الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلاح النووي و الإعلام المانستريم و تصادم الحضارات في أوكرانيا

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2022 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


غريب أمر هذا الإعلام المسمى ماينستريم فهو يسلط الضوء على حدث يريد أن يتوقف المتلقي عنده ، ثم يملأ دماغ هذا الأخير حتى التخمة ، بكم من الشروحات والتحليلات المتباينة في المبني و ليس في المعنى، محاكاة للتعددية و حرية الرأي ، ليُدخِل فوق ذلك خلاصات مختلفة في الشكل و لكنها متشابهة في القصد ، حتى إذا سُئل صاحبنا عن الخبر الذي يظن أنه علم به ، تقيّأ من الخلاصات التي حشي بها أو منعه َتشبُع الخلايا العصبية عن الإجابة بكل بساطة .

يتجلى هذا الأمر بصورة لا لبْس فيها بمناسبة الحرب الدائرة في أوكرانيا بين روسيا من جهة و دول حلف الأطلسي من جهة ثانية ، التي يقسمها بحسب فرضية صراع الحضارات ، كما صاغها المفكر الأميركي هايتنغتون ، خط فاصل بين شرقها حيث تربط الناس بروسيا علاقة تاريخية تمثل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية دعامة أساسية لركائزها و غربها الأرثوذكسيي المتحد مع الكنيسة الكاثوليكية الغربية . لنقل إذن على عجالة ، فلسنا هنا بصدد البحث في دوافع و غايات المتحاربين، أن الحرب إستنادا إلى تطبيق هايتنغتون ، هي بين الحضارة الغربية ، بما هي مهيمنة عسكريا ، و الحضارة الأرثوذكسية ، إحدى الحضارات الاخرى ، التي تسعى لإستعادة حريتها و ضمان أمنها و سيادتها ، بالقوة بعد أن فشلت ، كما يقول ممثلوها محاولات الوصول إلى تسوية بواسطة الأساليب السلمية .

هذه توطئة تمهيدا لعرض بعض الملحوظات على ما تبثه وسائل الإعلام الغالبة حول مجريات الأمور في أوكرانيا ، منذ اشتعال الحرب بين " الحضارتين : الغربية و الأرثوذكسية الروسية " :

ـ ظهرت سريعا في العشرة أيام الماضية ، محصلة احتكار " الحضارة الغربية " للإعلام ، فلقد تحركت وسائل التواصل على الشبكات الرقمية و حظرت القنوات الأخبارية الروسية ، و لا شك أن الأمر تكرر ، في الجانب المقابل. بتعبير آخر ، لا يختار المرء المصادر الإعلامية التي يمكنه الإعتماد عليها ، أو المقارنة بين " دروسها " لعل ذلك يدله على خلاصة يستنير بها .

ـ اللافت للنظر أيضا ، على صعيد الإعلام ، هو التزوير و الغش اللذان يستهدفان المتلقي المجبر و المكره ، بعد أن منعت المصادر الإعلامية الأخرى . خذ إليك مثلا استدعاء القنوات التلفزيونية للضباط المتقاعدين ليقرأوا على المشاهد تحليلات عسكرية ميدانية ، كأن ما يهم هذا الأخير هي معرفة من هو الأقوى الذي سينتصر وليس أسباب و غايات الحرب ، أو ليعتبر أن الضعيف يكون دائما على خطأ .

ـ تسترعي الإنتباه في سياق " الصراع الحضاري " المستعر ، تصريحات تلفظ بها أشخاص ، كنا نعرف منذ الحروب ضد العراق وسورية ، أنهم يضمروها ، يبررون فيها تمييز ضحايا الحرب الأوكرانيين الأصليين من ضحايا غيرها . لا بد هنا من التذكير بان جيوش " الحضارة الغربية " ، إستنادا إلى دلائل موثقة في بعض وسائل الإعلام الغربية القليلة ، أعدت للحرب في أوكرانيا منذ سنوات 1990 ، بدليل أن هايتنغتون نفسه تنبأ بها في كتابه الشهير " تصادم الحضارات " .

ـ تحسن الإشارة هنا ، إلى الدور الذي تضطلع به جماعات المتطرفين في جهاز السلطة و الجيش في أوكرانيا ، و الأجنحة التي تدعي الإنتساب إلى الإيديولوجية النازية على وجه الخصوص ، في ترهيب الأوكرانيين في الجزء الشرقي من البلاد . فعلى الأرجح أن تناحر الحضارات يولد تيارات "داعشية "، بصرف النظر عن المكان و الزمان و المعتقد !

ـ يستوقف المراقب في السياق نفسه ، الخبر المُلفّق بعدما تبين كذبه ، الذي أطلقته الآلة الدعائية الرسمية في اوكرونيا عن تضرر نصب مُقام ٍ تخليدا لذكرى جرائم قوات ألمانيا النازية ضد اليهود ، نتيجة قصف روسي ، طالبة تحركا دوليا لدعم أوكرانيا ضد أعدائها اللاساميين ـ الجدد ( الروس ) ! . تجدر الإشاره هنا ، فالشيء بالشيئ يذكر ، أن بعض الإعلاميين و المحللين يحاولون دحض الشبهة باتباع نهج النازية الجديدة ،التي تحوم حول سلطة الحكم في اوكرانيا و اجهزتها العسكرية ، بحجة أن الرئيس الأوكراني يؤمن باليهودية . يقول مؤرخ أسرائيلي " تتنامى في اسرائيل عنصرية مماثلة للنازية في بداياتها " ( Zeev Sternhell - Le Monde - 2018 ) .

ـ نصل أخيرأ إلى مسألة خشية الروس من إدخال السلاح النووي إلى أوكرنيا بواسطة الحلف الأطلسي . فهم يعتبرون أن هذا الإجراء هو بمثابة حائط جليدي متحرك من شأنه أن يتحول إلى وسيلة يتقدم خلفها هذا الحلف العدواني ، من أجل تضييق الخناق عليهم و منعهم من التعاون مع الأوكرانيين في الجانبين الشرقي و الغربي من البلاد في الأمور المتفق عليها كما في الأمور الخلافية القديمة و الحالية و التي يمكن أن تطرأ مستقبلا .

ـ هذا يأخذنا إلى صلب المسألة الفلسطينية . فمن نافلة القول أنها ما تزال تنتظر حلا أو نوعا من التسوية بالحد الأدنى . و لكن من المعلوم أن هذه الأمور العالقة لم تمنع دول الحلف الأطلسي من إيصال رؤوس نووية إلى ترسانة إسرائيل العسكرية ، فتوفر لها باكرا ، الغطاء المفزّع ، لكي تتوسع جغرافيا من ناحية و لكي تفرض نفسها عمليا بالملموس كقوة عسكرية رئيسية على المستوى الإقليمي من ناحية ثانية ، بعد أن أثبتت في حزيران 1967 ،بالبرهان ،على أرض الواقع أن الدولة العربية في أوج مجدها و قوتها ، عاجزة بالمطلق ، كليا عن إيجاد حلول ناجعة للقضايا المطروحة في بلدان العرب ، و بالتالي فلا جدوى منها في بنيتها القائمة . أغلب الظن أن الأحداث التي تتابع باطراد منذ 1967 أقنعت الكثيرين من سكان هذه البلدان باستحالة الخروج من هذا المأزق الخانق ، إلا بمعجزة !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة.. مقترح الهدنة


.. إسرائيل وحزب الله.. سيناريو الحرب الشاملة| #التاسعة




.. الأردن يحذّر من تدهور أمني في الضفة الغربية مع استمرار الانت


.. اتفاق وقف إطلاق النار عالق بين شروط إسرائيل وحماس| #غرفة_الأ




.. واشنطن: دولة الإمارات شريك مهم في دعم الشعب الأفغاني