الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أم حسين

مناف الحمد

2022 / 3 / 3
الادب والفن


ام حسين

عاد من المدرسة باكيًا فقد ضربه المعلم؛ لأنه سأله عن اسم أمه فأجابه أن اسمها أم حسين، فظنه المعلم يهزأ به. لم يكن محمود يقصد السخرية، ولكنه لا يعرف اسمًا لأمه غير هذا، وهو أصلًا لا يجد وقتًا كافيًا للاستفسار عن أمور كهذه، فالشخص الوحيد الذي كان يتواصل معه في عائلته المكونة من ستة عشر نفرًا عدا الأب والأم هي شقيقته ناهد التي تكبره بسنتين، أما جيش الإخوة والأخوات فقد كان لكل منهم شأن يغنيه.
أما والده فهو يقضي اليوم كله في صالون الحلاقة، وبعد أن يأخذ قسطًا من الراحة بعد الغداء ينفق باقي اليوم في لعب الورق في المقهى ليعود منهك القوى في وقت متأخر من الليل.
أخته ناهد تحدب عليه وتعوضه بعض حنان الأم المستنزفة بتلبية طلبات هذا الجمع الغفير، والتي تمضي أيامها متشابهة إلى حد التطابق لا يكسر رتابتها إلا بعض الشجارات مع جارتها حمودة التي كانت تستفزها بسبب قلة اهتمامها بالطهارة كما تتهمها أم حسين. وكانت الشجارات تبدأ ببعض الشتائم ثم تتحول إلى مناظرة حقيقية تجلس فيها السيدتان متقابلتين، وتوجه كل منهما الشتائم المقذعة للأخرى في احترام ملفت لدور كل منهما، وبحضور عدد كبير من أبناء الحي مقسوم إلى فريقين كل فريق يشجع إحدى المتناظرتين.
أول منعطف في حياة محمود كان رحيل ناهد إلى بيت زوجها الموظف في شركة المياه بعد بضع سنوات، وقد كان أمرًا غير مفهوم بالنسبة إليه أن ترحل ناهد مع رجل غريب خصوصًا أنه رجل بارد وثقيل وسليط اللسان.
بمحاولته تعويض الفراغ الذي خلفته ناهد حاول أن يمد جسور تواصل مع ابن حمودة غريمة أمه، ولكن هذا التواصل انقلب وبالًا عليه فقد استغله ابن حمودة جنسيًا في ثأر لكرامة أمه التي أهدرتها أم حسين والدة محمود.
لم يدرك محمود وقتها عظم هذا الخطب، واستمر يمارس طقوس الحياة الرتيبة بعد أن ترك دراسته عقب فشله الذريع في امتحان الإعدادية. استطاع زوج شقيقته ناهد أن يؤمن له وظيفة مستخدم في المؤسسة التي يعمل فيها. اكتشف محمود أن زوج شقيقته موظف فاسد، ولكنه يحظى باحترام كبير من معظم زملائه رؤساء ومرؤوسين، ولكن فساده المالي لم يكن ينعكس نعيمًا على زوجته ناهد، وإنما كان ما يجنيه بفساده يذهب في دروب العربدة والرذيلة.
كان اكتشاف محمود لحقيقة زوج ناهد واكتشافه أنه هو مهتوك العرض أقل أهمية لديه من اكتشافه لاسم أمه التي ظن لفترة طويلة أن اسمها أم حسين. بعد بضع سنوات من العمل في مؤسسة المياه توفي والده الذي لم يترك في حياته أي أثر، ولكنه بكاه بحرقة لسبب لم يتبينه بدقة، ولحقت به والدته التي حزن عليها حزنًا أقل، وتفرق الإخوة، وبقي وحيدًا إلى أن عرضت عليه سيدة عجوز عاملة في مكان عمله أن تزوجه ابنتها فقبل وزُفّت إليه العروس في بيت أهله المتهالك القديم.
اكتشف في ليلة العرس أنه عاجز، وخرجت العروس مولولة إلى بيت أمها وطلبت الطلاق، وقد لبى محمود طلبها على الفور وعاد إلى عزلته في بيت أهله القديم.
محمود الآن في الخامسة والستين يعيش على راتب التقاعد الذي لا يقيم أوده، ومتعته الوحيدة هو كوب الشاي الذي يشربه على باب منزله قبل العشاء، ولا يكر أمامه من شريط الذكريات إلا هزائمه في مدرسته ومع صديقه وأمام عروسه، وذل الحاجة إلى زوج أخته واكتشافه الأبله في وقت متأخر أن لأمه اسًما آخر غير "أم حسين".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب