الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا بوتن والنظام العالمي الجديد

احمد البهائي

2022 / 2 / 28
الادارة و الاقتصاد


قبل البدء علينا ان نتذكر ما قاله ميخائيل غورباتشوف في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 ديسمبر 1988،عندما قال ،" نحن نشهد التغيير الاجتماعي الأكثر عمقا ، سواء في الشرق أو الجنوب أو الغرب أو الشمال، فقد انتقل مئات الملايين من الأشخاص والدول والدول الجديدة والحركات والأيديولوجيات العامة الجديدة إلى طليعة التاريخ ، لقد عبرت الحركات الشعبية واسعة النطاق والمضطربة في كثير من الأحيان، بطريقة متعددة الأبعاد ومتناقضة، عن التوق إلى الاستقلال والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، أصبحت فكرة إضفاء الطابع الديمقراطي على النظام العالمي بأكمله قوة اجتماعية وسياسية قوية ، في الوقت نفسه، حولت الثورة العلمية والتكنولوجية العديد من المشكلات الاقتصادية والغذائية والطاقة والبيئة والمعلوماتية والسكان ، والتي تعاملنا معها مؤخرا على أنها مشاكل وطنية أو إقليمية، إلى مشاكل عالمية ، بفضل التقدم في وسائل الإعلام ووسائل النقل، يبدو أن العالم أصبح أكثر وضوحا وملموسا ، أصبحت الاتصالات الدولية أسهل من أي وقت مضى.
اذا من يقرأ تلك الفقرة بإمعان ويحلل سطورها يعلم جيدا ان غورباتشوف كان يشير الى أنشأ مفهوم النظام العالمي الجديد ،ليس ذلك فحسب بل الاعتراف به والانغماس فيه ، ولكن مع ذلك تناسى غورباتشوف وهو يصف النظام باللاعنف والقائم على مبادئ التعايش السلمي وإمكانية تحقيق السلام من خلاله ، وهو البديل المختار عن " توازن الرعب النووي، وتفكيك أنظمة الأسلحة النووية، وتخفيض الأسلحة الاستراتيجية "، والذي يقود العالم الى العيش في سلام دائم بعد نزع سلاح عام وكامل ، بان النظام العالمي الجديد لابد ان يكون له قائد يعمل عليه ويديره ويتحكم فيه ، بعيدا عن المنظمات العالمية مثل منظمة الأمن والتعاون وحفظ السلام ومحكمة العدل الدولية وحقوق الانسان وغيرها من المنظمات ، آلا وهو" الاقتصاد العالمي الواحد " ، او ما يسمى " الاقتصاد العابر للقوميات " هذا هو القائد الذي تناسه ميخائيل غورباتشوف ، ذلك المتمثل في الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات التي تسيطر على الإنتاج في القطاع الخاص على مستوى العالم، والتي فاقت مبيعاتها إجمالي حجم التجارة الدولي بالضعف ونصف الضعف ، مما اجبر مؤسسات كبيرة نخشاها عندما نسمع اسمها وتعتمد عليها الدول الكبرى تقوم بخدمة هذه الشركات الكبرى وتكرس مالها من امكانيات، وهذا ما يعني أن تلك الشركات العملاقة هى من تتحكم في سياسات الدول الكبرى وتؤثر فيها، حيث إن بعض ميزانيات هذه الشركات تتجاوز ميزانية دولة كبرى أو عدة دول أصغر مجتمعة معا .
يخطئ من يظن ان النظام العالمي الجديد وجد خصيصا ليخدم مصالح الولايات المتحدة وحدها ، او تحاول الولايات المتحدة من خلال استراتيجية النظام العالمي الجديد أن تسيطر على دول العالم، بل هو نظام وجد في الولايات المتحدة النموذج او ارض صالحة او اداه لتحقيق اهدافه من خلال العديد من شبكات المصالح الاقتصادية التي جعلها تنطلق من ارضه ، واحيانا من خلال العمليات العسكرية أو الغزو اذا لزم الامر، ليكون الناتو احد ازرع او اجنحة هذا النظام ، فأحد اسباب المشكلة بين روسيا بوتن والنظام العالمي الجديد هو تأخر بوتن او تردده في قبول هذا النظام ، بان يجعل اقتصاد البلاد وما لديه من شركات وطنية وخاصة واقعة تحت هيمنت وسيطرة النظام وخاصة مجال الطاقة الذي يعتبر من اهم اركان النظام العالمي الجديد ، حيث فسر هذا التأخر على انه رفض من قبل بوتن ، وبالتالي حدث ما حدث من تحركات وقع فيها بوتن او يمكن ان تصف " بالفخ "، وذلك من خلال استدعاء مخطط إرث الإتحاد السوفيتي ونفوذه .
بعيدا عن مع او ضد ، شئنا أم أبينا علينا ان نعترف بان العالم اليوم يحكمه نظام عالمي جديد ،هذا النظام منذ التسعينات وهو يمهد بان العالم تحكمه قوانينه الجديدة ، ليس به أقطاب او تكتلات سياسية إيديولوجية اوعقائدية بل مسموح ان تكون به قوه دولية خاضعة له ترضخ لاوامره يتم احتواؤها من قبله ، فاستجابت له الصين والهند والبرازيل ، بينما روسيا بوتن تأخرت في اعلان القبول وهو ما فسر من قبل النظام العالمي الجديد على أن هذا عصيان يجب أن يحاسب ويعاقب عليه بوتن وقد كان ،للعلم من ينظر الى الخريطة يعلم ان الناتو على أبواب موسكو من زمن وهذا ليس وليد اليوم ، فهو يحيط بروسيا من جميع الجهات ، ازمة ابخازيا وأوسيتيا الجنوبية وشبه جزيرة القرم كانت طعم والتقطة بوتن ، واليوم من خلال ازمة اوكرانيا حان وقت التخلص منه او قبول بقاؤه ولكن بشروط قاسية عليه ان يرضخ لها ، خاصة بعد ان اعلن عن استخدام سلاح الردع النووي .
قبل 2008 اي قبل فرض العقوبات الاقتصادية الاولى على روسيا كان الروبل يعادل045 , من الدولار الواحد ليستقر عند 014, من الدولار الواحد، ويوم قيام روسيا بوتن بغزو الحدود الشرقية الاوكرانية وصل الروبل 012, من الدولارالواحد ، اي ان الدولار الواحد كان يعادل 84 روبل ، واليوم بعد الاعلان عن إقصاء وفصل بنوكا روسية عن نظام سويفت وفرض إجراءات تقييدية تهدف إلى منع البنك المركزي الروسي من استخدام احتياطياته الدولية بطرق قد تشدد العقوبات ،انخفض الروبل الروسي بنحو 29٪ مقابل الدولار في أدنى مستوى له على الاطلاق ، وتم تداول الروبل عند مستوى منخفض وصل إلى 119 مقابل الدولار، ليسجل سعر 98 روبل امام الدولار، وذلك بعد قيام البنك المركزي الروسي بانقاذ الروبل بتحرير 733 مليار روبل (8.78 مليار دولار) من احتياطيات البنوك المحلية لتعزيز السيولة .
حزمة العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا بوتن بعد غزو اوكرانيا مؤلمة للغاية ولها تداعيات موجعة وقد تتسبب في حدوث انهيار حر للروبل على المدى القصير ، وللحفاظ على سعر الروبل امام الدولار الآن في الاسواق ليكون بين 90 الى 100 روبل مقابل الدولار الواحد يجب أن يضخ البنك المركزي الروسي ما بين200 الى 300 مليون دولار يوميا في السوق ، ورفع سعر الفائدة الذي قد يصل الى 30% ،فكل يوم يمر على روسيا بوتن في ظل تلك العقوبات الاقتصادية يزداد الوضع الاقتصادي سوء ، لنتساءل هل يستطيع بوتن الوقوف امام أقوى الأسلحة المالية او كما يطلق عليه السلاح النووي الاقتصادي الفتاك (إزالة البنوك الروسية الرئيسية من نظام "سويفت") التي يمكن أن تعاقب به دولة ، إذ سيقطع البلاد عن جزء كبير من النظام المالي العالمي ، الذي تأخر بوتن في قبوله والانضمام تحت هيمنته .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب


.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع




.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه


.. محمد العريان يكشف لسكاي نيوز عربية عن أهم الاستثمارات خلال ا




.. تتجه الأعمال اليابانية إلى تنمية اقتصادات ذات تأثير إيجابي ف