الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل هذه المحاكمة العادلة.. وكل هذه الترجمة الفاشلة

سيلفان سايدو
حقوقي وكاتب صحافي

(Silvan Saydo)

2006 / 9 / 7
دراسات وابحاث قانونية


تأتي محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وسبعة من معاونيه، ومن بينهم ابن عم "صدام" علي حسن المجيد، وكذلك وزير الدفاع نزار الخزرجي الذي يتهم بتلقيه أوامر من "صدام" في عمليات الانفال. بتهم تتعلق بارتكابهم جرائم الإبادة جماعية ضد المواطنين الكرد في كردستان العراق، ضمن حملة التي اطلق عليها حينذاك الحكومة العراقية بـ حملة "الأنفال"
وأيضاً بجرائم ضد الانسانية، وجرائم ابادة جماعية، وجرائم حرب، والتي أدت إلى مقتل ما يزيد على 180 ألف شخص من المواطنين الكرد العزل.
لكن ما لفت الانتباه في هذه المحاكمة هو التزام "صدام" وزمرته الصمت المطبق، لدى عرض الصور المؤثرة في قاعة المحكمة، والتي تضمنت صورة هيكل عظمي لإمرأة كردية وجدت في احدى المقابر الجماعية وهي تضم إلى صدرها طفلتها الرضيعة التي قتلت معها. وكذلك ما قاله المدعي في المحكمة: إنّ على الإنسانية أن تدرك حجم الجريمة التي ارتكبت ضد شعب كردستان، أثناء عرض مجموعة من صور ضحايا الأنفال من الأطفال والنساء الكرد.
وجسدت محاكمة صدام وأعوانه، وهم يشاهدون بأم أعينهم ما اقترفت أيديهم من جرائم شنيعة بحق مدنيين عزل، ضعيفة أمام الترجمة الركيكة إلى العربية التي رافقت إفادات الشهود، والتي لا ترق بتاتاً إلى مستوى محاكمة من هذا النوع، من جهة، ومن الأخرى إلى المحكمة العراقية العريقة العهد، ومن جهة ثالثة تيمناً بأرواح هؤلاء الأبرياء. لأن هذه الترجمة المبتورة قد نحت من شأنها إلى درجة قلب صورة الإفادة، حتى بدت في بعض فقراتها من الترجمة، أنّ نقل هؤلاء المؤنفلين بواسطة ناقلات كانت أشبه برحلات سياحية لهم، وكان ينقصهم الطبل والزمر.
والى ذلك، نرجو أنّ أكثر الأسئلة التي يجب أن تعنى بها المحكمة في جلساتها القادمة، هي أن تضع حداً لهذه الترجمة الضعيفة المستوى جداً، والتي تعكس سلباً على حقيقة فظاعة حملات الأنفال، التي تقشعر لها الأبدان.
ولأن المواطن العربي لم يعتد على أن يسمع عن حجم كارثية الإبادة الجماعية، إلا عبر أبواق الرسمية (العربية) الخاصة بهم، لذا فإنّ الكثيرين فيهم، لا يزالون لا يعيرونها أدنى اهتمام، مكتفين فقط بما تروج لهم وسائل إعلامهم (الرسمية)، بأنها مدبرة (سلفاً) من جهات استخبارية غربية، بغية اتخاذها ذريعة لتشويه صورة المحاكمة. وهي في كل الأحوال قعود مريع بقضية ماثلة وطازجة وصلاحيتها لن تضمر في المستقبل القريب. ومن هنا فإنّ جوهر تلك المحاكمة لا بد لها وأن يعنى بالإشكالية المتنامية بين التعاطي العربي والأخر الكردي لها، حتى الأن على الأقل.
ولكن مهما قيل عن شكلية المحكمات، إلا أنّ الحقيقة المؤسفة هنا، هي أن الظاهرة تتجاوز هذا المستوى البادي للعيان، وذلك لأنها تتعلق بأرواح البشر، الذين قتلوا بأبشع صور على الاطلاق، في ظل تعتيم إعلامي (عربي) آنذاك، كانت غطاءها يمكن بطبيعة الحال أن تعزى إلى أسباب عقدية أو عرقية لا أكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط