الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الظروف القاهرة او الطارئة تمييع للالتزام

محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)

2022 / 3 / 5
دراسات وابحاث قانونية


اقمت دورة في شركة نفط الشمال/ وزارة النفط العراقية، عام 1995 للكوادر المتقدمة لمدة عشرة أيام، حول عقود المقاولات الهندسية. خصصت فيها يوما عن نظرية الظروف القاهرة، كيف نشأت وتطورت وأصبحت لها شروط للتطبيق والإجراءات القضائية عند استيفاء شروط النظرية للحالة.
بدايةً كيف وجدت نظريه الظروف الطارئة؟ في الفقه الحنفي الاسلامي ظهرت نظريه فسخ العقد عند وجود ظرف حال بين وقت ابرام العقد ووقت تنفيذه وظروفه. وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم "يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود" وقال سبحانه "يريد الله بكم اليسر ولا يريد العسر" وقال ايضا "لا يكلف الله نفسا الا وسعها" وقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديث نبوي صحيح ومتفق عليه "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام".
كما ان القانون الكنسي لا يقبل بالغبن ويدعو الى التسامح. اخذ القانون الفرنسي بتطبيق النظرية في عام 1914 ميلاديه، وتأتي قصه تطبيقه في الاتي ((عقدت بلديه مدينه بوردو الفرنسية عقدا مع شركه لتجهيزها بالفحم بمبلغ 28 فرنك لوحده القياس، وذلك في العام 1913، قامت الحرب العالمية الاولى في العام التالي 1914، وارتفع سعر الفحم الى 75 فرنك بسبب ظروف الحرب وتعاظم الحاجة للطاقة. طلبت الشركة من بلديه بوردو زيادة تسعيرة العقد وقد رفضت البلدية طلبها. رفعت الشركة الموضوع الى البرلمان لعرض مغبونيتها والطلب للتدخل، تم قبول تدارس الموضوع في البرلمان الذي امر بتغيير السعر أي اجراء تغيير لتسعيرة العقد. وقد وجدت السبب المكيف لهذا التغيير في السعر، وهو ان ارهاق المقاول وعدم امكانه من التجهيز يضر بالمجموع، اي بأهالي مدينه بوردو، ويكون المتضرر هو الجمهور المستفيد جراء عدم امكانيه الشركة بالاستمرار في تجهيزها بالفحم. لهذا السبب تم التدخل لتغيير التسعيرة لصالح الشركة، بهدف اعادة التوازن الاقتصادي للعقد. وهذا مثال ايضا لتسرب حاله من القضاء الاداري الى القضاء المدني، الذي ادخلته في بنود القانون الفرنسي باسم "نظريه الظروف الطارئة")).
المادة 146 في القانون المدني العراقي تناول هذه النظرية، بصوره عامه، ورغم هذه الأهمية التي تكتسبها هذه النظرية فان امرها ما يزال يثير الجدل والخلاف من جهة المشرع ومن ناحية الفقه والقضاء. فهناك من التقنيات المدنية في دول تعتبر متمدنة لا تقر بمبدأ نظريه الظروف الطارئة، ولا تخصص لها نصا عاما، ويقدسون العقد الذي لا يجوز نقضه ولا تعديله الا بمقتضى القانون واتفاق الطرفين. وبديل النظرية هي المبادئ السائدة في القانون المدني، كالعدالة وحسن النية والتعسف في استعمال الحق، والفقه منقسم من ناحية على نفسه بين مؤيد للنظرية ومناوئ لها.
أرى عدم الحاجة الى قانون الظرف القاهر او الطارئ (المادة 146) واقترح الغاءه، فالقانون هو مصدر الالتزام والعقد شريعة المتعاقدين، وان فتح اي ثغرة فيه، يعني ذلك تمييع للالتزام، والمفروض ان تأتي الحالات القاهرة والاستثنائية في احوال نادره جدا، ويمكن تكييف واخضاع هذه الاحوال وفق مبادئ العدالة وحسن النية والتعسف في استعمال الحق، ان لم نجد التكييف القانوني للوقائع.
ففي ظل التقدم التكنولوجي المعاصر لن يكون من الصعوبة تقدير الظروف الراهنة مهما كان شكلها، حتى الزلازل والفيضانات والكواكب السيارة التي تقترب من مدار الكره الأرضية، وحتى التكهنات السياسية والاوضاع الدولية اصبحت امام مرأى العالم من خلال الاقمار الصناعية الناقلة لألوف القنوات الفضائية، التي تحذر الناس قبل وقوع الحدث بالتحليل العلمي والسرد المسهب للقضايا الدولية الراهنة. وأخلص في القول انه لا حاجه لقانون نظريه الظروف القاهرة، والتي تأتي مناقضه للالتزامات وشريعة التعاقد ويزيد من مطاطيه القانون ليسهل حتى على الفساد أحيانا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | وكالة -إرنا- نقلاً عن مصادر ميدانية: فرق الإغاث


.. ناجون من الهولوكوست يتظاهرون في بريطانيا رفضا للعدوان الإسرا




.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى


.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي




.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري