الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إقحام إمازيغن في النصوص الإسلامية

كوسلا ابشن

2022 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


العداء لإيمازيغن ليس وليد القرن العشرين, بل هو تاريخي, قديم قدم غزوات الأعراب لبلاد إمازيغن, وخصوصا بعد الهزائم التاريخية (741-742 م), للجيش العربي الأموي الغازي. حينها بدأ الأعراب في نسج القصص و الأحاديث "النبوية" في ذم إمازيغن و التنقيص من شأنهم. أكيد أن محمدا و لا غيره من الأعراب ( مؤسسي الدولة الإسلامية الهمجية), لم يكونوا يعرفون شيء عن قوم إمازيغن و لا عن بلادهم. و كل هذه الأحاديث و القصص كتبت في المرحلة المتأخرة من العهد الأموي الفاشي و إنهيار سلطتهم على بلاد إمازيغن. و لا تختلف النظرة الإيجابية عن إمازيغن في أحاديث محمد و أتباعه, فهي كلها مختلقة, ولا علاقة لهؤلاء بإمازيغن شعب شمال افريقيا, وأكثر من ذلك فمحمد هو المؤسس لنظرية التمايز بين الأقوام, ولا يعقل لمحمد العنصري, أن يفضل إمازيغن عن العرب. فهذه القصص و الأحاديث في فضل إمازيغن, تبلورت مع حكم كتامة (أمازيغ) "الفاطميون" لمصر و الشرق الأوسط, والحكم إيمازيغن لبلادهم بعد تحريرها من الغزات العرب.
بعض الأحاديث المتوارثة في إذلال إمازيغن:
حدثنا يحيى بن سعيد, عن عثمان بن عبد الرحمن, عن ..., عن أنس بن مالك قال:" أتيت رسول الله (ص) و معي وصيف بربري", فقال النبي (ص): " إن قوم هذا أتاهم نبي قبلي فذبحوه و طبخوه, فأكلوا لحمه و شربوا مرقه" رواه نعيم بن حماد في (كتاب الفتن) (1/266).
قال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال: عن ثنا عبد الله بن نافع قال : حدثني بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال : " جلس إلى النبي (ص) رجل فقال له رسول الله (ص): (من أين أنت؟) قال: بربري, فقال له رسول الله (ص): (قم عني), قال بمرفقه كذا, فلما قام عنه, أقبل علينا رسول الله (ص) : (إن الإيمان لا يجاوز حناجرهم أو ترياقهم)" "مسند أحمد بن حنبل" (2/367 ).
قال أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن القاسم بن عبد الله المعافري عن ..., عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (ص), قال: (من أخرج صدقة فلم يجد إلا بربريا فليردها) "مسند أحمد بن حنبل"(2/221 ).
قال الطبراني: حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا وهب الله بن راشد المعافرى ثنا حيوة بن شريح عن ..., عن عقبة بن عامر أن رسول الله (ص), قال: (الخبث سبعون جزءا, للبربر تسعة وستون جزءا وللجن والإنس جزء واحد) "المعجم الكبير"(17/299).
قال بن عساكر بسنده عن يزيد بن سنان: حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص), قال: ( ولد لنوح ثلاثة, سام وحام ويافث, فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم, وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والسقالبة ولا خير فيهم, وولد حام القبط والبربر ولا خير فيهم ) "تاريخ دمشق" (277/ 62).
الملاحظ أن الأحاديث كلها تفاهات و إختلاقات لا تمد بالواقع بصلة, و الكاتب يجهل تماما تاريخ بلاد إمازيغن, ولا يعرف شيئا
و من وجهة النظر المتناقضة مع النص المذل لإمازيغن, تبلور خطاب الرفع من شأن إمازيغن إعتمادا كذلك على النص الأسطوري الديني. نورد بعض الأحاديث في فضائل إمازيغن( مقتطف من "مفاخر البربر"):
"قدم على والي مصر عمرو بن العاص, ستة نفر من المغرب محلقي الرؤوس و اللحى, فقال لهم عمرو بن العاص :" ماأقدمكم؟", قالوا:" قدمنا رغبة في الإسلام و حبا له", قال:" فما بال رؤوسكم و لحاكم؟", قالوا:" شعر أنبته الكفر, أردنا بذك شعرا ينبت في الإسلام". فكتب عمرو بن العاص الى عمر بن الخطاب, وو جههم نحوه, ووجه معهم ترجمانا يخبر عنهم. فلما قدموا على عمر بن الخطاب, دخلوا و سلموا عليه, قال لهم:" ما إسمكم الذي تعرفون به بين الأمم؟", قالوا:" بني مازيغ", فإلتف عمر الى جلسائه و شيخ الى جانبه, فقال:" هل تعرفون هؤلاء؟", فقال:"نعم هؤلاء من البربر" قال عمر بن الخطاب:" ولم سموا البربر؟", قال:" إن قيسا ولد أولادا كثيرين فسمي بعضهم برا, فخرج مغاضبا لإخوته الى ناحية المغرب, فقال العرب: بربر أي توحش", فأول من سماهم بهذا الإسم عمر بن الخطاب. فقال لهم عمر بن الخطاب:"ما علامتكم التي تعرفون بها في بلادكم؟", قالوا:" نكرم الخيل و نصون النساء و نبعد الغارات", فقال عمر بن الخطاب:" ألكم مدائن و حصون تتحصنون فيها؟", قالوا "لا", قال:" ألكم أسواق تتبايعون فيها؟", قالوا"لا", قال:" ألكم علامات تقتدون بها؟", قالوا"لا",قال: فبكى عمر حتى قطرت دموعه على لحيته, قال: قالوا له:" ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟" قال:" كنت مع رسول الله (ص) في بعض مغازيه, فنظر إلي أبكي فقال لي:"ما يبكيك يا ابن الخطاب؟" قال:" قلت: يارسول الله, قلة الإسلام في الأمم, و ما أرى من كثرة الشرك", فقال لي:" أبشر يا ابن الخطاب, إن الله سيعز الإسلام والدين بقوم يأتون من المغرب", و أشار بيده نحو المغرب," ليست لهم مدائن يتحصنون فيها, و لا أسواق يتبايعون فيها, ولا علامات يقتدون بها", ثم قال عمر:" الحمد لله الذي لم يخرج عمر من الدنيا حتى من الله عليه برؤيتهم", قال:" فأدناهم عمر و قربهم, و أقر بفضلهم, و أحسن جوائزهم و جعلهم في مقدمة الجيش بما أنبأه به المأمون الصادق" عن (الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي المجد في أخبار البربر) "مفاخر البربر" (ص. 180). و يضيف في نفس المرجع: عن النبي(ص)قال:" إن لله أنصارا و لذريتي, فأنصاري أنصار الذين أووا و نصروا ذريتي البربر آواوهم و بروا و أكرموا". و روي: أن فاطمة بنت نبي الله (ص), آمرت جارية لها أن تتصدق بصدقة فقالت لها:" إذا قبلت الصدقة منك فإسألي الذي الذي يأخذها منك, من هو وفي أي بلد مسكنه؟" قال: فخرجت الجارية بالصدقة, فقالت:" من يقبل صدقة آل رسول الله", فقام رجل, فقال لها:" أنا موضع صدقة آل رسول الله", فقالت له:" من أين أنت؟ و في أي بلد مسكنك؟", قال لها:" أنا من ولد بر", فأعطته الصدقة, ورجعت مسرعة الى فاطمة, فأخبرتها, فقالت أخذ صدقة آل رسول الله, رجل من البربر", فقالت لها:" علي بالرجل", فلحقته الجارية..., وقالت له:" أيها الرجل إن فاطمة بنت رسول الله تسأل عنك", قال:" فرجع البربر خائفا ..., فلما وقف على الباب, كشفت القناع عن وجهها و هي باكية, و تقول: إني سمعت رسول الله يقول:" يا فاطمة, سيقتل الحسن و الحسين و يقتلونهم و يجلون أولادهم العرب, و يؤونهم البربر, فيا شر من فعل بهم ذلك, و طوبى لقوم يؤونهم و يحبونهم", وقد جعل الله في قلوب البربر الرأفة والرحمة لذرية الرسول (ص) ولعامة المسلمين, وهم يكونون القائمين بهذا الدين على يقين و منهاج واضح, قال ذلك الصادق المأمون, وأمر بتقدمهم بآمر الله".
حدث أسد بن الفرات عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف يرفع الى ابن عباس, قال:" ان العرب فيهم أنزل الله تعالى في كتابه:" الأعراب أشد كفرا و نفاقا", و فيهم أنزل الله تعالى في كتابه:" و كذب به قومك", وفي البربر أنزل الله في كتابه:" إن فيها قوم الجبارين", فنسبهم الى الجبروت و لم ينسبهم الى الكفر و النفاق, كما نسب غيرهم" (مفاخر البربر).
قال الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني عن فضائل البربر, ما بلغني ( أن عائشة رضي الله عنها دخل عليها ذات مرة رجل من البربر وهي جالسة ومعها نفر من المهاجرين والأنصار, فقامت لوسادتها فطرحتها للبربري دونهم, فانسل القوم واجلين بذلك, فلما قضى البربري حاجته وخرج أرسلت إليهم عائشة, حتى اجتمعوا إليها, فقالت لهم : " ما الذي أوجب خروجكم على تلك الحال؟", قالوا : "لإيثارك علينا وعلى نفسك رجلا كنا نزدريه, وننتقص قومه", فقالت :" أتعرفون فلان البربري ؟", قالوا نعم, قالت كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة جالسين, إذ دخل علينا ذاك البربري مصفر الوجه غائر العينين, فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال :" ما دهاك ؟ فارقتك بالأمس ظاهر الدم فجئتني الساعة كأنما انتشرت من قبر", فقال:" يا رسول الله صلى الله عليه وسلم, بت في هم شديد", فقال : "ما همك؟", قال:" تردد بصرك و حبا له, في الأمس خفت أن يكون نزل في قرآن", فقال : " لا يحزنك ذلك, فإنما ترديدي البصر فيك لأن جبريل عليه السلام جاءني, فقال:" أوصيك بتقوى الله وبالبربر" قلت : "وأي البربر ؟", قال:" قوم هذا", وأشار إليك فنظرت عليك, فقلت لجبريل ما شأنهم ؟ قال:" قوم يحيون دين الله بعد أن كاد يموت ويجددونه بعد أن كان يبلى, ثم قال جبريل:" يا محمد دين الله خلق من خلق الله نشأ بالحجاز وأهله, بالمدينة خلقه ضعيفا ثم ينميه وينشئه, حتى يعلوا ويعظم, ويثمر كما تثمر الشجرة ثم يقع, وإنما يقع رأسه بالمغرب, والشيء إذا وقع لم يرفع من وسطه, ولا من أسفله, إنما يرفع عند رأسه".
قال البكرى : "فمن حين وقعت الفتنة انما نقاتل نحن العرب على الدينار والدرهم وأما البربر فانهم يقاتلون على دين الله ليقيموه", قال:" وهو يرفع الحديث إلى ابن مسعود رضى الله عنه أن آخر حجة حججنا قام النبي خطيبا فقال: "يا أهل مكة ويا أهل المدينة أوصيكم بتقوى الله وبالبربر, فأنهم سيأتونكم بدين الله من المغرب, وهم الذين يستبدل الله بكم اذ يقول :" وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم ", والذى نفس ابن مسعود بيده لو ادركتهم كنت لهم أطوع من إمائهم , وأقرب إليهم من دثارهم, وبلغنا عن عائشة رضى الله عنها انها أبصرت صبيا له ذؤابتان ذا جمال وهيئة فقالت: من أي قبيل هذا الصبى الشقي؟ قالوا من البربر, قالت عائشة: " البربر يقرون الضيف ويضربون بالسيف ويلجمون الملوك لجام الخيل".
عن سعد بن أبي وقاصو أن رسول الله, ال: " لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة" (صحيح مسلم, 1925).
الملاحظ أن الأحاديث كلها تفاهات و إختلاقات لا تمد بالواقع بصلة, و كما أن الكاتب يجهل تماما تاريخ بلاد إمازيغن, ولا يعرف شيئا عن الثقافة و الحضارة الأمازيغية.
توضيف الإختلاقات النصية, تم لأغراض سياسية بسبب إخفاقات و أزمات المتعصبين للمشروع الإستعماري, وكان البديل هو إذكاء صراع الفتن و الكراهية و الحقد في صراعهم ضد إمازيغن, الذين يناضلون من أجل الحرية و الكرامة والإستقلالية, ومن طرف آخر, تم إضفاء كذلك هذه الشرعية المحمدية على الخطاب السلمي الذي ينصف إمازيغن و يرفع من شأنهم, وتبرءتهم مما نسب إليهم من الأكاذيب, و إفتراءات الأعداء. و تبقى هذه الأحاديث بلا قيمة و لا فاعلية في ظل الصراع الوجودي, التحرري, الذي لا يؤمن إلا بالمعطيات الواقعية.
جعل إيمازيغن مادة للكراهية والسخرية والإذلال, ليس وليد اليوم, بل له جذوره التاريخية التي شكلت الوعي الأسطوري بالتفوق العربي عن غير العرب!. الأسطورة التي تطورت في ظل أزمات الفكر العروبي و الإنحطاط السسيو- إقتصادي في مواقع السيطرة العروبية, و لتنتعش ظاهرة النزعة الميتافيزيقية, الأسطورية, لتصبح مرجعية ثابتة في تاريخية الفكر العنصري العربي, و لتلعب دورها الإيديولوجي في تشويه وعي إمازيغن و تضليله بهدف تحريف النضال إمازيغن عن المسار الصحيح في التحرر من الأساطير المحمدية و التحرر من القيود العبودية في ظل الخنوع للنظام الكولونيالي العروبي, إلا أن هذه الأحاديث الدينية في هذا الصراع لا تؤدي وظيفتها المطلوبة, بل قد تؤدي الى نقيض ما ينتظر من أهدافها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع