الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغيف الخبز و القطار ..

مصطفى الرزاق

2022 / 3 / 1
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


شكلَّت الأخلاق هاجساً و موضوعاً للفلسفة منذ نشوئها ، إلاَّ أنه ليس من مهمة هذا المقال المختصر التطرق إلى ذلك بل سيكتفي بمجرد إستنتاجات دون مرور مرهق على إحالات و إقتباسات مرجعية لكبار الفلاسفة و المفكرين .
هناك ثلاثة أسئلة يمكن تعريف الأخلاق من خلال الإجابة عليها و هي :
ما الذي يجعل عملاً ما أخلاقياً ؟
ما الذي يدلُّ على أن هذا العمل أخلاقيٌ ؟
السؤال الثالث يرد بعد الإجابة على السؤالين الأولين .
يمكن القول أن العمل يوصف بأنه أخلاقي عندما يسعى إلى تحقيق الخير وفقاً لإرشاد الضمير الذي يقع في داخل كل واحدٍ منَّا .
و لكن ما هو الضمير ؟
هو مسطرةٌ من الأفكار المكتسبة منذ الصغر بحيث يتم إستخدامها لقياس فيما إذا كانت الأعمال المنوي القيام بها سيتم كبحها أو تحفيزها طبقاً لتلك المسطرة .
في السؤال الثالث و إجابته يكمن المأزق في تعريف الأخلاق ، إذ أنها ليست مطلقة بل تختلف بحسب إختلاف التربية و الثقافة و يختلف بالتالي الخير الذي هو تبعاً لذلك ليس مطلقاً أيضاً .
بعيداً عن الفضاءات النظرية لقضية الأخلاق فمن المهم الإجابة على السؤال التالي :
هل للأخلاق جدوى ؟
يعزى الإمتناع عن القيام بكثير من الأعمال إلى الإمتثال لعامل أخلاقي داخلي ، لكن سيتبين مدى ضآلة ذلك و ربما عدم وجوده عند الغور بعيداً في الأعماق بحثاً في أسباب المنع .
تصنف كثير من الأعمال بوصفها شائنة ، و يحمل ذلك على الإعتقاد بأن هذا الوصف يعتبر بحد ذاته كافياً لحمل الشخص على الإبتعاد عن القيام بها ، إلاَّ أن هناك سبب يبدو وجيهاً أكثر في تفسير ذلك ، حيث أن الإعتداد بالنفس "" إحترامها "" هو الحالة الطبيعية التي يتصالح فيها الشخص مع نفسه ، ينعكس هذا بإعتقاد راسخ لديه أنه يحظى بإحترام و ثقة الآخرين ، و بالتالي فمن غير الممكن زج نفسه في موقف غير لائق مهما كان إغواء الفعل الشائن و ذلك مخافة أن ينقلب بوجهه ظهر المجن بحيث يتحول الإحترام و التقدير إلى مذمة و شتيمة ، بمعنى أن أسباب المنع لا علاقة لها بمبدأ أخلاقي سامي يتم الإمتثال له مجرداً من أي توقع بإستحقاق مكافآت مادية أو معنوية جرَّائه ، بل بمنفعة ذاتية تسعى من الإلتزام ب "" الإمتناع "" إلى إندماج سلس في صفوف المجتمع ، يشرح كل ذلك المثل الشائع :
من يسرق رغيف خبز يوضع في السجن و من يسرق قطاراً يصبح وزيراً ، في الحالتين يتم إرتكاب نفس الفعل "" السرقة "" لكن في إحداهما يكون الموقف غير لائق يؤدي بالفاعل إلى السجن ، بينما في الحالة الأخرى فمن المعتاد أن يُغَضَّ الطرف عن بنية الفعل و التركيز على نتائجه فقط "" حجم الثروة المُحَصَّل و ما يحققه من نفوذ "" ، بحيث يختزل الفعل الشائن بتنحية العمل الأخلاقي بعيداً و الإبقاء و التركيز على الجانب الشكلي فيه كما لو كان مجرد بربستيجٍ إجتماعي تتطلبه أو ترفضه المظاهر الجوفاء في السلوك الإجتماعي .
ما يريد أن يقوله هذا المقال أن التركيز على الجانب الأخلاقي للنهوض بالعمل الحكومي و الإعلان الرسمي دائما بفشل ذلك ، "" أجيب لكم رجَّالة من فين ؟! "" ، المقولة المصرية السائدة في الستينات ، هو خدعة بائخة كونه يركز على الجانب الذاتي الذي يختلف و يتعدد بعدد سكان الدولة و مواطنيها "" أي لا يمكن ضبطه "" ، و ذلك للتهرب من الإستحقاق الكبير بقيام دولة المؤسسات التي أول ما تطيح به هو مزاجية الفرد و إستبداده في ممارسة أعمال السلطة و إستبدال ذلك بمعيار موضوعي هو محاسبة الجميع و خضوعهم بشكل متساوي للقانون من أصغر موظف إلى رأس الهرم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟


.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح




.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم