الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دفاعاً عن قانون الزواج المدني

سحر حويجة

2006 / 9 / 7
العلاقات الجنسية والاسرية


التغيير حاجة ملحة وضرورية لمجتمعاتنا، على مختلف الأصعدة ، جزء كبير من هذه الحاجة يفرضه منطق العصر عصر التطورات الكبيرة والعاصفة، حيث مازالت مجتمعاتنا ترزح تحت وطأة التخلف، من أكبر مظاهر التخلف حكم أنظمة تقاتل للحفاظ على مواقعها، أنظمة استبدادية تقوم ، على الإكراه والقهر ، تغذي ثقافة العنف، على الصعيد السياسي والاجتماعي، وتعزز النمط التقليدي، وتدعم العائلة البطريركية. والمفاهيم ا لذكورية. إن القانون والتقاليد ، والأديان ظواهر تتوافق دائماً مع نمط ملائم من العلاقات السائدة، نجد الدين مازال يفسر وفق مفهوم ذكوري. و تشكل التقاليد مظلة لحماية هذا المواقع، وعدم استعداها لتقبل التغييرات وإعاقة التطور الاجتماعي، في المحصلة يأتي جمود القوانين نتاج الجمود السياسي والاجتماعي .

الحق يعرّف ويختلف تبعاً لاختلاف مصادره، فهناك الحق الطبيعي حق قائم على الحرية الكاملة، والمساواة بين جميع البشر رجالاً ونساءً . مصدر الحق الطبيعي هو القانون الطبيعي مبنى على حرية الإنسان، ولكن مع تطور الواقع، وتطور المفاهيم ، تطور مفهوم الحق الطبيعي و تحول إلى العقد الاجتماعي، حيث ارتبطت الحرية بالقانون، وتم التأكيد على قاعدة أنه لا يوجد حرية بدون قانون. النتيجة إن القانون هو الذي يحدد المراكز القانونية للأشخاص، وبالتالي حقوقهم.
أغلب الدساتير العربية، اعتبرت المرأة مواطناً مساوياً للرجل بالحقوق والواجبات. في الوقت ذاته قوانين الأحوال الشخصية تتعارض في مضمونها مع الدستور، حيث تؤكد أن المرأة مهما علا شأنها، تبقى إنساناً قاصراً وقرارها ليس بيدها، سواء في الزواج، أم الطلاق، في السفر، أم نسب الأطفال ، عدم المساواة في الإرث،…الخ وهناك اتفاق بين العاملين في الشأن القانوني وشأن حقوق الإنسان، والمدافعين عن حقوق المرأة، إن هذه القوانين تنتقص من حقوق المرأة، وهي تتعارض مع الدستور.
في الواقع إن تعليق الدستور والعمل بقوانين الأحكام العرفية، إضافة لإلغاء الحريات، أدى إلى تعطيل إمكانية تعديل القوانين
تبين من خلال البحث والنقاش ، إن المعترضين على قانون الزواج المدني ، ليسوا فقط رجال الدين دفاعاً عن سلطتهم، وليس المتدينين السلفيين بدفاعهم عن الأصول ورفضهم لقراءة الدين وفق متطلبات العصر، وليس من يرفض قانون الزواج المدني رجالاً بوصف القوانين القائمة لا تتعارض مع حقوقهم بل تعطيهم أكثر مما يستحقون، بل أيضاً المشكلة تكمن في وعي مختلف شرائح النساء، منهم من يلعب دوراً بارزاً في الدفاع عن حقوق المرأة، من أجل رفع الحيف والظلم عنها. والحقيقة إن أغلب مشاكل المرأة أصلها في حقوق المرأة المهدورة . سواء بسبب التقاليد التي تغدو كقوانين، أم بسبب القوانين المتخلفة عن العصر. والعمل جاري حسب مواقع البحث، في إيجاد مخرج شرعي، من خلال البحث عن مصدر تفسير الأحكام بليونة أكثر، تختلف عن مصادر القوانين المتبعة.
ما هي الحلول التي يقدمها عقد الزواج المدني:
تعتبر الأسرة الخلية الأساسية في المجتمع، تتمتع بحق حماية المجتمع و الدولة. الرجل و المرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزويج و تأسيس أسرة ، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. و هما يتساويان في الحقوق لدى الزواج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله" ( المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) .
في الغرب يوجد نوعين من الزواج المدني الأول "الزواج المدني الرسمي" الذي ترعاه الدولة ، "والثاني الزواج المدني على أنه عقد خاص" وسواء كان العقد خاصاً أم عقد زواج مدني رسمي، بالتعريف: هو عقد حر قانوني يجمع بين رجل وامرأة. أما مبررات تدخل الدولة بشكل رسمي بعقد الزواج ، لأن للزواج نتائج هامة تتعلق بحقوق الأطفال، والإرث وتوزيع الملكية والضمانات الاجتماعية العادية.
ظاهرة الطلاق ظاهرة منتشرة بقوة، في جميع الدول وليس في الدول المتقدمة فحسب، على رغم من أن معدلاتها أكبر في الدول المتقدمة ، حقوق الأطفال وتوزيع الملكية بعد الطلاق ، حيث توجد هناك قواعد عامة وقواعد خاصة متعددة ، يتم تقسيم الملكية بين الرجل والمرأة في حالة الطلاق عن طريق تقسيم ما جرى تحصيله طيلة فترة الزواج بين الطرفين مناصفة، وذلك أيا كان مصدره، إنهم يعتبرون الزواج يخلق قواعد الشراكة الاقتصادية، وتتدخل الدولة في حال الخلاف بشأن تقسيم الملكية.
إذا كانت عقود الزواج الخاصة واضحة وقابلة للتطبيق ولا تتعارض مع المبادئ الإنسانية وحرية التعاقد، لا شيء يمنع الدولة من احترام عقد الزواج المدني الخاص، المحرر بين طرفين بكل حرية وتنفذ بنوده.
في الزواج المدني الخاص، تتحدد قواعد الإرث فيه ضمن العقد، أو في الوصية التابعة له، وبالتالي لا يوجد مبرر لزواج مدني رسمي.. أما في رعاية الأطفال بعد الطلاق أو الفسخ، يمكن تحديد قواعدها في العقد نفسه (ضمن قواعد تحدد من قبل الدولة لتجنب النتائج السيئة) مما يسمح بحفظ حقوق الأطفال المادية والإنسانية..
هكذا نجد إنه لم يتم فرض نموذج واحد محدد للزواج المدني، مراعاة للحاجات الشخصية المتنوعة. إذاً هناك الزواج المدني الرسمي والزواج الخاص مع وضع قواعد عامة محددة من قبل الدولة.

ثانيا: حماية الأطفال حيث يعتقد أنهم محميون أكثر في "الزواج المدني الرسمي"، إلا أن القواعد التي تفرضها الدولة، يمكن أن تؤدي إلى حماية حقوق الأطفال في العقد الخاص.
المرأة غير العاملة ، يفرض عقد الزواج حمايتها ماديا في حال وقع الطلاق، و يمكن تحقيق هذه الحماية عبر العقد الخاص الذي يمكن تنفيذه عبر مؤسسات القضاء في حال وقع الخلاف.
نجد أنه لا مبرر من المخاوف المطروحة حول الزواج المدني بل على العكس من ذلك حتى من أراد أن يتزوج وفق قانون مدني خاص يمكن له أن يضع شروط عقد وفق أحكام الشريعة الإسلامية هذا العقد مقبولاً في أوروبا.
أما المخاوف التي ترى القانون المدني يهدد رابطة الزواج بسبب سهولة حله، هذه ميزة تكسبها المرأة من خلال العقد المدني وليست ضدها، لأن الرجل له حرية الطلاق المطلقة وفق القانون الدارج وبكلمة واحدة ، بسهولة أكبر بكثير من القانون المدني، الذي يضمن حق المرأة والأولاد بقوة العقد، وتوزع بينهما الملكية مناصفة ، والأولاد أيضاً حقوقهم مضمونة.

أما حول الخلافات التي تنشأ بسبب اختلاف الدين بين الزوجين، وتأثير ذلك على تربية الأولاد وهويتهم الدينية.
أولاً قانون الزوج المدني، لا يتعلق بجوهره في مسألة خلاف الدين، بل هو جزء من فصل الدين عن الدولة، في أهم مظاهره، استقلال القانون عن الدين، حيث لا يكون مصدر ومرجع القوانين النصوص الدينية، أي لو افترضنا مجتمعاً جميع أفراده يعتنقون نفس الديانة، هذا لا يعني عدم ضرورة وجود عقد زواج مدني، وإذا كان ا لاختيار بين اثنين من الطائفة نفسها سيكون أيضاً زواجاً مدنياً، مفهومه الأساسي يقوم على حرية الاختيار بين طرفين راشدين يتمتعان بالحقوق والواجبات نفسها. ولكن قانون الزواج المدني سيقدم حلاً ، لمشكلة هامة وهي الاختيار من خارج الدين، لنأخذ مثال من لبنان: حيث إن عقد الزواج الذي يتم في الخارج بين شخصين من دينين مختلفين يتم تسجيله والاعتراف به في لبنان، لذلك يضطر الشباب للسفر إلى قبرص وغيرها لعقد قرانهم ثم بعد ذلك، يتم تسجيله والاعتراف به في بلدهم. هنا نعرج على قضية اختلاف الدين بين المذاهب من نفس الدين ولكن من طوائف مختلفة ستظهر المشاكل نفسها في تربية الأولاد. حل هذه القضية هي وفق الحرية المعطاة للطرفين بالتعبير عن قناعاتهم، والأديان لا تختلف كثيراً بمفاهيمها حول الأخلاق والأسرة، وتربية الأولاد، أما اختلاف الطقوس والعبادة، والالتزام، فالإسلام نادى بمبادئ العقل في الالتزام الديني، ولم يطالب بوراثة الدين عن الأهل، أو بتقليد الآباء والأجداد.
أغلب المشاكل التي تعاني منها المرأة مصدرها القانون، ليس فقط حرية الاختيار، هذه معاناة مشتركة بين والرجل والمرأة، هناك قضية نسب الأولاد ، التي تسبب معاناة كبيرة للمرأة في حالة اختلاف الجنسية، حيث بلد الأم لا يعترف بنسب الأولاد للمرأة.
وأخيراً يمكن القول على اعتبار إن الدين الإسلامي يأخذ بمبادئ العقد في الزواج، يصبح من السهل وضع أحكام عامة رسمية تضمن حقوق مؤسسة الزواج المدني ، ويمكن لعقد الزواج الخاص، أن يكون وفق شروط الشريعة التي يختارها المتعاقدان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لوحة كوزيت


.. شاعرة كردية الحرية تولد الإبداع




.. اطفال غزة يحلمون بالعودة إلى ديارهم


.. ردينة مكارم المرشحة لعضوية بلدية حمانا




.. المهندسة سهى منيمنة