الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين موسكو وكييف شيوعيِّون ضلُّوا طريقهم المؤدِّية إلى مناهضة الإمبريالية

حسان خالد شاتيلا

2022 / 3 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


من المفترض أن الأممية الشيوعية أو وحدة الشعوب معاديةٌ للإمبريالية بجميع وجوهها أيا كانت. لكن أزمة التنظيمات الشيوعية منذ نشأتها في منتصف القرن التاسع عشر واجهت العقبات من جراء مسألة التوفيق، من عدمه، بين المسألة القومية ووحدة البروليتاريا في العالم الرأسمالي. عن ذلك نجم تبعثر هذه التنظيمات، إن لم نعترف بتبعثرها واستفحال التناقضات فيما بينها. من المفترض أيضا أنها معادية، وعلى حد سواء، للحكومات غير الوطنية، ذات النظام الرأسمالي، رأسمالية الدولة وما يسمونه نظام التطور غير الرأسمالي، مما أدى، هنا وهناك، في مصر ، سورية والعراق، على سبيل المثال، إلى التحالف مع هذه الأنظمة تحت شعار: "الإمبريالية تكشر عن أسنانها فلا منص من التحالف مع هذه الأنظمة". هذا مع العلم أن ما فعله حافظ الأسد، تحت قبة "الجبهة الوطنية التقدمية"، عندما استولى على السلطة كي يحول دون نجدة الجيش السوري للثورة الفلسطينية في إربد، ثم توجيه مدفعيته الثقيلة للمخيمات الفلسطينية في لبنان، ومشاركته في مؤتمر أوسلو، فضلا عن لقائه بالرئيس الأمريكي فورد بحنيف، إلخ، إلخ، ولجوئه إلى أردوغان تركيا الإمبريالية، صديق إسرائيل، لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين الأسد ونتيناهو، إنما يُعتبر كل ذلك تنفيذ للسياسة الإمبريالية، أمريكية، أوروبية، بالنيابة عن هذه الأخيرة.
بتعبير آخر، فإن "التعايش السلمي" حلَّ هنا محل الأممية الشيوعية". هذا وذاك من تناقضات السياسية البورجوازية، بالرغم من استعانة هذه الدول، دولة بشار الأسد عل ىسبيل المثال، بالإمبريالية، مستمر، مستمر، من أجل حفاظ هكذا دول على سلطتها، وكي ما تسيطر على المجتمع الإنساني، لأنها عاجزة بالاعتماد على جيشها وأجهزتها الاستخباراتية الحفاظ على سلطتها البورجوازية وإلحاق الهزيمة بأعدائها المحليين، ومنهم المسلمة والإسلامية. مثال أوكرانيا، سوريا، العراق، وأفغانستان، إلخ، يؤكد أن هذه الحكومات عميلة للنظام الرأسمالي العالمي، ومجرمة بحق شعوبها، منها، ولاسيما ، طبقاتها الشعبية. بتعبير آخر، فإن هذه الدول لا حياة لها ما لم تعتمد على روسيا تارة، أمريكا وأوروبا تارة أخرى. أوكرانيا في جميع هذه الحالات ماثلة في صميم هذه الصراعات التاريخية وتناقضاتها.
من المفترض أن تَنفُضَ الأممية الشيوعية يدها من كل هؤلاء وأولئك لتتبنى استراتيجية إسقاط الأنظمة البورجوازية ما دامت هذه الأنظمة معولمة، والنضال من أجل بناء الاشتراكية ما دامت الوطنية إذا اقترنت بمحاربة الإمبريالية تتطور، تتحول، لتغدو ملازمةً للاشتراكية. من المفترض أيضا أن هذه الاستراتيجية مستمدة من الصراع الطبقي. ذلك أن وحدة الشعوب لا تستقيم، كالصراع الطبقي، ما لم تحفر خندقا واحدا في حربها ضد الإمبريالية والرجعيات الحاكمة، روسية، أمريكية، وغيرها. لكن شيوعيين ما يتناسون أن العدو الأول للشيوعيين في ساحة المعركة ضد العولمة النيوليبرالية هي الأنظمة العاجزة عن ممارسة الحرية، تلك الأنظمة النيوليبرالية المعادية للمجتمع الإنساني والتي تجعل من الإنسان بضاعة. هي نفسها العاجزة أيضا بالاعتماد الذاتي على جيشها و شبيحتها عن إبادة عدوها الإسلامي الرجعي. شأنها شأن الطبقة الحاكمة في أوكرانيا التي تتبرع ببلادها للحلف الأطلسي لخوفها من السوق الروسية، حتى لو أدى بها الأمر إلى الإخلال بالتوازن الدولي، توازن الخوف، أحد أسس السلام العالمي في عهد الحرب الباردة التي ترافق العولمة، باعتبار أن هذه الأخيرة لم تلغ التناقضات الذاتية للنظام الرأسمالي.
في نهاية الأمر، فإن الإيدولوجية الوطنية، وهي رجعية على نحو مماثل لكل الإيديولوجيات مهما اختلفت أسماؤها، قد طغا عداؤها لروسيا على انضمام أوكرانيا الدولة إلى الحلف الأطلسي، حلف الإمبرياليين. هذا الطغيان المعادي لروسيا والمؤيد لأوكرانيا يلقى تفنيدا من هؤلاء الشيوعيين عندما يذهب هؤلاء وأولئك إلى أن القضية القومية وسياسة التبعية للأطلسي واحدة لا تنقسم، لأن روسيا القيصر بوتين تشكِّل تهديدا لأمن أوكرانيا، ناهيكم عن فزع بولندا ورومانيا من التوسع الروسي. هكذا رأي، سواء أكان يستمد مبرراته من الإيديولوجية البوجوازية، أم من أيديولوجية شعبيوية ما، فإنه في هاتين الحالتين بات يسيطر على العالم اليوم بلجوئه إلى السلاح الإيديولوجي المموَّل من البنوك. عالم الإعلام، مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة، الذي بيع بوساطة البنوك إلى الرأسمالية، ووُضعت قيادته تحت أمرة كلاب مسعورة تنبري للدفاع عن إيديولوجياتها التي تُنتِج سياسة الرعب، الحروب، العنف، استلاب الوعي، استغلال قوة العمل، وسلخ الإنسان عن مجتمعه تحت راية الدفاع عن حقوق الإنسان. إنها، من أجل إنجاز أهدافها الاستراتيجية هذه تلغي المجتمع الإنساني باسم دفاعها عن حقوق الإنسان. العلاقة بين الحرب والسياسة لحق بها ما لحق بالإنسان في عهد العولمة النيوليبرالية. فالحرب الباردة الثانية أصبحت تضع الحرب مَنفَذا إلى السياسة، فيما كانت الحرب الباردة الأولى تضع السياسة منفذا إلى الحرب. خطاب الإعلام هذا، كنظيره لدى هذه الشرائح من الشيوعيين، إيديولوجي لا يمت بصلة، من الألف إلى الياء، إلى المعرفة العلمية، الموضوعية، المادية، النضالية، والسياسية التاريخية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السبب هو صفر عقولهم لا غير!
طلال الربيعي ( 2022 / 3 / 5 - 21:39 )
من صفّر هذا المقال لم يتفضل بإعلان سبب التصفير .
لذا من حقنا أن نقول لحينها إن السبب هو صفر عقولهم لا غير!


2 - موضوع ممتاز
سائس ابراهيم ( 2022 / 3 / 22 - 21:17 )
موضوع ممتاز دون أية مجاملة
عاش قلمك
ابراهيم

اخر الافلام

.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل


.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو




.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي