التي ظهرت منذ خريف2011قد جعلته متردداً في فعل ذلك.بالمقابل فإن الاستقطابات الدولية- الاقليمية نفسها قد منعت النظام من تحقيق انتصار عسكري-أمني ،وعملياً في السنوات الثلاث الأخيرة هناك تشكل لمناطق ثلاث في غرب الفرات وفي شرق الفرات وفي ادلب-شمال حلب تعيش حالة من اللاحرب واللاسلم،مماينذر بمصير للأزمة السورية شبيه بماجرى للأزمة القبرصية طوال ثمان وأربعون عاماً مضت.
نحن نقول،بسبب كل ماسبق بأن التناقض الرئيسي في الوضع السوري الراهن هو ايجاد تسوية وفقاً للقرار الدولي 2254يتم من خلالها الانتقال من النظام الحالي إلى نظام ديمقراطي جديد وباشتراك السلطة والمعارضة وقوى أخرى في السلطة الانتقالية وتحت رعاية دولية مادام تدويل الأزمة السورية بالعشر سنوات الماضية قد جعل القوى الدولية هي المتحكمة بزمام ومحركات الأزمة السورية،وليس السوريون للأسف.من دون اطفاء الحريق السوري وعبر هذا المسار الدولي هناك خشية حقيقية من أن يتكرس الانقسام الجغرافي إلى تلك المناطق الثلاث،وبالتالي تفقد سورية وحدتها الجغرافية،كماأنه من دون التسوية ستستمر معاناة السوريين الاقتصادية مادامت عقوبات قيصر التي فرضتها الولايات المتحدة ونفذتها منذ صيف 2020أداة بيد واشنطن للضغط على موسكو من أجل ملفات دولية أخرى،منها أوكرانيا،ولكنها تفتك بالمواطن السوري وتجعل حياته المعاشية جحيماً.
خط هيئة التنسيق الوطنية التسووي للزمة السورية هو الذي انتصر ولكن ليس أمامه سوى الآليات الدولية للتنفيذ عبر توافق أميركي-روسي مادام السوريون قد فقدوا جميعاً منذ أن تم أقلمة الأزمة في خريف 2011ومن ثم تدويلها في عام2012القدرة على تحقيق تسوية سورية-سورية للأزمة.بالمقابل فإن خط "المجلس "ومن ثم خليفته " الائتلاف" عام2012 قد هزم وهو خط المراهنة على التدخل العسكري الخارج وعلى العنف المعارض وعلى رفض التسوية وفق القرارات الدولية.
هنا،فإن آليات التفاوض التي اعتمدت لتنفيذ القرار2254الصادر في 18كانون الأول2015وهي مفاوضات جنيف(30كانون الثاني2016-18نيسان2016)والتي أوقفها المنسق العام لهيئة التفاوض المعارضة رياض حجاب ومن ثم اللجنة الدستورية التي تشكلت في أيلول2019ومن ثم انطلقت بعد شهر،وفي جولاتها العديدة من الواضح أن وفد النظام السوري يريد للجنة الدستورية أن لاتصل إلى أي نتيجة- قد وصلت إلى طريق مسدود ،وبأن كل آليات انتاج تسوية عبر التفاوض بين السوريين هي معطلة الآن ،ومن الواضح من تجربة اللجنة الدستورية بأن اطلاق مسار لسلة واحدة هو عقيم وبأن الطريق الأساسي هو طريق المفاوضات من أجل هيئة الحكم الانتقالي ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة كمانص عليها بيان جنيف1الذي يستند عليه القرار2254،وبأن كل المسارات الأخرى بمافيها المسار الدستوري ستكون بدون آليات تنفيذية ،حيث أن هيئة الحكم الانتقالي هي التي ستجري الاستفتاء على نص مشروع الدستور ومن ثم هي التي ستشرف على اجراء الانتخابات التي ستجري على أساس الدستور المقر عبر الاستفتاء.
من الضروري الآن أن تجري المعارضة السورية مراجعة لكل المسارات التفاوضية..وأن تحدد موقفها من جديد بعد أن وصلت كل تلك المسارات إلى طريق مسدود...

-----------------------------------------------
حول حراك مدينة السويداء
بسبب الوضع المعيشي الكارثي الذي وصل له الأهالي في محافظة السويداء ، خرجت المظاهرات مطالبة بتحسين الوضع المعيشي ( من خلال المطالبة بربط الأجور بالأسعار ورفع أجور العاملين بأجر في قطاع الدولة ومحاسبة ناهبي المال العام ) وبعض المطالب التي تخص أسعار المواد وللمطالبة بتراجع الحكومة عن رفع الدعم لآلاف الأسر في المحافظة والتي منها تلك التي قدمت أولادها من أجل بقاء السلطة وعدم سقوطها .
من المفيد القول ،من أجل التعلم من هذه التجربة، أن هناك اهمية لانخراط هذا الحراك في إطار مشروع وطني ديمقراطي كامل ، ولكتابة مطالب عامة تخص المجتمع ككل ( كإنجاز الحل السياسي ، كونه باب لتحسين الأوضاع العامة المتدهورة ) ومطالب خاصة محلية لمحافظة السويداء لحفظ الحراك من أي جذب لأجندة خارجية ومشاريع دولية وإقليمية ، ولبلورة برنامج متكامل يتقاطع مع المصالح الجمعية لكلية المجتمع ، وإلا فأن الحراك لن يستطيع أن يحقق الحد الادنى من مطالبه ، وسيجلب التدخل الخارجي والعنف والتطييف والمشاريع المذهبية والتقسيمية ، فالسويداء محافظة ككل المحافظات تعاني من سياسات السلطة التي كانت سياساتها الاقتصادية في العشر سنوات الماضية تتجه أساساً لاستغلال ظروف الأزمة والحصار الخارجي من أجل احداث فرز طبقي جديد أصبح فيه80بالمئة من السوريين تحت خط الفقر وأصبحت قلة مرتبطة بالسلطة هي صاحبة الثروة وهي المتحكمة بكل مفاصل الاقتصاد،فيمادول أخرى استغلت ظروف مماثلة من حصار الخارج للتخطيط من أجل بناء اقتصاد داخلي قوي مثل ايران وكوبا. كماأن ترهل عملية التنمية في محافظة السويداء قد زاد في معاناة الأهالي ، وهنا يتقاطع أهالي المحافظة مع كل أهالي المحافظات الأخرى في المشروع الوطني التغييري العام الشامل لمنع تدهور الاوضاع العامة ( الأمنية والسياسية والمعيشية ) ، وقد أدى ترهل التنمية فيها لهجرة آلاف الشباب إلى الخارج بمحاولة لتكوين ثروات لتأمين مستقبلهم المعيشي ومستقبل أولادهم ، ويأتي الحراك الشعبي في إطار قضايا مطلبية أكثر منها سياسية ، لكن تأتي أهميته من خلال دفع الناشطين بسبب تعنت السلطة إلى الإنخراط في مشروع وطني ديمقراطي يتقاطع مع بقية أبناء شعبنا الذي يعاني الأمرين ، ولا شك أن هناك محاولات لتغذية العنف والعنف المضاد في المحافظة كمقدمة لجلب التدخل الخارجي وتطييف هذا الحراك الشعبي الذي يعبر في جوهره عن المصالح الحيوية لأهل المحافظة الذين يتقاطعون مع المصالح الحيوية ومعاناة أبناء شعبنا في بقية مناطق سيطرة السلطة .
في النهاية وباختصار ، هناك أهمية لانخراط الحراك ضمن مشروع وطني ديمقراطي ، لأن السلطة عاجزة عن حل المشكلات التي يعاني منها أبناء شعبنا في محافظة السويداء ، بسبب بنيتها القائمة على الأحادية والإقصاء الذين يفرض على قوى الشعب الحية الديمقراطية العمل وذلك من أجل التقريب بين الرؤى لبلورة البرنامج الديمقراطي الذي سيحل الأزمة الاقتصادية من خلال حله للأزمة السياسية ، كون الازمة السياسية آتية من خلال إنتاج وإعادة إنتاج التبعية على المستوى الاقتصادي للسوق العالمية من خلال تحول الطابع البيروقراطي للطبقة السياسية الحاكمة إلى طبقة طفيلية وكيلة تثبت التخلف والجهل والفساد والإفساد ضمن بنى المجتمع ، مما جعل ويجعلها معيقة لأي عملية تغيير ديمقراطي .
إن تقريب النضال المطلبي إلى العمل السياسي الصحي وبلورة برنامج ديمقراطي يضم المطالب التي على رأسها إنجاز الحل السياسي التسووي للأزمة السورية هو تقدم في إطار تشكيل أوسع تحالف وطني ديمقراطي للقوى الوطنية والديمقراطية والشعبية لدفع الواقع السياسي القائم إلى تغيير "ما" في بنيته القائمة ، وهذا ما يؤكده وجود عناصر ضمن البنية الاجتماعية السورية ( إذا ما وعت لمهمتها التاريخية ) لدفع البلاد نحو تقدم ملحوظ ضمن العملية السياسية ، ومحاصرة القوى التي لها مصلحة في استمرار العنف والعنف المضاد وتدهور الأوضاع العامة ، من خلال الإتفاق على الحل السياسي الممكن والواقعي بين السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني بحوار سوري سوري وعلى أساس القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية .
ذ كرى إضراب المنية ولاالهوية
يأتي الرابع عشر من شباط ذكرى الإضراب الكبير الذي أطلقوا عليه أهل الجولان اسم " المنية ولا الهوية " وذلك في عام 1982 ، ضد قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان العربي السوريفي 14كانون الأول1981 وفرض القوانين الإسرائيلية على أبنائه ،وضد الهوية الإسرائيلية ، معلنين إنتمائهم للهوية العربية السورية ، الهوية الوطنية الذي ضحى من أجلها قوافل من المجاهدين الوطنيين رفضاً للإستعمار وطلبا للحرية والاستقلال الوطني الكامل .
جاء هذا الإضراب بعد اجتماع لأهالي الجولان المحتل ، حيث وقف فيه 14 الف مدنيّ ومدنيّة من أربع قرى صغيرة نائية لا يحملون سوى العصا والحجارة أمام أعتى دولة مسلحة في عالمنا العربي، وذلك في الثالث عشر من شباط عام 1982، وقرروا في هذا الإجتماع إعلان الإضراب الكبير رفضاً لإجراءات الاحتلال الصهيوني وتأكيداً على الهوية العربية السورية وانتماء الجولان العربي السوري وأبناءه لسورية وهويتها الوطنية ، وصمدوا أثناء حصار قاسي دام 6 أشهر بلا طعام وحركة وماء ومع حملات اعتقال يومية ، حيث تعرض الكثير من أبناء الجولان للجوع والطرد من العمل وحرموا من مصادر قوتهم .
هذه الذكرى الخالدة درس كبير للأجيال ،فهي تبين وتبرهن على أهمية وحدة الصف الوطني في مواجهة إجراءات المحتلين ، وتؤكد أن إجراءات المحتلين ستبقى عاجزة عن النيل من الهوية الوطنية مادام هناك طفل يتنفس ومادامت الروح الكفاحية الوطنية تعيش في أعماق الوجدان الشعبي ، تحيي النضال والكفاح الوطنيين وتجميع كافة القوى الوطنية والشعبية في إطار مشروع وطني يحقق الإستقلال الوطني الكامل .
هذه الذكرى تؤكد على أهمية وجود استراتيجية وطنية لتحرير التراب الوطني من المحتلين الصهاينة تتشارك في صنعها كافة القوى الوطنية والشعبية ، وهذا يبدأ من خلال تهيئة الجبهة الداخلية وتقويتها الذان يتحققان من خلال الديمقراطية في إلغاء كامل لقوانين الطوارئ والأحكام العرفية ونزعات الاحتكار وهيمنة حزب واحد على مفاصل الدولة وحركة المجتمع ، كون الشعب العربي السوري قد أفرز العديد من الأحزاب الوطنية في إطار نضاله الوطني ، وساهمت هذه الأحزاب في معارك الإستقلال والحرية من غير مساومة على حبة تراب ومن غير تنازل عن المطالب الوطنية الجامعة ، وهذا تحقق من خلال وحدة القوى الوطنية السورية بمختلف مرجعياتها الفكرية ، وفي إطار تحشيد كافة القوى على أولوية النضال الوطني والمطالب الوطنية على سواها من المطالب والنضالات الأخرى الذي حكم تلك المرحلة من تاريخ سوريا .
------------------------------------------------------------------------------
تلخيص لموضوعات المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي(المكتب السياسي)المنعقد في كانون الأول من عام1978والمتعلقة بالوضع الداخلي
لكراس موضوعات المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) المتعلق بالوضع السوري أهمية نظرية بالغة ، حيث يحدد في البداية الاتجاهات العامة للوضع السياسي من نمو دور السلطة واستفحال القمع الشديد والعداء للديمقراطية ، وسيطرة الدولة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وبروز الطابع الأحادي للإنتاج وفشل التنمية في تحقيق الاستقلال الاقتصادي ونمو التبعية للخارج وتسارع عملية التمايز الطبقي وافقار دوائر واسعة من الشعب والتفكك الاجتماعي وعدم الاستقرار .
في تحليله للوضع القائم ، يبين الكراس أن الدولة قد أضحت القوة الاقتصادية الكبرى وهي رب العمل الأساسي في المجتمع ، وتكونت علاقة بينها وبين العامل كالعلاقة بين رب العمل الرأسمالي والعامل ، فإذا كان الرأسماليون يحصلون على فضل القيمة ويتقاسمونه عبر السوق ويعطون جزءا منه للدولة ، فإن الدولة قد أضحت هي التي تقوم بهذه العملية ، فساد هذا الواقع في كل زوايا البلاد ، فلم يتم تقديم نقيضاً وبديلاً عن العلاقات الراسمالية بل تم تثبيت رأسمالية الدولة وتعززت العلاقات الرأسمالية ، مما منع إجمالا من قيام القطاع الخاص بقيادة عملية التنمية .
هذه العلاقة لا يعبر عنها رجال الدولة بصفتهم أفرادا مستقلين بل من خلال دورهم في أجهزة الدولة وارتباطهم بهذه الأجهزة، وهذا لا ينفي إمكانية نشوء إستغلال لارتباطات لتكوين ملكيات عن طريق سرقة القطاع العام أو بالرشوة وقبض العمولات أو الإشتراك في المضاربات أو تنظيم التهريب والسوق السوداء .
توضح الموضوعات أن برجوازية الدولة لم تأخذ من الاقتصاد الرأسمالي حسناته ، بل يمكن القول أنه لم يتم الأخذ بالريعية كمبدأ في العمل الاقتصادي ، وإضافة لذلك تم تعويض التكلفة العالية للإنتاج بالحفاظ على أجور العاملين مما نتج عنه تدهور في شروط معيشة العاملين بأجر في قطاع الدولة ، فقد تعزز الطابع الإحتكاري للدولة بدلا من المنافسة ، حتى معاداة المنافسة قد تعممت وشملت القطاع الخاص الذي زادت أرباحه لكن خدماته قد ساءت ، وكانت حجة الدولة في ذلك أن المنافسة أمر رأسمالي يهدر الطاقات الإنتاجية .
فقد لعبت عوامل مختلفة في منع أية عملية تغيير اجتماعي اقتصادي منها عزلة السلطة عن العمال ومن أهمها غياب الحريات الديمقراطية وتشديد القمع كمبدأ ناظم للعلاقة بين سلطة الدولة والشعب واستبعاد الجماهير عن المشاركة في صياغة القرار والهيمنة على المنظمات الشعبية لجعلها تحت وصاية السلطة .
حللت الموضوعات أن إنقلاب 16تشرين ثاني عام 1970 قد أنهى الجولة الأخيرة من الصراع بين قيادة الحزب وقمة المؤسسة العسكرية ،فقد كان إعادة صياغة للأوضاع القيادية لحزب السلطة والمراكز التمثيلية العليا الدولة بما يتفق وواقع القوى القائم ، فالتطور الاقتصادي الاجتماعي والنظام السياسي أدى لعملية تمايز واسعة في صفوف الفئة الحاكمة ذات الأصول البرجوازية الصغيرة ، وإلى توفير الأسس والشروط لنمو برجوازية الدولة وترجيح كفتها ، فتوجهت للتعاون مع فئات برجوازية قديمة وجديدة تعيش على هامش الإنتاج ، وأضعفتا ما تبقى من مواقع للبرجوازية الصغيرة التي كانت ممسكة بالسلطة أو بقيت مشاركة فيها ومارست نهجا قمعيا أبعدت الجماهير عن المشاركة في إدارة الدولة والاقتصاد .
جاء الإنقلاب في ظروف دولية وإقليمية ملائمة ، ففي الداخل لقي قبولا من فئات اجتماعية عديدة بدوافع متباينة وكذلك من كبار التجار وبعض فئات البرجوازية التقليدية ، فهي بعد إن انهزمت في صراع مع السلطة 1963. – 1965 سعت للتكيف مع الواقع القائم ، والعمل في الظروف المستجدة في المجالات المتاحة والسعي لفتح مجالات جديدة .
قام برنامج الوضع الجديد وفق ماجاء في الموضوعات على العناصر الآتية :
- توحيد مركز القرار بما يحول دون نمو التناقضات وحصر القرار بيد حلقة ضيقة غير خاضعة للحساب .
- قوننة الإستبداد وحل أزمة الشرعية بإعطاءه شكلا شرعياً وصورة شعبية وخلق مؤسسات شكلية للتمثيل الشعبي .
- إعادة النظر في تكوين وطرق عمل حزب السلطة بما يمنع تحوله لمركز قوة وبما لا يخرجه عن وظيفته كمؤسسة سلطوية تمارس بعضاً من العمل السياسي بين الشعب .
- ضبط الحركة السياسية من خلال أطر معينة مرسومة من فوق ، بما يوجه النشاط السياسي للأحزاب الأخرى في تيار مواز لتيار النظام .
- ضبط الحركة النقابية والفلاحية بتقوية إشراف الأجهزة عليها .
- تشجيع النشاط الاقتصادي وفتح مجالات جديدة بما يرضي الفئات البرجوازية المختلفة ويوجه فعالياتها في طرق موازية ومكملة للنشاط الاقتصادي للدولة وخصوصا تشجيع النشاط التجاري والعقاري وفي مجال التعهدات .
- مغادرة مواقع العزلة في الوضع العربي والتفاعل الإيجابي مع الواقع العربي الرسمي ، وتوثيق الروابط خاصة مع الحكم الجديد في مصر بعد وفاة جمال عبد الناصر ومع المملكة العربية السعودية .
- التوجه نحو عالم الدول من منطلق إيجابي تجاه مبدأ التسوية السياسية لأزمة الشرق الأوسط وإقامة علاقات نشطة سياسية واقتصادية مع الدولة الغربية ،وتعميق الروابط الاقتصادية خصوصا مع دول السوق الأوروبية المشتركة .
و لضبط حركة المجتمع أُتخذت مجموعة من التدابير بعد إنقلاب 1970 وأهمها التالي :
- إبدال الدستور المؤقت بدستور دائم في إطار الأحكام العرفية حيث أرسى القواعد الحقوقية لمركزة القرار في قمة السلطة .
- إيجاد صيغ لمجالس تمثيلية شكلية على نطاق المحافظات وعلى نطاق القطر من خلال عمليات انتخاب مرتبة .
- ترسيخ فرع ثالث للقضاء إلى جانب القضاء المدني والعسكري سمي بقضاء أمن الدولة يستمد شرعيته وقانونه وسلطانه من الأحكام العرفية ويرتبط بالاجهزة السرية .
- نمو الأجهزة السرية وتغلغلها في مؤسسات الدولة واتساع صلاحياتها وعدم خضوعها لأية ضوابط قانونية ديمقراطية ونمو سطوتها على المجتمع .
- توسيع الإمتيازات المرتبطة بالعضوية في حزب السلطة بما يعني إلغاء المساواة بين المواطنين ورسوخ مبدأ التمييز بينهم على أساس القرب أو البعد من السلطة .
- تعيين حدود وضوابط العمل السياسي في المجتمع بتهيئة إطار خاص سمي بالجبهة الوطنية التقدمية مما سمح للسلطة ليس فقط في إلحاق العمل السياسي بها وتوجيهه لخدمة سياساتها بل حتى في تأسيس الأحزاب وتسمية قياداتها ورسم سياساتها والإشراف عليها .
- إعادة ترتيب الهيئات الفرعية والمركزية للنقابات ومنظمات الفلاحين والنساء والطلبة بما يتيح إشرافا أفضل للأجهزة السرية عليها ، وتأسيس منظمات جديدة للشبيبة وتلاميذ المدارس ورفع درجة الإشراف على هذه المنظمات .
وجاء في الموضوعات أن الإحتكار الاقتصادي كان معروفا في سوريا قبل 1970 لكنه منذ ذلك الوقت أخذ صفة الديمومة وأصبحت السوق السوداء جزءا من النظام الاقتصادي ، وبينما كانت فئات من التجار تخلق سابقا السوق السوداء والدولة تقمعها ، تتعاون مع البرجوازية البيروقراطية على إيجاد السوق السوداء واستمرارها ، يتم ذلك عن طريق فقد المواد أو نقصها افتعالا وتسعيرها رسميا بسعر متدني واحتكارها وبيعها بسعر أعلى في السوق السوداء أو تهريبها إلى الخارج إن كانت محلية ، وتقييد ومنع استيرادها ليرتفع سعرها ومن ثم تهريبها للداخل إن كانت أجنبية ، فأمكن للعاملين في هذا الميدان جمع أموالا طائلة وتقاسمها مع حماتهم في أجهزة الدولة
ووضحت الموضوعات أن النظام الاقتصادي بعد عام 1970 هو بالنسبة للمستهلك العادي هو اقتصاد أزمات ، مع ما يحمل هذا من تيئيس وإذلال لعامة الشعب وفرص إثراء أصحاب النفوذ والمال .
جاء في تحليل الموضوعات للميدان الاقتصادي أنه قد صفيت أشكال من العلاقات ما قبل الرأسمالية كبقايا العلاقات الإقطاعية في الزراعة ( وأنعشت أشكالا منها في الميدان الاجتماعي كالطائفية تعبيرا عن التفكك الاجتماعي ) وانتشرت العلاقات الرأسمالية واتسع تأسيس بناء تحتي أكثر مناسبة لتطورها ، ووضحت الموضوعات أن في كل الأوقات والتبدلات لم تخرج البلاد من دائرة فعل القوانين الرأسمالية وإن شهدت اشتداد أو خفوت الصراع بين الكتل والفئات الرأسمالية وبين الدولة التي وضعت يدها على الإقتصاد .
في تحليلها لوضع الريف جاء في الموضوعات أن الإصلاح الزراعي أدى من جهة للنمو الكبير للسكان ومن جهة ثانية إلى محدودية الرقعة الزراعية ومن جهة ثالثة إلى فصل المنتج عن وسائل إنتاجه ، فقد أزاح الإصلاح عددا هاما من كبار ملاكي الأراضي وألغي نفوذ قسم منهم ،وقلص نفوذ القسم الآخر ، ورفع من مستوى حياة شريحة من الفلاحين وسمح للدولة أن تؤكد وجودها في الريف إقتصاديا من خلال المنظمات الفلاحية التي أقامتها إلى جانب وجودها القمعي ، وسرع عملية التمايز بين الفلاحين لكنه لم يؤدي إلى تغيير جذري في حياة الريف ولم يطلق نهضة حقيقية في الزراعة ولم يحل مشكلة الأرض بالنسبة للأغلبية الساحقة من الفلاحين ولا يتجلى ذلك في بؤس الريف الواضح والأمية السائدة وحال المرأة والبطالة المنتشرة بل أيضا في ركود الإنتاج الزراعي وفي حصة الزراعة البعلية في هذا الإنتاج وفي نمو الحاجة للغذاء والإرتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية .
أن التغير الأساسي في النشاط البرجوازي كما جاء في الموضوعات هو الميل من النشاط الإقتصادي المرتبط بالإنتاج باتجاه النشاط الاقتصادي على هامش الإنتاج والنشاط الإقتصادي الطفيلي ، وهذا النشاط متصل مع نشاط الدولة الإقتصادي أو مكمل له لكنه لا يلغي التناقض بينه وبين الدولة ، ففي الوقت نفسه ، فأن هذا النشاط الطفيلي هو ميدان الشراكات الخاصة بين برجوازية الدولة والفئات البرجوازية خارج الدولة .
وفي تحليلها عن الدولة قد تبين أنها لم تعد هيئة لتنظيم المجتمع بقدر ما أصبحت غاية ذاتها أي ممثلة مصالح خصوصية ، فمؤسساتها العلنية تقزمت وظهرت محدودية فعلها مقابل التضخم السرطاني للأجهزة السرية التي تتحكم بأمور الدولة والشعب ، فلقد ضاعت الضوابط على السلطة فلا حدود لتحكمها بالمواطنين وبأرواحهم ، والحريات ألغيت ، والقانون ضاعت هيبته ، والمساواة بين المواطنين أمام القانون لم تعد قائمة والسجون تعج بالمعتقلين السياسيين ولا يستطيع ذووهم أن يعرفوا مصيرهم ، فلقد بانت الديمقراطية الشعبية على حقيقتها كإلغاء تام للديمقراطية ، فالقانون الوحيد الناظم للعلاقة بين الشعب وسلطة الدولة هو قانون القوة التي بواسطتها أُستبعد الشعب عن المشاركة بتقرير مصيره وإدارة شؤون بلاده ، فالعمل السياسي المرخص هو تمجيد النظام والتطبيل لسياساته مهما تبدلت وتناقضت ، وبانت الجبهة الوطنية التقدمية ليس كملحق للسلطة فحسب بل قبل كل شيء كأداة للإلغاء العملي للأحزاب الداخلة بها .
فوفق الموضوعات قد أصبح الترابط الإجتماعي مهدد ومع تدهور قيم الشغل الشريف المنتج وانتشار السرقة والرشوة والكسب الهين سادت عبادة المال والعقارات والإستهلاك الجنوني ، ولا تجد السلطة حلا سوى باستمرار السير على نفس السياسة التي أدت لتدهور وتردي هذه الأوضاع ،ووفق الموضوعات فقد نما الإختلال بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج ، بين حاجات البلاد الحالية وواقعها الحالي ، بين قدراتها وضرورات تطورها ، و هذا الإختلال يتجلى في ضعف معدلات نمو الصناعة والزراعة وتدهور الخدمات وعجز نظام التعليم ،وعلاج الإستبداد يتم بالإفتراق عنه وعدم متابعة السير على النهج الطائفي الذي يهدد البلاد والمجتمع بالتفكك والإنقسام .
فقد وضحت الموضوعات أن أمام البلاد لم يعد سوى خياران :
- إستمرار الأوضاع الراهنة بالتالي استمرار تدهور أوضاع البلاد .
أو:
- خيار التغيير الجوهري وإقامة النظام الوطني الديمقراطي ، وهذا يتيح للبلاد تحرير الأراضي المغتصبة وشق طريق التقدم والتطور والوحدة العربية .
-
في النهاية لا بد من ذكر المهام التي طرحتها الموضوعات في عمل الحزب السياسي :

- إقامة نظام ديمقراطي يخضع لرقابة الجماهير ولقرارها واختيارها بدستور يكون أساسا للنظام الديمقراطي تقره هيئات شعبية منتخبة بحرية ، يكفل استقلال السلطات بعضها عن بعض وخضوع السلطة التنفيذية لسلطة تشريعية يتم انتخابها بشكل دوري ، ويضمن استقلال القضاء ويوفر شروط هذا الإستقلال ، دستور علماني يكفل المساواة بين المواطنين ولا يميز بينهم بسبب العرق أو الدين أو الطائفة أو الإنتماء السياسي .
- انتخابات حرة مباشرة وسرية كوسيلة للشعب لاختيار ممثليه للسلطة التشريعية .
- إلغاء الحكم العرفي ، الذي كان بالأصل حالة استثنائية وتحول على يد الحكم الديكتاتوري إلى حالة دائمة وأداة فظة للإعتداء على الحريات
- ابعاد الجيش عن العمل السياسي اليومي ، وقطع مسلسل الإنقلابات العسكرية التي حولت الجيش الى أداة بيد الديكتاتورية والمغامرين وأساءت إلى دوره في الدفاع عن إستقلال البلاد وحمايتها من العدوان ، إن الجيش هو مؤسسة وطنية ليست حكرا لحزب من الأحزاب ، عليه أن يكون القوى الأساسية المدافعة عن النظام الديمقراطي وعن حريات المواطنين وعن الإختيار السياسي الحر للشعب .
- ضمان الحريات العامة بما فيها حرية المعتقد والرأي والتعبير وحرية الحركة للمواطنين وحرية التظاهر والإضراب عن العمل وحرية التجمع وحرية تأسيس المنظمات السياسية والنقابية وحرية الأحزاب في النشاط العلني وحرية إصدار الصحف والنشر .
- إطلاق الحريات للحركة النقابية وضمان استقلالها عن السلطة .
- إقامة حكم محلي حقيقي على أساس الديمقراطية واللامركزية وإفساح المجال أمام المشاركة الشعبية ومنع الإضطهاد القومي للأقليات ومنحها حقوقها .
- تشجيع الإنتاج الصناعي والزراعي ومحاربة النشاط الطفيلي .
- إعادة بناء قطاع الدولة في الإقتصاد وجعله تحت المراقبة المباشرة للطبقة العاملة في مواقع الإنتاج والجماهير الشعبية بشكل عام ، وتحويله على طريق الاستقلال عن الامبريالية ولخدمة التوحيد القومي .
- رفع مستوى الريف وتطوير الإنتاج الزراعي وتشجيع التعاون الاختياري والحر في الزراعة .
- تطوير التعليم ورفع مستواه وربطه بحاجات التنمية والإنتاج .
- إلغاء التمييز في القانون وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل وضمان الأجر المتساوي للعمل المتساوي ورعاية الأمومة والطفولة .
- تأمين العمل ، والضمان الاجتماعي والصحي والتوجه لحل ازمة السكن .
للموضوعات أهمية نظرية وسياسية هامة وذلك من خلال النظرة السياسية الثاقبة والوضوح الطبقي وربطها بين المهام الوطنية والقومية ، ذلك توضح من خلال ربط الثورة الوطنية الديمقراطية في بلادنا بالثورة العربية ضد أنظمة الإستبداد والرجعية والكيان الصهيوني من اجل العدالة والمساواة والديمقراطية والتحرر .
جدول مقارنة بين مصر والجزائر والمغرب

مصر الجزائر المغرب
المساحة ١ مليون كيلومتر مربع ٢,٣ مليون كيلومتر مربع ٧١٠ آلاف كيلومتر مربع
متوسط العمر المتوقع (منظمة الصحة العالمية عام ٢٠٢٠) ٧١,٨ سنة ٧٧,١ سنة ٧٣ سنة
عدد السكّان (٢٠٢١) ١٠٢ مليون ٤٤ مليون ٣٧ مليون
الناتج المحلي الإجمالي (صندوق النقد الدولي ٢٠٢١) ٣٩٦ مليار دولار ١٦٣ مليار دولار ١٢٦ مليار دولار
معدّل النمو الاقتصادي (تباين الناتج المحلي ٢٠١٩) ٥,٦٪ ٠,٨٪ ٢,٥٪
القدرة الشرائية للفرد وفق الناتج المحلي الإجمالي (صندوق النقد الدولي ٢٠٢١) ١٣ ألف دولار ١١,٤ ألف دولار ٨ آلاف دولار
نسبة البطالة (البنك الدولي ٢٠٢٠) ١٠,٤٪ ١٢,٨٪ ١٠,٢٪
مؤشر السعادة العالمي (تقرير الأمم المتحدة ٢٠٢١) المرتبة ١٢٩ المرتبة ١٠٧ المرتبة ١٠٤
احتياطي النقد الأجنبي (٢٠٢١) ٤٠ مليار دولار ٦٠ مليار دولار ٣٥ مليار دولار
نسبة الدين الخارجي من الناتج المحلي الإجمالي (٢٠٢٠) ٣٤٪ ٢٪ ٤٦٪
قيمة الصادرات (البنك الدولي ٢٠٢٠) ٤٠ مليار دولار ٢٤,٩ مليار دولار ٣٧,٥ مليار دولار
نسبة الصادرات من الناتج المحلي الإجمالي (البنك الدولي ٢٠٢٠) ١٣٪ ١٨٪ ٣٤,٩٪
قيمة الواردات (مركز التجارة الدولي ٢٠١٩) ٧٨,٦ مليار دولار ٤٠ مليار دولار ٤٤,٦ مليار دولار (٢٠٢٠)
الحصة السوقية من صادرات السلاح في العالم (بين ٢٠١٦ - ٢٠٢٠) لا يوجد لا يوجد لا يوجد
عدد الجامعات من أفضل ٢٠٠ في العالم (وفق تصنيف QS ٢٠٢٢) لا يوجد لا يوجد لا يوجد
مؤشر الابتكار العالمي الاقتصادي (GII) عام ٢٠٢١ المرتبة ٩٤ المرتبة ١٢٠ المرتبة ٧٧
مؤشر الأمن السيبراني الوطني (وفق NCSI) المرتبة ٤٨ المرتبة ٩٠ المرتبة ١٠٩
مستوى التطور الرقمي (وفق NCSI) المرتبة ٨٩ المرتبة ١٠٣ المرتبة ٩٠
براءات الاختراع الممنوحة (٢٠٢٠) ٤٩٥ ٤٢١ ٤٠٠
عدد الشركات من أكبر ٥٠٠ في العالم (من حيث الإيرادات ٢٠٢١) لا يوجد لا يوجد لا يوجد



ملف حول التحول اليساري الجديد في تشيلي
"لوموند ديبلوماتيك"،كانون الثاني 2022
"نصر اليسار في تشيلي يجلب من الأمل ولكن هناك الكثير للعمل أجله "
- فرانك جوديشود –
سيصبح من كان طالبا وناشطاً سياسياً ،أي غابرييل بوريك ، 35 عامًا ، أصغر رئيس في تاريخ أمريكا اللاتينية عندما يتولى منصب رئيس دولة تشيلي في مارس. ولكن مع تحليق رأس المال بالفعل والارتفاع الصحيح عبر القارة ، فهو ليس في رحلة سهلة.
تنفس العديد من التشيليين الصعداء ليلة 19 ديسمبر - ليس فقط في مقر اليسار التشيلي ولكن أيضًا في منازلهم وعلى وسائل التواصل الاجتماعي - عند ورود أنباء عن الهزيمة الانتخابية لليمين النيوليبرالي المتطرف ، الحانن لديكتاتورية (1973-1989). كان خوسيه أنطونيو كاست قد خسر السباق الرئاسي أمام الائتلاف اليساري Apruebo Dignidad ، بقيادة غابرييل بوريك ، وهو تحالف من الحزب الشيوعي (PC) ، و Frente Amplio والأحزاب الخضراء الإقليمية. ابتهجت الحشود في شوارع سانتياغو وفي جميع أنحاء البلاد. استمرت أصوات أبواق السيارات والغناء في وقت متأخر من الليل. تحول مختبر النيوليبرالية السابق إلى اليسار.
ومع ذلك ، لم تكن النتيجة حتمية ، نظرا للعدد الكبير من الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم. في الجولة الأولى ، لم يصوت 53 ٪ من الناخبين ، مما يؤكد الاتجاه الذي لوحظ منذ انتقال تشيلي إلى الديمقراطية في عام 1990 ، وظهر بشكل خاص منذ نهاية التصويت الإلزامي في عام 2012: معدل امتناع ضخم وخيبة أمل متزايدة من عملية الدمقرطة التي تتميز بها النيوليبرالية المستمرة والعديد من الموروثات الباقية من الديكتاتورية.
بين جولتي التصويت ، حاول فريق حملة بوريك الوصول إلى أبعد من الطبقة الوسطى في سانتياغو ، ديموغرافيته الأساسية ، إلى الأجزاء النائية من البلاد ، بما في ذلك المناطق الريفية والأحياء الفقيرة. كان هدفهم هو حشد الممتنعين وسد الفجوة في المناطق التي تلقى فيها كاست دعمًا قويًا. نجح الأمر: قفز الإقبال إلى ما يقرب من 56٪ في الجولة الثانية ، وللمرة الأولى صوت أكثر من ثمانية ملايين تشيلي. فاز بوريك على كاست بأكثر من عشر نقاط.
لعبت مديرة حملة Boric Izkia Siches ، 35 عامًا ، دورًا حاسمًا في هذه الإستراتيجية الفائزة ، حيث أعادت تنشيط الحملة بنجاح. تشتهر سيتشيز ، التي كانت رئيسة كلية الطب التشيلية كولميد ، أثناء الوباء ، بمعارضتها للسياسة الصحية للرئيس الحالي سيباستيان بينيرا. تشير بيانات الانتخابات المبكرة إلى أن النساء والطبقة العاملة والشباب كانوا العامل الرئيسي وراء الفوز ، حيث ساهموا بشكل كبير في تحقيق فرق المليون صوت تقريبًا بين المرشحين. كان أداء اليسار جيدًا بشكل خاص في المناطق الغربية الفقيرة في سانتياغو ، حيث سجل أكثر من 70٪ في بعضها. تشير التقديرات إلى أن 68٪ من النساء دون سن الثلاثين صوتن لصالح بوريك ، بينما فاز كاست بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا (1).
كانت نتيجة الجولة الأولى مفاجأة: جاء كاست ، البالغ من العمر 55 عامًا ، وهو محامٍ كاثوليكي محافظ للغاية وأب لتسعة أطفال ، في المركز الأول بنسبة 28٪ ، متقدمًا على بوريك بنسبة 25.8٪. ومع ذلك ، بقي الأمل في فوز بوريك حاسمًا ، نظرًا لمساره الاستثنائي على مدار العقد الماضي: فقد بدأ في اليسار المستقل في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، ثم قاد اتحاد طلاب جامعة تشيلي (FECH) في عام 2011 ، أثناء التعبئة الكبيرة للشباب. الناس للحصول على تعليم "مجاني وعام وذي جودة".

إصلاحي وما بعد الليبرالية الجديدة
دخل البرلمان عام 2013 كمستقل دون أي دعم حزبي ، وهو إنجاز في النظام الانتخابي التشيلي ، الذي يفضل تحالفات أحزاب الوسط على المستقلين. ثم أعيد انتخابه جنبًا إلى جنب مع شخصيات من الحركة الطلابية مثل كاميلا فاليجو من الحزب الشيوعي وجورجيو جاكسون ، الذي أصبح يده اليمنى. شارك بوريك وجاكسون في تأسيس اتحاد كرة القدم في عام 2017 ، ووضعه بشكل استراتيجي بين اليسار الشيوعي التاريخي ، الذي كان محوره كاسترو وبوليفار ، والأحزاب التقليدية لكونسرتاسيون يسار الوسط القديم ، وتحالف الحزب الاشتراكي والديمقراطيين المسيحيين الذين حكموا. من عام 1990 إلى عام 2010 وتم تعذيبه لالتزامه المخلص بالنيوليبرالية.
كان هذا "اليسار الجديد" المؤسسي (الجبهة العريضة) الذي سعى إلى أن يكون إصلاحيًا وما بعد النيوليبرالية ، بعيدًا كل البعد عن تسمية "اليسار الراديكالي" التي طبقتها الصحافة الدولية بتكاسل واتهامات الشيوعية في تشيلي. وسائل الإعلام المهيمنة. رأى دانيال جادو وبوريك واتحاد كرة القدم أن تكتيكاتهم تؤتي ثمارها ، وذلك بفوزهم في الانتخابات التمهيدية ضد رئيس بلدية ريكوليتا ذي الشعبية الكبيرة (والأكثر يسارية).
احتوى البيان الرئاسي لبوريك على سياسة مالية جديدة تهدف إلى فرض ضرائب على الأثرياء والشركات الكبرى لتمويل الإصلاحات الاجتماعية. وشملت هذه الصحة العامة؛ التعليم؛ عودة نظام التقاعد (الذي خصخصه الجنرال بينوشيه) لسيطرة الدولة ؛ تقنين الإجهاض وتعزيز حقوق المرأة والأقليات الجنسية ؛ البحث عن اقتصاد أكثر اخضرارًا ؛ والتفاوض على حقوق أساسية جديدة لشعب مابوتشي.
إقبال كبير ضد أقصى اليمين
نجحت هذه المنصة في حشد الناس من أبعد من Apruebo Dignidad. لكن الزيادة المذهلة في نسبة المشاركة في الجولة الثانية - خاصة في المدن ، وفي المناطق التي كانت معادية لليسار في الجولة الأولى (مثل مدينة أنتوفاغاستا الساحلية الشمالية) - كانت قبل كل شيء رد فعل على ظهور اليمين المتطرف ، الذي غالبًا ما كانت تُغنى في التجمعات الحاشدة المؤيدة لبينوشيه. لذلك صوت بعض التشيليين ضد Kast بقدر ما صوتوا لصالح بوريك ، كما يتضح من التصريحات العديدة للمجموعات والمنظمات الاجتماعية والنسوية ، مثل الجمعية الشعبية في La Granja في سانتياغو ، والتي قدمت دعمها لـ "الوقوف في وجه الفاشية" ، بدون إعطاء تفويض بوريك كارتير (2).
في أول خطاب له كرئيس منتخب ، شدد بوريك على أنه سيكون رئيسًا لجميع التشيليين ، وأشار إلى سلفادور أليندي ، الرئيس الاشتراكي الذي توفي في انقلاب عام 1973. وجدد دعمه للعملية الدستورية الجارية "مصدر فخر عالمي": "لأول مرة في تاريخنا نكتب دستوراً بطريقة ديمقراطية ومتساوية ... دعونا جميعاً نعتني بهذه العملية حتى يكون لدينا ماجنا كارتا يمثل نقطة التقاء وليست مصدر انقسام."
بعد استفتاء أكتوبر / تشرين الأول 2020 وانتخاب مؤتمر دستوري بالاقتراع العام في مايو / أيار الماضي ، أصبحت تشيلي أخيرًا في طريقها لاستبدال دستور 1980 الموروث عن بينوشيه (3). تمثل أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط التقليدية أقلية في هذه الهيئة ، التي يسيطر عليها المستقلون (جزئيًا من الحركات الاجتماعية ، وخاصة المنظمات النسوية والشعوب الأصلية) وممثلي اليسار من الكمبيوتر الشخصي واتحاد كرة القدم. على النقيض من ذلك ، أعرب كاست باستمرار عن رغبته في إفساد المشروع الدستوري.
قال بوريك إنه يخطط لتنفيذ "تغييرات هيكلية دون ترك أي شخص وراءنا ؛ ينمو اقتصاديا تحويل ما يتعلق بالعديد من السلع الاستهلاكية إلى حقوق اجتماعية بغض النظر عن حجم المحفظة ، لكنه سعى أيضًا إلى طمأنة خصومه من خلال الوعد بأن يكون "مسؤولاً". في الفترة ما بين جولتي الانتخابات أعاد توجيه برنامجه نحو الوسط ، مما أغضب الشيوعيين.
بدأ بوريك في الظهور بشكل أكثر شبهاً بالأحزاب في Concertación السابقة ، حتى أنه أضاف بعضًا من أبرز الاقتصاديين إلى فريقه - مثل الرئيس السابق للبنك المركزي التشيلي روبرتو زاهلر والليبرالي المتطرف ريكاردو فرينش ديفيس - لمحاولة طمأنة الأسواق. بالإضافة إلى السعي للحصول على دعم الرئيسين الليبراليين الاجتماعيين السابقين ريكاردو لاغوس وميشيل باتشيليت ، خاطب بوريك قادة الأعمال في مؤتمر Enade 2021.
أزمة في "الجنة النيوليبرالية"
بعد أن التزم باحترام ميزانية التقشف لعام 2022 التي أقرها الكونجرس ، قام بمراجعة طموحاته المالية نزولاً: فقد تحولت خططه لزيادة الضرائب الجديدة تدريجياً من ما يعادل 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي على مدى تفويضين إلى هدف أكثر تواضعاً بنسبة 5٪. أربع أو خمس سنوات ، حسب معدل النمو الاقتصادي. تم تقديم هذا التغيير كعلامة على "مسؤوليته" المالية وتصميمه على السيطرة على التضخم. لكن قضية عدم المساواة (أغنى 1٪ يستحوذون على حوالي ثلث دخل تشيلي) ، والهشاشة والديون هي السبب الجذري للأزمة في هذه "الجنة النيوليبرالية" (4). ظهرت موضوعات الجريمة والاتجار بالمخدرات أيضًا في خطابات بوريك ، كرد فعل على نشر Kast الناجح للغة الأمن.
وفقًا للصحافي بنيامين أبيلباوم في نيويورك تايمز ، فإن ما يدافع عنه غابرييل بوريك هو ببساطة "الديمقراطية الاشتراكية". لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطلق على مشروعه اسم "شيوعي" (5). على الرغم من التحذير - المزيف في كثير من الأحيان - من أنصار Kast ، لم يذكر بوريك أبدًا إمكانية التأميم الجزئي لموارد البلاد الطبيعية الهائلة ، الموجودة حاليًا في أيدي الشركات متعددة الجنسيات والمصدرين البرجوازيين. تمتلك شيلي رواسب ضخمة من الليثيوم والنحاس ، لكن بوريك تحدث فقط عن زيادة "الإتاوات" التي يدفعها المشغلون من القطاع الخاص. قام أليندي بتأميم النحاس ، والذي أسماه "راتب تشيلي" ، لكن هذا لا يظهر في برنامج هذا "اليسار الجديد" ، ولا يعتقد حلفاؤه الشيوعيون أن الوقت قد حان لإثارة مسألة التأميمات.
على الرغم من حذر الائتلاف المنتصر ، إلا أن بعض النخبة ما زالوا ينظرون إليه بريبة. انخفض سوق الأسهم والعملة على حد سواء بعد أنباء النتيجة. في اليوم التالي للانتخابات ، أعرب إغناسيو والكر ، الوزير الديمقراطي المسيحي السابق والمثل الأعلى للنيوليبرالية "الشيلية" ، عن قلقه بشأن ما إذا كان التوجه "الديمقراطي الاشتراكية" و "الإصلاحي" للحكومة المنتخبة حديثًا - وهو ما رحب به - سيتغير. ليكون واجهة للعودة إلى الحماس "المتجدد" الذي ميز الحزب الشيوعي وأحزاب الجبهة العريضة (6).
تعد مشاركة الشيوعيين في الحكومة مصدر قلق في المناصب العليا ، وبالنسبة للبعض تثير شبح العودة إلى "المسار التشيلي للاشتراكية" والوحدة الشعبية ، التحالف الذي دعم أليندي (1970-1973). ومع ذلك ، أصر الكمبيوتر الشخصي على أنه سيحترم التزامات بوريك ، كما حدث عندما أظهر اعتدالًا في الانضمام إلى "الأغلبية الجديدة" في بداية ولاية ميشيل باتشيليت الثانية (2014-18).
"السلام الاجتماعي والدستور الجديد"
انتقدت بعض الحركات الاجتماعية اليسارية بوريك ، لأنها أقل اهتمامًا منه بالتوصل إلى الإجماع. نتيجة لذلك ، تم لصق ملصق أماريلو (الأصفر) به أحيانًا. لقد ظل بالفعل غامضًا بشأن مسألة المابوتشي (خاصة حقهم في تقرير المصير واستعادة أراضي الأجداد) ومسألة قانون العمل. لقد اختار عدم دعم مقترح العفو العام عن أولئك الذين تشير إليهم الحركات الاجتماعية بـ `` سجناء الثورة السياسيين (أكتوبر 2019) ، وبعضهم كان في السجن أو رهن الإقامة الجبرية لمدة عامين دون محاكمة.
ويثير هذا حتما الدور المثير للجدل للرئيس المنتخب في احتجاجات أكتوبر 2019 ، وهو انفجار في الغضب من "النموذج الليبرالي الجديد" الذي كاد أن يطيح بحكومة بينيرا وقوبل بمستوى من القمع من قبل الدولة لم يسبق له مثيل منذ عام 1990. بوريك هو أحد هؤلاء. النواب الذين ساعدوا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 في وضع اتفاقية `` السلم الاجتماعي والدستور الجديد ، التي وقعها اليمين والوسط لكن رفضاها الPC و قسم من الFA، الذين أدانوه ووصفوه بأنه تمزيق يتجاهل إرادة المحتجين. يعتبر بعض النشطاء هذا الاتفاق ، الذي مكّن من تأسيس المؤتمر الدستوري ، بمثابة شريان حياة لبينييرا ومحاولة لتوجيه الاحتجاجات إلى المؤسسات بينما كانت البلاد في حالة طوارئ.
بعد شهر ، صوت بوريك أيضًا لصالح "قانون مكافحة الحواجز" الأكثر إثارة للجدل ، والذي أعطى دعمًا قانونيًا لقمع الدولة في وقت كانت فيه انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الشرطة تتعرض لانتقادات شديدة في الداخل والخارج. اعتذر بوريك وزملاؤه في وقت لاحق عن التصويت مع اليمين. أخيرًا ، في منطقة يظهر فيها اليسار دعمًا غير مشروط للثورة الكوبية ، رأى البعض في دعم بوريك للاحتجاجات الكوبية المناهضة للحكومة عام 2021 بمثابة خيانة.
روح التمرد في أكتوبر 2019 حية للغاية في المجتمع التشيلي. كان واضحًا في الشعارات التي رددها الحشد أثناء احتفالهم بانتصار اليسار في الشوارع وفي ساحة الكرامة التي أعيدت تسميتها بسانتياغو في 19 ديسمبر. وحتى إذا فقدت المجالس الإقليمية ديناميكيتها بعد شهور من الوباء والأزمة الاقتصادية ، فلا تزال هناك مطالب عديدة بالعدالة الاجتماعية ولا تزال نيران الثورة مشتعلة.
الرئيس الجديد ، وهو ناشط سابق ومنظم ممتاز ، يعرف ذلك. لقد وعد "تشيلي أكثر إنصافًا" و "تمديد الحقوق الاجتماعية" ، مع الاعتراف بأن "الأيام المقبلة لن تكون سهلة" ... بالفعل ، تشهد البلاد هروبًا كبيرًا من رأس المال ، مما سيقلل من مجال المناورة. سيتعين عليه التعامل مع هيئة تشريعية ستكون معادية إلى حد كبير ، لأنه على الرغم من استبعاد الأحزاب القديمة من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد حصولها على المركز الثالث والرابع في الجولة الأولى ، إلا أنها تحافظ على وجودها على المستوى البلدي والإقليمي و في الكونجرس.
أمام مفاوضات صعبة
فاز اليمين بأغلبية مجلس الشيوخ في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر). المنزل السفلي منقسم بين اليسار / الوسط-اليسار واليمين / أقصى اليمين. اليسار البرلماني أقوى ، خاصة الشيوعيين (مع 12 مقعدًا) وأربويبو ديجنداد ، بـ 37 (في هيئة من 155 مقعدًا) ، بينما عزز في الوقت نفسه قاعدته البلدية في المدن الرئيسية مثل وسط سانتياغو ، فالبارايسو ، فينا ديل مار وفالديفيا. لكن السياسيين التقدميين يواجهون مفاوضات صعبة بشأن أي إصلاح رئيسي مع الوسطيين وأحزاب تحالف Concertación السابق ، الذي كان بوريك يحتقره منذ فترة طويلة والذي لا يزال معاديًا لأي تغيير مهم.
وعلى الرغم من أن Kast قد خسر للتو معركة ، إلا أنه بعيد عن الهزيمة. قد يكون صعوده مجرد بداية. كانت تلك ، على أي حال ، رسالته إلى أنصاره ليلة هزيمته. يريد "بولسونارو التشيلي" مواصلة إحراز تقدم: بصفته شقيق وزير الاقتصاد في ظل الديكتاتورية وابن النازي الألماني ، فقد يبدو أنه ارتداد إلى الاستبداد القديم في الثمانينيات.
لكن هذا يعني التقليل من شأن ظاهرة تعمل في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية: ظهور اليمين المتطرف ، الذين يحشدون الخطاب الأخلاقي ، والكنائس الإنجيلية والمتشددون الكاثوليك ، والتحريض ضد الأجانب ضد المهاجرين والخوف من المكاسب النسوية وحركة المثليين. هنأ كاست نفسه لدخوله البرلمان بقوة بـ 15 نائبًا (وعضو واحد في مجلس الشيوخ) ، في الوقت الذي يحتفظ فيه اليمين التقليدي بهيمنته في الساحة المحافظة ، حتى لو انخفض من 72 نائبًا إلى 53 نائبًا.
لقد حقق الشعب التشيلي دون شك فوزًا مهمًا ، وهو ما يفسر التأثير الإقليمي والعالمي لهذه الانتخابات. ولكن الآن يبدأ العمل الحقيقي.
-----------
"النتائج المفاجئة لانتخابات تشيلي تضع خريطة طريق لديمقراطية أكثر شمولاً"
- أوليفر ستوينكل-
- "معهد كارنيجي،20كانون الأول2021
سيصبح غابرييل بوريك ، عضو الكونجرس اليساري البالغ من العمر خمسة وثلاثين عامًا ، أصغر رئيس في تاريخ تشيلي بعد حصوله على 56 بالمائة من الأصوات في انتخابات الإعادة يوم الأحد ضد عضو الكونجرس السابق اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست البالغ من العمر 55 عامًا. فاجأت النتيجة العديد من المراقبين الذين توقعوا سباقا أقرب.
يواجه بوريك الآن التحدي المتمثل في توحيد بلد ، بعد عقود من الاستقرار السياسي ، أُلقي به في حالة من عدم اليقين بعد احتجاجات حاشدة في عام 2019 ضد النخب السياسية والاستياء من تزايد عدم المساواة وعدم كفاية الخدمات العامة. يجب عليه صياغة وتنفيذ رؤية وطنية جديدة بعد أن أعرب غالبية الناخبين عن رغبتهم في الابتعاد عن النموذج الاقتصادي للسوق الحرة في تشيلي. كما يتعين عليه أن يقود البلاد خلال فترة الجمعية التأسيسية التي بدأت استجابة للاحتجاجات ومن المتوقع أن تستمر حتى يوافق الناخبون أو يرفضون الدستور الجديد العام المقبل.
من نواحٍ عديدة ، يشير المناخ السياسي أثناء جولة الإعادة إلى أن شيلي تقع فريسة لهذا النوع من الاستقطاب المدمر المرئي للغاية في الديمقراطيات الغربية الأخرى. أثار انهيار أحزاب الوسط في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ، وهو أمر غير مسبوق منذ عودة تشيلي إلى الديمقراطية قبل ثلاثة عقود ، قلقاً كبيراً. تساءل المحللون عبر أمريكا اللاتينية عما إذا كانت تشيلي ستعاني من مصير مماثل لمصير البرازيل ، التي دخلت في دوامة من الاستقطاب الشديد وعدم الاستقرار السياسي والركود الاقتصادي بعد الاحتجاجات الجماهيرية في عام 2013 التي أدت في النهاية إلى صعود الرئيس اليميني الشعبوي والمناهض للمؤسساتية جاير بولسونارو.
إن خطاب الحملة المحتد والشيطنة المتبادل يميزان هذه المنافسة الرئاسية بعيدًا عن الدورات الانتخابية المروعة نسبيًا في تشيلي - ويمكن للمرء أن يقول ، حتى أنها مملة بعض الشيء - على مدار العقد الماضي. صاغ كاست الانتخابات كواحدة بين الحرية والشيوعية ، مما يعني أن بوريك الملتحي والموشوم سيتبع خطى هوغو شافيز ويشرف على انهيار تشيلي ، وأصبح من الواضح بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة من الحملة أن من يفوز سيواجه انعدام ثقة عميقًا بين أولئك الذين دعموا المرشح الخاسر.
ومع ذلك ، أشار يوم الانتخابات إلى أن لدى تشيلي فرصة للتراجع عن هاوية الاستقطاب الشديد. اتصل كاست ، أحد المعجبين بنظام بينوشيه الديكتاتوري وشبه ببولسونارو ، بوريك لتهنئته والتنازل بعد حوالي نصف ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع ونشر رسالة تصالحية للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي. يعود انتصار بوريك إلى حد كبير إلى قدرته على جذب الناخبين الوسطيين الذين شعروا بعدم الارتياح معه ومع كاست. (حتى أكثر مؤيدي بوريتش حماسة قد يوافقون على الأرجح على أن الكثيرين الذين صوتوا لمرشحهم فعلوا ذلك لأنهم وجدوا البديل غير مستساغ). بالإضافة إلى ذلك ، يخلق مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي حافزًا لبوريك للوصول عبر الممر للحكم. وربما كان الرئيس المنتخب مدركاً لهذا الوضع ، فأكد "التغيير بالمسؤولية" في خطابه الأول مساء الأحد.
ولكن هناك خطر يتمثل في أن أولئك الذين يعتقدون أن تشيلي يمكن أن تكون بمثابة مثال على كيفية توجيه السخط الشعبي بشكل بناء يقلل من المخاطر الشديدة التي لا تزال البلاد تواجهها - على الرغم من تصنيفها كواحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارًا في أمريكا اللاتينية. من السهل التغاضي عن الصدمة التي أحدثتها احتجاجات 2019 في أجزاء من الناخبين في البلاد. في ذروة الانتفاضات ، أصبحت البلاد غير قابلة للحكم وشهدت نهب الكنائس والمباني الحكومية وإغلاق المدارس ، ولم تتعاف بعض الأحياء في سانتياغو اقتصاديًا بعد من الدمار المادي (ناهيك عن الوباء الذي أعقب ذلك).
خلال جولة الإعادة ، انتقل بوريك بلا ريب إلى المركز فيما يتعلق بالمسائل الاقتصادية وشدد على المسؤولية المالية - المواقف الطويلة التي كانت لعنة على يسار تشيلي. كما أنه يؤيد استقلالية البنك المركزي وينصح به الاقتصاديون المعتدلون ، ربما في محاولة لكسب دعم المحافظين وأصحاب الأعمال الصغيرة. لا يعتبر أي من هذه الاقتراحات ثوريًا. ومع ذلك ، قد يفشل بوريك في إيجاد الصيغة الصحيحة لإشراك المتشككين مع الحفاظ أيضًا على دعم العناصر الأكثر راديكالية في تحالفه ، بما في ذلك الحزب الشيوعي التشيلي ، الذي دعم بشكل مثير للجدل الانتخابات الزائفة الأخيرة لدانييل أورتيجا في نيكاراغوا.
قد يكون التوصل إلى حل وسط بشأن القضايا الاقتصادية أسهل حتى من القضايا الاجتماعية مثل حقوق المثليين والإجهاض - الموضوعات التي من المرجح أن يعطيها المحافظون الأولوية. كان المجتمع التشيلي محافظًا بشدة حتى وقت قريب ، وهو يمر بقدوم جيل أكثر تقدمًا بكثير من آبائهم. يجسد بوريك هذا التغيير: نشأ في أسرة كاثوليكية ، يعلن نفسه ملحدًا ؛ أكد على حقوق LGBTQ خلال حملته ؛ وتخطط لإضفاء الشرعية على الإجهاض المحظور إلى حد كبير في تشيلي. كاست ، من ناحية أخرى ، هو كاثوليكي محافظ للغاية وأب لتسعة أطفال وعد بالعودة إلى "القيم التقليدية".
ومع ذلك ، أظهر بوريك أنه لا يخجل من المواقف غير الشعبية داخل معسكره الأيديولوجي. في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 ، أيد عضو الكونغرس بوريك اتفاقًا لإجراء استفتاء لدستور جديد ، وهو اقتراح رفضه أقصى اليسار في ذلك الوقت. خيبت هذه الخطوة آمال العديد من مؤيديه الأكثر تطرفاً لكنها جعلت منه صانع توافق في الآراء. إن استعداده لانتقاد النظام الاستبدادي في فنزويلا - وهو أمر يحجم عنه حتى القادة اليساريون المعتدلون في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية - هو مثال آخر قد يفهم بوريك أنه يحتاج إلى العمل كباني للجسور لدفع تشيلي إلى الأمام. سيزداد الطلب على هذه السعة في السنوات القادمة ، وسيراقب المراقبون من جميع أنحاء أمريكا الجنوبية عن كثب بينما ترسم أغنى دولة في المنطقة مسارًا جديداً.
- التحول الجديد نحو اليسار في تشيلي -
- محمد سيد رصاص –
جريدة "الأخبار،22شباط2022
ضاعف الحزب الشيوعي في تشيلي أصواته بأربع أضعاف بين عامي2009و2021لبصل إلى نسبة 8%من أصوات المقترعين في مجلس النواب،وفي استفتاء تشرين الأولأوكتوبر2020صوت 78%لصالح الميل اليساري نحو كتابة دستور جديد بدلاً من دستور الحكم العسكري اليميني1973-1989،وعند انتخاب الجمعية الدستورية في أيارمايو2021جاء أعضائها بأغلبية بسارية ولكن ليس بنسبة الثلثين اللازمة أثناء اقرار مواد مشروع الدستور الجديد،وأخيراً في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بالشهر الأخير من عام2021فاز غابرييل بوريك المرشح اليساري بأغلبية 55,87%،وهو المدعوم من الشيوعيين والخضر والفيمنست والاشتراكيين ،على خوسيه كاست ، مرشح (الجبهة الاجتماعية المسيحية) ، وهو يمثل أقصى اليمين الذي نال 44,13%.
هنا، الانتخابات الرئاسية كانت تعكس اصطفاف التشيليين في معسكرين متضادين تجابها في لحظة الانتخابات التي في جولتها الأولى ترافقت معها الانتخابات البرلمانية.معسكر اليمين معظمه ،وأولهم كاست الذي كان شقيقه مستشاراً لأغوستو بينوشيه زعيم الانقلاب العسكري عام1973،يحن لأيام الديكتاتورية العسكرية بكل ماأتت به من سياسات ليبرالية جديدة في الاقتصاد بعد أن أتى ميلتون فريدمان من جامعة شيكاغو ليكون مرشداً للجنرال أوغستو بينوشيه ،ومن دستور 1980الذي أصبح موضع تغيير تشتغل عليه الجمعية الدستورية المنتخبة،كماأنه بمعظمه معسكراً للكاثوليك المحافظين الذين هم ضد تشريع حرية الاجهاض وضد تشريع زواج المثليين وضد موجات الهجرة التي تتدفق على تشيلي من فنزويلا وبوليفيا وهايتي . معسكر اليسار مع تغيير جذري لدستور 1980،وهو مع زيادة قوة قطاع الدولة في الاقتصاد وتوسيع حدوده،ومع زيادة الضرائب تصاعدياً مع الدخل،ومع الاجهاض وزواج المثليين،ومع اعطاء الحقوق للسكان الأصليين(مابوتشي ويبلغون 9%من السكان،في مجتمع مازال معظمه أبيض ولم يختلط عرقياً مع الزنوج والهنود الحمر ليشكل مجتمعاً خلاسياً كمعظم دول أميركا اللاتينية ،مثل البرازيل وفنزويلا والبيرو..إلخ)،وهو معسكر له عداء شديد للولايات المتحدة الأميركية وتأييد لتجربتي كوبا وفنزويلا.
عكست المظاهرات التي هزت تشيلي بين كانون الأولديسمبر2019- آذارمارس2020هوة الانقسام الطبقي في مجتمع جعلته السياسات الليبرالية الجديدة طوال مايقرب من نصف قرن منقسماً اقتصادياً- اجتماعياً بين قلة ميسورة وأغلبية فقيرة أوتميل فئاته الوسطى للنزول نحو التحت اقتصادياً،وقد كان العنف الذي مورس في المظاهرات من تكسير للباصات ومحطات المترو وبعض المباني العامة والمصارف انعكاساً لأوضاع اجتماعية صعبة انفجرت في تلك المظاهرات.أيضاً، ظاهرة تنامي قوة الحزب الشيوعي،وهو حزب ماركسي- لينيني متشدد مازال على الطبعة القديمة أيام السوفيات،تعكس حدة هذا الانقسام الطبقي الذي له محمولات أيديولوجية ومحمولات ثقافية ، ويلفت النظر هنا قوة الشيوعيين في الأحياء الفقيرة من سانتياغو وبين طلاب الجامعة وبين المثقفين،وهي ظاهرة يجب دراسة حالتها من حيث كون الحزب الشيوعي التشيلي منذ عام2009يكسر حالة التراجع في قوة الشيوعيين التي هي ظاهرة عالمية منذ أواخر السبعينيات ثم استفحلت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عام1991،ويجب دراسة ان كانت هذه ظاهرة تشيلية محضة تتعلق بشروط خاصة أم أنها حالة إن توفرت لها شروط قريبة في مكان آخر يمكن أن تولد قوة للشيوعيين هناك،وبهذا الصدد فإن ظاهرة تنامي قوة الشيوعيين تلاحظ في السنوات الثلاث الماضية في السودان والهند.
من جهة أخرى يلفت النظر أن الثالوث السياسي،الذي كان هو الأقوى في الحياة السياسية التشيلية بين الأربعينيات وانقلاب 1973أي الحزب الديمقراطي المسيحي والحزبين الاشتراكي والشيوعي،لم يعد طرفيه الآخرين غير الشيوعي في حالة نمو بل يشهدان في القرن الواحد والعشرين تراجعاً لصالح أقصى اليمين وأقصى اليسار، مع العلم أن الاشتراكيين قد انزاحوا يميناً عن أيام سلفادور أليندي الذي كان على يسار الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية،كماأن كاست ،وهو والده من أصول ألمانية وكان عضوا في الحزب النازي ، يمثل الكاثوليكي المحافظ وله آراء تشبه اليمين الجديد الأوروبي.
على صعيد ثاني،لم يخلط الحزب الشيوعي،وهو فعلاً كان القائد الداخلي للنضال السري ضد الديكتاتورية العسكرية 1973-1989،بين النضال السياسي لاسقاط الديكتاتورية وبين النضال المطلبي،بل ركز على التناقض الرئيسي وهو اسقاط حكم بينوشيه.في المرحلة الحالية يجمع الشيوعيون النضال السياسي مع النضال المطلبي في مجتمع يشهد انقساماً طبقياً حاداً مع النضال من أجل التحديث الدستوري عبر الجمعية الدستورية المكلفة بكتابة دستور جديد.
بالخلاصة:التحول اليساري الجديد في تشيلي هو أعمق من تحول 1970الذي أتى بسلفادور أليندي بفعل تحالف الاشتراكيين والشيوعيين ممااستدعى تشجيع واشنطن للعسكر على انقلاب1973بكل ماعناه كمؤشر على بداية النهاية للموجة اليسارية في أميركا اللاتينية التي بدأت عام1959مع انتصار الثورة الكوبية.الصراع الطبقي الآن في تشيلي هو أعمق وهناك انقسام سياسي- اقتصادي-اجتماعي-ثقافي يشطر التشيليين إلى معسكرين متضادين بدون وجود لموقع الوسط. قال غابرييل بوريك العبارة التالية بعد انتخابه:"كانت تشيلي مهد الليبرالية الجديدة وستكون مقبرتها". ولكن هل يستطيع ؟..وكم سيعمق عمق المدفن؟

تنويه
لأسباب نتجت عن وعكة صحية ألمت برفيقنا الدكتور جون نسطة فإن مذكراته المعنونة ب"من زوايا الذاكرة"تحتجب بهذا العدد.
نكتفي في هذا العدد بايراد ماكتبه الرفيق جون على فراش المرض...على صفحته بالفيسبوك في يوم 14شباط2022:
(البارحة قبل ستون عاماً وطأت قدماي الأرض الألمانية.ومازلت شيوعياً،عربياً،،سورياً،وسأبقى.مناضلاً من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية).
نتمنى من قلوبنا للرفيق القيام من هذه الوعكة وأن يعود إلى الصحة والعافية ليستأنف نشاطه السياسي المعتاد .



زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل